ملخص: هل يتزايد الاستياء بين أفراد فريقك؟ يتجلى الاستياء في الغضب أحياناً و في الصمت أو الانطواء أحياناً أخرى، وفي هذا المقال، تشارك الكاتبة نصائح اثنين من الخبراء حول ما يجب عليك فعله إذا كنت قلقاً من تراكم مشاعر الاستياء بين أفراد فريقك: 1) لا تفترض أن المشكلة ستُحل تلقائياً. 2) كن قريباً من فريقك. 3) تحدث إلى أفراد الفريق إذا لاحظت عليهم علامات الاستياء. 4) تقبّل الملاحظات القاسية. 5) ادعم فريقك. 6) أجرِ تغييرات. 7) ركز على الأهداف المشتركة.
قد ترى أن أفراد فريقك يوجهون انتقاداً غير مباشر أو ملاحظات جانبية لاذعة أو حتى يتصيدون الأخطاء التافهة، فتتجاهل ذلك كله ظناً منك أنه ليس أكثر من مزاح أو سخرية غير مؤذية، لكن مع تصاعد التوترات، يتضح أن ثمة مشكلة أكبر؛ وهي أن مشاعر الاستياء لدى الفريق تتزايد، فكيف عليك التعامل مع هذه المشكلة؟ كيف يمكنك مواجهة المشاعر السلبية؟ وما السبل التي يمكنك اتباعها لخلق بيئة داعمة وصحية أكثر؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
مشاعر الاستياء لدى الموظفين آخذة في الارتفاع، إذ يشير تقرير صدر عن شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC) في شهر يونيو/حزيران إلى أن عدد العاملين الذين يفكرون اليوم في ترك وظائفهم أكبر مما كان عليه خلال فترة الاستقالة الكبرى في عام 2022، ولأن سوق العمل الحالية لم تعد مُرضية للموظفين، وخاصة موظفي المعرفة، كما كانت سابقاً، فالكثير من الأفراد محبطون ولا يرون أي فرصة للخروج من الوضع غير المريح، وذلك وفقاً للأستاذ المشارك في قسم السلوك التنظيمي بكلية لندن الجامعية، أنتوني كلوتز. يولّد هذا الأمر الاستياء، ما يدفع الموظفين إلى "التصرف مثل الحمقى" وفقاً لتعبير كلوتز الذي يوضح أنه من المرجح مثلاً أن تبدر عنهم تصرفات فظة أو وقحة قد لا تبدو ذات أهمية، مثل استبعاد الزملاء من رسائل البريد الإلكتروني الجماعية أو مقاطعة المتحدثين في أثناء الاجتماعات. يوضح المؤسس المشارك والشريك الإداري في شركة نافالنت (Navalent) ومؤلف كتاب "أن نكون صادقين: القيادة باستخدام قوة الحقيقة والعدالة" (To Be Honest: Lead with the Power of Truth, Justice and Purpose) ، رون كاروتشي، أن المدير هو المسؤول عن اتخاذ إجراءات لحل المشكلة، ويقول: "حتى لو كان موظفوك مستائين منك فإنك المعني بوضع حد لهذه المشاعر". وينصح أن تبدي في تعاملك مع الموقف حب الاستطلاع والانفتاح والتعاطف لتهدئة المشاعر، وأن تشارك بصورة بناءة في حل المشكلة، ويقدم فيما يلي بعض السبل الفعالة لتحقيق ذلك.
لا تفترض أن المشكلة ستُحل تلقائياً
يمر أفراد الفريق أحياناً بأيام سيئة، ربما بسبب اجتماع مرهق لم ينته إلى النتيجة المرجوة، أو ربما ينشغلون بتبادل الانتقادات، حتى إن مظالمهم قد لا تكون ذات صلة بالعمل. يقول كاروتشي: "ربما يواجهون مشكلات شخصية أو يشعرون بالقلق حيال المناخ السياسي غير المستقر أو حيال التضخم، فالناس يعانون توتراً شديداً". إذا كانت ديناميات الفريق تعكس مستوى معقولاً من الالتزام والمشاركة والاستمتاع بالعمل، فقد تكون النزاعات العرضية جزءاً طبيعياً من التقلبات في التفاعلات البشرية. لكن إذا كانوا يُظهرون باستمرار استياء وفظاظة في التعامل، فهذا يشير إلى مشكلة عليك التعامل معها بسرعة وجدية. يقول كلوتز: "لا تفترض بأن الوقت كفيل بحل هذه المشكلة، وإذا لم تعالج مشاعر الاستياء فإنها تؤدي إلى انهيار الروح المعنوية، كما إنها ستنتشر بين الأفراد لتخلق ما يسمى دوامة السلوك الفظ، وهذه البيئة كفيلة بتقويض أي زخم إيجابي".
كن قريباً من فريقك
كي تدرك متى تتجه ديناميات المجموعة نحو العداء والنزاع، عليك فهم أولويات أفراد الفريق وشخصياتهم فهماً عميقاً. يقول كلوتز: "عليك أن تعرف أفراد فريقك بما يكفي لتلاحظ متى يتحول الجدال المتعلق بمهام العمل إلى صراع شخصي ومتى يكون التدخل ضرورياً". يتجلى الاستياء في الغضب أحياناً و في الصمت أو الانطواء أحياناً أخرى، ويضيف: "انتبه إلى التغيرات في مستوى نشاط الأفراد أو حجم الجهود التي يبذلونها. ينصحك كاروتشي بالتواصل بصدق وانفتاح مع أفراد الفريق، قل لهم: "إذا كنتم تشعرون بالإحباط أو القلق أو التعب، فأنا أود أن تحدثوني عن الأمر، حتى لو كنتُ أنا سبب هذا الإحباط".
تحدث إلى أفراد الفريق إذا لاحظت عليهم علامات الاستياء
ما الذي عليك فعله إذا لاحظت علامات استياء على أفراد الفريق؟ يقول كلوتز: "تحدث إلى أعضاء الفريق إذا لاحظت عليهم علامات الاستياء، ولمناقشة هذا الموضوع بفعالية يجب أن تكون المحادثات ثنائية، وأن تتبع نهجاً شخصياً يراعي مشاعر كل فرد وظروفه وعلامات الاستياء التي لاحظتها عليه، والهدف وفقاً لكاروتشي هو بناء فريق قادر على التعامل بمرونة مع النزاعات، على سبيل المثال:
- إذا كان زميلك من النوع المتحفظ: يوصي كلوتز أن تبدأ المناقشة بسؤال مفتوح، مثل "كيف تسير الأمور؟" أو "هل هناك أي شيء يدور في ذهنك؟". ثم يمكنك مشاركة ملاحظة: "لقد بدوت هادئاً بعض الشيء مؤخراً" أو "لقد لاحظتُ أنك لم تتحدث كثيراً عن النزاع الذي نشب في اجتماع الفريق الأخير". أظهر اهتماماً صادقاً برفاهة أفراد الفريق وأفسح لهم المجال ليعبّروا عن أفكارهم ومشاعرهم، ويقول كلوتز عن ذلك: "أنت تقدم الدعم لهم بهذا السلوك".
- إذا كان زميلك صريحاً في حديثه وسريع الانفعال: يقول كلوتز إن عليك محاولة تحديد سبب إحباطه واستيائه، هل يريد أن يتطور أكثر؟ هل يريد أن يأخذ دوراً أكبر في صناعة القرارات؟ هل يشعر أنه مُهمَل؟ بعد ذلك، فكر فيما يمكنك فعله لمساعدته، وفي كيفية تعديل أسلوبك في القيادة ليتناسب مع احتياجاته بصورة أفضل. يقول كاروتشي: "كن متعاطفاً لا متساهلاً، وضح له كيف يرى الزملاء سلوكه، ليس من الضروري أن يكون زملاء العمل أصدقاء مقربين، لكنهم يتوقعون أن يكون هناك احترام متبادل بينهم حتى في أسوأ الأوقات".
- إذا كان زميلك يتذمر لغرض التذمر فقط: عندما يكون التذمر مستمراً دون سبب محدد بخلاف الإحباطات اليومية في العمل، فكن لطيفاً وحازماً معه في الوقت ذاته، كما يقول كاروتشي، ويقترح أن تقول شيئاً من قبيل: "لديك توقعات عالية وتعبر عن استيائك بأريحية عندما لا تتحقق، لكنني أخشى أن يتجاهلك أفراد الفريق إذا تكرر ذلك كثيراً، ومن ثم فإنهم قد يهملون مخاوفك الحقيقية"، ثم اقترح عليه أن ينتقي شكاواه بعناية أكبر، وإلا ستؤدي سلبيته إلى نشر الاستياء بين الآخرين، ويقول كلوتز: "التفاحة الفاسدة تفسد بقية التفاح".
تقبّل الملاحظات القاسية
يقول كاروتشي: "في بعض الأحيان قد تكون أنت سبب الاستياء". أنت تمثل، بصفتك مديراً، مشكلات الأفراد العالقة مع السلطة، فأنت تجسد معلم المدرسة الصارم وأول مدير لئيم عملوا تحت إدارته، والعم القاسي"، هذه ليست فكرة لطيفة وقد لا تكون منصفة، لكن عليك تقبّل احتمال أن وجهات نظرهم قد تكون صحيحة، ويقول كاروتشي إن أسوأ الردود على الإطلاق هي الردود الدفاعية أو التي تستخف بالآخر أو تتضمن عدوانية سلبية، كما ينبغي تجنب المشاركة الوجدانية الزائفة والتعالي. لا تسخر من شكوى الآخرين، بل حاورهم وأبد روح التعاطف وحب الاستطلاع، واطلب ملاحظات أفراد الفريق حتى تفهم كيفية تفاعلهم مع أسلوبك في القيادة.
ادعم فريقك
من ناحية أخرى، قد يشعر فريقك بالاستياء تجاه المؤسسة، مثلاً بسبب قرارات القيادة التي تبدو غير منطقية أو نظام منح المكافآت غير المتسق. يشير كاروتشي إلى أنه عندما تتفاقم المشكلات المنهجية في المؤسسة وتخلق حالة استياء فقد تؤدي إلى تقويض حافز فريقك وإنتاجيته ولهذا السبب من الضروري إبلاغ رؤسائك بمخاوف فريقك، مع التركيز على تأثير هذه المخاوف في الروح المعنوية والدعوة إلى إجراء التغييرات الضرورية. حينما تظهر الدعم لأفراد فريقك فإن هذا يعزز الثقة بينكم، ووفقاً لكاروتشي، فإنك على أقل تقدير تحميهم من الخلل الحاصل في المؤسسة، ويقول: "اعزل فريقك عن المشكلات والسياسات المنهجية التي تؤثر فيه، كن خط الدفاع الأول لهم".
أجرِ تغييرات
يشير كاروتشي إلى أن الاستياء يتمثل عادة في اعتراضات وانتقادات خلال الاجتماعات أو التواصل الروتيني، ويقول: "قد يبدو الفرد المستاء منزعجاً أو ضجراً أو مشتتاً". ولمواجهة ذلك، ينصح كلوتز بإدخال تغييرات على اجتماعاتك اليومية أو الأسبوعية، مثلاً، أجرِ الاجتماعات خلال المشي بدلاً من الجلوس إلى طاولة الاجتماعات النموذجية، أو جرب أن تمنح إدارة الاجتماعات الافتراضية لأفراد الفريق بالتناوب بدلاً من أن تتولى إدارتها بنفسك دائماً، ويقول كلوتز: "زعزع أنماط التواصل وأعد ضبطها"، فتغيير روتين الفريق يخلق فرصة لبداية جديدة.
ركز على الأهداف المشتركة
يركز الإنسان بطبيعته على التهديدات والأحداث السلبية أكثر من تركيزه على الأحداث الإيجابية، ووفقاً لكلوتز، يسمي علماء النفس هذه الظاهرة "عدم التماثل الإيجابي والسلبي"، وهي تفسر التأثير الكبير لأصغر الأحداث السلبية. وللتخفيف من ذلك، يقترح إبراز الأحداث الإيجابية، ويقول: "احتفل بالانتصارات وقدّر الإنجازات ووجّه تركيز فريقك إلى هدف مشترك"، بهذه الطريقة يركز أفراد الفريق على المستقبل بدلاً من التركيز على أنفسهم والدخول في نزاعات، الأمر الذي يساعد على طرد المشاعر السلبية. ويضيف كلوتز: "وضح هدفك ومهمتك لأفراد الفريق لتنمية التفاؤل والحافز لديهم، قل لهم: إليكم ما سنعمل عليه وسببه والهدف الذي سنصل إليه".
مبادئ عليك تذكرها
ما يجب عليك فعله
- أجرِ اجتماعات ثنائية مع أفراد الفريق حول علامات الاستياء التي لاحظتها، وإذا لزم الأمر ناقش معهم كيف يرى الآخرون سلوكهم السلبي.
- جرب ممارسات وأساليب تواصل جديدة لمواجهة الاستياء المحتمل وتحسين ديناميات الفريق.
- دافع عن أفراد فريقك من خلال إيصال مخاوفهم للقيادة وحمايتهم من الخلل المؤسسي.
ما ينبغي أن تتجنبه
- التردد في التدخل عندما تتحول ديناميات الفريق من الجدال حول العمل إلى النزاعات الشخصية، أبقِ التواصل مفتوحاً وأظهر لفريقك أنك تدعمه.
- الرد بطريقة دفاعية عندما تكون أنت سبب الاستياء، بدلاً من ذلك، أظهر حب الاستطلاع واطلب الملاحظات لفهم نظرة فريقك إلى أسلوبك في القيادة.
- السماح للأحداث السلبية بالسيطرة على المشاعر، بدلاً من ذلك، احتفل بالانتصارات وقدّر الإنجازات، ووجّه تركيز فريقك إلى هدف مشترك.