$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7014 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(8742)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(12) "52.91.84.219"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7070 (45) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(155) "/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AD%D8%A7%D8%AC%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(12) "52.91.84.219"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86b82dd5398b2027-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_REFERER"]=>
    string(30) "https://hbrarabic.com/?p=56880"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(12) "52.91.84.219"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(14) "162.158.87.193" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "53550" ["REDIRECT_URL"]=> string(55) "/الاستراتيجية-بحاجة-إلى-إبداع/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711634768.286134) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711634768) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(4) "paid" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7068 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7072 (2) { ["content_id"]=> int(8742) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

الاستراتيجية بحاجة إلى إبداع

16 دقيقة
الإبداع في الاستراتيجية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لاحظتُ أن طلاب كليات الأعمال غالباً ما يشعرون بالإحباط عندما يُدرَّسونَ الاستراتيجية وموضوع الإبداع في الاستراتيجية تحديداً. إذ أن هناك فجوة بين ما يتعلمونه وما يرغبون في تعلمه. وعادة ما يعلم أساتذة الاستراتيجية (بمن فيهم أنا) الطلاب أن يفكروا في مشاكل الاستراتيجية من خلال تعريفهم على أدوات تحليلية صارمة – من قبيل تحليل القوى الخمس، ورسم شبكة القيمة، ورسم شكل بياني للمراكز التنافسية. يعلم الطلاب أن الأدوات أساسية، ويبذلون الجهد المطلوب في تعلم كيفية استعمالها. لكنهم يدركون أيضاً أن الأدوات أنسب لفهم سياق أعمال حالي أكثر منها لتخيل طرق لإعادة تشكيل هذا السياق. وهم يعلمون أن الاستراتيجيات التي تغير قواعد اللعبة تولد من التفكير الإبداعي، أي من شرارة حدس، وربط بين طرق تفكير مختلفة، وقفزة نحو ما هو غير متوقع.

هم محقّون في شعورهم بهذا الإحساس حول موضوع الإبداع في الاستراتيجية وهذا لا يعني القول إنهم يجب أن يتخلوا عن العديد من الأدوات التحليلية التي طوّرناها على مدار السنين. فنحن سنظل بحاجة إليها لفهم السياقات التنافسية وتقييم الطرق الفضلى التي يجب على الشركات أن تسخّر مواردها وكفاءتها بها ضمن هذه السياقات. لكن يجب علينا أيضاً نحن من نكرس حياتنا المهنية للتفكير في الاستراتيجية أن نقرّ أن مجرد منح الناس هذه الأدوات لن يساعدهم على التخلي عن طرق التفكير التقليدية. وإذا ما أردنا أن ندرّس الطلاب – والتنفيذيين – كيف يضعون استراتيجيات قادرة على تحقيق اختراقات، فإننا يجب أن نمنحهم أدوات مصمّمة خصّيصاً لتعزيز الإبداع.

اقرأ أيضاً: الخيار الأمثل: استخدم نظرية اللعبة لصياغة الاستراتيجية

هناك عدد من هذه الأدوات الموجودة، وغالباً بأشكال قابلة للاستعمال بسهولة من الممارسين. في مقال بعنوان “كيف يفكر الاستراتيجيون حقاً: الاستفادة من قوة القياس والتشبيه” (How Strategists Really Think: Tapping the Power of Analogy)، نشر في موقع هارفارد بزنس ريفيو الأميركي بتاريخ أبريل/ نيسان 2005، يكتب كل من جيوفاني غافيتي وجان ريفكين بطريقة جذابة حول استعمال القياس والتشابيه لصياغة نماذج عمل جديدة. ويتحدث تشارلز دويغ في كتابه “أذكى وأسرع وأفضل” (Smarter Faster Better) حول طرح “عوامل اضطراب” مُبدعة ومنتقاة بعناية ضمن عمليات العمل بهدف التحفيز على التفكير بطريقة جديدة. وتقترح يونغمي مون في “التحرر من دورة حياة المنتج” (Break Free from the Product Life Cycle) ، نشر في موقع هارفارد بزنس ريفيو الأميركي في مايو/ أيار 2005، إعادة تعريف المنتجات من خلال تبنّي خطة جريئة للحدّ من المزايا المعروضة، عوضاً عن تعزيزها.

فكرة مقال الإبداع في الاستراتيجية

القاسم المشترك بين هذه المقاربات هو الهدف المتمثل في الدفع بالاستراتيجية قدماً لتتجاوز الاستنتاجات التي تقدمها الأدوات التحليلية (الموجودة في متناول اليد) ونقلها إلى أرضية أبعد، أو بعيدة معرفياً، إذا أردنا استعمال بعض التعابير الأكاديمية. وهي مستوحاة من طريقة سير عملياتنا الفكرية أكثر من كونها مستوحاة من طريقة هيكلة الصناعات أو نماذج العمل التجارية. ولذلك السبب، فإنها يمكن أن تساعد الاستراتيجيين في تحقيق القفزة الإبداعية بما يتجاوز ما هو قائم أصلاً بهدف ابتكار طريقة جديدة وأصيلة في ممارسة الأعمال. لا يتمثل الحل ببساطة بانتظار هبوط الوحي والإلهام. فأنا استكشف في هذه المقالة أربع مقاربات لبناء استراتيجية إنجاز: 1/ التباين. يجب على الاستراتيجي أن يحدد الافتراضات التي تشكل أساساً للوضع الراهن للشركة أو القطاع، وأن يتحدى هذه الافتراضات. وغالباً ما تكون هذه الطريقة هي الأكثر مباشرة وقوة لإعادة ابتكار الشركة بحلة جديدة. 2/ الدمج. نُقِلَ عن ستيف جوبز قوله الشهير إن الإبداع هو “مجرد ربط بين الأشياء”؛ وتأتي العديد من تحركات الشركات من الربط بين المنتجات أو الخدمات التي تبدو مستقلة عن بعضها البعض أو حتى يوجد توتر فيما بينها. 3/ القيود. الاستراتيجي البارع ينظر إلى القيود التي تواجهها الشركة ويدرس كيفية تحويلها إلى نقاط قوة إن أمكن. 4/ السياق. إذا تأملتم الكيفية التي حُلَّت بها مشكلة مشابهة لمشكلتكم في سياق مختلف بالكامل، فإن استنتاجات مفاجئة قد تظهر. (كتبت عن هذه الأفكار بأسلوب أكثر أكاديمية في مقال بعنوان “من أين تأتي الاستراتيجيات العظيمة حقاً؟” (Where Do Great Strategies Really Come From?) في مجلة “علم الاستراتيجية” (Strategy Science) في ديسمبر/ كانون الأول 2017). ليست هذه المقاربات جامعة مانعة – أو حتى متمايزة تماماً عن بعضها البعض – وإنما وجدت أنها قادرة على مساعدة الناس في استكشاف مجموعة واسعة من الاحتمالات الممكنة.

يبدو أن إيلون ماسك بارع في استعمال الاستراتيجية المبنية على التباين. فهو يحاول من خلال شركة “سبيس إكس” (SpaceX) قلب المائدة على افتراضات رئيسة بخصوص السفر إلى الفضاء، ألا وهي أن هذا السفر يجب أن يحصل وفق جدول زمني ثابت، وأن يمول من القطاع العام، وأن يعتمد على صواريختستعمل لمرة واحدة.

التباين

“أي من الأفكار التي تنتمي إلى عالم الحكمة التقليدية جاهزة لأن تُعرّض للنقض؟”

يفترض وضع استراتيجية مبنية على التباين اللجوء أولاً إلى تحديد الافتراضات المتضمنة في الاستراتيجيات القائمة حالياً. يبدو أن إيلون ماسك بارع في استعمال هذه المقاربة. فقد أخذ هو وغيره ممن أنشأوا “باي بال” (PayPal) افتراضاً شائعاً على نطاق واسع ولكن غير مجرب عن الصيرفة – ألا وهو أن تحويل الأموال عبر الإنترنت هو أمر مجدٍ وآمن بين المؤسسات ولكن ليس بين الأفراد – وأثبتوا خطأها. وهو يحاول من خلال شركة “سبيس إكس” (SpaceX) قلب المائدة على افتراضات رئيسة بخصوص السفر إلى الفضاء، ألا وهي أن هذا السفر يجب أن يحصل وفق جدول زمني ثابت، وأن يمول من القطاع العام، وأن يعتمد على صواريخ تستعمل لمرة واحدة. وقد يكون في طريقه إلى تحقيق نشاط تجاري يموّل بواسطة أموال خاصة، ويعمل بحسب الطلب، ويعيد استخدام الصواريخ.

الإبداع في الاستراتيجية

من الأفضل أن يكون المرء دقيقاً – لا بل حرفياً – عند تحديد هذه الافتراضات حول موضوع الإبداع في الاستراتيجية لدى الشركات. لنأخذ على سبيل المثال قطاع تأجير أفلام الفيديو في عام 2000. كانت شركة “بلوك باستر” (Blockbuster) تسيطر على هذا القطاع، وكانت الافتراضات الضمنية لنموذجها في العمل تبدو بديهية: الناس يستأجرون أفلام الفيديو من متجر تجزئة قريب من المنزل. المخزون يجب أن يكون محدوداً لأن أفلام الفيديو الجديدة باهظة الثمن. وبما أن الطلب عليها مرتفع، فإن الزبائن يجب أن يدفعوا غرامات تأخير. (كان النموذج أساساً مشابهاً لنموذج المكتبة العامة). لكن “نتفليكس” (Netflix) وضعت هذه الافتراضات تحت المجهر. هل من الضروري أن يكون هناك متجر فعلي (مادي وملموس)؟ إرسال أفلام الفيديو بالبريد أرخص وأريح. هل هناك طريقة للتحايل على الرسوم العالية للإصدارات الجديدة؟ إذا كانت شركات الأفلام منفتحة على فكرة اتفاقيات تقاسم الإيرادات، فإن كلا الطرفين سيستفيدان. سمح هذان التغييران لنتفليكس أن توفر أفلاماً أكثر بكثير، وأن تعرض فترات إيجار أطول، وأن تتخلص من غرامات التأخير، وأن تعيد صياغة القطاع.

اقرأ أيضاً: التوازن الدقيق في إنجاح استراتيجية المنظومة البيئية المتكاملة

في معظم الأوقات، قد يبدو الإبداع في الاستراتيجية الناجمة عن التباين أقل ثورية من “نتفليكس” (التي أعادت صياغة نفسها مجدداً من خلال بث أفلام الفيديو والتحوّل إلى صانعة للمحتوى) أو “سبيس إكس” (في حال نجاحها). ويمكن لأيّ مؤسسة أن تسأل ما إذا كانت قادرة على قلب النظام الذي تزاول أنشطتها فيه بشكل نافع، على سبيل المثال. فنموذج العمل التجاري في قطاع التجزئة يعتمد على البدء بمتجر مميز (يكون عادة في مركز المدينة) وإضافة متاجر تابعة (في مواقع موجودة في الضواحي). دعونا الآن نأخذ مثالاً آخر هو متاجر التجزئة المؤقتة: في بعض الحالات، تكون متقيدة بالنموذج القديم – فهي شبيهة بالمحلات التابعة الصغيرة؛ ولكن في حالات أخرى، تظهر متاجر التجزئة المؤقتة أولاً، وإذا ما نجحت، تضاف مساحات إضافية. وقد أصبحت منطقة سوهو في مدينة نيويورك أرضاً خصبة لاختبار هذه الاستراتيجية.

ثمة مقاربة أخرى تتمثل في دراسة إحداث هزة أو خضة في سلسلة القيمة، التي تكون في أي قطاع عادة موجهة تقليدياً بطريقة محددة، حيث تكون بعض الجهات بمثابة الموردين في حين أن هناك جهات أخرى هي بمثابة الزبائن. ويمكن لقلب سلسلة القيمة هذه رأساً على عقب أن يفضي إلى نماذج عمل تجارية جديدة. ففي القطاع الخيري، على سبيل المثال، كان يُنظر إلى المانحين بوصفهم موردين للموارد المالية. أما موقع (DonorsChoose.org) فيقوم على نموذج يعامل المانحين بوصفهم زبائن أكثر من كونهم موردين. فالمؤسسة لديها ما يشبه “واجهة المتجر” التي تضم طلبات يضعها على الموقع معلمو المدارس من أنحاء الولايات المتحدة ممن يبحثون عن مواد لصفوفهم (التي لا تحظى بالموارد الكافية غالباً). وبوسع المانحين اختيار أي طلبات يريدون الرد عليها، وتلقي صور عن الأعمال المدرسية التي دعمتها أموالهم. في واقع الأمر، هم عملياً يشترون الرضا الناجم عن رؤية صف معين قبل وبعد.

في بعض القطاعات، فرض الأمر الواقع مجموعة من الخدمات أو المنتجات الباهظة الثمن التي تُباع كحزمة واحدة شديدة الترابط. وتفكيك هذه الحزمة من الخدمات أو المنتجات هو طريقة أخرى لبناء استراتيجية قائمة على التباين. إذ تفضل شرائح مختلفة في السوق الحصول على مجموعات فرعية مختلفة من الحزمة بأسعار أفضل. وقد نجحت مجموعة من الجهات مدعومة بالإنترنت في تفكيك الكثير من الحزم المدمجة التي يفرضها الأمر الواقع في قطاع تلو الآخر، ومن الأمثلة الرائدة على ذلك الموسيقى، والتلفزيون، والتعليم. وهنا يجب على الشركات الراسخة أن تجري تغييرات داخلية جوهرية للمنافسة مع مفككي الحزم هؤلاء، مما يجعل هذه المقاربة فاعلة بشكل خاص.

كيف تبدؤون

1/ حددوا بدقة الافتراضات الضمنية التي تشكل أساساً للتفكير التقليدي في شركتكم أو قطاعكم الصناعي.

2/ فكروا بما يمكن كسبه من خلال إثبات خطأ واحد أو أكثر من هذه الافتراضات.

3/ تعمدوا إحداث الاضطراب في أحد جوانب نمط شبكتكم الطبيعية لتفكيك الافتراضات المتأصلة.

ما هي الأشياء التي لا بد من مراقبتها

بما أن الافتراضات التي تشكل أساساً لنموذج عملكم التجاري مترسخة في جميع عملياتكم – وبما أن الشركات المستقرة بحاجة إلى إمكانية التنبؤ بالمستقبل – لن يكون من السهل تغيير المسار. والمؤسسات بارعة جداً في مقاومة التغيير.

الدمج

“كيف يمكنكم الربط بين المنتجات أو الخدمات التي كانت تقليدياً منفصلة؟”

يُعتبر الدمج استراتيجية مبدعة ومعترفاً بها في الفنون والعلوم على حدّ سواء. وكما يذكر أنطوني براندت وديفيد إيغلمان في كتاب “الأنواع الهاربة” (The Runaway Species)، فإن الدمج بين فكرتين مختلفتين بالكامل – ركوب المصعد ورحلة إلى الفضاء – هو ما مكّن ألبرت أينشتاين من أن يجد طريقه إلى نظرية النسبية العامة. وفي عالم الأعمال، أيضاً، يمكن للتحركات المبدعة والناجحة أن تنجم عن الدمج بين أشياء كانت منفصلة. وغالباً ما تنشأ هذه الفرص مع منتجات وخدمات متكاملة. فالمنتجات وأنظمة الدفع، على سبيل المثال، كانت تاريخياً عُقداً منفصلة على طول سلاسل القيمة. لكن منصة التواصل الاجتماعي الصينية “وي تشات” (WeChat) المملوكة من شركة “تينسنت” (Tencent) تشمل منصة متكاملة للدفع عبر المحمول تدعى “وي تشات باي” (WeChat Pay) تمكّن المستخدمين من شراء المنتجات وبيعها ضمن شبكاتهم الاجتماعية. وقد توسعت شركتا “تينسيت” و”علي بابا” خارج المنظومة الصينية وهما تنسقان مع شركات للمدفوعات في الخارج لتمكين متاجر التجزئة في الدول الأخرى من قبول خدمات الدفع عبر المحمول التابعة لهما.

في بعض الأحيان، يمكن للمتنافسين أن يستفيدوا فيما لو حشدوا جهودهم معاً بهدف تكبير الكعكة والانتباه إلى موضوع الإبداع في الاستراتيجية التي يتبعونها. (وكنت أنا وباري ناليبوف قد استكشفنا هذه الفكرة في كتابنا الصادر عام 1996 بعنوان “المنافسة التعاونية” (Co-opetition). فعلى سبيل المثال، أعلنت شركتا “بي إم دبليو” و”دايملر” عن خطط للدمج بين خدماتهما في مجال الحركة والنقل – التشارك بالسيارات، وسيارات الأجرة المشتركة، وصف السيارات، وشحن السيارات الكهربائية، وتذاكر النقل العام. وتأمل الشركتان الصانعتان للسيارات، كما تفترضان، أن يكون هذا التحرك بمثابة هجوم معاكس فاعل ضد “أوبر” والشركات الأخرى الآخذة بالزحف التدريجي ضمن نطاق صناعة السيارات التقليدية.

وفي حالات أخرى، حققت شركات تنتمي إلى صناعات منفصلة تماماً قيمة جديدة للزبائن من خلال الدمج بين العروض المقدمة لهم. هذا ما فعلته شركتا “آبل” ونايكي” منذ عام 2006 من خلال طرح الرزمة الرياضية الخاصة بحذاء “نايكي” وجهاز “آيبود”، التي تسمح للحذائين بالتواصل مع جهاز “آيبود” لتتبع خطوات مرتديهما. وفي الآونة الأخيرة، باتت نسخ من ساعات “آبل” تأتي مع تطبيق “نايكي” + “ران كلوب” (Nike+ Run Club) المدمج بالكامل. كما يوجد تكامل بين “نيست لابز” (Nest Labs) و”أمازون”: فجهاز الترموستات المنزلي الذكي الذي تصنعه شركة “نيست” يصبح قيماً أكثر عندما يستطيع استخدام ميزة التحكم الصوتي عبر المساعدة الافتراضية “أليكسا” (Alexa) من شركة “أمازون”.

تُعتبر التكنولوجيات الجديدة مصدراً غنياً للاحتمالات الممكنة في مجال الدمج. فالذكاء الاصطناعي وتقنية بلوك تشين (سلاسل الكتل) قادران على العمل معاً بشكل طبيعي لحماية خصوصية الكميات الهائلة من البيانات الشخصية المطلوبة لتدريب الخوارزميات في مجال الرعاية الصحية وغيره من المجالات الحساسة. كما تندمج تقنية بلوك تشين (سلاسل الكتل) وإنترنت الأشياء معاً على شكل مشعرات وبيانات آمنة في تطبيقات لامركزية مثل سلاسل توريد الغذاء، وأنظمة النقل، والمنازل الذكية، ومع التأمين المؤتمت المشتمل ضمن العقود الذكية.

لعلّ الدمج الأكبر الحاصل اليوم هو الدمج الناشئ بين الآلات والبشر. إذ يرى بعض المعلقين أن مستقبل تلك العلاقة ينطوي على تنافس أكثر من انطوائه على تعاون، علماً أن البشر سيخسرون في العديد من مناحي الحياة الاقتصادية. بينما يتنبأ آخرون بصورة أكثر إيجابية، تتولى فيها الآلات العمليات الإدراكية ذات المستوى الأدنى، مما يحرّر البشر ليتفرغوا للأعمال الأكثر إبداعية. كتب مارتن ريفز ودايشي أويدا حول الخوارزميات التي تسمح للشركات بإدخال تعديلات متكررة ومدروسة على نماذج أعمالها التجارية، مما يمكن البشر من العمل على الأهداف الرفيعة المستوى والتفكير بما يتجاوز الواقع.

الاستراتيجية القائمة على الدمج

تشمل الاستراتيجية القائمة على الدمج البحث عن روابط عابرة للحدود التقليدية، سواءً من خلال الربط بين منتج وخدمة، أو بين تكنولوجيتين، أو بين المنبع والمصب، أو غير ذلك من المكونات. وهنا أيضاً، يجب على الاستراتيجي المبدع أن يتحدى الواقع الراهن – في هذه المرة ليس من خلال التفكير خارج الصندوق فقط، كما يقال مجازاً، وإنما التفكير عبر صندوقين أو أكثر.

كيف تبدؤون

1/ شكّلوا مجموعات ذات خبرات وتجارب متنوعة؛ مارسوا العصف الذهني للبحث عن مجموعات من المنتجات والخدمات المدمجة.

2/ ابحثوا عن طرق للتنسيق مع مزودي الخدمات المتكاملة (الذين قد يكونون متنافسين حتى).

ما هي الأشياء التي لا بدّ من مراقبتها

غالباً ما تُمارس الشركات الإدارة بهدف تحقيق الأرباح وقياسها على مستوى المنتج أو النشاط الفردي. لكن عمليات الدمج والجمع تستدعي تفكيراً وقياسات على مستوى النظام.

القيود

“كيف بوسعكم تحويل القيود أو الالتزامات إلى فرص؟”

كُتبت أول قصة خيالية في العالم، وهي بعنوان “فرانكنشتاين” (Frankenstein)، عندما كانت مؤلفتها ماري وولستونكرافت شيلي مقيمة بالقرب من بحيرة جنيف خلال صيف بارد وعاصف على غير المعتاد ووجدت نفسها عالقة بين جدران مغلقة وليس أمامها ما تفعله سوى تمرين خيالها. يعرف الفنانون كثيراً عن القيود والعوائق – من القيود العميقة، مثل النكسات الخطرة في حياتهم، إلى العوائق البنيوية، مثل كتابة قصيدة من 14 بيتاً على قافية واحدة محدّدة. وفي عالم الأعمال، أيضاً، يحوّل التفكير المبدع القيود إلى فرص.

إمكانية أن تطلقَ القيودُ العنانَ لاستراتيجيات مبدعة قد تبدو فكرة متناقضة أو كأنها تنطوي على مفارقة. فإذا ما أزيل قيد معين، فإن أي فعل لم يكن ممكناً في السابق يظل ممكناً بالتأكيد؛ وعلى الأرجح أن يكون الممكن الآن أكبر. لكن ذلك يبعدنا عن النقطة الأساسية ألا وهي أن المرء قادر على التفكير بعدة طرق في وضع معين – والقيد أو العائق يمكن أن يدفع إلى التفكير بطريقة جديدة تماماً. بطبيعة الحال، يقضي وجود قيود مفرطة على كل الاحتمالات الممكنة كما ينص على ذلك ما يسمى “مبدأ غولديلوكس” (Goldilocks Principle). والذي يستند إلى إحدي قصص الأطفال التي حملت هذا الاسم وتخلص إلى مبدأ الاختيار الصحيح. لكن الغياب الكامل للعوائق والقيود يعد أمراً إشكالياً أيضاً هو الآخر.

لم تكن شركة تسلا تفتقر إلى الموارد المالية لكي تدخل قطاع السيارات، لكنها لا تمتلك شبكة الوكالات التقليدية (التي تعتبر جزءاً أساسياً من نماذج أعمال شركات صناعة السيارات) لتبيع من خلالها. وعوضاً عن أن تعمل تسلا على بناء هكذا شبكة، اختارت أن تبيع السيارات عن طريق الإنترنت وأن تبني متاجر شبيهة بمتاجر آبل يعمل فيها مندوبو مبيعات بصفة موظفين يتقاضون أجوراً. هذا الأمر يضع الشركة فعلياً في موقع جيد نسبياً مقارنة مع المنافسين، الذين قد يشعر وكلاؤهم بحالة من التضارب بخصوص الترويج للسيارات الكهربائية على حساب السيارات التقليدية التي تعمل بالوقود (أي ذات محركات الاحتراق الداخلي). إضافة إلى ذلك، فإن تسلا تسيطر على التسعير مباشرة، في حين أن الزبائن الذين يشترون السيارات الكهربائية من الوكلاء التقليديين قد يواجهون تفاوتات كبيرة في الأسعار.

اقرأ أيضاً: التركيز على ما يعتقده الموظفون، هو ما يسدّ الفجوة بين الاستراتيجية والتنفيذ

يجب علي أن أذكر أن هذا الموقف من القيود يختلف تماماً عن الموقف الذي يقترحه التحليل الرباعي الكلاسيكي لنقاط القوة ونقاط الضعف والفرص والتهديدات المعروف باسم (SWOT analysis)، إذ يُفترض بالاستراتيجيين تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف والفرص والتهديدات الموجودة في مؤسسة معينة ومن ثم العثور على طرق لاستغلال نقاط القوة والفرص، والتقليل من نقاط الضعف والتهديدات.

وعلى النقيض من ذلك تماماً، فإن البحث المستند إلى القيود ينظر في كيفية تحويل نقاط الضعف هذه إلى مزايا لصالح الشركة. فالقيد إضافة إلى الخيال يمكن أن يُثمرا عن فرصة.

تقلب هذه المقاربة إلى الاستراتيجية أداة التحليل الرباعي (SWOT) رأساً على عقب بطريقة أخرى أيضاً. فتماماً كما أن نقطة ضعف ظاهرة يمكن أن تُحوّل إلى نقطة قوة، فإن نقطة قوة ظاهرة يمكن أن يثبت أنها نقطة ضعف. وغالباً ما يزداد احتمال ذلك مع مرور الوقت، بما أن الأصول التي مكنت شركة معينة أساساً من النجاح تتحوّل إلى مسؤوليات ملقاة على كاهلها عندما تتغير البيئة. فعلى سبيل المثال، كانت شركات التجزئة الكبيرة تاريخياً تعتبر أن “النجاح” يتمثل في نقل المنتج إلى خارج الباب؛ ولهذا السبب، كانت بحاجة إلى مساحات مادية كبيرة مع مخزون في الموقع. لكن واحداً من بين التحديات العديدة التي تواجهها هذه الشركات اليوم هو صعود ما يسمى “المتاجر الموجهة” (Guideshops) – وهو تعبير تستعمله شركة التجزئة المتخصصة بالملابس الرجالية “بونوبوس” (Bonobos) – التي تسمح للمتسوقين بتجريب الثياب، التي يستطيعون الحصول عليها من خلال شحنها إليهم أو طلبها لاحقاً عن طريق الإنترنت. وضمن البيئة الجديدة، تصبح المساحات التقليدية المخصصة لتجارة التجزئة مسؤولية أكثر من كونها أصولاً.

من الطرق الأخرى لمقاربة الاستراتيجية من زاوية القيود هي أن تطرحوا سؤالاً بخصوص ما إذا كنتم قد تستفيدون من القيود المفروضة ذاتياً. (يفعل الفنانون شيئاً مشابهاً عندما يختارون العمل ضمن بيئة محددة). يلتزم المطعم الشهير في كوبنهاغن “نوما” (Noma) بالمانيفستو الجديد للطعام في أوروبا الشمالية (الذي يؤكد على النقاء، والبساطة، والجمال، والموسمية، والتقليد المحلي، والابتكار). كما تبنّت آلاف المطاعم حول العالم استراتيجية مشابهة من العمل مع المورّدين المحليين فقط. ويمكن أن يكون الالتزام بالمعايير البيئية الرفيعة، والممارسات العادلة فيما يخص اليد العاملة، والإدارة الأخلاقية لسلاسل التوريد أداة قوية في يد المؤسسات التي تتطلع إلى إحداث تغيير في قطاعاتها أو الصناعات التي تعمل فيها.

كما يمكن للقيود المفروضة ذاتياً أن تحفز الابتكار أيضاً. يصف آدم مورغان ومارك باردن في كتابهما “قيد جميل” (A Beautiful Constraint)، جهود فريق السباقات في شركة أودي في بداية الألفية الجديدة للفوز بسباق “لومان” على أساس الافتراض أن سياراتها لا تستطيع أن تسير أسرع من سيارات المنافسين. طوّرت أودي سيارات سباق تعمل على المازوت (الديزل)، الأمر الذي استدعى التوقف في محطات أقل للتزود بالوقود مقارنة بالسيارات التي تعمل على البنزين (الغازولين)، وفازت بسباق “لومان” في ثلاثة أعوام متتالية (بين 2004 و2006). في 2017، فرضت أودي على نفسها قيداً جديداً – وبالتالي طموحاً جديداً، ألا وهو صناعة سيارات سباق رابحة تعمل على الكهرباء بالكامل لتشارك بها في بطولة سباقات الفورمولا إي للسيارات الكهربائية.

كيف تبدؤون

1/ حددوا الكفاءات التي تفتقر مؤسستكم إليها (عوضاً عن الكفاءات التي تتمتع بها)، واختبروا إمكانية تحويلها إلى نقاط قوة.

2/ ادرسوا إمكانية الفرض المتعمد لبعض القيود لتشجيع الموظفين على العثور على طرق جديد للتفكير والتصرف.

ما هي الأشياء التي لا بدّ من مراقبتها

لا تواجه الشركات الناجحة إلا بضعة عوائق قد تكون واضحة حول موضوع الإبداع في الاستراتيجية لدى الشركات؛ وقد يشعر الموظفون أنه ليست هناك حاجة لاستكشاف كيف يمكن للعوائق الجديدة أن تخلق فرصاً جديدة.

السياق

“كيف يمكن للصناعات أو القطاعات أو الأفكار أو المجالات ذات الانتشار الواسع أن تسلط الضوء على أكثر المشاكل إلحاحاً بالنسبة لكم؟”

هناك حقل بأكمله هو علم محاكاة الطبيعة (Biomimetics)، مكرّس للعثور على حلول في الطبيعة للمشاكل التي تنشأ في الهندسة، وعلم المواد، والطب، ومجالات أخرى. على سبيل المثال، ألهمت نتوءات نبات الأرقطيون، الذي يتكاثر من خلال الالتصاق بفرو الحيوانات عبر مشابك دقيقة، جورج دي ميسترال في أربعينيات القرن الماضي ليصنع مثبّتاً للملابس لا يعلق (كما هو حال السحّابات المعرضة لأن تعلق). ومن هنا جاء اختراع الأشرطة القماشية القابلة للالتصاق (فيلكرو). وهذه تقنية كلاسيكية في حل المشاكل. ابدؤوا بمشكلة في سياق معيّن، وأوجدوا سياقاً آخر يتضمّن مشكلة مشابهة حُلّت، واستوردوا الحل.

هذا ما فعلته شركة “إنتل” عندما طرحت شعارها الشهير (Intel Inside) أو “إنتل في الداخل” في مطلع تسعينيات القرن الماضي. كان الهدف هو تحويل معالجات إنتل المتناهية الصغر إلى منتج يحمل علامة تجارية واضحة من أجل تسريع تبني المستهلكين للجيل التالي من الرقائق الإلكترونية، وبصورة أعم، تحسين قدرة الشركة على الدفع بصناعة الكمبيوترات الشخصية قدماً. كانت المكونات التي تحمل علامة تجارية واضحة أمراً راسخاً في قطاعات معينة في مجال المنتجات الاستهلاكية – ومن الأمثلة على ذلك “تيفلون” (Teflon) و”نيوترا سويت” (NutraSweet) – لكنها لم تكن قد جُرّبت في عالم التكنولوجيا. استوردت إنتل هذه المقاربة إلى عالم التقنية الفائقة باستعمال حملة إعلانية مبتكرة، لتنجح في التسويق لمكوّن كان غير ظاهر في الكمبيوتر وبات الآن يحمل علامة تجارية قابلة للتمييز.

كما يمكن استعمال تقنية تبديل السياقات عبر قطاعات أو صناعات مختلفة، أو حتى عبر الزمن. فتطوير واجهات المستخدم الرسومية (الغرافيكية) الخاصة بالكمبيوترات كانت بمعنى من المعاني نتيجة للعودة خطوة إلى الوراء. فقد انتقل المطوّرون من الانغماس في السياق المتمحور حول النصوص الذي تطوّرت البرمجة فيه إلى التفكير في البيئة ذات الطابع البصري الشديد القائمة على التنسيق بين اليد والعين، وهي التي يعمل الأطفال الصغار ضمنها. وعلى ذات الشاكلة، يراقب بعض الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي الطريقة التي يتعلم بها الأطفال لكي يستفيدوا منها في صياغة العمليات الخاصة بتعلم الآلة.

تتوق الشركات على الدوام إلى التطلع نحو المستقبل، بطبيعة الحال، وثمة تقنيات راسخة جيداً لمحاولة فعل ذلك. هذه هي الغاية من استراتيجيات الابتكار الخاصة بالمستخدم الأساسي والمستخدم المتطرف التي تطلب من الشركات أن تحوّل انتباهها من الزبائن الذين يتّبعون الاتجاه العام السائد إلى الناس الذين يصمّمون نسخهم الخاصّة أو يستعملون المنتجات بطرق غير متوقعة وخاصة في البيئات المتطلّبة. ويمكن للمعلومات المتعلقة بحدود السوق اليوم أن تعطي إشارة إلى أين سيكون الاتجاه العام السائد غداً. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الرياضات المتطرفة، مثل ركوب الدراجات الجبلية، والتزلج بالألواح ذات العجلات، والتزلج على الثلج بالألواح، والتزلج على الماء بواسطة الرياح. في ورقة عمل منشورة في كلية سلوان في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT Sloan School)، يقول سونالي شاه أن الهواة هم من قادوا العديد من الابتكارات في هذه المجالات، بدءاً من خمسينيات القرن الماضي، بينما أضاف كبار المصنعين كفاءات في التكلفة إلى جانب التسويق لطرح هذه الرياضات ضمن الاتجاه العام السائد.

عندما تنقل الشركاتُ أقسامَ البحث والتطوير التابعة لها بعيداً عن مقراتها الرئيسية، فإنها بذلك تقرّ بأهمية القفز إلى سياق تابع لجهة أخرى للوصول إلى مرحلة الإبداع في الاستراتيجية التي تتبعها. ولا تقتصر هذه الاستراتيجية على الشركات الكبيرة التي تنقل الناس إلى وادي السيليكون للعمل في مجال التكنولوجيا، أو إلى منطقة بوسطن للعمل في مجال التقانة الحيوية. وإنما يجب على الشركات الناشئة أيضاً أن تضع نفسها ضمن السياق الأفضل للتعلم والنمو. تستضيف شركة مسرعات عتاد الكمبيوتر “هاكس”، الواقعة في شينجن، فرق الشركات الناشئة المتخصصة بعتاد الكمبيوتر من عدد كبير من الدول وتمكّنهم من الاستفادة من المنظومة الفائقة السرعة “لعاصمة عتاد الكمبيوتر في العالم” بما يسرّع وبمقدار أربعة أضعاف دورة تكرار نماذجهم الأولية.

قد تشمل الاستراتيجية التي تركّز على السياق نقل حل من سياق إلى آخر نوعاً ما. وقد يعني ذلك كشف النقاب عن طريقة تفكير جديدة بالكامل بالمشاكل (أو الفرص) من خلال العثور على روّاد متقدمين على غيرهم وسابقين لعصرهم. لكن جوهر هذه الاستراتيجية هو عدم الوقوع في فخ السردية الواحدة.

كيف تبدؤون

1/ اشرحوا تفاصيل عملكم أو نشاطكم إلى شخص خارجي من قطاع آخر. فالعيون الجديدة التي تنتمي إلى سياق مختلف يمكن أن تساعد في كشف النقاب عن الإجابات والفرص.

2/ تفاعلوا مع المستخدمين الأساسيين، والمستخدمين المتطرفين، والبقاع الساخنة للابتكارات.

ما هي الأشياء التي لا بدّ من مراقبتها

تحتاج الشركات إلى التركيز على العمليات الداخلية لكي تفي بوعدها الحالي الذي قطعته عبر مقترحاتها ذات القيمة العالية – لكن الضغط للتركيز على الداخل يمكن أن يقف حجر عثرة في طريق التعلم من السياقات المختلفة التي ينشط فيها لاعبون آخرون.

في عالم الاستشارات الإدارية، بدأت الجوانب الخاصة بـ “الاستراتيجية” و”الابتكار” تتداخل. فشركة “إيديو” (IDEO) المتخصصة بالتصميم والابتكار انتقلت إلى عالم الاستشارات في مجال الإبداع في الاستراتيجية تحديداً، على سبيل المثال – في حين أضافت ماكنزي طرائق التفكير التصميمي إلى أنشطتها الاستشارية في مجال الاستراتيجية. يطرح هذا الشكل من التداخل سؤالاً واضحاً: إذا كان التمايز بين الاستراتيجية والابتكار أقل وضوحاً مما كان عليه يوماً ما، هل يجب علينا أن نفكر بتأنّ بدور الإبداع في عملية صنع الاستراتيجية؟

اقرأ أيضاً: الاستراتيجية والمجتمع: الصلة بين الميزة التنافسية والمسؤولية الاجتماعية للشركات

أنا أؤمن بقوة أن الإجابة هي نعم. فالاستراتيجية ما تزال في جوهرها بمثابة بحث عن الإبداع في الاستراتيجية وطرق لتحقيق القيمة والحصول عليها من خلال التمايز. وهذه مهمة معقدة وصعبة. وهي بالتأكيد تتطلّب أدوات قادرة على أن تساعد في تحديد طرق مفاجئة ومبدعة للخروج عن نمط التفكير التقليدي. لكنها تحتاج أيضاً إلى أدوات لتحليل سياق المنافسة، والديناميكيات التي تهدد ذلك السياق، والموارد والكفاءات التي تتمتع بها الشركة. نحن بحاجة إلى أن ندرّس طلاب كليات الأعمال – والتنفيذيين – كيف يكونوا مُبدعين وصارمين في الوقت ذاته.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!