الغيرة المهنية: كيفية التحكم بها وإظهار الجانب الإيجابي منها

5 دقائق
كيف تتحكم في الغيرة المهنية

خلال هذه المقالة سأحاول توضيح الجانب الإيجابي من الغيرة المهنية، وأيضا أسباب الغيرة المهنية.

جميعنا ننساق وراء مشاعر مقارنة أنفسنا مع الآخرين في أوقات مختلفة في حياتنا. فما هو إجابة سؤال: كيف تتحكم في الغيرة المهنية بشكل صحيح؟

إن تحقيق النجاح في عالم تنافسي يتطلّب منا أن نقارن تقدمنا بتقدّم الآخرين من حولنا، وهو أمر طبيعي جداً. وقد تكون المقارنة الخارجية المستمرة مصدراً للتحفيز وطريقة لتحديد أهداف واضحة للنجاح الوظيفي بالنسبة لأولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إلى تحقيق بعض الإنجازات.

إلا أن المداومة على مقارنة مجال عملك بعمل الآخرين تجعلك ترضخ للأحاسيس المؤلمة للغيرة وتعزز فيك إحساس الدونية عندما ترى إنجازات شخص آخر.

ووفقاً لدراسة حديثة، أفاد أكثر من 75% من الأفراد أنهم شعروا بالغيرة من شخص ما العام الماضي. وعلى الرغم من أن الغيرة قد تكون محفزة للبعض، إلا أنها قد تقوّض فرص نجاح البعض الآخر.

وفيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تمكّنك من التخلص من هوس المقارنة وجعل مشاعر الغيرة لصالحك في النهاية.

كيفية القضاء على الغيرة المهنية

دع مشاعر الغيرة المهنية تأخذ مجراها الطبيعي، لكن توقف عن إحراج نفسك.

حارب الغيرة المهنية بتفادي الإحراج

قد يكون من المستحيل أن تتخلص من مشاعر الغيرة داخلك، لكن يمكنك التحكم في مشاعر الإحراج التي غالباً ما ترافق مشاعر الغيرة مسفرة عن تفاقم المشكلة.

ولمنع مشاعر الغيرة العارمة من التحول إلى مشكلة مزمنة، يجب عليك قبول مشاعر الانزعاج بهدوء ورفض الرضوخ إلى مشاعر الإحراج التي غالباً ما تتبع مشاعر الغيرة.

وتظهر البحوث الحديثة أننا عادة ما نصبح أقل غيرة بعد حدوث ما يُشعرنا بالغيرة بالفعل. على سبيل المثال، عندما تسمع أن أحد زملائك قد يحصل على ترقية في غضون أسابيع قليلة للمنصب الذي لطالما رغبت في أن تشغله، ستتأجج مشاعر الغيرة لديك عند سماع الخبر أكثر من تأججها عند صدور قرار ترقيته بالفعل.

وفي حال أبديت "استياءك حيال مشاعر الغيرة التي تنتابك"، فأنت تحوّل المشاعر الإنسانية التي تنتابنا جميعاً إلى مشاعر كراهية للذات وخزي أكثر إيلاماً.

لذلك، من الضروري أن تذكّر نفسك أن السيطرة على مشاعر الغيرة هو أمر مستحيل، في حين أن تجنب الشعور بالخزي حيال تلك المشاعر هو أمر ممكن.

فعندما تسمح لنفسك أن تشعر بالغيرة من موقف ما وتمنع مشاعر الخزي من إطالة تأثير الغيرة السلبي، ستنحسر تلك المشاعر ببطء.

حوّل مشاعر المقارنة إلى فضول.

حوّل الغيرة إلى فضول

إن تجنب النتائج العكسية التي تولّدها مشاعر المقارنة يتطلّب منك أن تتساءل عن السبب الذي أثار فيك شعور مقارنة نفسك مع أشخاص آخرين وأن تستخلص دروساً من مسيرتهم لدعم مسارك المستقبلي، بدلاً من أن تفترض أن نجاحهم ينفي فرص نجاحك بطريقة أو بأخرى.

عندما كنت طالباً في الكلية قبل 29 عاماً، سكنت في الطابق نفسه الذي يقطن فيه زملائي الذين أصبح أحدهم مذيعاً في شبكة أخبار وطنية، وآخر سفيراً لمنطقة الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، وآخر يُدير إحدى أكبر شركات الأسهم الخاصة في العالم. وهؤلاء ليسوا سوى حفنة من الأشخاص الناجحين الذين سنحت لي فرصة التعرف بهم عندما كنا مراهقين، أي قبل أن نعرف مجالات الأعمال التي كنا سنسلكها.

وعلى الرغم من أن مساري المهني كان مختلفاً عن مساراتهم المهنية بعد التخرج من الجامعة، وقعت في فخ المقارنة في بعض الأحيان، وكنت أفكر في النجاح الذي حققه كل منا بناء على مقاييس مختلفة، من حيث الشهرة والوضع المالي والإنجازات، وحصل كل ذلك نتيجة بعض الوقت المشترك الذي قضيناه معاً في الماضي.

إلا أنني أدركت اليوم أن تفسير نجاح شخص آخر أنه إشارة إلى مركب نقص لديّ هو تفسير ضيق ومحدود، وهذه هي النصيحة التي أقدمها للقادة الآخرين ذوي الإنجازات العالية.

بدلاً من ذلك، يمكنني تعزيز مشاعر الفضول وتجنّب إجراء تحليلات ذاتية حول الآخرين.

فعندما أصبحت فضولياً حيال السبب الذي دفعني إلى إيلاء تجاربهم أهمية أكثر من تجربتي، أدركت أن سبب ذلك يعود إلى أن قصصهم تعكس بعضاً من قيمي واهتماماتي.

لذلك، فكرت في عملي بصفتي مدرباً تنفيذياً وفي الدروس التي يمكن أن أستخلصها من تجاربهم لدعم مجال العمل الذي اخترته.

ودفعتني عملية التأمل تلك إلى التفكير في كيفية دمج التدريب في عالمهم المتخصص في الإعلام والترفيه والقضايا الدبلوماسية ورأس المال المغامر (الجريء).

وسرعان ما شعرت بالإثارة حيال مهنتي المستقبلية وتخلّيت عن مشاعر النقد الذاتي، وما ساعدني في ذلك هو إدارة تفكيري حيال الأمور التي تثير مشاعر المقارنة في نفسي.

وأدركت في النهاية أن كلاً منا حقق النجاح بطرق لا يمكن التنبؤ بها، وذلك اعتماداً على خبرتنا في دمج الجهد والإصرار والقدرة على التحمل وحتى الحظ.

صاحب من تشعر بالغيرة المهنية منه بدلاً من أن تتحاشى صحبته

صاحب من تشعر بالغيرة المهنية منه

قد يكون شعورك بالسعادة تجاه شخص تشعر بالغيرة منه مهمة صعبة، فشعور السعادة ذلك قد يعزز في ذهنك فكرة أنه متفوق عليك. وغالباً ما ينطوي رد فعلنا عند تأجج مشاعر الغيرة لدينا من نجاح الآخرين على زيادة البُعد الاجتماعي بيننا وبينهم بدلاً من توطيد العلاقة معهم، خاصة عندما يكون عملنا متشابهاً وعلاقتنا وطيدة.

شغل أحد عملائي منصب نائب الرئيس في شركة "فورتشين 500" فترة طويلة، وبعد تعيين زميلة له مؤخراً، سرعان ما حصلت تلك الزميلة على ترقية لتصبح مديرته. وأضحى يقارن مجال عمله مع مجال عمل مديرته الجديدة ويتجنب التواصل معها إلى درجة أنه بدأ يفكر في تقديم استقالته.

ووجدنا بعد إجراء مزيد من البحث أنه لم يكن يرغب في الترقية إلى منصب النائب الأول لرئيس الشركة حتى وتقبّل فكرة أنها أفضل منه في ذلك المنصب؛ وما أجّج مشاعر الغيرة بالنسبة له هو اعتقاده أن الرئيس التنفيذي للشركة يعتبره أقل كفاءة وحماساً في العمل من النائبة الأولى لرئيس الشركة. لذلك، لم تكن مشاعر الغيرة ناجمة عن رغبته في تقليد إنجازاتها، بل شعر بالغيرة لأن الترقية التي حصلت عليها كانت من مصدر رأى أنه يتمتع بمكانة مرموقة وسلطة كبيرة، ألا وهو الرئيس التنفيذي. وبناء على تلك الرؤية الثاقبة، قرر زيادة التواصل مع نظيرته بدلاً من الابتعاد عنها، وشارك مشكلاته معها بصدق.

وأعربت هي بدورها عن تقديرها لصراحته في توضيح مخاوفه بدلاً من توجيه الاتهام لها بشكل غير عادل. والمثير للدهشة هو أن النائبة الأولى لرئيس الشركة بثّت في نفسه الطمأنينة بقولها: "أنا أحترم حكمتك وتجربتك هنا ولا أريد أن أخسرك. وحبّذا لو نساعد بعضنا البعض في تحقيق النجاح وكسب ثقة الرئيس التنفيذي".

إن اعتبار الأشخاص الذين تشعر بالغيرة منهم حلفاء في رحلتك بدلاً من اعتبارهم مصدر تهديد لأهدافك سيكون صعباً في البداية، إلا أنه مفيد للغاية لنجاحك في المستقبل. فإذا كنت دائم التجنب للأشخاص الذين يعززون في نفسك مشاعر المقارنة الذاتية، فقد تفوت على نفسك فرصة أن تُدرك أن هؤلاء الأشخاص الناجحين قد يرغبون في مساعدتك.

اعتبر مجال عملك مجموعة من الاستثمارات بدلاً من اعتباره وظيفة ذات مهمة واحدة.

من أجل العمل سوياً

إن حصر قيمة نفسك في الوظيفة التي تشغلها يعني أنك مستعد لتلقي خيبات الأمل في كل وقت ترى فيه شخصاً ما يتفوق عليك. في المقابل، عندما تنظر إلى مجال عملك باعتباره مجموعة متنوعة من الاستثمارات في الوقت والمواهب التي تساعدك في إضفاء قيمة إلى العالم، يمكنك عندئذ تجنب اللحظات الجارحة من الإحساس بالدونية في بعض المجالات وتعزيز الأنشطة التي تخولّك تولي زمام المبادرة.

تأمل مثال بيتر، مدير الموارد البشرية في إحدى الشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 500" الذي أحبّ وظيفته وشركته لكنه واجه صعوبة في تقبّل مسار عمله. كان من أفضل الموظفين أداءً، لكن شركته استمرت في تأجيل ترقيته إلى منصب نائب الرئيس نظراً لانخفاض عدد مناصب نواب الرئيس وعدد المناصب الأعلى الشاغرة في الشركة حتى.

ولجأ بعد نفاد صبره إلى مقارنة نفسه مع الآخرين في شبكة معارفه الذين كانوا يحصلون على ترقيات في شركات أخرى، على الرغم من أنه لم يرغب في ترك شركته التي شعر أنها كانت أحد أفضل أماكن العمل.

وبعد أن أدرك أن مجال عمله وخبرته في الموارد البشرية هي عبارة عن مجموعة من الأنشطة بدلاً من وظيفة واحدة، بدأ التدوين عن ذلك المجال والنشر في وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء وقت فراغه. وبعد بضعة أشهر، تواصلت معه إحدى الخبيرات في مجال الموارد البشرية وعرضت عليه فرصة مشاركتها في تقديم برنامج بودكاست معاً.

وبعد أن أدركت مديرة بيتر إخلاصه لوظيفته، دعمت كتاباته وشاركتها مع المسؤولين التنفيذيين في الشركة لدعمه وإبراز أهميته. وكان متحمساً جداً للاستجابة الإيجابية التي أبدتها شركته وبدأ التعامل مع مجال عمله باعتباره مجموعة دائمة التطور من الاستثمارات التي من شأنها أن تزيد من قيمته في المستقبل، سواء قرر البقاء في الشركة أو ترك العمل فيها.

جميعنا نقارن مجال عملنا مع مجالات عمل الآخرين من وقت لآخر، إلا أن اتباع هذه الاستراتيجيات (استراتيجيات القضاء على الغيرة المهنية) عندما تجد نفسك تسقط في دوامة المقارنة قد يساعدك في التخلص من مشاعر الانزعاج وجعل الغيرة لصالحك.

اقرأ أيضا: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي