فريقك ليس قادراً على قراءة أفكارك

4 دقيقة
التعامل مع أعضاء الفريق

عندما تعيش مع بعض الناس، أو تعمل معهم لفترة معينة، أو عند التعامل مع أعضاء الفريق، فمن السهل عليك أن تفترض أنهم قادرون على قراءة أفكارك، وأنه يمكنك أيضاً قراءة أفكارهم. وسواء تعلق الأمر بزوجتك أو بأحد أعضاء فريقك القدامى، فقد تفترض بأنك تعلم تماماً ماذا يدور في رأسهم، وأنه يمكنك توفير الوقت والجهد من خلال عدم الاضطرار إلى تفسير كل شيء بالتفصيل. لكن المؤسف في الأمر هو أن قراءة الأفكار هي طريق مختصرة محفوفة بالكثير من المخاطر، وهي على الأرجح سترتد عليك سلباً أكثر من احتمال ارتدادها إيجاباً.

قراءة أفكار فريق العمل

أما في مكان العمل، فإن قراءة الأفكار قد تقود إلى الإرباك والغموض، كما هي حالة المدير الذي يفترض أن أعضاء فريقه يعلمون تماماً ما يريده، ولسان حاله يقول: "أنتم تعرفون بالضبط ما هي الجهود التي أحتاجها منكم". ولكن ماذا لو لم يعرفوها؟ أنت بذلك تضيع الوقت عوضاً عن توفيره، وهذا الأمر قد يقود إلى عواقب خطيرة. فعلى سبيل المثال، قد تضطر إلى إعادة إطلاق منتج جديد لأن أعضاء الفريق لم يكونوا مطلعين تماماً على الشروط (رغم أنك قد افترضت بأنهم مطلعون عليها). كما أن اللجوء إلى هذه الطرق المختصرة يمكن أن يسهم في إضعاف المعنويات، (فقد يقول الموظف في سره: "لا أعلم كيف تريد مديرتي مني إنجاز تقرير الأرباح لأنها لم تخبرني بذلك أبداً")، وقد يؤثر أيضاً على العمل الجماعي (رب قائل: "لا أستطيع مساعدة زميلي لأنه لا يخبرني متى يحتاج إلى مساعدة").

اقرأ أيضاً: عندما يعود فريقك إلى اتباع الاستراتيجية القديمة

من الأفضل دائماً تخصيص الوقت الكافي لعرض الموضوع بكامل تفاصيله أو للحصول على جميع المعلومات المطلوبة قبل اتخاذك أي إجراء. فبهذه الطريقة، أنت تتجنب هدر وقت زملائك، وجهدهم، وتتحاشى تضييع النية الحسنة الموجودة لديهم.

فعندما تطلب من أحد أعضاء الفريق إنتاج شيء ما لك، ابدأ بعرض السياق الأوسع للأمور، أي ماهية الموضوع وسببه، كأن تقول له مثلاً: "نحن بحاجة إلى نشر نوع جديد من التقارير في مشروعنا الحالي، بحيث يكون هذا التقرير مفهوماً بالنسبة للجميع في المؤسسة، وبغض النظر عن خلفية الشخص الذي يطلع عليه. فهذا سيساعد جميع من في الشركة على العمل معنا".

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الشخص المتشائم في فريقك؟

بعد ذلك، حاول شرح كل التفاصيل: من هم المعنيون، وما الإطار الزمني، وما الكيفية التي سيُنجز بها الأمر. قل لهم مثلاً: "نريد من شادي وسلمى تحديد التفاصيل التي ستوضع في التقرير وإرسالها لنا في رسالة إلكترونية قبل يوم الإثنين المقبل. بعد ذلك أريد من كل واحد منكم تزويدهما بالمحتويات المطلوبة منه إلكترونياً قبل يوم الأربعاء المقبل. وبعدها سيقوم حسان ولانا بصياغة التقرير وتمريره إلى كل واحد منّا لنراجعه يوم الخميس المقبل بحيث يكون بمقدورنا نشره على موقع الشركة على الإنترنت يوم الجمعة المقبل. هل لديكم أي أسئلة؟".

بطبيعة الحال، ربما يكون هناك بعض الأشخاص الذين سبق لهم الاطلاع على هذه التفاصيل من قبل. فإذا كنت تتحدث إليهم شخصياً، فلا تضع وقتهم من خلال إعادة الكلام مراراً وتكراراً. وإذا كنت ترسل المعلومات ضمن رسالة إلكترونية، فسيتمكنون من قراءتها بسرعة. ولكن تذكر بأن الناس قد يحتاجون إلى العودة إليك لاحقاً للحصول على المزيد من المعلومات. وقد يحتاجون وهم في وسط المشروع إلى من يعيد تذكيرهم بالخطوات القادمة الواجب اتخاذها. لذلك حاول إنهاء حديثك المبدئي معهم، سواء جرى وجهاً لوجه أو عبر الإنترنت، بالجملة التالية: "أرجو ألا تترددوا بالاتصال بي في حال كان لديكم أي تساؤل" أو "الرجاء حفظ النسخة المكتوبة من هذه الخطة إلكترونياً ويرجى إعلامي في حال تبيّن أنني نسيت أي شيء"، فهذه العبارات تشير إلى رغبتك في تزويدهم بمزيد من المعلومات ومساعدتهم على التعامل مع تفاصيل الأمر.

اقرأ أيضاً: كيف السبيل للعمل مع شخص لا يتمتع بروح الفريق؟

التعامل مع أعضاء الفريق

أخبر فريقك صراحة بأنك لا تتوقع من أحد منهم أن يقرأ أفكارك. ليس هناك سؤال غبي مهما كان هذا السؤال. فإذا قمت بشرح تفاصيل أحد المشاريع مرة، وطلب شخص منك إعادة بعض المعلومات أو تقديم بعض التفاصيل، فيجب أن تتلقى أسئلتهم أو طلباتهم تلك بالترحاب، وتُبدي لهم بأنك سعيد بطرحهم لتلك الأسئلة عليك.

فأنا شخصياً أعتبر نفسي من أكثر الناس الذين "يطرحون أسئلة غبية"، حيث تعلمت أثناء دراستي في كلية الأعمال بأنه ليس من السهل دائماً طرح سؤال يعرف الآخرون الإجابة عنه، لكنني تعلمت في نفس الوقت بأن هذا الأمر ضروري للغاية أحياناً. فعندما سجلت في إحدى المواد الإلزامية في الفصل الدراسي الأول في "كلية وارتون للأعمال" (Wharton Business School)، وتحديداً مادة التحليل الكمي، لم أكن قد تلقيت أي دروس في الرياضيات منذ فترة طويلة، والمدرس كان قاسياً، ويتحدث بسرعة، وبطريقة مرعبة، كما أنه لم يكن يتساهل مع أي شخص يطرح سؤالاً ما لم يكن هذا السؤال ينمّ عن عبقرية. ومع ذلك كنت أعلم بأنني بحاجة إلى طرح الأسئلة وإلا فإنني لن أجتاز الامتحان. وكلما كنت أرفع يدي أسبوعاً تلو الآخر، كان زملائي في الصف يديرون وجوههم ولسان حالهم يقول: "يا إلهي. ستطرح سؤالاً آخر وسيُهينها مجدداً". وكان يهينني فعلياً، لكنني كنت أحصل على المعلومات التي أحتاجها أنا ويحتاجها زملائي أيضاً، وهم شكروني على طرح الأسئلة "الغبية" التي كانوا يحتاجون إلى إجابات عنها أيضاً. (بالمناسبة، هذا الأستاذ ذاته هنأني في نهاية المطاف على علاماتي الجيدة وتفاعلي معه في الصف).

حاول أن تسهل على أعضاء فريقك فهم ما تريده، وأظهر كرمك وسخاءك في الإجابة عن أسئلتهم، وحاول إعطاء الأولوية لإفهامهم ما هو مطلوب واخلق بيئة قائمة على التواصل وتبادل المعلومات بانفتاح من أجل معرفة كيفية التعامل مع أعضاء الفريق. بوسعك فعل ذلك من خلال انتهاج السلوك النموذجي الذي أوضحته لكم أعلاه. وبمقدورك أيضاً الثناء على الناس الذين يبذلون جهداً كبيراً ليلطعوا زملاءهم على كامل التفاصيل وآخر المستجدات.

اقرأ أيضاً: كي تزيد فعالية الفريق، اعثر على القواسم المشتركة بين أعضائه

لا أحد من أعضاء فريقك يجب أن يتوقع بأنه مضطر إلى قراءة أفكارك. بل عوضاً عن ذلك، اشرح كل شيء بالتفصيل الممل – واطلب من أعضاء فريقك أن يقوموا بالشيء نفسه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي