10 دروس تعلمتها من تجربتي في القيادة خلال السنوات العشر الماضية

5 دقائق
دروس في القيادة

لقد كنت محظوظاً جداً على مدار العقد الماضي في تقلّد سلسلة من المناصب القيادية التي تركز على تطوير قدرات التعليم القادر على إجراء التحولات. وقد تمكنت بفضل العمل الجماعي الاستثنائي من بناء وقيادة مؤسسة تعليمية ركّزت على المعلمين بصفتهم المسؤولين الفعليين عن عملية التغيير. كما تحدثت عن أهداف التنمية المستدامة عبر منصات الأمم المتحدة والبنك الدولي ومجموعة العشرين، وأمام الكثير من الحكومات. وشاركت في تأسيس عمل تجاري يقدّم برامج تنمية المهارات المهنية لمعالجة أزمة البطالة بين الشباب والشابات. علاوة على ذلك، فقد أدركت الحاجة إلى تبني الابتكار والتكنولوجيا، واستثمرت في شركات ناشئة تمتلك إمكانيات هائلة من شأنها أن تُحدث نقلة نوعية في مدارسنا. لم أكتف بوضع رؤية ورسم استراتيجيات، بل بنيت مؤسسات حقّقت نتائج هائلة انطلاقاً من نقطة الصفر، ولهذا إليكم دروس في القيادة جمعتها من تجربتي.

وبينما أرسم ملامح المرحلة التالية من مساري المهني، في ضوء مجموعة الخبرات ومختلف النجاحات والإخفاقات، رأيت أنّه من المفيد التأمل في الدروس التي تعلمتها خلال السنوات العشر الماضية، والتي أشارك بعضها فيما يلي

دروس في القيادة

1- لا بديل عن التركيز وبذل الجهد

يعتبر التركيز وبذل الجهد أحد عوامل التغيير بالنسبة لي في تبسيط التزاماتي الشخصية بوضع الأسرة والعمل أولاً. وبقدر ما كان من المغري الاشتراك في مبادرات أخرى، إلا أنني قررت أنّ أركز العمل الذي نقوم به على تحسين وضع المعلمين، وقد قضينا وقتاً كبيراً واستخدمنا مواردنا في إطار سعينا لتحقيق هذا الهدف. كان لا بد من اتخاذ قرارات صعبة، وفي مواجهة خطر مضايقة الآخرين، تعلمت أن أقول “لا” في العديد من المواقف حتى أكثر مما أريد.

2- اعترف بمواطن ضعفك وقم ببناء فرق قوية

بناء الفرق هو أصعب شيء فعلته. أنا محظوظ جداً لأن الفرصة قد سنحت لي لتعيين موظفين أذكياء وموهوبين قدّموا أفضل ما لديهم طول الوقت. وقد ساعد إدراكي لمواطن ضعفي -وكانت كثيرة- الفريق على تعويض القصور الذي أعاني منه. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك ما حققناه مع المنتدى العالمي للتعليم والمهارات (Global Education & Skills Forum)، الذي أصبح أحد أبرز المؤتمرات السنوية ضمن الفعاليات المهتمة بالتعليم على المستوى العالمي. وقد تمتع الفريق بمستوى أهّله لتقديم حدث استثنائي في كل الأعوام التي شاركنا فيها في المنتدى.

إنني عاجز عن شكر زملائي السابقين والحاليين بما يكفي على مساهماتهم، فقبل عشر سنوات كنت حديث العهد في مجالات التعليم والتنمية الدولية والأعمال الخيرية، وقد كان التقدم الكبير الذي أحرزته هو ثمرة العمل الجماعي مع زملائي.

3- عامل الموظفين على أنهم ناضجون يتحملون المسؤولية

عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، وحاول بقدر المستطاع توخي الشفافية في تعاملاتك معهم كما تتوقعها منهم في تعاملهم معك. ومن شأن تبسيط المصطلحات الإدارية أثناء الحديث أن يشجعك على الحديث من القلب، والتصرف بناء على “قيمك” والتعامل مع هؤلاء المعلمين على أساس أنهم صادقون فيما يقولون. يتطلب ذلك منك بذل مجهود، لكن من خلال المحاولة ستجد أنّ النقاشات الصعبة أصبحت أسهل. أنا لا أقترح عليك عدم استخدام أساليب أخرى في التعامل مع الزملاء، ولكن يمكنك التجريب.

4- الاستماع هو عنصر قوة في يد القادة

صحيح أنه كلما تقدّم بك العمر ستميل إلى الاستماع بشكل أفضل، ولكن يجب التأكيد على أن الاستماع يعد عاملاً فارقاً في استغلال طاقاتك الكامنة لاسيما إذا أضيف إلى رصيد الخبرة والدروس المستفادة بعد وقوع الأحداث. أشجعك على الاستماع أكثر من التحدث. فمنذ أن توليت منصبي في مؤسسة فاركي، أتذكر أنني استشرت مؤسسات مهمة حول رأيها في طبيعة أولوياتنا في ضوء أننا كنا ما نزال شركة ناشئة، ومن خلال إعداد قائمة بجميع الجوانب التي كانت هذه المؤسسات مهتمة بها، أدركت أن لا أحد تحدّث عن أهمية المعلمين، وهو الأمر الذي أصبح بالتالي محور التركيز الذي نوليه اهتمامنا الأكبر، وأدى ذلك إلى بدء حركة أتاحت للمعلمين في الخطوط الأمامية فرصة للتعبير عن آرائهم في معظم النقاشات المهمة فيما يتعلق بمستقبل التعليم.

5- تعلم من الجميع

تحدث مع الجميع، إن المسألة بهذه البساطة. ليس عليك أن تتفق مع الجميع (ربما يعاملونك على أنك أحد خصومهم)، لكنني وجدت أنّ التعرف على أفكار جديدة وبيئات جديدة وأشخاص جدد ساهم بصورة هائلة في تشكيل طريقة تفكيري بشأن العمل والحياة. أدّت الكثير من هذه المحادثات ولحظات الوعي والإلهام إلى فرص نمو حقيقية. ويوجد الكثير جداً من الأصدقاء والمعارف الذين أدين لهم بالشكر الجزيل، وحتى لا أنسى أحداً منهم فلن أبدأ بذكر أسمائهم، لكن أرجو منك أن تعلم أنّ القرارات التي نتخذها تكون أسوأ مقارنة بتلك التي نستمع إلى آراء ووجهات نظر متنوعة حولها.

6- لا نجاح من دون تواصل

المساهمة في صياغة الرؤية وتحقيقها هو أمر مهم، لكن لا يسعني التشديد على الحاجة لبذل جهد أكبر في التواصل لغرس ذلك المبدأ نفسه في كل مجموعات أصحاب المصلحة المعنيين بالأمر. تعلمتُ أنّ علينا استخدام كل أداة في متناول أيدينا من أجل توضيح ما يُرى غالباً على أنه غير مهم أو معقد للغاية بالنسبة للآخرين. من خلال القيام بذلك، يزيد احتمال حصولنا على تأييد الآخرين ودعمهم لأنشطتنا عندما نكون في أمس الحاجة لذلك. وأنا أفسر نجاح جائزة المعلم العالمية في هذا الإطار. ففي السنوات الخمس الماضية، بذلنا الكثير من الجهود في توظيف هذه المبادرة لإبراز أهمية المعلمين. كما استخدمنا كل الأدوات التي نمتلكها لكي نستحوذ على اهتمام أكبر عدد ممكن من الأفراد. واليوم، لا نحظى فقط بتغطية إعلامية بقيمة مليار دولار، إنما نشهد تحركاً بلا رجعة لوضع المعلمين في صميم التنمية المستدامة.

7- لا يمكنك القيام بشيء وحدك

لا يمكنك أن تحقق إنجازات كبيرة بالاعتماد على نفسك فقط، فإقامة تحالفات مع أصحاب المصلحة وشراكات يجمعها هدف واحد وإبداء الالتزام بهدف كبير هي أمور بالغة الأهمية لكنها غالباً ما تكون مشحونة بالسياسات التنظيمية، وهذا يمثل تحدياً وإهداراً كبيراً للوقت. التقريب بين الناس وبناء مجتمع هي عناصر قوة ولا غنى للقادة عن تطويرها. إنّ التزامنا بممارسة الضغط على مجموعة العشرين في الأرجنتين بالتعاون مع مجموعة متنوعة من مؤسسات المجتمع المدني في السنة الماضية، هو خير مثال على ذلك، وقد نجم عنه إعلان رسمي صدر عن رئاسة المجموعة وعبّر عن الكثير من الشواغل التي أثيرت، ومن بينها ما يتعلق بالمعلمين ومستقبل المهارات المهنية الخاصة بهم. ولم نكن لنستطيع تحقيق هذا وحدنا.

طوال مسيرتي المهنية، كان لديّ إيمان راسخ أنّ تعدد مناهج عمل أصحاب المصلحة يعزز صناعة القرار ويؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل.

8- لا تخش طلب المساعدة

سيُدهشك استعداد الناس في شبكة معارفك وغيرهم لمساعدتك. بالنسبة لي، حدث ذلك عدة مرات، فقد اعتدت التقاط سماعة الهاتف وطلب نصيحة محدّدة حتى أصبحت أفكاري أكثر وضوحاً. يمكن أن تجعلك القيادة معزولاً ويمكنها أن تبقيك متصلاً بشكل أفضل مع الآخرين. بالنسبة لي، فقد أصبح الكثير ممّن اتصلت بهم مرشدين لي وما زالوا بهذه الصفة حتى اليوم.

9- ارسم صورة مكتملة

انتهيت للتو من قراءة كتاب بعنوان “أفكار ثورية” (Rebel Ideas) لمؤلفه “ماثيو سيد” الذي يتحدث عن أهمية التعارف بالنسبة لتطوير ثقافة الابتكار. أعلم أنّ الناس يتذمرون لمجرد فكرة التعارف، لكنها مُضاعف القوة الذي يسمح لك برسم صورة مكتملة للآخرين. وهذا ما يجب على القادة فعله (والإكثار منه).

10- كن أكثر طموحاً

إذا تطلّعت عالياً فربما لا تحقق مبتغاك، لكن هذا لا يجب أن يثنيك عن المحاولة. إنه أحد الأمور التي أحبها كثيراً في موضوع ثقافة ريادة الأعمال، حيث لن تعرف ما بوسعك أن تنجزه ما لم تعش في خضم التجربة. أحب هذه المقولة: “أنت تخسر 100% من الضربات التي لم تسددها”. يمكن أن ينطبق ذلك على معظم المجالات، وهو درس مهم جداً في القيادة. كن أكثر طموحاً من أجل نفسك ومن أجل زملائك وأصحاب المصلحة ومؤسستك.

أنا فخور جداً بالوقت الذي أمضيته في مؤسسة “فاركي” والمؤسسات المرتبطة بها، لكن بعد مضي عشر سنوات أشعر أنه قد حان الوقت لخوض مجموعة جديدة من التحديات التي أستمتع بمواجهتها. أقوم الآن بتقييم بعض الفرص العظيمة وسأشارككم بالمزيد من المعلومات عن ذلك عندما أقرر أين ستكون وجهتي.

في كل يوم من السنوات العشر الماضية، شعرت بالإعجاب والتواضع أمام التزام المعلمين وخيالهم في كل زاوية من العالم. نحن جميعاً نسمو ونرتفع بفضل المعلمين، فهم يا أصدقائي يلخصون أهم درس (وهو درس غني عن التفسير، آمل ذلك) تعمّدت تركه إلى النهاية وهو: 

تبنى مبدأ العطاء بدلاً من الأخذ: بصفتك قائداً، فأنت في خدمة الآخرين. كانت تلك دروس في القيادة استقيتها من تجربتي العملية.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .