ما تعريف الدورة الاقتصادية؟
الدورة الاقتصادية (The Economic Cycle): تُسمى أيضاً "دورة الأعمال" (Business Cycle)، وأحياناً تأخذ اسم دورة الازدهار والكساد، وهي مجموعة من التغيّرات التي تحدث دورياً في المؤشرات الاقتصادية للدول، كالبطالة والتضخم والناتج المحلي الإجمالي، والتي تقاس أيضاً بنسب ارتفاع النمو الاقتصادي أو انخفاضه، وتُعرّف أيضاً بأنها "تقلبات منتظمة في مستوى النشاط الاقتصادي، تتعرض لها اقتصادات العالم وتختلف مدة كل دورة وفقاً لقدرة الاقتصاد على الخروج من مراحلها المختلفة والوصول لمرحلة الانتعاش أو الرخاء".
يعود تاريخ الدورة الاقتصادية إلى القرن التاسع عشر، حيث كان للمؤرخ والخبير الاقتصادي السويسري "جان تشارلز ليونارد دي سيسموندي" الفضل في تسليط الضوء عليها، وفي عام 1860، حدد الاقتصادي الفرنسي "كليمان جوجلار" فترة الدورات الاقتصادية لأول مرة من 7 إلى 11 عاماً.
يتفق معظم الاقتصاديين أن مدة الدورة الاقتصادية بداية من نقطة محددة ورجوعاً إليها قد يتراوح من 3 سنوات إلى 10 سنوات. ومن الصعب على الحكومات وخاصة الرأسمالية منها منع الدورات الاقتصادية من الحدوث؛ لكن باستطاعتها التحكم في مدتها، كإطالة فترة الانتعاش والقمة، وتخفيض مدة الركود.
مكونات الدورة الاقتصادية
تتكون الدورة الاقتصادية الواحدة من أربع مراحل، تؤثر في كل مرحلة منها قوى العرض والطلب، وتوافر رأس المال، وثقة المستهلك والمستثمر، وهي:
- مرحلة الازدهار أو التوسع أو الانتعاش (Expansion)، وهي فترة النمو في جميع أنحاء الاقتصاد، وتمتاز بازدياد الإنتاجية، وخلالها تتلقى الشركات مزيداً من التمويل وتجني المزيد، وتقترب هذه المرحلة من نهايتها عندما يبدأ الاقتصاد في النمو بسرعة كبيرة، والنمو الاقتصادي يكون بطيئاً.
- مرحلة الذروة (Peak)؛ وهي مرحلة ترتفع فيها الأسعار، ويزيد الدخل الفردي وحجم الإنتاج وتستغل الموارد المتاحة على نحو كامل إذ يصل النمو إلى أقصى معدل له.
- مرحلة الركود أو الانكماش (Recession)؛ وفيها تتراجع الأسعار والإنتاج، إضافة إلى تراجع نسبة النمو الاقتصادي، وترتفع نسب البطالة وتسريح العمال بشكل كبير.
- مرحلة الكساد (Depression)؛ والتي تنخفض فيها الأسعار وتسود البطالة ويستمر انخفاض النمو في الاقصتاد، وهي أسوأ مرحلة في الدورة الاقتصادية.
أنواع الدورة الاقتصادية
هناك نوعان شائعان من الدورة الاقتصادية وهما:
- دورة كلاسيكية: تشير إلى الارتفاعات والانخفاضات في إجمالي الإنتاج.
- دورة النمو: تهتم بالتقلبات في معدل نمو الإنتاج.
كذلك تُصنّف الدورة الاقتصادية وفقاً للمدة التي تستغرقها في ثلاث فئات وهي دورة اقتصادية على المدى القصير (1 إلى 3 سنوات)، ودورة اقتصادية متوسطة المدى (3 إلى 15 سنة)، ودورة اقتصادية طويلة الأجل (أكثر من 15 سنة).
نظريات الدورة الاقتصادية
طوّر العديد من الاقتصاديين النظريات المختلفة لفهم الدورة الاقتصادية، نذكر من أهم هذه النظريات:
- النظرية النقدية الخالصة: تنص على أن دورة العمل هي نتيجة للتغيرات في ظروف السوق النقدية والائتمانية، وأن الدورة الاقتصادية هي المراحل المستمرة للتضخم والانكماش، وتحدث التغييرات في الاقتصاد بسبب التغيرات في تدفق الأموال.
- نظرية الاستثمار النقدي المفرط: تركّز على عدم التوازن بين الاستثمارات الفعلية والمطلوبة. وتفترض أن الاستثمار الفعلي أعلى بكثير من الاستثمار المطلوب، وانه ينبغي أن تتطابق أنماط الاستثمار والاستهلاك للاقتصاد مع بعضها البعض لتحقيق التوازن في الاقتصاد.
- نظرية شومبيتر للابتكار: تدعي أن ابتكارات الأعمال هي المسؤولة عن التغيرات السريعة في تقلبات الاستثمار والأعمال. ويتكون الابتكار من التغييرات في أساليب الإنتاج والنقل، أو التغييرات في التنظيم الصناعي، أو في إنتاج مادة جديدة، أو فتح سوق جديد أو مصادر جديدة للمواد.
- نظرية كينز: تدعو هذه النظرية إلى أن إجمالي الطلب يساعد في تحديد العوامل الاقتصادية المختلفة، مثل الدخل والعمالة والإنتاج. يشير إجمالي الطلب إلى الطلب على السلع الاستهلاكية والسلع الرأسمالية. ويتأثر إجمالي الطلب بالتغيرات في طلب الاستثمار، والذي يعتمد على معدل الفائدة ومعدل الربح المتوقع من السلع الرأسمالية والتكلفة التي ينطوي عليها استبدال السلع الرأسمالية.
- نموذج سامويلسون لتفاعل المسرع المضاعف: وصف سامويلسون الطريقة التي يتفاعل بها المضاعف والمُسرِّع مع بعضهما البعض لتوليد الدخل وزيادة الاستهلاك والطلب على الاستثمار، وأنهما العاملين المسؤولين عن خلق تقلبات اقتصادية. إذ يؤثر الاستهلاك على طلب الاستثمار ويُسمى الاستثمار المشتق ويمثّل بداية عملية التسريع التي تؤدي إلى زيادة في الدخل والتي بدورها تنتج زيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية. بهذه الطريقة، يتفاعل المضاعف والمُسرِّع مع بعضهما البعض ويجعل الدخل ينمو بمعدل أعلى بكثير مما كان متوقعاً.
- نظرية هيكس: ربط هيكس دورات الأعمال بنظرية نمو "هارود دومار" (Harrod-Domar). ووفقا له، فإن الدورات التجارية تجري بالتزامن مع النمو الاقتصادي. لذلك، يجب شرح دورات الأعمال بالاقتران مع نظرية النمو. وصاغت النظرية افتراضات معينة لوصف مفهوم الدورة الاقتصادية وهي: وجود معدل نمو متوازن في اقتصاد نموذجي حيث يكون معدل النمو المحقق ومعدل النمو الطبيعي متساويين، وأن الاستهلاك يحدث بعد فترة زمنية مدتها عام واحد، وأن الاستثمار المستقل هو دالة للإنتاج في الوقت الحاضر.
اقرأ أيضاً: