3 مراحل يجب أن يمر بها كل قائد يسعى لتطوير مهاراته القيادية

5 دقائق
المهارات القيادية
نيك فيسي/أونسبلاش/ساينس فوتو لايبراري/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لقد ولّى زمان الفكرة القائلة إنه يجب على القائد اتباع أسلوب قيادي ثابت لا يتغير حتى إن كان لا يتناسب مع السياق المحدد الذي يعمل فيه. فقد ثبت أن اتباع نهج قيادي موحَّد أمرٌ يتنافى مع هذا الكم الهائل من التحديات التي يواجهها قادة اليوم. وبالتالي، بدلاً من إتقان “نقطة المهارات القيادية المنشودة”، يجب على القائد تطوير “نطاق المهارات القيادية المنشودة” وتوسيع حدوده. وكلما أصبح هذا النطاق أوسع، كان القائد أكثر فاعلية أو طليق الحركة. ويرصد كُتَّاب هذه المقالة 7 نقاط تشابكية أساسية على وجه التحديد بين مناهج القيادة التقليدية والناشئة، ويقدمون استراتيجيات يمكن اتباعها من قِبَل القادة الذين يتطلعون إلى توسيع نطاق مهاراتهم القيادية.

 

ظهر في الآونة الأخيرة الكثير من الدعوات التي تنادي بضرورة تغيير مناهج القيادة لتلبية متطلبات عالمنا المعاصر بتغيراته المتلاحقة وأحداثه غير المتوقَّعة التي يصعب التنبؤ بها. فقد باتت الأساليب القيادية التقليدية القائمة على “التحكم والسيطرة” أساليب عتيقة عفاها الزمن، في حين أصبحت الأساليب الحديثة والأكثر مرونة والأكثر تعاونية ضرورة لا غنى عنها لأي قائد.

لكن الواقع الذي يعيشه قادة اليوم يفرض مستجدات أكثر تعقيداً من فكرة “التخلص من منهج قديم واتباع آخر جديد”. فقد وجدنا، على سبيل المثال، أن بعض جوانب القيادة التي بدت كأنها عفاها الزمن، مثل صناعة القرار من القمة إلى القاعدة والتركيز على التنفيذ التكتيكي، كانت ذات قيمة كبيرة للتغلب على حالة الغموض التي صاحبت جائحة “كوفيد-19”. وبالتالي، بدلاً من الاستقرار على نموذج أكثر ثباتاً للسلوكات الناشئة، وجدنا أن “النقاط التشابكية القيادية السبعة” بين العالمين التقليدي والناشئ كانت طريقة أكثر دقة لوصف الوضع الحالي للقيادة الفاعلة.

وقد توصّل بحثنا الذي تم إجراؤه على أكثر من 1,000 مدير من مختلف أنحاء العالم إلى أن الفكرة البالية التي عفاها الزمن هي الفكرة القائلة بأن القائد مُطالَب باتباع أسلوب قيادي ثابت لا يتغير، حتى إن كان لا يتناسب مع السياق المحدد الذي يعمل فيه. فقد ثبت أن اتباع نهج قيادي موحَّد، سواء كان تقليدياً أو ناشئاً، أمرٌ يتنافى مع هذا الكم الهائل من التحديات التي يواجهها قادة اليوم.

وبالتالي، بدلاً من إتقان “نقطة المهارات القيادية المنشودة”، يجب على القائد تطوير “نطاق مهاراته القيادية المنشودة” وتوسيع حدوده. وكلما أصبح هذا النطاق أوسع، كان القائد أكثر فاعلية أو طليق الحركة.

ويتطلب توسيع نطاق المهارات القيادية التقدم عبر 3 مراحل متباينة:

المرحلة الأولى: فهم نفسك

الوعي الذاتي المعرفي. تتمثل الخطوة الأولى لبناء نطاق المهارات القيادية المنشودة في الدراية بنقاط قوتك وضعفك الطبيعية؛ أي بناء وعيك الذاتي المعرفي. سيوفر لك هذا نقطة بداية أو نطاقاً افتراضياً تشعر فيه بأكبر قدر ممكن من الراحة. ولكي تصبح أكثر وعياً بذاتك، فإن هذا يتطلب الانفتاح على الملاحظات الخارجية (الرسمية وغير الرسمية)، بالإضافة إلى الانتباه إلى المجالات التي تجد فيها صعوبات كبيرة أو التي تسعى إلى تجنّبها، أو ملاحظة الأوقات التي يتحاشى فيها زملاؤك الاستعانة بك لإنجاز مهمة أو عمل ما.

وقد لاحظ أحد القادة الذين عملنا معهم أن زملاءه يميلون إلى منحه مشاريع تتطلب منه “التعمُّق” واستغلال فكرة موجودة من قبل (عامل المنجم) بدلاً من المشاركة مع الفريق لاستكشاف فرص جديدة (مستكشف). وبعد تلقي الملاحظات المباشرة التي أكدت صحة افتراضه، أدرك أنه بحاجة إلى تطوير نظرة استشرافية أوسع نطاقاً وأكثر فضولاً لتوفير المهارات القيادية التي يحتاج إليها فريقه خلال الفترات التي تشهد زعزعة للثوابت.

المرحلة الثانية: فهم بيئتك

الوعي بالظروف المحيطة. يجب أن يكون القادة الذين يواجهون زعزعة من نوعٍ ما قادرين على فهم الظروف المحيطة بيئتهم وفهم سماتها المميزة والآثار المترتبة على المهمة التي بين أيديهم. وهذا يعني القدرة على استشعار الموقف العام وفهمه في الوقت ذاته. وتحتاج أولاً إلى معايشة موقف معين في الوقت الحاضر ودون إصدار أحكام مسبقة. ومن ثم يجب عليك تحديد البواعث ذات الصلة من البيئة المحيطة وفصلها عن الضجيج المصاحب لها وغير المؤثر.

على سبيل المثال: وجدت قائدة إحدى شركات السلع الاستهلاكية متعددة الجنسيات وسريعة الحركة أنها كانت تعاني العديد من المشكلات المعقدة التي يمكن حلها بالتعرُّف على مختلف وجهات النظر من زاوية أوسع. وبعد حصولها على الملاحظات في تقييم أدائها السنوي بطريقة 360 درجة التي أظهرت أنها تميل إلى التحدث أكثر من الاستماع، أدركت أن الانتقال من نموذج القائد الموجِّه إلى نموذج القائد المستمع على الطيف الترددي للأسلوب القيادي من شأنه أن يحسّن فاعليتها القيادية.

الوعي العاطفي الشخصي والمتبادل مع الآخرين. يحتاج القادة إلى تطوير التعاطف المعرفي، وهو الوعي بمشاعر الآخرين من حولهم. وتعتبر هذه القدرة سمةً ومهارةً في الوقت نفسه، ففي حين أن بعض الناس يمتلكون قدرات طبيعية أكثر من غيرهم تتيح لهم رصد مشاعر الآخرين، بمقدور الباقين أيضاً تحسين هذه المهارة من خلال بذل بعض الجهد والممارسة الجادة.

على سبيل المثال: اقترحت مديرة التسويق متعدد القنوات في إحدى شركات السلع الاستهلاكية خطة طموحة لحملة تسويقية تعتزم الشركة تدشينها، لكنها شعرت بالشك في فريقها الذي كان يفتقر إلى الحماس وبدا أنه يماطل أكثر من المعتاد. أدركت هذه المديرة أنها كانت تبالغ في التركيز على شعورها الغريزي (حدسية)، ومن ثم قررت البدء في جمع البيانات لدعم وجهة نظرها (محلّلة). تعارض بعض هذه البيانات مع الخطة التي كانت قد اقترحتها، ما أدى في النهاية إلى إدخال بعض التعديلات الرئيسية على الحملة.

وبالإضافة إلى الوعي المتبادل مع الآخرين، فإن القائد مُطالَب بتطوير الوعي الشخصي، أو القدرة على الشعور بالحالة العاطفية للفرد بالدقة الكافية. فقد وجدنا أن القادة الذين اعترتهم مشاعر قوية حيال موقف ما، وأنصتوا إلى هذه المشاعر، كانوا يستخدمون غريزتهم الحدسية. وحبذا لو عمل هؤلاء القادة أيضاً على مراجعة هذه الإشارات الداخلية ومقارنتها بما توحي به البيانات ذات الصلة.

المرحلة الثالثة: وسّع نطاقك

إذا كنت محظوظاً بما يكفي، فستجد أن السلوك الأنسب في موقف معين يقع ضمن نطاق مهاراتك القيادية المنشودة، لأن الإجراء المطلوب في هذه الحالة سيكون إجراءً مباشراً نسبياً.

لكن إذا كان الموقف يستدعي سلوكاً يتجاوز نطاقك، فيجب سد هذه الفجوة. وهناك 3 طرق يمكنك اتباعها لتحقيق هذه الغاية:

مارس السلوكات الجزئية. بدلاً من اتخاذ خطوة كبيرة لتغيير سلوكك، يمكنك استهداف السلوكات الجزئية التي تقرّبك من هدفك النهائي. والسلوك الجزئي هو شيء صغير، حتى إنه قد يبدو غير مهم في الواقع، لكنه يتفق مع الاتجاه العام الذي تريد أن تتحرك فيه.

وكانت مديرة التسويق متعدد القنوات المذكورة أعلاه تحاول أن تخفِّف من تأثرها بالرغبة في الكمال (مهووسة بالكمال)، وأن تولي قدراً أكبر من الاهتمام بالسرعة (مسرِّعة). ومن ثم حفّزت نفسها لاتخاذ القرارات في وقت معين، وليكن في نهاية اليوم مثلاً، بغض النظر عمّا إذا كانت يتوافر لديها جميع البيانات المتاحة من عدمه.

ابحث عن نماذج يُحتذى بها. غالباً ما تجد الدافع من أقرانك الذين يمتلكون قدرات مختلفة ويمكنهم أن يكونوا قدوة يُحتذى بها في السلوكات التي تسعى إلى تطويرها وممارستها.

على سبيل المثال: تلقى مسؤول تنفيذي مالي يقود فريقاً جديداً لإدارة المخاطر بإحدى شركات الشحن ملاحظات تفيد بأنه يبالغ في إعطاء التوجيهات التفصيلية والقصيرة المدى بدلاً من رسم صورة بعيدة المدى للمستقبل (تخطيطي – ملهم). واستجابة لذلك، سعى بكل همة إلى البحث عن الأفراد (سواء من رؤسائه أو مرؤوسيه) الذين اعتبرهم أشخاصاً ملهمين وسعى للتعلم من سلوكهم.

ابحث داخل فريقك وخارجه للحصول على المساعدة. قد يكون العمل على سد الفجوة بين أسلوبك الافتراضي والاستجابة الأنسب مسلكاً غير فاعل في بعض الأحيان من حيث الوقت والجهد. وتعتبر أفضل خطة عمل في مثل هذه الحالات هي البحث داخل فريقك الحالي أو خارجه لسد هذه الفجوة.

على سبيل المثال: أدرك مدير المخاطر الشاب في إحدى شركات التكنولوجيا المالية أنه يمتلك مهارات ممتازة في تكييف سلوكه مع سياق بيئته سريعة التغير (متأقلم). لكن أعضاء فريقه كان يشعرون بالارتباك في كثير من الأحيان، لأنهم لم يكونوا متأكدين من “الثوابت” التي يمكنهم الاعتماد عليها. وحينما لاحظ أن أغلبية أعضاء الفريق يمتلكون مهارات ممتازة في التعريف بالقيم الأساسية، اعتمد عليهم لتحرير كل عروضه التقديمية الداخلية من أجل ربطها دائماً بالرسائل السابقة (نظامي).

لقد ولّى زمان الفكرة القائلة بضرورة توافر مجموعة معينة من المهارات القيادية المصقولة بدقة لتوجيه المؤسسة نحو المستقبل. فقد علمتنا جائحة “كوفيد-19” أن القادة القادرين على تكييف منهجياتهم بما يناسب الظروف المحيطة يتفوقون على أولئك الذين يمكنهم إتقان بضع مهارات محدودة، مهما بلغت درجة إتقانهم لها. وبالتالي، فإن المؤسسات تحتاج إلى قادة يمكنهم التأقلم مع البيئات التي يعملون فيها، وهو ما يتطلب تعزيزاً مستمراً للوعي الذاتي وذكاء الموقف الذي يؤهلهم للتجاوب مع الظروف المحيطة، بالإضافة إلى الذكاء العاطفي والخبرات السلوكية من أجل توسيع نطاقهم السلوكي. ويحتاج القادة إلى تجربة سلوكات وأساليب مختلفة، ومعرفة أيٍّ منها مناسب لسياق معين بمرور الوقت، بالإضافة إلى حشد الخبرات السلوكية الجديدة. ويمكن تشبيه هذه الخبرات بالدائرة التعليمية، حيث يبتكر القادة سلوكاً ثم يتدبرون آثاره في موقف محدد لفهم مزاياه وعيوبه، ومعرفة كيفية تحسينه في المستقبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .