ماذا تفعل إذا وصل النقاش إلى طريق مسدود أثناء الاجتماعات؟

6 دقائق
كيفية إدارة النقاش في الاجتماع

من الطبيعي أن يتجادل أعضاء الفريق، وأن تصل النقاشات بينهم إلى طريق مسدود. فما يميّز الفرق الفعالة عن جميع الفرق الأخرى هو أنها لا تتجنب إجراء المحادثات الصعبة، كما أن الخلافات التي تحدث بين أعضائها لا تدمر العلاقات بينهم. أتذكر أن مهندساً فرنسياً حدثني ذات مرة عن فريقه قائلاً: "نحن نتجادل بعنف وغضب ثم نخرج بعدها للسهر معاً وتمضية وقت طيب". ولهذا إليكم كيفية إدارة النقاش في الاجتماع المنعقد مع فريق العمل.

ولكن ماذا يحدث عندما لا تتمكن من التوصل إلى توافق في الآراء في أحد الاجتماعات؟ كيف يمكنك المضي قدماً؟ فيما يلي سبعة إجراءات رأيت مجموعات العمل تتخذها للمضي قدماً عندما تتعثر الأمور:

كيفية إدارة النقاش في الاجتماع

البقاء داخل إطار المحادثة

من المهم أن يثق أعضاء الفريق ببعضهم البعض وبالعملية التي هم بصددها. وكما تقول الشخصية التي يؤديها باتل في فيلم "ذا بيست إكزوتك ماريجولد هوتيل" (The Best Exotic Marigold Hotel)،"كل شيء سيكون على ما يرام في النهاية. وإذا لم يكن كل شيء على ما يرام، إذن لم تحن النهاية بعد". قد يفيد في كثير من الأحيان الإقرار بما يحدث فعلياً. فربما يكون من الأجدى أن تقول شيئاً من قبيل: حسناً، هذه محادثة صعبة، ولكن فلنستمر فيها حتى نصل إلى نتيجة جيدة. ولنذكّر أنفسنا أننا سنظل زملاء في العمل ولا ينبغي أن تتأثر علاقاتنا بهذه المناقشة.

تحديد الخطوط العريضة لعملية واضحة يتم من خلالها العمل على التوصل إلى حل للمشكلة

سوف تجري المحادثة على نحو أفضل إذا أدرك المشاركون في الحوار أنهم ليسوا في مشاجرة أو مناقشة دون ضابط، وأن الأمور يجب أن تُدار بطريقة مدروسة ومتروية. كما أن التحدث عن كيفية التعامل مع المسائل الصعبة ومعالجتها، يساعد أعضاء الفريق على التمهل والبقاء على المسار الصحيح حتى النهاية. ولكن، بطبيعة الحال، فإنك أحياناً لا تدرك من البداية أنك ستصل إلى طريق مسدود. هنا ينبغي عليك اتخاذ خطوة لتمهيد طريق للخروج من ذلك المأزق، وأنا أقترح أن نجمع كل ما لدينا من أفكار ومخاوف، ثم نتحقق من وضوح المشكلة لدينا جميعاً وفهمنا لها، وبعد ذلك نجمع الاقتراحات التي يقدمها أعضاء الفريق بشأن كيفية الخروج من الطريق المسدود.

اقرأ أيضاً: كيف تساعد النقاشات المنظمة فريقك على التطور

التقاط جوهر ما يُقال بصرياً

تدوين الملاحظات على لوح أبيض أثناء المحادثة يضمن الاستفادة من تعليقات الأشخاص. وحينها لن يشعروا بالقلق من احتمالية ضياع إسهاماتهم في الحوار، وسيركزون بدلاً من ذلك على إيجاد طريقة للمضي قدماً. وفي هذا السياق يُعد التخطيط العقلي وسيلة قوية لتدوين ملاحظات حول المناقشات التي تتجاذبها الألسن دون نظام محدد. فالخريطة الذهنية عبارة عن مخطط يُستخدم لتنظيم المعلومات بصرياً. وبعد القيام بهذه الخطوة كما يجب، عندما ينظر الأشخاص إلى المخطط سيجدون أنه يجمع ما طرحوه من أفكار، وهو شيء لا يستطيع العقل أن يفعله حيث لا يمكنه ترتيب الأفكار على شكل مخطط. وبدون رؤية الأفكار بهذا الشكل، سيظل الأشخاص يكررون تعليقاتهم، وغالباً ما يتم ذلك بصوت أعلى وفي أجواء مشحونة بالتوتر، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الشعور بالقلق فيما بين أعضاء الفريق.

التدخل في الحوار واقتراح مسار يدفعه للأمام أو مطالبة الآخرين بذلك

عندما لا تفلح المحادثة في الوصول إلى أي نتائج، عليك أن تتدخل وتقدم تقييمك لما وصلت إليه المحادثة وتقترح المسار الذي يمكن أن تسلكه في الخطوة التالية. وهذه أيضاً فرصة للاستفادة من الحكمة التي يتحلى بها أعضاء فريقك، حيث يمكنك أن تقول مثلاً: نانسي وربيع وحامد، أود من كل واحدٍ منكم أن يفكر لبضع دقائق ثم نتبادل جميعاً الأفكار حول محادثتنا وكيف يمكننا المضي قدماً فيها.

حيث إن توسيع نطاق المشاركة وتناول كيفية سير النقاش، يوفر للجميع فرصة لالتقاط الأنفاس واستجماع الأفكار. وغالباً ما يساعد ضم أصوات أخرى للمحادثة أيضاً إلى تخفيف حدة التوتر. كما أن مجرد الابتعاد عن الجدال لبضع دقائق سيكون بالتأكيد موضع ترحيب وقبول من الجميع. فقط تأكد من العودة إلى الموضوع الأصلي مرة أخرى.

تشجيع أعضاء الفريق على افتراض حسن النية على الدوام

حاول أن تجعل الجميع يتصرفون برفق ولطف أثناء المحادثة قدر الإمكان. واطلب من أعضاء الفريق ألا يتخذوا موقفاً دفاعياً وألا ينظروا إلى الأمور على أنها تنطوي على أي إهانة أو إساءة. سوف يخلق هذا بدوره أماناً نفسياً وسوف يشجع الأشخاص على التصريح بما يفكرون فيه حقاً.

تذكير الفريق أن الاستماع بصبر واهتمام أمر لا بد منه

فالاستماع متغير أساسي في أي محادثة صعبة. لذلك اطلب من أعضاء الفريق أن ينحوا أجهزتهم التقنية جانباً. وأعر انتباه كامل الفريق لكل عضو. فالأشخاص يكونون على استعداد للتسليم والقبول بوجهة النظر الأخرى حال شعورهم بأن صوتهم مسموع.

تجنب التصويت. ربما تميل إلى طرح المسألة للتصويت، ولكن التصويت نادراً ما يكون الخيار الصائب. فقد أوضح لورانس سسكيند في هذه المقالة: "القرارات التي يتخذها الأغلبية غالباً ما تخلق أقلية غير سعيدة، وتتسبب في زعزعة الاستقرار أيضاً. وفي النهاية، تتحين الأقلية غير السعيدة الفرصة المناسبة لتدمير ما يحققه الفريق من نتائج. ولذلك فإن بناء التوافق في الآراء يتيح للفريق الوصول إلى الاتفاق الأفضل بالنسبة إلى الجميع، وليس مجرد اتفاق مقبول بالكاد لدى الأغلبية". فبدلاً من اللجوء إلى التصويت، اسع جاهداً إلى التوصل إلى توافق في الآراء، واترك النقاش مفتوحاً حتى يرضى الجميع عن الحل الذي تم التوصل إليه.

اقرأ أيضاً: دليل إلى الأفكار الكبيرة والنقاشات في حوكمة الشركات

التوافق في الآراء لا يعني الإجماع، والذي، على الرغم من قوته، من الصعب تحقيقه. وإنما يُعد المعيار الأكثر معقولية هو الاتفاق أو الانسجام. فمثلاً اطلب من كل شخص أن يقرر ما إذا كان يميل للموافقة على الخيار (أ) أم الخيار (ب)، ثم اسأل الجميع عما إذا كان أي شخص منهم يشعر أنه لا يستطيع التعايش مع الخيار الذي تميل المجموعة نحوه. في أفضل الأحوال، سيقدّر الأشخاص في فئة الأقلية ذلك وسيرون أنهم بينما كانوا يفضلون الخيار الآخر، إلا إنهم مستعدون للتماشي مع رغبات الجماعة. تأكد من أن لا أحد في الفريق يشعر بأن هذا الاختيار مُعيق لهم، أو ما يعني أنهم ببساطة يرون أنهم لا يستطيعون التعايش معه. إذا وجدت أن هناك مَن يشعر بذلك، أوقف الحوار واقض 15 دقيقة بحثاً عما إذا كانت هناك وسيلة للتعامل مع القلق الذي يساور ذلك الشخص. إذا انقضت هذه الدقائق ولم تكن قد حققت أي تقدم، اتفق مع ذلك الشخص على أن يجتمع مع اثنين من أعضاء الفريق الآخرين لإيجاد طريقة لمعالجة ما يساوره من قلق. بعبارة أخرى، يلتزم الفريق بإيجاد حل، ويلتزم الشخص ذو الرأي المخالف من جانبه بعدم إعاقة تقدم الفريق إلى أجل غير مسمى.

عندما يتعلق الأمر بعضوين فقط

في بعض الأحيان، لا يكون الفريق بأكمله قد وصل إلى طريق مسدود، بل عضوين فقط. يمكن أن يكون التدخل مفيداً هنا، خاصة إذا كان الخلاف قد أخذ منحى شخصي أو عاطفي، أو إذا كان الطريق المسدود الذي وصلوا إليه يعيق الفريق بأكمله.

ابدأ بتلخيص الرأي الذي يتبناه كل شخص، وربما يمكنك تدوين ذلك على لوحة بيضاء، وراجع ما دونته للتأكد من أنك قد فعلت ذلك بكل دقة. ثم اطلب من الفريق ذكر المزايا في رأي كل شخص، وبعد ذلك ذكر أي مخاوف أو شواغل لديهم بخصوصه. من الناحية المثالية، يمكن أن يشارك أيضاً الشخصان اللذان وصل بهما الأمر إلى طريق مسدود، ولكن يُفضل في بعض الأحيان أن يستمعا فقط دون تدخل.

عند طرح إيجابيات وسلبيات كل رأي على طاولة الحوار، اطلب من الجميع التفكير بصوت عالٍ في كيفية التوفيق بين آراء كلا الجانبين. غالباً ما تمنح هذه العملية للأفراد الذين لا يمكنهم الاتفاق فرصة للتدبر والتفكير في البدائل. وربما يحتاج أحد الشخصين أو كلاهما إلى استراحة لالتقاط الأنفاس قبل المضي قدماً. وأخيراً، اسأل الشخصين عما أصبح عليه موقفهما الآن وقد سمعا مناقشة المجموعة وكيف سيمضون قدماً في النقاش.

وضع النصيحة موضع التنفيذ

لقد أتيحت لي مؤخراً فرصة لوضع هذه النصيحة موضع التنفيذ مع مجموعة من 30 عاملاً في أحد المصانع الذين وصل النقاش بينهم إلى طريق مسدود من أجل معرفة كيفية إدارة النقاش في الاجتماع المنعقد بينهم: حيث أراد البعض زيادة عدد الوحدات التي ينتجونها خلال كل نوبة عمل لنيل حوافز إنتاج (والتي كانوا يطلقون عليها اسم "إطلاق خطة الحوافز")، بينما أراد آخرون الإبقاء على الوضع الراهن لأنهم كانوا يخشون من أن زيادة سرعة ووتيرة العمل قد يكون مرهقاً ولا يمكن إدارته. وقد وصلت المناقشات السابقة إلى طريق مسدود وتسببت في إيذاء مشاعر البعض وتكوين بعض العداوات التي استمرت لأسابيع.

لتنقية الأجواء بين الجميع، بدأنا الاجتماع بالاتفاق على الآتي:

  • لن نقوم بـ "إطلاق الخطة" إلا إذا وافق الجميع على ذلك، ولن نلجأ إلى التصويت الذي يتحقق من خلاله الفوز للأغلبية.
  • سوف نُبقي المحادثة هادئة ولطيفة قدر استطاعتنا.
  • لن نحاول الإساءة إلى بعضنا البعض، ولن ننظر إلى ما يقوله البعض أو يسألون عنه على أنه ينطوي على أي إهانة أو إساءة.
  • سوف تتاح الفرصة لكل شخص بالحديث دون مقاطعة، بينما ينصت الآخرون إليه باهتمام وصبر.
  • سوف نسجل كل شاغل وفكرة ووجهة نظر على سبورة ورقية إلى أن يتفق الجميع على أن كل المسائل قد طُرحت ونُوقشت.

وخلال المناقشة، ذكر أحد الحضور أن رواتبهم بالكاد تكفي احتياجاتهم والتزاماتهم. وذكر شخص آخر أنه يريد البدء في الادخار لتوفير رسوم التعليم الجامعي لأبنائه. وكان اثنان من العاملين الأكبر سناً قلقين من عدم قدرتهم جسدياً على مواكبة هذه الزيادة في العمل. واعتقد شخص آخر أن زيادة الإنتاجية قد تؤدي إلى تقليل عدد موظفي المصنع. هذا المستوى من الحديث الصريح خلق فهماً أعمق لوجهة نظر الطرف الآخر، وهذه هي الخطوة الأولى في العثور على بصيص النور في نهاية النفق.

بمجرد استماع الأشخاص إلى بعضهم البعض والانتهاء من وصف الوضع واستيعابه بشكل كامل، اتفقت مجموعة فرعية صغيرة على الاجتماع والنظر فيما إذا كان بالإمكان حل كل المشكلات حتى يمكن اتخاذ قرار. وبدورها اتفقت تلك المجموعة على أنه إذا تم تمرير قرار "إطلاق الخطة"، فسوف يكون على سبيل التجربة مدة 30 يوماً، وفي نهاية تلك الفترة التجريبية إذا لم يتم علاج الشواغل التي لدى بعض العاملين، فسوف تتفق المجموعة على العودة إلى مستويات الإنتاج السابقة. وبعد انقضاء ثلاثين يوماً، كان الجميع مرتاحين للعمل بمعدلات أكبر، ولم يكن أحد منهم يتذمر أو يشكو من هذا التغيير، كما تم تغيير العديد من الأجهزة والمعدات لمعالجة الشواغل والمخاوف التي طُرحت أثناء المناقشة الأولية حول رفع مستويات الإنتاج. 

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع المحادثات والنقاشات الصعبة

لقد نشأ الكثيرون منا على تجنب المواجهة. كما تعلمنا أن نتحلى باللطف بدلاً من الصراحة. ومع ذلك، فإننا نعلم أنه على الجانب الآخر من المحادثات الصعبة يقبع إحراز التقدم والشعور بالإنجاز. ويمكنك تحقيق ذلك عن طريق معرفة كيفية إدارة النقاش في الاجتماع إضافة إلى طرح المشكلات ومناقشتها والثقة بنفسك وبالآخرين في فريقك.

اقرأ أيضاً: سؤال من أنت في نظر نفسك

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي