كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة؟

9 دقائق
كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هذه ليست الجائحة الأولى في العالم، فقد ضرب مرض “إيبولا” أجزاء أخرى من المنطقة من قبل. لكن قادة شركة متخصصة في الطاقة الخضراء في غرب أفريقيا لم يتوقعوا عودة المرض من جديد، على الأقل في منطقتهم. لذا عندما بدأت جائحة “إيبولا” الثانية بالانتشار مجدداً، كانت الشركة لا تزال تضع تركيزها على نمو مبيعات خلاياها الشمسية منخفضة التكلفة للمستهلكين عبر متاجر التجزئة وبالشراكة مع اتحاد يخدم العاملين في قطاع الزراعة. ثم ضربت الجائحة مدينة مقر الشركة الرئيس وتوقفت جميع النشاطات التجارية. سرعان ما قرر مؤسسو الشركة الأميركيون ومدراؤها العامون المحليون أن يلزم الموظفون منازلهم في حجر صحي لمدة شهر مع منحهم علاوة بقيمة راتب شهر مسبقاً، ما مكن الموظفين من شراء احتياجات أسرهم وحافظ على سلامتهم. فما هي إجابة سؤال كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة بطريقة صحيحة؟

بقي المؤسسون محتجزون في الطرف المقابل من المحيط، وكانوا يعتمدون في تسيير أعمال الشركة على قوة عاملة بعيدة تتناقص شيئاً فشيئاً. ومن أجل دعم الموظفين، كان على القادة الاستعانة بأموالهم الخاصة على الرغم من أنها ليست كثيرة لتأمين السيولة النقدية، إذ كانت أموال الشركة شحيحة بالفعل عقب عملية اختلاس قام بها موظف فاسد. تساءل المؤسسون عما إذا كان بإمكانهم العثور على مستثمرين جدد للمشروع الواعد الذي كان لا يزال هشاً، واستثمر فريق القيادة الوقت في دراسة احتياجات المنطقة، كتأثر التعليم والموارد الغذائية، وفكر بطريقة لإعادة بناء شركة مختلفة أفضل قادرة على تلبية احتياجات أكبر.

“قانون كانتر”

عاشت هذه الشركة واقع قانون كانتر الذي يقول إن كل شيء يبدو فاشلاً عند نقطة المنتصف. فالعقبات غير المتوقعة والمآزق الصعبة تبرز في نقطة المنتصف من أي عمل، سواء كان فردياً أو مؤسساتياً. إذا استسلمت، فتكون قد فشلت بحق. أما إذا ثابرت وعدّلت وصبرت، فستحظى بفرصة للتوصل إلى مسار آخر ناجح.

اقرأ أيضاً: كيف تعاملت الشركات الصينية مع أزمة كورونا والدروس المستفادة

واليوم، تشكل جائحة “كوفيد-19” ’نقطة فارقة‘ جماعية خطيرة ومأساوية بما تسببه من خسائر كبيرة في الأرواح والأرزاق، ولا يمكن رؤية نهاية لهذا النفق المظلم بعد. على الرغم من أننا لم نشهد أزمة بحجم الأزمة الحالية، فإن هناك دروساً نستقيها من الكوارث السابقة والتحولات الكلاسيكية، ومنها جائحات إيبولا وإعصار كاترينا وتسرب النفط في خليج المكسيك والأزمة المالية العالمية وتعافي الشركات من الدمار المالي الوشيك. توصلت إلى أن الفرق بين النهوض لتسلق سلم النجاح مجدداً والاستمرار بالخسارة يكمن في الثقافة، أي الإيقاع الذي يحدده القادة ومعاملتهم للموظفين وروح الشراكة والمرونة التي تتيح تغيير وجهة النشاطات والمخيلة القادرة على الابتكار.

وبالحديث عن كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة فإن نقطة المنتصف تكون نقطة تحول تواجه الشركات والمجتمعات عندها خطراً وضرراً في نشاطاتها الجارية، وتشهد خسائر لم تكن مستعدة لها (حتى وإن كان هناك ما ينبئ بوقوعها منذ سنوات). فعندما تلوح الأزمة، تخرج الخسائر عن السيطرة وتتحول إلى سلسلة انهزامات ذاتية التعزيز، ويزداد كل شيء سوءاً قبل أن تسنح الفرصة للقيام بأي خطوة إيجابية.

ويؤدي ذلك إلى تداعي بعض المؤسسات بسرعة، وخصوصاً إذا ما ارتكب قادتها خطأ كبيراً، وهو إنكار خطورة الأزمة أو التمسك بالإجراءات التي اتخذوها سابقاً أو اعتبار الأزمة إهانة شخصية. سأضرب مثلاً كلاسيكياً لتوضيح الخطأ الذي يؤدي للفشل، وهو شركة “بي بي” (بريتش بيتروليوم – BP) التي واجهت خسائر كبيرة عقب انفجار منصة “ديب ووتر هورايزون” (Deepwater Horizon) الذي أدى إلى تسرب النفط في خليج المكسيك. كيف كان رد فعل الرئيس التنفيذي آنذاك، توني هايوارد؟ اشتهر بقوله: “أود استعادة حياتي” بدلاً من التعبير عن التعاطف مع من كادوا يخسرون أرواحهم وأرزاقهم، أو خسروها بالفعل، وبدأ بتوجيه التهم للموردين والمسؤولين. تزداد الأمور سوءاً بسبب هذه السلوكيات وغيرها من ميزات سلسلة الانهزامات، كإخفاء المعلومات واتخاذ قرارات في الخفاء والبحث عن كبش فداء لتحميله المسؤولية. وتترتب على هذا النوع من الثقافة عواقب تظهر في المؤسسة بأكملها، حيث تبدأ دوامات التدهور ويحل النزاع بين الموظفين محل التعاون، وتنكشف الشروخ وتبرز الأحقاد الدفينة، ويصبح الموظفون سلبيين مع شعورهم بأنهم عاجزين وعديمي الأهمية، فتتراجع الإنتاجية ويتوقف الابتكار.

في المقابل، نجد أن المؤسسات القائمة على ثقافة تضع الموظفين في المقام الأول وتهتم بالإصغاء للمساهمين وخدمة الآخرين، قادرة أكثر على الخروج من دوامة التدهور وهي مقبلة على مسار إيجابي. خذ مثلاً شركة تصنيع السيارات الكهربائية الصينية، “دبليو إم موتور” (WM Motor)، إذ إنها في بداية أزمة الجائحة الحالية أوقفت نشاطها تماماً قبل بقية الشركات المصنعة لأنها وثقت بالتقارير التي قدمها موظفوها. ومن أجل استمرار الشركة، استثمرت الوقت في الابتكار السريع، وصنعت “محركات اختبار من دون لمس” كي يتمكن الزبائن المحتملون من تجربة السيارات من دون المخاطرة بملامسة أي شخص. حتى أن الشركة زادت أقساط المدفوعات لأكثر من 3,000 مورد، كي يتمكن الموردون أيضاً من الاستمرار بالعمل وتلبية احتياجاتها.

كيفية قيادة الفريق بعد الأزمات

لدينا ثلاث مجموعات من الإجراءات التي تمكّن القادة من تجديد ميزات تحمل المسؤولية وتعاون الأفراد وروح المبادرة التي تعدّ شركاتهم للحياة بعد الأزمة ما يعني الإجابة عن سؤال كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة بطريقة صحيحية.

المجموعة الأولى، أهم مفتاح للنهوض هو تحديد الإيقاع المناسب في القيادة. وفي أفضل حالات التعافي من التحولات والكوارث، يشدد القادة على التواصل المفتوح وروح تحمل المسؤولية. وحتى قبل أن تتوضح الحلول، يقدمون ضمانات أنهم يسيرون وفقاً للقيم وإحساس الهدف؛ ويطرحون المعلومات نفسها أمام الجميع ويستخدمون الأدلة في توجيه قراراتهم؛ ويشجعون التواصل الصريح ويتصرفون بحزم ويعترفون بما لا يعرفونه ويوضحون مواعيد التواصل وطرقه؛ ويتعاطفون مع الضحايا ويقدّرون الأعمال البطولية؛ ويقومون باستثمارات تشير إلى إيمانهم برسالتهم وموظفيهم، ويضعون ذلك قبل الاعتبارات المالية. وكما قال مينغ تساي، وهو طاه شهير وصاحب مطعم، فإن الهدف هو إبقاء الرسالة واضحة وتفادي استنزاف المال، وليس القلق بشأن الحصول على المال.

اقرأ أيضاً: كيف تستطيع الشركات الصغيرة والمتوسطة النجاة من أزمة كورونا؟

وهذا النهج كان مثمراً بالنسبة لشركة الطاقة الخضراء في غرب أفريقيا. إذ أجرى قادتها أثناء الأزمة جلسات لتوليد الأفكار حول الأسواق الجديدة وزبائن منتجاتها، لأنهم شعروا أن الهدف النبيل المتمثل في إنارة البلاد كان جديراً بالعناء. ولاحظت عدة شركات كبرى في المنطقة تعامل هؤلاء القادة الإيجابي مع الموظفين، وكانت هذه الشركات تشتري الكهرباء من شركة الطاقة القديمة الاحتكارية التي يحتمل فسادها، فقررت شراء جزء من طاقتها من الشركة الجديدة، معتبرة إياها جديرة بالثقة وتحمل المسؤولية. كان حصول الشركة الجديدة على زبائن من الشركات الكبرى اتجاهاً جديداً يمدها بعائدات موثوقة، وأصبح بإمكانها استخدام الأرباح في توسيع الخدمات إلى عدد أكبر من سكان المناطق غير المخدمة.

تتضمن مجموعة الإجراءات الثانية التعاون وروح المبادرة، أي حشد الموظفين والشركاء من أجل فحص العمليات وتعديلها وإصلاحها. تركز الفرق على المستلزمات الأساسية للأعمال التي يمكن استمرارها وما يجب تعديله بسرعة وطريقة هذا التعديل من أجل أخذ المشكلات والفرص الجديدة في الحسبان، وهنا نجد أن المرونة عنصر أساسي. فقد تشكل المؤسسة عدة فرق لإجراء تحسينات سريعة من أجل التعامل مع مشكلات معينة، كمعالجة الثغرات في سلاسل التوريد وإعادة توزيع الموظفين ووضعهم في الأماكن التي تحتاج إليهم مثلاً.  وفي أفضل عمليات التحول، وجدت أن القادة لا يجرون تغييرات تنظيمية وهيكلية قبل رؤية الموجة الأولى من ردود الفعل على الزعزعة. فالمعايير تكون غير معروفة بعد في بداية الأزمة، لكن مع ظهور المعلومات ومراقبة فريق قيادة التحول لمكامن قوة الشركة وضعفها، قد يتمكن من تحديد المواضع المناسبة لتخفيض النفقات وإعادة توزيع رأس المال والأدوار الملائمة للموظفين. وفي هذه المرحلة، يعتمد القادة على الموظفين في الميدان، وخصوصاً من يعملون في تصنيع المنتج أو توصيل الخدمة، من أجل تحديد التحسينات اللازمة وتنفيذها. مثلاً، في بداية انتشار جائحة “كوفيد-19″، لاحظ قادة شركة تصنع أجزاء بلاستيكية للقوارب هبوطاً في الطلب، فاستعانوا ببراعة الموظفين من أجل الانتقال إلى تصنيع دروع واقية للوجه، ما استدعى تعديل العمليات وضمان توفر العرض الكافي. فازت الشركة بعقد كبير مع الحكومة واضطرت لتوظيف عدة عشرات إضافية من العاملين.

في كثير من ردود الفعل على الأزمات وعمليات التحول في الشركات، يرجع النجاح إلى فرق تتمتع بحس قوي جداً بالهدف المشترك تعرف كيف تنظم نفسها بسرعة كي تتمكن من الحفاظ على سير العمليات وتعزيزها. مثلاً، عندما انقطع التيار الكهربائي لسبب مجهول عن مساحات شاسعة من الشمال الشرقي والوسط الغربي من أميركا، ثمة شركة طيران كبرى واحدة لم تضطر لانتظار صدور الأوامر من المقر الرئيس لتتمكن من متابعة عملها بعد هذه المشكلة. إذ إنها اعتمدت على اعتيادها المشاركة الفاعلة من الموظفين، الأمر الذي ساعد الشركة في تخفيف الضغط عن ثرواتها المالية. كما كانت الشركات الزميلة تتمتع بالصلاحيات والهدف المشترك، المتمثل بالحفاظ على استمرار رحلات الشركة على نحو آمن في مواعيدها، لذا، كان بإمكانها الخروج عن الإجراءات التقليدية والتوصل إلى طرق بديلة مبتكرة تتيح استمرار الرحلات على الرغم من انقطاع التيار الكهربائي في المطارات، ونقل خدماتها إلى نقاط التوزيع في المطارات، حيث تجمع ركاب رحلات الشركات الأخرى. فكانت النتيجة ارتفاعاً كبيراً في أعداد زبائن الشركة دام فترة طويلة بعد انتهاء الأزمة.

اقرأ أيضاً: كيف تدير موظفاً يمر بأزمة شخصية؟

تلجأ شركات أخرى إلى الشركاء من أجل حشد الاستجابة الجماعية. ولطالما انضم الفلاحون إلى الشركات الزراعية التعاونية من أجل حل مسألة التوزيع، حيث شكلت المطاعم ومتاجر التجزئة في الأحياء مؤسسات تعاونية من أجل القيام بأعمال التسويق بالتعاون مع المزارعين. وفي أعقاب الركود العالمي، أطلقت شركة تقنيات ضخمة منصة رقمية بالتشارك مع شركات كبيرة أخرى من أجل وصلها بصغار الموردين وتسهيل عملية التعاقد. ما أدى إلى ضمان التعامل مع موردين محليين مؤهلين وساعد قطاع الشركات الصغيرة على التعافي. وفي أزمة الجائحة الحالية، قامت شركة توزيع الأغذية الطازجة للعملاء من المؤسسات الكبيرة كالفنادق وسلاسل المطاعم والجامعات بتحول سريع إلى البيع المباشر إلى المستهلكين، إذ نظمت المزارعين لتغيير الممارسات المتبعة ونسقت بين الشركاء من أجل الوصول إلى المستهلكين وطورت قدرات العمل عبر الإنترنت. يمكن من خلال هذا النوع من التحالفات ملء الثغرات في العمليات الحالية.

تتوجه المجموعة الثالثة من الإجراءات إلى المستقبل الأبعد. كيف سيكون مختلفاً عن الحاضر؟ ما هي الاحتياجات والفرص التي تستدعي الابتكار بدءاً من الآن؟ ما هي الاستجابات للأزمة الحالية التي يحتمل أن تصبح طرق عمل دائمة؟ في أفضل تجارب التحول والاستجابة للكوارث، يخصص القادة جزءاً من الوقت للتفكير فيما بعد الأزمة وفي التحول والابتكار بعد تجاوز الأسوأ. فيمكنهم أن يعيّنوا فرقاً خاصة لتفحص البيئة، والتفكير “خارج نطاق البناء” وخارج حدود القطاع أو القسم الذي يعملون فيه حالياً، وتطوير نماذج جديدة للمستقبل. أو قد يعملون على إشراك مجموعة موظفين ومساهمين في توليد الأفكار بشأن ما سيحدث تالياً.

على سبيل المثال، بعد أزمة اقتصادية كبيرة وعملية استحواذ واجهت كثيراً من الاحتجاجات، استخدمت شركة قابضة مالية آسيوية نهج الفريق المخصص من أجل تخيل شكل الشركة في المستقبل. وفي حين كانت الفرق الأخرى تعاني من صعوبات في التفاصيل التشغيلية، نظر فريق “المصرف الجديد” خارج نطاق الصيرفة بحثاً عن الإلهام. فأخذ أفراده يتفحصون الأسواق التي تعمل شركتهم ضمنها والأسواق التي يمكنهم فتحها، واستكشفوا التقنيات القادرة على تحويل الخدمات المالية. استطاع أعضاء الفريق الحفاظ على تركيز ثابت على ما ستبدو عليه الحياة بعد الأزمة من دون تجاهل زملائهم الذين يتعاملون مع المهمات اليومية. ساعدت أفكار فريق “المصرف الجديد” المؤسسة على الخروج من الأزمة كواحدة من أنجح المؤسسات في المنطقة.

أيضاً، خاضت شركة إعلام كبرى عملية تحول أدت إلى إنقاذها متبعة نهجاً شعبياً أكثر، إذ فتحت قنوات للتواصل بعد أن كانت تتسم بالتحفظ، واستخدمت تقنيتها الخاصة للبث من أجل إشراك آلاف الموظفين في جلسات مفتوحة لطرح الأفكار، ودعت ممثلين عن الجمهور للمشاركة في النقاش. خرجت الشركة عن إجراءاتها الروتينية من أجل اختبار أفكار جديدة ابتكرها الموظفون أنفسهم، وبدأت باكتشاف كيف سيبدو المحتوى الإعلامي الذي ينتجه الجمهور في المستقبل. وتمثل النجاح الذي حققته الشركة في تحول فكرة أحد موظفي المستوى الأدنى إلى برنامج جديد رائج.

يؤدي تشجيع الموظفين على تخيل المستقبل إلى عكس مفعول السلبية والشعور بالعجز المرافقين لسلسلة الانهزامات. وإطلاق مبادرات موجهة نحو المستقبل بالتوازي مع الجهود الآنية لإدارة الأزمة وتخفيف آثارها هو أمر مهم بالنسبة للمعنويات ولمستقبل الشركة، فهو يمنح الموظفين روح الهدف وفرصة لتحويل ألم الحاضر إلى نجاح في المستقبل.

تخطي صعوبات نقطة المنتصف

إن تخطي صعوبات نقطة المنتصف من دون الاستسلام ليس متعلقاً بتجميد الأمور على حالها بانتظار العودة إلى الوضع الطبيعي، إذ يتولد عن كل أزمة والاستجابات الفعالة لها وضع طبيعي جديد يكتمل بأعمال روتينية جديدة وتقنيات جديدة. تماماً كما ازدهرت أجهزة الكشف عن المعادن وغيرها من أجهزة الفحص في أعقاب الهجمات الإرهابية، ستنتشر عمليات فحص الحالة العامة بلا شك على إثر هجمات فيروس كورونا، بالإضافة إلى اختراع أشكال جديدة من أجهزة الكشف عن المرض واستخدامها في الأماكن العامة. وإذا ألقينا نظرة أبعد قليلاً، نجد أن الأزمة واسعة الانتشار تكشف عن التصدعات والانقسامات والمشكلات التي لم تجد حلولاً في المؤسسات، وهذا من شأنه دفع عجلة وضع معايير جديدة. قد يرغب الزبائن في تغيير متطلباتهم من الموردين، وقد يرغب المشرعون بإضافة قوانين أكثر صرامة، وقد ترى النقابات فرصة لوضع تنظيمات مبنية على شروط سلامة العاملين، وقد يرغب مسؤولو الحكومات بإصلاح مشكلات التعليم العام التي يعاني منها القطاع منذ زمن طويل عن طريق اتباع مسار جديد. وبعد الأزمة الحالية، التي نقلت معظم برامج التعليم الرسمية إلى العمل عبر الإنترنت، لا شك بأن الجامعات ستسعى لضم مكونات رقمية أكثر إلى برامجها. ويمكن لتجربتنا مع العمل عن بعد تسريع تبني جداول العمل المرنة والسماح بأيام للبقاء في المنزل، ما يؤدي إلى تخفيف الاختناقات المرورية وازدحام وسائل النقل، وزيادة الانتباه إلى احتياجات رعاية الأبناء وقضايا العمل والأسرة.

سيؤدي منح الفرق القوة اللازمة من أجل تخصيص بعض الوقت لتوليد أفكار حول طريقة المساعدة اللازمة من أجل تغيير المجتمعات إلى توحيد الموظفين ومدهم بالإلهام أثناء الأوقات العصيبة، وسيولد بالتأكيد أفكاراً جيدة للابتكار حين يحين الوقت لتركيز الانتباه على مستقبل الشركة.

اقرأ أيضاً: كيف توازن بين العمل والعناية بكبار السن خلال أزمة كورونا؟

وفي نهاية الإجابة عن سؤال كيف تقود فريقك بعد ذروة الأزمة بطريقة صحيحة؟ سيساعد القادة مؤسساتهم على الخروج من نقطة المنتصف الصعبة بمخزون جيد من العزيمة ومجموعة كبيرة من الأفكار إذا ركزوا مسؤولياتهم الواسعة على الموظفين والشركاء والمجتمعات، وهذا بحد ذاته يشكل مصدراً للأمل.

اقرأ أيضاً: علاج مقاومة التغيير

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .