التقييمات السلبية تقلل من فعالية القادة المتعاطفين

5 دقائق
التقييمات السلبية
جوناثان نولز/غيتي إميدجيز

ملخص: نعرف جميعنا أثر التقييمات السلبية على من يتلقاها، ولكن كيف يكون أثرها على من يقدمها؟ أجرى المؤلفون سلسلة من الدراسات بمشاركة قرابة 500 قائد وتوصلوا إلى أن أثر تقديم التقييمات السلبية على القائد مرتبط بقدرته على المشاركة الوجدانية (التعاطف مع الآخرين)، ولاحظوا أن القائد المتعاطف قلت فعاليته في مهام القيادة الأساسية بعد تقديم تقييمات سلبية (لا سيما حين أبدى المتلقي رد فعلي سلبي قوي)، في حين ازدادت فعالية القائد غير القادر على المشاركة الوجدانية. بناء على هذه النتائج يقترح المؤلفون عدداً من الاستراتيجيات للمؤسسات كي تقدم دعماً أفضل للقادة الذين يملكون القدرة على المشاركة الوجدانية والقادة الفاقدين لها، ومنها تشجيع القادة المشاركين وجدانياً على أخذ استراحات بعد تقديم التقييمات السلبية وتدريب القادة غير القادرين على المشاركة الوجدانية على أساليب تقديم التقييمات بأسلوب أكثر تعاطفاً.

 

تعتبر مشاركة التقييمات السلبية مكوناً أساسياً في القيادة الفعالة، لكن في حين أن فوائد النقد البنّاء على المتلقي جلية فتأثير هذه التقييمات على القائد الذي يقدمها ليس واضحاً بعد. في حين يستمتع بعض القادة بتقديم تقييمات سلبية، توصلت إحدى الدراسات الاستقصائية إلى أن 44% من المدراء يرون أنه صعب أو يسبب لهم التوتر.

وهذا ليس مجرد شعور بسيط بعدم الراحة؛ أجرينا سلسلة من الدراسات بمشاركة قرابة 500 قائد من مجموعة واسعة من القطاعات لاستكشاف التبعات الخفية لتقديم التقييمات السلبية وتوصلنا إلى أنها أوقعت أثراً كبيراً على فعالية بعض القادة بعد تقديمها فوراً.

ما السبب؟ يشير بحثنا إلى أن المشاركة الوجدانية هي عامل أساسي؛ في حين أن القدرة على المشاركة الوجدانية هي مهارة قيادية أساسية في كثير من الحالات، فقد توصلنا إلى أن فعالية القائد المشارك وجدانياً تقلّ بعد تقديم تقييمات سلبية في حين تزداد فعالية القائد غير القادر على المشاركة الوجدانية، والمثير للاهتمام هو أن الدراسات السابقة بينت أن القائد المشارك وجدانياً يجيد تقديم التقييمات السلبية بطريقة مفيدة أكثر؛ فقدرته على توقع أفكار المتلقين ومشاعرهم وإبداء اهتمام وتعاطف حقيقيين تجاههم تجعله أكثر قدرة على إيصال التقييمات على نحو بنّاء. ومع ذلك فقد بينت دراساتنا أن القائد الذي يقدم تقييمات تعود بفائدة أكبر على المتلقين يعاني من تراجع فعاليته بعد تقديمها.

من أجل فهم العوامل التي تحفز هذه الظاهرة بصورة أفضل، طلبنا من القادة أن يبلغوا عن مستويات التكدر والانتباه لديهم بعد تقديم التقييمات السلبية، ولاحظنا أنه كلما كانت درجات القادة أعلى في الاستبيانات المعيارية التي تهدف لقياس مستوى مشاركتهم الوجدانية ازدادت مستويات التكدر والسهو لديهم بعد تقديم التقييمات، ما أدى إلى إبلاغهم عن تراجع فعاليتهم في العمل وعدم قدرتهم على إلهام فرقهم. في دراسة متابعة توصلنا إلى أنه كلما ازداد الاستياء الذي يبديه متلقي التقييم ازداد أداء القائد المشارك وجدانياً سوءاً في المهام التي تهدف إلى قياس مهاراته القيادية الأساسية مثل إدارة الوقت والقدرة على التركيز. وهذا يبدو منطقياً؛ فبما أن المشاركة الوجدانية الأكبر تجعل القائد أكثر عرضة 'لتقمص' مشاعر الآخرين، فرد الفعل السلبي القوي الذي يبديه المتلقي سيرتد عليه ويؤثر على حالته العاطفية وبالتالي على أدائه.

بأخذ هذه النتائج كافة في الحسبان، يشير بحثنا إلى أن تقديم التقييمات السلبية يسبب توتراً أكبر للقائد المشارك وجدانياً ويستنزف طاقته وبالتالي يهدد فعاليته في مهامه القيادية التي سيؤديها لاحقاً وتحتاج إلى الطاقة والانتباه. وبالمقابل فالقائد غير القادر على المشاركة الوجدانية تقل احتمالات تبني وجهة نظر موظفيه أو تقمصه مشاعر الاستياء التي تتملكهم عند تلقي تقييمات قاسية، وهذا يعني أنه أقل تأثراً بالمشاعر السلبية التي يشعر بها موظفوه عند تلقي تقييمات سلبية، وبالنتيجة يتمتع هذا القائد بطاقة أكبر ويرتفع مستوى أدائه في بعض الأحيان بعد تقديم التقييمات السلبية، ما يشير إلى أن تقديم التقييمات السلبية بالنسبة للقائد غير القادر على المشاركة الوجدانية هو تجربة تجدد طاقته لا تستنزفها.

كل قائد يستفيد من الدعم الذي يناسبه

في ضوء هذه النتائج، كيف يمكن للمؤسسات تعزيز قادتها كي يتمكنوا من تقديم تقييمات مفيدة مع تقليص تكاليفها على حالتهم النفسية وفعاليتهم؟

تتمثل الخطوة الأولى في الإقرار بأن القائد المشارك وجدانياً يواجه مشكلات مختلفة عما يواجهه القائد غير القادر على المشاركة الوجدانية، وبالتالي يختلف شكل الدعم الذي سيكون مفيداً لكل منهما على الأرجح. ومن المهم ملاحظة أنه على الرغم من رغبتنا في العالم المثالي في تعيين قادة قادرين على المشاركة الوجدانية فقط، فمعظم الشركات في الواقع تعين مزيجاً من المدراء والمسؤولين التنفيذيين القادرين وغير القادرين على المشاركة الوجدانية. كما أن ثمة أدلة تشير إلى أن مستويات المشاركة الوجدانية الأقل أكثر شيوعاً بين كبار القادة مقارنة بعموم الموظفين، ولذلك من الضروري أخذ ذلك في الحسبان عند تطوير السياسات التي تهدف إلى دعم مجموعة واسعة من القادة.

استراتيجيات دعم القادة القادرين على المشاركة الوجدانية

يجب أن تقرّ المؤسسات بتكاليف تقديم تقييمات سلبية على طاقة القادة وأدائهم وتستكشف الاستراتيجيات التي تحدّ من هذه التكاليف. مثلاً، تتمثل إحدى الطرق في أن يعمد القائد لتخصيص وقت للتعافي بعد تقديم التقييمات السلبية. قد يعني ذلك أن يقدم هذه التقييمات قبل إجازة محددة مسبقاً أو عند نهاية يوم العمل كي يمنح نفسه الوقت للتعافي قبل العمل على قرارات أو مهام مهمة. وإذا كان أخذ وقت للاستراحة أمراً غير ممكن فعلياً فمن الممكن أن يركز القائد على مهام لا تحتاج إلى طاقة وانتباه كبيرين، إذ إنه من غير المحتمل أن يتأثر أداؤه في هذه المهام بعد تقديم التقييمات السلبية فوراً.

كما يمكن أن يخفض القائد أثر تقديم تقييم صعب عن طريق الانخراط في أعمال يعتبرها ممتعة أو منشطة بعده مباشرة، كالتعارف أو الأعمال التطوعية أو العمل على مشروع قائم على الشغف، لأنها ستجدد طاقته وتمنحه قدرة أكبر على متابعة ما بقي من يوم العمل.

استراتيجيات دعم القادة غير القادرين على المشاركة الوجدانية

يشير بحثنا إلى أن تقديم التقييمات لا يضر أداء هؤلاء القادة، ولكن أبحاثاً سابقة كشفت أن الأشخاص القادرين على المشاركة الوجدانية عموماً يقدمون التقييمات السلبية بطرق تبدو مفيدة أكثر بالنسبة للمتلقي مقارنة بغير القادرين على المشاركة الوجدانية. وبإضافة ذلك إلى نتائج بحثنا التي تقول إن تقديم التقييمات السلبية يمد القائد غير القادر على المشاركة الوجدانية بالطاقة نصل إلى أنه من الممكن أن تقع المؤسسات في حلقة مفرغة حيث يكون القادة الذين يشعرون بحماس كبير لتقديم التقييمات السلبية هم الأسوأ في تقديمها وسطياً.

ومن أجل معالجة هذه المشكلة، يجب أن تقدم المؤسسات التدريب والتوجيه للقادة غير القادرين على المشاركة الوجدانية حول طرق تقديم التقييمات على نحو مفيد ومتعاطف. ثمة مهارات وأساليب محددة يمكن أن يتعلمها القادة عن طريق تدريبهم، وهي:

في الختام، يعدّ تطوير هذه المهارات واتباع أفضل الممارسات مساعدة كبيرة للقادة على تقديم التقييمات على نحو أكثر فعالية. لكن إلى جانب هذه الجهود، يشير بحثنا إلى ضرورة أن تقوم المؤسسات بتدريب القادة المشاركين وجدانياً على إدراك المتطلبات العاطفية لتقديم التقييمات السلبية وإدارتها، فذلك لن يعود بالفائدة على رفاهة وأداء القادة القادرين على المشاركة الوجدانية بشكل كبير فحسب، بل سيساعد القادة الأكثر استعداداً لتقديم التقييمات البناءة على تحمل ثقل تقديمها، الأمر الذي سيعود بالفائدة على القادة وموظفيهم والمؤسسات بأكملها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي