تقرير خاص

كيف استطاعت شركة “جيديا” تمكين التجار وتقديم حلول الدفع الرقمي في السعودية والمنطقة؟

5 دقائق
شركة "جيديا"

يتساءل بعض الخبراء حول العالم عن السبب الجوهري الذي جعل من جائحة فيروس كورونا أحد أبرز العوامل التي أدت إلى إعادة صياغة المشهد الاقتصادي حول العالم منذ بداية العام الماضي، فقد أصبحت التجارة الإلكترونية الملاذ الآمن للأفراد من أجل تلبية احتياجاتهم اليومية، وطوق النجاة بالنسبة للتجار الذين لم يقبلوا اندثار أعمالهم بسبب إجراءات الإغلاق العام التي بلغت أشدّها في عام 2020.

يكمن أحد الأسباب ربما في أن الاتجاه نحو التحول الرقمي وأتمتة كافة العمليات لم تكن مبادرات حديثة الطرح خلال هذه الأزمة، وما فعلته الجائحة فقط هو أنها أجبرتنا على تبني الاستراتيجيات التي تسرّع هذا التحول تحت ضغط الوقت، وهذا ما أدى إلى ظهور صنفين من الشركات في عالم الأعمال، وهما الشركات الخاسرة التي خرجت من المنافسة الدولية بسبب عدم قدرتها على التأقلم مع الواقع الرقمي الجديد، والصنف الآخر هو الشركات الرابحة التي كان لديها استعداد مسبق لتعديل نموذج عملها بما يتوافق مع متطلبات الواقع الرقمي الجديد.

وخلال الجائحة ترافق نجاح بعض القطاعات مع بعضها البعض، إذ كان نمو قطاع المدفوعات الرقمية نتيجة أساسية لنمو التجارة الإلكترونية على صعيد واسع، فقد أظهر تقرير صادر عن "وحدة التحول الرقمي" في المملكة العربية السعودية أن "مؤسسة النقد العربي السعودي" اتخذت سلسلة من الإجراءات لدعم النشاط الاقتصادي للتجارة الإلكترونية، وأحد هذه الإجراءات هو تمكين المدفوعات الرقمية وتفعيل المدفوعات اللاتلامسية (Cashless payments)، مع رفع الحد الأقصى للمحفظة الإلكترونية الشهرية لما يصل إلى 20 ألف ريال سعودي، كما أفاد التقرير أن 77% من العملاء السعوديين يستخدمون وسائل الدفع الرقمية بدلاً من الوسائل التقليدية، ولهذا بلغت قيمة المدفوعات الرقمية التي تم إجراؤها عبر تطبيقات الدفع الإلكتروني أكثر من ملياري ريال سعودي.

الاستعداد المُسبق لرحلة التحول الرقمي

دخلت شركة "جيديا" المنافسة الدولية في قطاع المدفوعات الرقمية منذ العام 2008، وعلى الرغم من أن المنطقة العربية في ذلك الوقت لم تكن مقبلة على هذا الاتجاه بسبب ضعف تطور البنية التحتية للدفع الرقمي، وقلة عدد الزبائن والتجار الذين يمتلكون حسابات مصرفية، إضافة إلى ترسّخ عقلية الدفع بالأموال النقدية ظناً من بعض الأشخاص بأنها أكثر أمناً بما أنها تحت نظر أعينهم، ولكن مع تطور التكنولوجيا حول العالم بدأ هذا الانحياز الثقافي نحو الأموال النقدية بالتلاشي في عقول الأفراد، فوفقاً للاستبيان الذي أجرته شركة "ماكنزي" والذي تم الحديث عنه في المقال المنشور بمنصة "هارفارد بزنس ريفيو العربية" بعنوان: "مستقبل المدفوعات في الشرق الأوسط" قال 58% من المستهلكين إنهم يميلون إلى تفضيل طرق الدفع الرقمية، في حين أشار 10% منهم فقط إلى تفضيلهم القوي لخيار الدفع بالأموال النقدية.

إن تغير عقلية المستهلكين هو الأمر الذي تنبأت به شركة "جيديا" منذ بداية رحلة تأسيسها قبل نحو ثمانية عشر عاماً، فقد اختارت الاتجاه نحو "استراتيجية المحيط الأزرق" (Blue Ocean Strategy) والتي يقصد بها دخول الأسواق التي تكون فيها المنافسة معدومة أو الأسواق غير المكتشفة بعد، من أجل ابتكار قيمة جديدة تختص بها، بعيداً عن أسواق المحيطات الحمراء التي تتقد فيها المنافسة بين الشركات المتخصصة بالمجال ذاته.

فوائد المدفوعات الرقمية

على الرغم من أن تطبيقات المدفوعات الرقمية كانت بطيئة التطور سابقاً، إلا أنها جلبت الكثير من الفوائد للتجار والاقتصاد والمستقبل، إذ وفرت هذه التطبيقات السرعة في إتمام جميع المعاملات المالية وقللت من حالات السرقة والاحتيال. لقد قدم صناع القرار السياسي وعلماء الاقتصاد حول العالم، أمثال كين روغوف من جامعة "هارفارد" العديد من الحجج المقنعة التي تؤيد الانتقال إلى المجتمعات غير النقدية، إذ تثير حالة عدم الاستقرار الاقتصادي التي تعصف بدول العالم بين تارة وأخرى العديد من المخاوف، وفي هذه الحالات يسحب المستهلكون أموالهم النقدية من البنوك من أجل تخزينها لديهم خوفاً من عدم القدرة على استردادها، وبهذه الحالة تصبح البنوك محاطة بدائرة الإفلاس، ولهذا بالنسبة لبعض البلدان كان الانتقال إلى المجتمع غير النقدي سريعاً، إذ تفكر دول مثل الدنمارك والسويد والنرويج بالتخلص من الأموال النقدية كلياً، كما يدرس "البنك المركزي الأوروبي" التخلص من العملات النقدية ذات الفئة الكبيرة بشكل كامل، وذلك وفقاً لما تم الحديث عنه في المقال المنشور في منصة "هارفارد بزنس ريفيو العربية" الذي يحمل عنوان: "الدول التي قد تجني أرباحاً أكثر في عالم بلا نقود".

ولكن من ناحية أخرى، إن الانتقال إلى أسلوب الدفع الرقمي دون دراسة مسبقة لخطوات هذا الانتقال بشكل دقيق سيؤدي إلى إبطال الأثر الإيجابي لهذه النقلة النوعية، وهذا هو أحد الدروس المستفادة من تجربة الهند في ذلك، إذ عقب قرار البنك المركزي الهندي بإبطال الأوراق النقدية، بدأ يتضح فشل الهدف الأولي المتمثل بمحاصرة الأموال غير المشروعة المكتنزة، وعندها انتقلت الإدارة إلى تبرير منطقي بديل، وهو أن إبطال هذه الأوراق النقدية كان مفيداً في إنهاء اعتماد البلاد على التعامل النقدي ونقل المعاملات إلى المنصات الرقمية، ما يؤدي إلى كفاءة وشفافية أكبر ونمو التجارة الرقمية على الإنترنت، ما سيؤدي بدوره إلى دخول الهند إلى مرحلة العصر الرقمي، ولكن للأسف، كان الواقع مخالفاً للتوقعات، فوفقاً لبيانات البنك المركزي الهندي فقد انخفضت حجوم هذه التعاملات الرقمية وقيمها إلى ما دون مستويات الذروة التي كانت سائدة قبل اتخاذ هذا القرار، كما تباطأ معدل النمو الشهري في التعاملات الرقمية منذ إبطال الأوراق النقدية.

دور شركة "جيديا" في دعم المجتمع غير النقدي في المملكة العربية السعودية

لقد أطلقت المملكة العربية السعودية مشروع "الفوترة الإلكترونية" الذي يهدف لمحاربة الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد الموازي (Parallel Economy)، الذي يشير إلى النشاط الاقتصادي الناتج عن كافة الأنشطة التي لا تسجّل في حسابات الناتج المحلي، وتشارك شركة "جيديا" بشكل كبير في تبني هذه الرؤية من أجل تطوير الاقتصاد الرقمي للمملكة بما أن المدفوعات الرقمية جزء أساسي من هذا الكيان باعتبار أنها ضرورية لتحسين الشفافية في النظام البيئي وتقليل حالات الاحتيال، ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك ، فالاقتصاد الرقمي هو أيضاً عامل تمكين مذهل للشمول المالي والنشاط الاقتصادي وأيضاً وسيلة مهمة للحكومات لمراقبة وإدارة اقتصادها المالي، وبسبب هذه الجهود تتمكن شركة "جيديا" من إتمام أكثر من أربعة ملايين عملية مالية بشكل يومي، مع وجود قاعدة ضخمة من التجار الذين وضعوا ثقتهم بها والذين تجاوز عددهم المئة ألف عميل.

هناك العديد من الفرص الجوهرية التي يمكن استثمارها في رحلة التحول الرقمي لقطاع المدفوعات في المملكة العربية السعودية، لا سيما أن المملكة تقع في قسم الدول التي ستجني أرباحاً كبرى من هذا التحول بسبب جاهزيتها الرقمية لهذا الأمر، وذلك وفقاً لخريطة "البقاع المهيأة للتحول غير النقدي" التالية، والتي تم الحديث عنها بشكل مطول في المقال المنشور في منصة هارفارد بزنس ريفيو العربية الذي بعنوان: "الدول التي قد تجني أرباحاً أكثر في عالم بلا نقود".

الدول الأقدر على التحول إلى مجتمع غير نقدي

ومن أجل دعم رؤية المملكة العربية السعودية في قطاع التكنولوجيا المالية (Fintech) التي تهدف إلى زيادة حصة المعاملات غير النقدية إلى 70% بحلول عام 2025، تسعى شركة "جيديا" إلى تمكين الشركات الناشئة من مواكبة هذا التحول باعتبار أنها العمود الفقري لدعم أي تحول اقتصادي رقمي في أي دولة حول العالم، ولهذا يعد تطبيق "جيديا" للهواتف الذكية (POS) الذي تم تطويره مؤخراً أحد أبرز الأمثلة على ذلك، إذ يسمح التطبيق لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة ببدء أنشطتهم التجارية وإدارتها وتنميتها باستخدام تطبيق مجاني واحد، كما يسمح لهم بإدارة أرباحهم المالية بشكل آمن مع تسوية سريعة للأموال الأخرى، ونتيجة لهذه الجهود، كانت شركة "جيديا"" أول منشأة غير مصرفية في المملكة العربية السعودية تحصل على ترخيص من "البنك المركزي السعودي" (SAMA)، وقد مكننا هذا الترخيص من معالجة حلول الدفع الشاملة الآمنة والسريعة والسلسة للتجار بشكل مباشر.

التوسع الإقليمي لشركة "جيديا"

لطالما كان جوهر أعمال شركة "جيديا" هو فتح الآفاق الجديدة وتغيير قواعد اللعبة على الرغم من أننا علامة تجارية سعودية محلية الصنع، ولهذا استهدفت الشركة توسيع أعمالها ونشاطاتها إلى بعض الدول العربية التي تمثل أسواقاً هامة لنا مثل جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة وذلك من أجل تعزيز التعاون العربي بهذا المجال، ولا سيما أن المنطقة العربية تحتاج إلى طرح الحلول المستمرة لحل مشكلة عدم وجود طرق متعددة للدفع الإلكتروني، مع توفير خيار الدفع متعدد القنوات (Omnichannel Payment).

لقد أصبح الاقتصاد العالمي رقمياً بشكل كامل، بدءاً من تطبيقات توصيل الطعام وحتى البيع بالتجزئة عبر الإنترنت وتحويلات الأموال، وغيرها العديد من المجالات، ولهذا يجب تمكين المجتمعات غير النقدية من خلال تبني استراتيجيات الاقتصاد الرقمي الذي يدعم المشاريع والتدفقات التجارية والشمول المالي والوصول إلى المنتجات والخدمات عبر الحدود، وهذه هي مهمة شركة "جيديا" التي تتمحور حول خلق القيمة المبتكرة لكل من التجار والبنوك والمستهلكين بأسهل الطرق وأسرعها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي