لست بحاجة إلى ترقية لتنمو في عملك

4 دقيقة
أهمية النمو في العمل والترقية

عندما تصبح مؤسستك أكثر رشاقة وكفاءة من حيث البنية والهيكلية، فإن قدرتك على ارتقاء السلم الوظيفي داخلها يمكن أن تتجمد في مرحلة أبكر بكثير خلال مسيرتك المهنية، لأنه، ببساطة، لن يكون هناك أي منصب يمكنك الارتقاء إليه. وهذا الأمر يصح سواء كنت تعمل في شركة كبيرة أو مؤسسة أهلية غير ربحية أو دائرة حكومية. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه والمتعلق بأهمية الترقية هو: ما الذي يمكنك فعله عندما تصل إلى حالة الاستقرار الوظيفي تلك وأنت لا تزال في منتصف مسيرتك المهنية فقط؟ أولاً، قم بجردة حساب لتحدد وضعك الحقيقي. هل تستمتع بالعمل مع زملائك وهل تتعلم منهم؟ هل ما زلت تشعر بالحماس الكبير تجاه تنفيذ المهمة المنوطة بمؤسستك؟ إذا كانت الإجابة هي "لا"، فقد يكون الوقت قد حان لتنتقل إلى مكان آخر. ولكن إذا كانت الإجابة هي "نعم"، فيجب عليك أن تبحث في كيفية النمو في وظيفتك، وأنت موجود في المستوى المستقر الذي وصلت إليه.

هناك 4 مقاربات على الأقل أثبتت نجاحها يمكنك اتباعها، وجميعها تتطلّب منك أن تطرح على نفسك سؤالاً حول الأشياء التي تمدك بالطاقة والأشياء التي تقلل من حماسك.

التحركات الأفقية ضمن المؤسسة

يمكن أن تكون التحركات الأفقية ضمن المؤسسة طريقة رائعة لبناء مهارات وعلاقات جديدة، والاطلاع على منتجات أو خدمات مختلفة. حيث إنه بمقدورك استكشاف فرص داخلية جديدة باستعمال عدد من الطرق مثل: إجراء مقابلات داخلية تهدف إلى جمع المعلومات، والاجتماع مع أحد الأشخاص القياديين في قسم آخر أو وحدة أخرى في المؤسسة، أو تسلم مهام يعتمد تنفيذها على التعاون مع عدة أقسام أو وحدات في المؤسسة، أو التطوع للانتقال مثلاً من قسم معين إلى وظيفة تغطي عدة أقسام مثل المالية، أو الموارد البشرية، أو العمليات. ففي الشركات الكبيرة، من قبيل "كرافت"، على سبيل المثال، يُنظر إلى عملية المداورة في المناصب (أي انتقال الموظف بين المناصب) بوصفها أمراً أساسياً لبناء مجموعة من القادة من ذوي الإطلاع الواسع على أوضاع المؤسسة، حيث تعمد هذه الشركات إلى دعوة المدراء الواعدين إلى تولي وظائف يتولاها الموظفون العاديون والعكس صحيح. فإحدى كبار المديرات في شركة للخدمات الاستشارية، ولنفترض أن اسمها روبي، انتقلت من موقع الشريك الذي يعمل مع الزبائن مباشرة إلى منصب كبيرة مسؤولي العمليات في الشركة ذاتها. وقد استطاعت الاستفادة من المعلومات والآراء التي كانت تقدمها إلى الزبائن بخصوص موضوعي تحليل البيانات الكبيرة وإدارة التغيير، بحيث ساعدتها في تعزيز موقع مؤسستها، عندما وصلت إلى نادي كبار المدراء التنفيذيين. وفي هذه الأثناء، طورت قدراتها الإدارية في مجال المالية، والموارد البشرية، والحوكمة، وتقنية المعلومات، وإضافة إلى كل ما سبق وعلى سبيل العلاوة، فإن روبي كسبت المزيد من المرونة في الجدول الزمني لدوامها اليومي، بما أنها لم تعد خاضعة لمتطلبات الزبائن الخارجيين التي كانت تحدد تفاصيل عملها اليومية فيما سبق.

التنقل بين المناصب في الشركة

تغيير شكل منصبك الحالي هو طريقة أخرى تسمح لك بالنمو وأنت موجود في المستوى المستقر الذي وصلت إليه. لكن هذا الأمر يستدعي إجراء جردة حساب بالأشياء التي ترغب بفعل المزيد منها، أو تقليلها، والبدء بها. ومن خلال التنسيق مع أعضاء فريقك، بوسعك إعادة رسم بعض الحدود لتخلق فرصاً إضافية للآخرين مع إدخالك لتعديلات على المسؤوليات من أجل فسح المجال الذي يسمح لك بالتعامل مع تحدياتك الجديدة. هناك مكانان جيدان لتبحث فيهما عن هذه التحديات. المكان الأول هو قائمة مهام مديرك المباشر (هل هناك مجالات معينة يتولى مديرك مسؤوليتها وتعتقد أنت بأنها مثيرة لاهتمامك بحيث تسمح له بالحصول على وقت إضافي إذا تخلى عنها لك؟)؛ أما المكان الثاني فهو إجراء استبيانات تخص حاجات الموظفين والزبائن (هل هناك حاجات لا تلبيها المؤسسة ولديك المهارات التي تسمح لك بالتجاوب معها؟)، لنأخذ المثال التالي عن خبيرة في استراتيجيات الزبائن في شركة لتصنيع المنتجات الاستهلاكية، ولنفترض أن اسمها ساندرا. أرادت ساندرا البقاء مع الشركة، لذلك بحثت عن الثغرات الموجودة في عملية تقديم الخدمات في مختلف الوحدات التجارية في الشركة – من سلسلة التوريد إلى التجارة الإلكترونية – بعد ذلك تطوعت لمساعدة زملائها في سد تلك الثغرات. وقد أمضت ساندرا السنوات القليلة التالية داخل الشركة في العمل على توسيع الأنشطة من خلال موقعها بصفتها نائبة للرئيس، الأمر الذي سمح لها بالتعرف أكثر على الشركة واكتساب مهارات جديدة وعلاقات جديدة وسمعة عطرة بوصفها شخصاً يحب الابتكار.

توسيع النفوذ داخل العمل

توسيع نفوذك من خلال العمل بجد ونشاط على تقديم الإرشادات للآخرين الأحدث عهداً في العمل، أو إنشاء تحالفات مهنية داخلية، أو التطوع لتمثيل مؤسستك أمام جهات خارجية، كلها أمور يمكن أن تمنحك آفاقاً جديدة أرحب تكون مرضية لك دون أن تضطر إلى تغيير منصبك. ولنأخذ على سبيل المثال أيضاً، مسؤولة البرامج في مؤسسة أهلية معنية بتطوير الشباب، والتي سنسميها هنا افتراضاً ماريا. لم يكن لدى ماريا أي فرصة لارتقاء السلم الوظيفي داخل المؤسسة ما لم يترك المدير التنفيذي منصبه. لذلك بدأت بالتعاون مع مؤسسات خارجية أخرى في مدينتها كانت معنية بمساعدة الشباب المهاجر على الاندماج في النظام التعليمي والبرامج التدريبية وفرص العمل، وبذلك فقد تمكنت من تنمية شبكتها وإدخال بعض الابتكارات الجديدة على برامجها. ومن خلال توسيع نفوذها خارج نطاق المؤسسة، ازدادت مصداقيتها داخلها. وعندما حان أخيراً موعد تعيين مدير تنفيذي جديد للمؤسسة، كانت ماريا المرشح الداخلي الأول لشغل المنصب، ويعود ذلك جزئياً إلى خبرتها الخارجية، ما جعلها تحصل على الموقع في نهاية المطاف.

تعميق المهارات لبناء المصداقية

تعميق مهاراتك هو طريقة أخرى لبناء المصداقية وزيادة الفرص عندما تكون في المستوى الوظيفي المستقر الذي وصلت إليه. وبوسعك تحقيق هذا الأمر وأنت على رأس عملك، من خلال اللجوء إلى مرشد أو موجه، أو من خلال التطوع في مشاريع خاصة، يمكنك أيضاً تعميق مهاراتك خارج وظيفتك من خلال الحصول على تدريبات رسمية في مجال القيادة. لنأخذ المثال التالي. فقد تطوع مسؤول الخدمات الطبية في أحد المستشفيات العامة الكبيرة، لنقل أن اسمه هو روبرت، لقيادة مبادرة تهدف إلى تحسين أداء إحدى مجموعات العمل في قسم العناية المشددة بالمستشفى. نتائج هذه المبادرة التي تجلّت في تحسين العناية بالمرضى وإصدار الفواتير في الوقت المناسب قادت إدارة المستشفى إلى الاستثمار في روبرت من خلال إرساله إلى دورة تعليمية للمدراء التنفيذيين في واحدة من أرقى كليات الأعمال، وهو مؤهل دراسي سمح له في نهاية المطاف بالحصول على عرض لإدارة قسم أكبر في المستشفى، يضم 300 موظف طبي وبموازنة سنوية تفوق 380 مليون دولار.

سيجد معظم المدراء في القرن العشرين أنفسهم وقد وصلوا إلى وضع مشابه متعلق بأهمية الترقية، وأي مستوى وظيفي مستقر لا يمكنهم النمو بعده خلال مسيرتهم المهنية. قبل الرضوخ لإغراء القفز إلى خندق جديد، فكر فيما إذا كانت محاولتك للتمدد في مكانك قد تكون هي الطريقة الفضلى لبناء مهاراتك، سواء الشخصية أو المهنية، لكي تستند إليها في صعودك التالي.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي