من المرجح أنك، ونحن أيضاً، على أعتاب عام 2016، قد وضعتَ أهدافك فيما يتعلق بنشاطك التجاري، مثل طرح منتجك الجديد في الأسواق وزيادة المبيعات بنسبة 20%، أو استكمال عملية الاستحواذ على إحدى الشركات من أجل التخطيط للتطوير المهني بشكل صحيح. بل وربما تكون قد وضعت قراراتك الشخصية للعام الجديد، مثل فقدان خمسة كيلوغرامات من وزنك، أو الذهاب إلى الصالة الرياضية ثلاث مرات في الأسبوع، أو تعلم اللغة الإسبانية بعد الكثير من التسويف.
إلا أن التخطيط للتطوير المهني، المتمثل في تطوير نفسك في العمل بما يتجاوز بلوغ أهدافك المحددة فيما يتعلق بالأداء، كثيراً ما يُترك إلى مراجعات الأداء السنوية الروتينية القائمة على مقاييس محددة. ويتعين على المرء، لكي يتسنى له الانتقال إلى المستوى التالي، أن يسأل نفسه السؤال التالي: كيف يمكنني التأكد من أنني سأكون أكثر قيمة في نهاية العام عما كنت عليه في بدايته؟
كيفية التخطيط للتطوير المهني
تستغرق بعض الاستثمارات وقتاً لكي تُسفر عن نتائج، إلا أن التزامك بتنفيذها سوف يصبح على الأرجح هو ميزتك التنافسية الشخصية، لأن الكثير من الأشخاص يركزون على الانتصارات السريعة ويتخلون عن الاستثمارات الأخرى ذات المدى الطويل.
ويأخذ التطور المهني ثلاثة أشكال، هي: التعلم، وبناء العلاقات، وإنشاء المحتوى. ومن الممكن أن ترغب في إعطاء الأولوية لأحد أشكال التطور المهني هذه على ما سواها، استناداً على المرحلة التي بلغتها مسيرتك المهنية وعلى أهدافك الأخرى لهذا العام.
اقرأ أيضاً: بحث: عندما تخدم خسارة فرصة كبيرة حياتك المهنية
ويبدأ وضع أهدافك الخاصة بالتعلم من خلال تحديد الفجوات الحالية في المعارف أو الخبرات التي تمتلكها، وذلك بأن تسأل نفسك: هل توجد جوانب في وظيفتك أو في مجال عملك لا تمتلك الإلمام الكافي بها؟ ويمكن أن تود إجراء بحث أساسي، إذا انتقلتَ إلى وظيفة جديدة أو مجال وظيفي جديد، لكي يتسنى لك الإلمام بالدراسات المعيارية المتوفرة عن هذا المجال.
عندما بدأتُ شركتي الاستشارية قبل عشر سنوات، كنت أقضي القليل من الوقت في كل ليلة، لمدة ثلاث سنوات تقريباً، في قراءة كتب مؤلفي الإدارة التقليديين مثل بيتر دراكر، ومؤلفات الكتّاب المعاصرين مثل جيم كولينز وكيث فيرازي. وإذا كنتَ تود أن يُنظر إليك باعتبارك مستشاراً حقيقياً، يتعين عليك - على الأقل - أن تعرف ما يعنيه "اختيار الأشخاص المناسبين للالتحاق بالشركة" و"عدم الانكفاء على نفسك".
وبالمثل، إذا كنتَ في مهمة على صعيد عالمي، ستود تقمص روح الصحافة السردية بشأن السياسات، والثقافة المحلية، وأكثر الأعمال التخيّلية أهمية التي يتحدث عنها الأشخاص في ذلك البلد (ويتوقعون منك معرفتها).
وقد ترغب في اكتساب مهارات معينة، أو ترغب في معرفة المزيد عن اتجاهات مثيرة للاهتمام تراها تلوح في الأفق. ومن هذا المنطلق، يُمكنك توظيف الطريقة الأفضل لك، سواء أكانت تلقي دورة تدريبية (إما بحضورها شخصياً أو بتلقيها عبر الإنترنت) أو القراءة بمفردك أو الاستماع إلى المدونات الصوتية.
ويبدأ تطوير أهدافك الخاصة ببناء العلاقات عبر إلقاء نظرة على مواضع السلطة في مؤسستك. وبصفة خاصة، معرفة مَن هم الأشخاص الذين يتحكمون في مستقبلك المهني. ومن الواضح أن مديرك هو أحد هؤلاء الأشخاص، إلا أن مديرك، في أحيان كثيرة، لا يكون هو المصدر الوحيد للقرارات المتعلقة بترقيتك أو إعطائك مهاماً جيدة. فمَن سواه يمتلك هذا التأثير، إذاً؟ ومَن هم الأشخاص الذين يُصغي إليهم مديرك أكثر من غيرهم؟ وكما أبيّن في مقالي "استراتيجية الحملة لمسيرتك المهنية" (A Campaign Strategy for Your Career)، بوسعك رسم خارطة السلطة التي تعكس هذه العلاقات وترميزها لونياً، فتستخدم اللون الأخضر عندما تمتلك علاقة وثيقة، واللون الأصفر عندما تكون العلاقة فاترة، واللون الأحمر عندما تكون العلاقة سلبية، أو عندما لا توجد علاقة.
الترميز اللوني
وينبغي أن يكون هدفك للعام هو تحسين كل علاقة من العلاقات الرئيسة باستخدام الترميز اللوني، مثل تحويل العلاقات ذات الترميز اللوني الأحمر إلى علاقات ذات ترميز لوني أصفر، وتحويل العلاقات ذات الترميز اللوني الأصفر إلى علاقات ذات ترميز لوني أخضر. ومن الصواب أن تفكر بشأن السبل التي تكفل لك أن تبدأ في قضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص الرئيسين في مؤسستك (دون أن تبدو مريباً أو انتهازياً). فإذا كنتَ تعمل مع أحد الأشخاص الرئيسين في إحدى اللجان، يمكنك اقتراح عقد اجتماع للتحدث بشأن آخر المستجدات المتعلقة بموضوع اللجنة. ومن الممكن أن تحرص على إطالة أمد الحديث لفترة أطول مع مساعد مديرك لتتمكن من بناء علاقة وطيدة معه. أو لعل أحد المؤثرين الرئيسين في المؤسسة يرعى مائدة في عشاء خيري، ويبحث عن أشخاص لشراء مقاعد على المائدة، وربما تكون هذه فرصة كبيرة لك لإبداء دعمك للقضية التي يهتم بأمرها هذا الشخص، وقضاء ثلاث ساعات في التعرف إليه خارج نطاق العمل.
اقرأ أيضاً: انشغالك عن أصدقائك لن يدعم مسيرتك المهنية
وإذا كنتَ تعمل في شركتك منذ فترة، وتمتلك بالفعل شبكة قوية من العلاقات فيها، يمكنك البحث خارج الشركة لتحقيق أهدافك الخاصة ببناء العلاقات، وذلك عبر معرفة الأشخاص الآخرين الذين تود مقابلتهم في مجال عملك أو في مجتمع الأعمال المحلي.
إنشاء المحتوى من أجل التطور المهني
وأخيراً، فإن أحد أقل أشكال التطور المهني استخداماً هو إنشاء المحتوى، فينظر الكثير من الأشخاص إلى التطور المهني باعتباره شكلاً أكثر سلبية من أشكال اكتساب المهارات، إلا أن إنشاء محتوى، ومشاركة أفكارك مع الآخرين، هما شكلان قيّمان من أشكال التطور المهني على صعيدين. أولاً، تجبرك عملية الكتابة (أو إلقاء الخُطب أو إنشاء المدونات الصوتية أو إعداد مقاطع الفيديو) على بلورة معارفك في شكل يسهل للآخرين أن يفهموه ويتفاعلوا معه، ومن شأن هذا أن يشحذ فهمك ويدفعك إلى التفكير ملياً بشأن القضايا المختلفة.
ثانياً، وكما أبيّن في كتابي "كيف تتميّز" Stand Out، فإن أحد العوامل الرئيسة لتطوير الذات هو تنمية العلامة التجارية الشخصية. لأن الآخرين سوف يتعرفون على خبراتك عندما تشارك معارفك بصورة علنية، وسوف تجني ثمار ذلك في شكل الاستفسارات التي يطرحها عليك عملاء جدد، وفي الاحترام الذي يُبديه لك أقرانك، وأيضاً الفرص التي لا يسعك تخيّلها بعد. ولا يحدث اكتساب سمعة بصفتك خبيراً بين ليلة وضُحاها، إلا أن نشر مقالة واحدة أسبوعياً على إحدى المدونات، على سبيل المثال، سيثمر مكاسب مهنية ضخمة في غضون عام أو عامين.
اقرأ أيضاً: الغيرة المهنية: كيفية التحكم بها وإظهار الجانب الإيجابي منها
فالأمر هو أنّ التخطيط للتطوير المهني وتطورك بصفتك قائداً يُعد استثماراً طويل الأجل، يتطلب ليس الوقت وبذل الجهد فحسب، بل التخطيط الدقيق أيضاً. وإذا كنت تتخذ قراراتك المهنية على أساس الفهم الواضح لكيفية الارتقاء بأهدافك الخاصة بالتعلم وبناء العلاقات وإنشاء المحتوى، فسوف تتفوق على الآخرين بحلول هذا الوقت من العام المقبل.
اقرأ أيضاً: كيف تبني العلاقات المهنية الصحيحة؟