تُعدّ الإدارة الفعّالة للموارد البشرية عنصراً مهماً لنجاح أي شركة في مختلف المجالات. لكن يمكن لممارسات الموارد البشرية أن تتأثر بمجموعة واسعة من العوامل كالعوامل الثقافية. ومنه، تهدف دراستنا إلى معرفة وظائف الموارد البشرية المستخدمة في مجموعة تدير ستة فنادق في لبنان.
قامت الدراسة بتحليل الفجوة الحاصلة في قسم الموارد البشرية ضمن هذه الفنادق، لتحديد الممارسات الحالية ووظائفها في المجموعة وتحديد نقاط ضعف أقسام الموارد البشرية وتقديم مقترحات لتطوير وظائف الموارد البشرية بهدف تحسين أداء المجموعة وكفاءتها.
ويمكن اعتبار نتائج دراستنا مرجعاً لأعضاء فرق الموارد البشرية ضمن هذه الفنادق. كما تساعد الدراسة أيضاً على تحديد الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية بطريقة واضحة، ووصف كيف يمكن تطبيق هذا المفهوم لإحداث تأثير ضمن الفنادق المختارة.
قبل البدء بجمع البيانات، قمنا بإجراء مراجعة شاملة فيما يخص إدارة الموارد البشرية (أي مفهوم الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية وكيف يمكن أن تصبح أقسام الموارد البشرية في الفنادق شريكاً استراتيجياً فعالاً). وتم استخدام نهج نوعيّ ضمن الدراسة بهدف تطوير أفكار حول كيفية تحسين فهم الموارد البشرية في لبنان للإدارة الاستراتيجية لقواها العاملة.
المشارك رقم 1:
كان قسم الموارد البشرية في الفندق الأول صانع تغيير مهم، حيث كانت الموارد البشرية مسؤولة عن إبقاء السياسات الداخلية محدَّثة وعن تقييد الإدارة وأعضاء الفريق وتدريبهم على المعايير الجديدة للشركة، والأهم من ذلك دراسة السوق للرواتب والتعويضات والاستحقاقات. لكن أشار المشارك (رقم 1) إلى أنّ قسم الموارد البشرية لا يملك سلطة كافية لاتخاذ القرارات، ويجب أن يتمّ منح هذا القسم المرونة والثقة للمشاركة في صنع القرارات بدلاً من مجرد تطبيقها وخاصة في الشرق الأوسط وتحديداً في لبنان. بمعنى آخر، عانى هذا الفندق من وجود عوائق هيكلية ضمن المجموعة والتي منعت قسم الموارد البشرية من العمل كشريك استراتيجي حقيقي داخل الشركة. وبدلاً من ذلك فقد كان من المتوقع أن تقوم الموارد البشرية بتطبيق السياسات التي طُوّرت من قبل أقسام أُخرى بدلاً من أن يكون لها دوراً فعالاً في عملية تطوير السياسة نفسها.
المشارك رقم 2
كان المشارك (رقم 2) ضمن الدراسة هو مساعد مدير الموارد البشرية في فندق مهم في بيروت وأجاب عن جميع أسئلة الاستبيان في المقابلة. تبين أنّ قسم الموارد البشرية في هذا الفندق يعمل جميع أنواع العمليات ويقوم بالتنسيق مع جميع الأقسام الأُخرى، ويوفر التدريب الإداري للأقسام الأُخرى، ويتيح الوصول إلى قسم الموارد البشرية لجميع الموظفين الذين لديهم أسئلة أو مخاوف أو انتقادات من أي نوع. كما يُشير هذا إلى أنّ قسم الموارد البشرية في هذا الفندق مرتبط بشكل كبير مع الشركة ككل، وأنه في طريقه الصحيح نحو التحول إلى الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية. يذكر أنه اتجهت بقية إجابات المشارك (رقم 2) إلى التركيز على أهمية وجود سياسات تشجع الموظفين بطريقة فعالة.
المشارك رقم 3
أشار المشارك (رقم 3) إلى أنّ قسم الموارد البشرية قادر على إدخال سياسات جديدة بهدف متابعة النظرة الاستراتيجية للفندق بطريقة أكثر فعالية. كما أفاد أنّ إحدى أهم التحسينات التي يمكن القيام بها هي إشراك فريق الموارد البشرية نفسه في مجال أوسع: "إشراك الفريق في تطوير نظام الموارد البشرية بما يتماشى مع تطوير استراتيجية الشركة وتنفيذها". يبدو من وجهة نظر الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، أنّ قسم الموارد البشرية يقوم تقريباً بكل شيء بشكل صحيح لتسهيل التحول إلى الإدارة الاستراتيجية، حيث تُشير إجابات المشارك (رقم 3) إلى أنه مطّلع على طبيعة الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية وكذلك طبيعة تحول قسم الموارد البشرية الخاص فيه إلى شريك استراتيجي ضمن الشركة. وبما أنّ قسم الموارد البشرية في هذا الفندق مشارك أساساً بشكل كبير في جميع عمليات الفندق، وبالنظر أيضاً إلى التزامه بمتابعة السعي إلى التوافق الاستراتيجي بين القسم والشركة ككُلّ، يبدو أنّ القسم الذي يديره هذا المدير يسير بشكل جيد.
المشارك رقم 4
أفاد هذا المشارك أنّ قسم الموارد البشرية يشارك في جميع أنواع العمليات إلا ما يخص مجال إدارة المشاريع والإنتاجية، كما أنه يتعاون مع جميع الأقسام الأُخرى، إذ يقوم بتدريب الموظفين والإدارة التنظيمية ما عدا الإدارة التنفيذية. إضافة إلى ذلك، أفاد أنّ جميع الموظفين لديهم صلاحية الوصول إلى قسم الموارد البشرية، بما في ذلك القدرة على تقديم شكوى إذا لزم الأمر. وبهذا يبدو أنّ قسم الموارد البشرية في هذا الفندق على اتصال جيد بجميع الأقسام الأُخرى ضمن الشركة، ويُعتبر داعم لموظفي الشركة ككل، الأمر الذي يُعد مطلباً أساسياً للتحول إلى الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية. أشار المشارك أيضاً إلى أنّ الدور الإداري التنفيذي لقسم الموارد البشرية يُعدّ ضئيلاً نسبياً، حيث يؤدي المهام التقليدية فقط مثل التحقق من الحضور والغياب والاهتمام بالرواتب.
وعلى الرغم مما سبق فإنّ قسم الموارد البشرية في هذا الفندق قادر على وضع السياسات الخاصة به: "يظهر دور الموارد البشرية في إدخال سياسات وإجراءات جديدة عند وجود حاجة ترتبط بالموظفين وتسهيل عملهم ومساعدتهم على تجنب المشاكل أثناء أعمالهم اليومية، وذلك بالتعاون مع كبار المسؤولين في القسم والخبراء في مجالاتهم". وبالتالي فإنّ القسم مستقل داخلياً وقادر على التحكم بسياساته. إلى جانب ذلك، تمت الإشارة إلى إجراء استبيان الموظفين مرتين سنوياً، وعقد جلسات التواصل بعد ذلك بهدف مناقشة أي مخاوف يمكن أن تظهر. ولكن المشارك أوضح أيضاً أنه يمكن لقسم الموارد البشرية أن يكون أكثر دراية بالشركة ككل.
إذاً، الانطباع الذي نحصل عليه من هذه الإشارات أنّ الفندق استوفى العديد من الشروط اللازمة للتحول إلى الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية ولكنها لم تُكمل بعد التزامها تماماً.
المشارك رقم 5
أجاب المشارك (رقم 5) على الأسئلة المتعلقة بجميع أنواع العمليات التي تشارك فيها الموارد البشرية، وكذلك تلك التي تقوم بتنظيمها لصالح أقسام أُخرى. كما أشار إلى مشاركة قسم الموارد البشرية في الإدارة التنظيمية، ولكن ليس في الإدارة التنفيذية أو إدارة الموظفين. إذن، التغيير الأساسي الذي يُحدثه قسم الموارد البشرية ضمن الفندق هو تغيير ثقافي، حيث يتم إعطاء الموظفين صلاحية الوصول إلى القسم لتقديم انتقادات حول عمليات الشركة والتعبير عن آرائهم حول الإدارة وليس لتقديم أفكار جديدة بهدف إحداث تغييرات في الشركة. وأوضح أيضاً أنّ قسم الموارد البشرية كثيراً ما يقوم بتطوير تغييرات وتطبيقها بهدف تحسين جودة الأداء داخل القسم نفسه.
تجدر الإشارة إلى أنه ضمن البيانات التي تم استلامها، أكّد المشارك بوضوح على رؤيته نحو قسم الموارد البشرية على أنه شريك استراتيجي في الشركة: "نعمل بدورنا كشريك استراتيجي لمساعدة الشركة على تحقيق رؤيتها. لذلك يجب أن يكون التركيز على تطوير المواهب". إذن، يعتبر المشارك الخامس قسم الموارد البشرية الخاص فيه على اتصال قوي بالأقسام الأُخرى في الشركة، ولديه رؤية حول مساهمة قسمه بشكل خاص في فعاليتها وأدائها. بالإضافة إلى أنّ القسم يدعم هذه الفكرة من خلال مشاركته النشطة مع الموظفين، بما في ذلك توفير المساحة والفرص للموظفين من أجل الكشف عن مخاوفهم. باختصار، يبدو أنّ قسم الموارد البشرية الخاص بهذا الفندق يقوم بعمل جيد في اتجاه التحول إلى الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية.
المشارك رقم 6
أشار المشارك إلى أنّ قسم الموارد البشرية يعمل في مجال الإدارة التنفيذية والتقييم الداخلي والتدريب وتطوير قدرات الموظفين وعمليات إعادة الهيكلة التنظيمية، ولكنه لا يعمل في مجال إدارة العلاقات أو إدارة المشاريع والإنتاجية. كما يقوم القسم بتنسيق العمليات مع جميع الأقسام الأٌخرى في الشركة. بالإضافة إلى تقديمه لدورات في إدارة الموظفين لصالح أقسام أُخرى. ويملك جميع موظفي الشركة صلاحية الوصول إلى القسم لأي سبب كان، بما في ذلك تقديم مقترحات لإحداث تغييرات في الشركة. وأوضح أيضاً أنّ قسم الموارد البشرية على توافق مع المبادئ العامة للشراكة التجارية، فلا يُنظر إلى قسم الموارد البشرية على أنه تابع في الشركة بل شريك استراتيجي متخصّص في توفير الدعم.
وتبعاً للنموذج الذي وضعه أديف أولريخ وآخرون عام 2009، والذي يُعتبر جزءاً هاماً لنجاح أي شركة حالية أو مستقبلية، يمكن لمدير الموارد البشرية أن يلعب دوراً أكبر بأربعة أضعاف من دوره التقليدي كشريك وخبير في الإدارة التنفيذية وداعم للموظفين وصانع تغيير. وإذا ما قمنا بتحليل النتائج السابقة وفقاً لهذا النموذج يظهر لدينا دور مدير الموارد البشرية كشريك بشكل متكرر ضمن البيانات التي قام بجمعها المدراء المشاركون في الدراسة، حيث استخدم المشاركون كلمة "شريك" بشكل صريح لوصف العلاقة بين قسم الموارد البشرية وشركتهم ككلّ. وهذا يُعدّ جزءاً رئيسياً في التحول إلى الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، بل إنّ المفهوم الكامل لهذه الإدارة يستند إلى عمل الموارد البشرية كشريك بدلاً من تأدية بعض الأدوار الثانوية ضمن الشركة.
كما ظهر دور مدير الموارد البشرية كداعم للموظفين أيضاً، حيث أفاد عدد من المشاركين أنّ قسم الموارد البشرية لديهم لا يقدّم خدمات لوجستية للموظفين تتعلق بالرواتب وحسب، بل يقدم أيضاً خدمات الدعم الجماعي، بما في ذلك تنظيم منتدى للتعبير عن المخاوف بانفتاح وموازنة المشاكل التي يواجهونها في حياتهم. ما يُعدّ منهجاً نشطاً في إدارة الموارد البشرية ويتفق بشكل كبير مع نموذج الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية. ليس من الواضح تماماً فيما إذا كانت أقسام الموارد البشرية في عدة فنادق مختارة "داعمة" للموظفين بحد ذاتها. ولكن من الواضح تماماً أنه على الأقل جميع إشارات الدعم موجودة فعلاً، وهذا يمكن أن يساعد على توقع دخول أي شركة ضمن مجال ما كمنافسة مثل قطاع الفنادق.
إلى جانب ذلك، أشارت البيانات إلى وجود بعض مدراء الفنادق ممن يشغلون دور صنّاع التغيير، فقد أوضح جميع المشاركين تقريباً أنّ أقسام الموارد البشرية لديهم مستقلة فيما يتعلق بصياغة السياسات الداخلية وتطبيقها. كما بيّن بعض المشاركين أنّ أقسام الموارد البشرية تتمتع باستقلالية أوسع تمكنها من صياغة سياسات الشركة اعتماداً على ملاحظاتها بشأن المخاوف التي تؤثر على الموظفين. وربما يكون هذا النوع الأخير من الاستقلالية مثالياً، في حين أنّ النوع الأول (الاستقلالية الداخلية) يمكن أن يكون نقطة انطلاق قيمة. وعلى الرغم من ذلك، أكد أحد المشاركين الستة أنّ قسم الموارد البشرية في شركته كان عالقاً في النموذج القديم، إذ لم تثق فيه الشركة ككُلّ في صياغة السياسات الجديدة والدعوة إليها.
لكن لابد من الإشارة إلى أنّ البيانات التي تم جمعها تفتقر لدليل يشير إلى دور قسم الموارد البشرية كخبير في الإدارة التنفيذية. ولكن لنكن منصفين فإنّ هذا يعود لسبب بسيط، وهو أنّ استكشاف هذا الدور لم يكن محطَّ تركيز في هذا المشروع ولم يتمّ تصميم الاستبيان ليراعي هذا الدور. وذلك لأن دور خبير الإدارة التنفيذية هو الدور التقليدي لمدير الموارد البشرية، بالإضافة إلى أنّ هذا الدور مطلوب من أي مدير مختص حتى ولو كان تحت النموذج القديم غير الاستراتيجي. يمكن فهم الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية على أنها بناء المدير لهذا الدور الرئيسي وتوسيعه ليشمل الأدوار الثلاثة الأُخرى والتي حدّدها أولريش في نموذجه. ما يعني أنّ جميع المشاركين عملياً يؤدون دور خبير الإدارة التنفيذية، بقدر ما يكون هذا التوقع الأساسي بالنسبة للشركات فيما يخص مدير الموارد البشرية.
وبتحليل أسئلة الدراسة التي أجريناها نجد ما يلي:
- يمكن أن يكون المحرك الرئيسي لتحول إدارة الموارد البشرية هو الوعي نحو أفضل الممارسات المتّبعة بين مدراء الموارد البشرية، إذ يدرك هؤلاء أنّ التحول الاستراتيجي سيكون طريقة جيدة لتحسين أداء الشركة ككلّ.
- تكون الثقافة الشرق أوسطية عائقاً إلى حدّ ما، لكن وبطريقة مفاجئة لم يكن هذا أمراً أساسياً في البيانات.
- من أجل تحسين فعالية أقسام الموارد البشرية في الفنادق، على مدير الموارد البشرية شغل جميع المناصب التي وصفها أولريش (Ulrich) في نموذجه. ويُتوقع أن يولّد هذا نجاحاً عاماً.
بناء على ما سبق استطعنا التوصل إلى النتيجة الأساسية وهي أنّ مدراء الموارد البشرية في الفنادق التي تم اختيارها لهذا المشروع يؤدون عملهم بشكل جيد عموماً، ومن المستحسن أن يبقوا على المسار نفسه الذي يسيرون عليه حالياً. ولكن من غير الواضح فيما إذا كان أداء المجموعة لعام 2016 يتعارض مع لبنان أو الشرق الأوسط: فقد يكون لهذه المجموعة خاصية متميزة بسبب توجّهها الدولي وحقيقة أنّ قيمها الاستراتيجية تتّفق بشكل عام مع القيم الأساسية للإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية. إذا اعتبرنا أنّ هذا استثناء، فعندما يتعلق الأمر بالمجالات الأُخرى، من المتوقع أن تكون الحواجز الثقافية الخاصة بالشرق الأوسط أقوى وتسبب مقاومة أكبر ضد التحول إلى الإدارة الاستراتيجية. وعلى الرغم من أنه كان موضوعاً بسيطاً ضمن البيانات التي تم جمعها، إلا أنّ هناك دليلاً واضحاً على وجود مثل هذه الحواجز، ومن المحتمل أن تكون هذه المجموعة تجنبت القوة الكاملة لهذه الحواجز بطريقة تعجز الشركات الأُخرى في لبنان عن اتباعها. لذلك ينبغي توخّي الحذر في تعميم النتائج التي توصلنا إليها.
وهنا يمكننا تقديم 4 مقترحات فيما يتعلق بسياسة الموارد البشرية لهذه المجموعة:
1- على الشركة أن تفكر جدياً في تطبيق نموذج القيادة التحويلية عبر جميع فنادقها
وذلك لأن نموذج القيادة التحويلية يرتبط بشكل قوي مع نموذج الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية: وهو مبنيّ على تمكين الموظفين والمدراء وتشجيعهم لإنتاج قيمة جديدة للشركة. فإذا كانت أقسام الموارد البشرية في الفنادق ستتحوّل من نموذج شغل الوظائف التقليدية نحو الشراكة الاستراتيجية، فإنّ هذا النوع من التمكين سيكون أساسياً جداً وسيكون قادراً على إثبات فعاليته في تحقيق هذا الهدف.
2- تطوير سياسة أقسام الموارد البشرية عبر الفنادق وعرض هذه السياسات لموافقة الأقسام الأُخرى ضمن الشركة
تمنع العوامل الثقافية في الشرق الأوسط أقسام الموارد البشرية من ممارسة أدوار نشطة في شركاتها، وتقوم بدلاً من ذلك بإنزالها إلى المستوى الميكانيكي والذي يشمل تطبيق السياسات التي أصدرتها أقسام أُخرى. ما يتعارض تماماً مع مفهوم الموارد البشرية كشريك استراتيجي في الشركة. وهذه مسألة يجب أن يتمّ عكسها في أقرب وقت ممكن. ويبدو من خلال البيانات أنّ الفنادق المختلفة ضمن المجموعة تملك سياسات مختلفة إلى حدّ ما فيما يتعلق بهذا الموضوع، مع وجود بعض الفنادق التي تملك سياسات أكثر استنارة من غيرها. لذلك يجب على المجموعة أن تعمل على تحقيق سياسة عالمية ضمن الفنادق فيما يتعلق بالدور المناسب لأقسام الموارد البشرية واستقلاليتها.
3- تأسيس قنوات اتصال جانبية بين أقسام الموارد البشرية، بحيث يمكنها أن تعمل على تطوير السياسات على مستوى الشركة
هذا المقترح من شأنه تقوية التماسك الثقافي والتنظيمي للمجموعة. إذ اتضح لنا من تصريحات المجموعة عام 2016 أنّ لدى الشركة فكرة قوية فيما يتعلق بماهية الشركة والماهية التي تريد أن تصبح عليها. ومن أجل متابعة تحقيق هذه الرؤية، من المهم أن يتمّ تطوير سياسات الموارد البشرية على مستوى الشركة بدلاً من تطويرها بطريقة جزئية أو لا مركزية. وبكل تأكيد، فإنّ التعاون بين أقسام الموارد البشرية سينتج قيمة حقيقية إذا تم تمكينها من وضع سياسات جديدة للشركة، وفقاً للمقترح الثاني.
4- ينبغي على المجموعة أن تبدأ بتطوير برامج اجتماعية لموظفيها بهدف التعرف على بعضهم بشكل أفضل وتشكيل إحساس مجتمعي حقيقي.
وهذا يتوافق مع ما تقوم الشركة بتقديمه لعملائها فعلاً، بالإضافة إلى أنه لا يوجد سبب يمنع الشركة من تقديم مثل هذه البرامج لموظفيها. إلى جانب ذلك، تعزّز هذه البرامج من شعور التماسك الجماعي وتشعر الموظفين بتقدير أكبر كأفراد في الشركة. كما أنّ مثل هذه البرامج يكون لها فائدة إضافية تتمثل في تعزيز الثقافة التنظيمية، حيث يبدأ الموظفون بالتعرف على الشركة أكثر من المحيط الثقافي. ما يمكّن أقسام الموارد البشرية عبر الفنادق من اتباع سياسات جديدة ومبتكرة دون أن تُعيقها القيَم التقليدية للقيادة والإدارة التي تكون موجودة في منطقة الشرق الأوسط والتي تمنع بعض فرص الديناميكية والإبداع.
أخيراً، لكي تكون الشركة قادرة على المنافسة ومواكبة التطور خصوصاً في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط يلزم صياغة وتنفيذ استراتيجية تطوير دور أقسام الموارد البشرية لتصبح شريكاً استراتيجياً بكامل الأدوار المتاحة. إذ تشير الأبحاث أنّ قسم الموارد البشرية له أثر اقتصادي على مستوى الأداء في الشركات، ويؤثر أيضاً على القيمة السوقية للشركة.