ما تعريف الميزة النسبية؟
الميزة النسبية (Comparative Advantage): هي قدرة الفرد أو الشركة أو البلد على إنتاج السلع والخدمات بتكلفة فرصة بديلة أقل من المنافس.
ظهرت نظرية الميزة النسبية في كتاب حول مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب (On the Principles of Political Economy and Taxation) لأستاذ علم الاقتصاد الإنجليزي ديفيد ريكاردو عام 1817 عندما وضع النظرية الكلاسيكية للميزة النسبية التي تشرح لماذا تلجأ الدول للاستيراد حتى عندما يكون عمالها قادرين على إنتاج جميع السلع بكفاءة عالية.
تظهر الميزة النسبية بوضوح في التجارة الدولية، حيث تصدّر الدول المنتجات التي يمكنها إنتاجها بكفاءة نسبية أعلى من المنافسين، ويمكن قياس تلك الكفاءة من خلال مقارنة تكاليف الإنتاج لمنتج معين بين عدة دول.
من أجل تعزيز الميزة النسبية، تلجأ الدول لعدة أساليب مثل الاستثمار في التكنولوجيا أو تطوير مهارات العمال أو اعتماد طرق الإنتاج الحديثة.
- قد يهمك: قواعد التعاون مع المنافسين.
العوامل التي تسبب اختلافات في الميزة النسبية
يتأثر وجود الميزة النسبية بعوامل رئيسية عدة، ومنها:
التنوع الجغرافي
أي الاختلافات في المناخ والموارد الطبيعية في مختلف المناطق. فمثلاً، تصدّر الكويت النفط لأن الدولة تطفو حرفياً على حوض كبير منه، وتصدّر الكونغو النحاس لأنها تحتوي على رواسب كبيرة من هذا الخام النادر.
التقاليد
قد تكون الميزة النسبية إلى حد كبير نتيجة للمهارات والتقاليد المكتسبة، إذ يعتاد الناس على فعل شيء ما ويستمرون في القيام به جيلاً بعد جيل. على سبيل المثال، لدى السويسريين تقليد في صناعة الساعات. كل من هذه التقاليد تتماشى بالتأكيد مع الموارد الممنوحة للبلد المعني، لكنها ليست نتيجة حتمية لها.
التكنولوجيا
الاختلافات التكنولوجية بين البلدان تفسر الاختلافات في إنتاجية العمل. إذ تتمتع البلدان ذات التكنولوجيا الأكثر تقدماً بميزة نسبية فيما يتعلق بتلك السلع التي يمكن إنتاجها بكفاءة أكبر باستخدام التكنولوجيا الحديثة.
عامل الوفرة
تختلف السلع من حيث الموارد أو مدخلات العوامل المطلوبة لإنتاجها، وبالمقابل تختلف البلدان من حيث وفرة عوامل الإنتاج المختلفة من أراض وعمالة ورأس مال وقدرة على تنظيم المشاريع، أي تتمتع الدول التي لديها مساحة كبيرة نسبياً من الأراضي الزراعية مثلاً بميزة نسبية في الزراعة. وتعود فكرة أن الميزة النسبية تقوم على الوفرة النسبية لعوامل الإنتاج إلى نظرية هيكشر- أوهلين.
المهارات البشرية
تتمتع البلدان التي لديها مخزون وفير نسبياً من العمالة عالية المهارة بميزة نسبية في إنتاج السلع التي تتطلب قدراً كبيراً نسبياً من العمالة الماهرة، على غرار اماع البلدان النامية بميزة نسبية في الصناعات التي تتطلب قدراً كبيراً نسبياً من العمالة غير الماهرة.
اقرأ أيضاً: الصين وميزة الابتكار الجديد.
أمثلة على الميزة النسبية
ثمة العديد من الأمثلة التي يمكن من خلالها توضيح الميزة النسبية، ومنها:
- تفرض الدول التي تنتيج كميات كبيرة من النفط رسوماً أقل على الشركة المصنعة للمواد الكيميائية المحلية لشراء منتجاتها، لأنه من الأرخص بيع النفط لهم بدلاً من تصديره إلى الخارج. الأمر الذي يسمح للشركة المصنعة للمواد الكيميائية ببيع منتجاتها النهائية بسعر أقل من البلدان الأخرى لأنها تدفع أقل مقابل المواد التي تحتاجها لإنتاج المواد الكيميائية، ما يجعلها أكثر قدرة على المنافسة في صناعة الإنتاج الكيميائي. أي تتمتع هذه الشركة بميزة نسبية على شركات إنتاج المواد الكيميائية الأخرى.
- توظّف شركة اتصالات في أميركا ممثلين خدمة العملاء لديها من الهند لأنها أكثر فعالية من حيث التكلفة من فتح مركز خدمة عملاء جديد في أميركا، وبالتالي يستخدمون التكلفة الموفَّرة نتيجة هذه الخطوة في توفير خدمات إنترنت وهاتف أرخص من منافسيهم، وعلى الرغم من أن خدمتهم قد لا تكون الأفضل، إلا أن تقديم خدمة أقل تكلفة يفوق تقديم خدمة عالية الجودة إذ يختار العملاء الاشتراك بتكلفة أقل وتوفير أموالهم، ما يوفر ميزة نسبية لشركة الاتصالات هذه على شركات الاتصالات الأخرى في أميركا.
يمكنك الاطلاع على: لماذا لن يكون التحول الصناعي في أفريقيا مثل نظيره في الصين؟
الفرق بين الميزة التنافسية والميزة النسبية
تستخدم الشركات كلاً من الميزة التنافسية والميزة النسبية لإيجاد طرق لتضخيم المبيعات والحفاظ على قاعدة عملائها، مع اختلاف طرق كل ميزة، إذ تسعى الشركات التي تود إيجاد ميزة تنافسية إلى إيجاد طريقة لتمييز نفسها عن الشركات الأخرى، وتكوين صورة فريدة لتأسيس قاعدة عملاء مخلصين، في حين تسعى الشركات التي يود تأسيس ميزة نسبية إلى إنشاء نطاق بيع أكبر ما يسمح لها بإنتاج وبيع كمية أكبر من المنتجات بسعر سوق أقل. تعتمد الميزة النسبية على السعر في عملية التنافس إذ تسعى إلى تقليل التكاليف قدر الإمكان مع الحفاظ على معايير الجودة، باختلاف عن الميزة التنافسية لا تحتاج بالضرورة إلى الاعتماد على السعر.
انتقادات نظرية الميزة النسبية
تتعرض النظرية التنافسية لمجموعة من الانتقادات بسبب بعض الحالات التي لا تأخذها بعين الاعتبار؛ ومنها أن الميزة التنافسية قد لا تأخذ بعين الاعتبار تكاليف نقل السلع من بلد إلى أخرى إذ قد تسبب تلك التكاليف انخفاضاً في أرباح الشركة؛ كما أنها لا تأخذ بعين الاعتبار أسعار صرف العملات والتي تؤثر أيضاً في مستوى ربحية الشركات.
اقرأ أيضاً: