ملخص: إذا كنت قلقاً من أن يفكر موظفوك في مغادرة الشركة، فقد حان الوقت لإجراء بعض المحادثات مع الموظفين حول مستقبلهم المهني. في هذه المقالة، تعرض المدربة التنفيذية سوزان بيبركورن 5 أسئلة لتطرحها على مرؤوسيك المباشرين لتفهم شعورهم تجاه وظائفهم على نحو أفضل: 1) كيف تريد أن تنمو داخل هذه المؤسسة؟ 2) هل لديك شعور بالهدف في وظيفتك؟ 3) ما الذي يمكنني تقديمه لك لأداء عملك على أفضل وجه؟ 4) ما الذي لا تفعله الشركة حالياً وتشعر أنه يجب عليها فعله؟ 5) هل يُتاح لك القيام يومياً بما تجيده في عملك؟ إن طرح المدراء هذه الأسئلة الخمسة بصورة منتظمة عند التفاعل مع موظفيهم سيساعد في جعل الموظفين يشعرون بالتقدير. وعندما يساعد المدراء أعضاء فِرقهم في الشعور على هذا النحو، فمن المرجح أن يكافئهم الموظفون بأن يصبحوا داعمين للقسم والمؤسسة، أياً كانت مدة بقائهم فيها.
جلست سارة، وهي موظفة ستغادر الشركة، أمام مدير الموارد البشرية في شركتها لإجراء مقابلة ترك العمل. كانت سارة مسؤولة تنفيذية للتسويق في إحدى شركات الخدمات المالية، وقد استقالت بعد 5 سنوات لتشغل منصب مديرة تسويق في شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية.
عندما سألها مدير الموارد البشرية: "هل هناك أي شيء آخر كان بإمكاننا فعله لإبقائك هنا؟" سكتت سارة قليلاً، ثم قالت: "نعم، أتمنى لو كانت هناك محادثات حول أهدافي المهنية وفرص النمو".
المحادثة السابقة ما هي إلا أحد النقاشات التي تحدث غالباً بعد فوات الأوان، بعد أن تكون أفضل المواهب في طريقها بالفعل إلى ترك العمل بالشركة.
مع استمرار زيادة عدد الموظفين الذين يتركون وظائفهم في خضم موجة الاستقالة الكبرى، يجري موظفو الموارد البشرية مقابلات ترك العمل مع الموظفين الذين يستعدون لترك وظائفهم، آملين في فهم ما يحدث داخل الشركة بشكل أوضح، وغالباً ما يكتشفون، بعد فوات الأوان، أموراً لم تكن الإدارة على دراية بها. وكما ذكرت يوليتا برينجل، مستشارة المعرفة في "جمعية إدارة الموارد البشرية" (Society for Human Resources Management)، توفر مقابلات ترك العمل "طريقة لمعرفة ما يحدث، أو ما حدث بالفعل، ودفع الموظف ... إلى المغادرة".
ومع ذلك، كما توضح المحادثة أعلاه، قد تكون المحادثات مع الموظفين مقتضبة للغاية ومتأخرة للغاية أيضاً. ففي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "غالوب" (Gallup)، قال أكثر من نصف الموظفين الذين شملتهم الدراسة إنه لم يتحدث معهم أحد، بما في ذلك مدراؤهم، حول شعورهم حيال أدوارهم الوظيفية في الأشهر الثلاثة التي سبقت استقالتهم. وأكد 52% من الموظفين المستقيلين أنه كان بإمكان مدرائهم أو مؤسساتهم اتخاذ خطوات تحول دون ترك وظائفهم.
بما إني دربت مئات الموظفين في مجال الانتقال الوظيفي لأكثر من عقد، يمكنني تأكيد صحة هذه النتائج. فقد أخبرني عدد لا يحصى من العملاء أنهم تمنوا أن يطرح عليهم صاحب العمل أسئلة لتعزيز نموهم وتطورهم قبل أن يستقيلوا. وأرادوا أن يبادر مدراؤهم بطرح هذه الأسئلة، وليس أن يطرحها عليهم موظف الموارد البشرية قبيل مغادرتهم.
قبل طرح هذه الأسئلة بصفتك مديراً، من المهم معرفة ما الذي يحفز الموظفين على البقاء في المؤسسة ولماذا. تُظهر بحوث مؤسسة "غالوب" أن هناك 12 احتياجاً يمكن للمدراء تلبيتها لتحسين ارتباط الموظفين بالشركة، بما في ذلك:
- إعطاء الأولوية لتطوير الموظفين
- تهيئة الموظفين للشعور بالهدف في عملهم
- الاهتمام بالموظفين
- وضع آراء الموظفين في الاعتبار
- التركيز على نقاط قوة الموظف
ترتبط هذه المقاييس الخمسة ارتباطاً وثيقاً باستنتاجات البحث الذي نشرته "هارفارد بزنس ريفيو" مؤخراً حول استراتيجيات تعزيز استبقاء الموظفين. ومع وضع هذه الاحتياجات الخمس في الاعتبار، فكر في دمج الأسئلة أدناه في لقاءات المراجعة التي تُجرى بانتظام مع مرؤوسيك المباشرين، بحيث تطرح الأسئلة التي يريد الموظفون سماعها قبل مغادرة الشركة:
1. كيف تريد أن تنمو داخل هذه المؤسسة؟
يُعد التطوير المهني من أهم العناصر التي حددتها مؤسسة "غالوب"؛ إذ يترك ثلثا الموظفين شركاتهم بسبب نقص فرص التطوير المهني، أياً كانت رتبتهم. ومع وضع ذلك في الاعتبار، من المهم معرفة فرص النمو التي يحتاج إليها كل موظف للتطور على النحو الأمثل، سواء من خلال الرعاية أو التدريب أو التوجيه أو إبراز الدور أو مهمات العمل الصعبة.
للحصول على الإجابة، يمكن أن تطرح هذين السؤالين أيضاً: "ما هو الدور الذي تود الاضطلاع به (سواء كان موجوداً أو لا)؟ وما الذي يمكنني فعله بصفتي مديرك لتشجيعك على التطور في هذه الشركة؟".
2. هل لديك شعور بالهدف في وظيفتك؟
على مدى السنوات الخمس التي عملت فيها سارة في شركة الخدمات المالية التي كانت تستقيل منها، لم تشعر قطّ أن عملها أثّر في حياة الناس بطريقة ملموسة. بانضمام سارة إلى شركة التكنولوجيا المالية التي تعهدت بتحسين إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية والقدرة على تحمل تكاليفها للفئات السكانية المحرومة من هذه الخدمات، كانت متحمسة لأن جهودها في التسويق يمكن أن تحدث فرقاً في حياة الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحصول على رأسمال. وقد فوتت شركتها ومديرها فرصة فهم ما يُشعر سارة بالشغف والهدف في دورها في التسويق.
يمكن أن يكون للمدراء دور مؤثر في مساعدة الموظفين على فهم الكيفية التي تسهم بها أدوارهم في رسالة المؤسسة الأوسع نطاقاً. لكن مساعدة الموظفين على إدراك الغاية من أدوارهم يجب أن تكون أعمق من ذلك عبر تحديد ما يرى الموظفون أنه ذو معنى في وظائفهم والقيام بما يتصل بقيمهم.
3. ما الذي يمكنني تقديمه لك لأداء عملك على أفضل وجه؟
يحترم المدراء ذوو الكفاءة العالية موظفيهم ويهتمون بهم من خلال التعرف عليهم على المستوى الشخصي والإشادة بإنجازاتهم وإجراء محادثات حول الأداء ومراجعات رسمية للأداء. فهذه السلوكات الداعمة تبني بيئة عمل يشعر فيها الموظفون بالأمان حيال تجربة الأفكار الجديدة ومشاركة المعلومات واستكشاف الفرص الإنمائية ودعم بعضهم لبعض.
في أثناء استكشاف ما يحتاج إليه موظفوك لأداء عملهم على أفضل وجه، يمكنك أن تطرح عليهم هذه الأسئلة أيضاً: "ما هو أكثر ما يُشعرك بالإحباط؟ وما الإجراء الذي يمكنني اتخاذه لمساعدتك في التعامل معه؟ وما الذي كنت تحاول إخباري به ولم أكن أستمع إليك؟ وكيف تود أن نعرب عن تقديرنا لك؟".
4. ما الذي لا تفعله الشركة حالياً وتشعر أنه يجب عليها فعله؟
يجعل أفضل المدراء موظفيهم يشعرون أن آراءهم مهمة من خلال تعزيز الحوار المفتوح وتقديم ملاحظات صادقة حول آراء الموظفين واقتراحاتهم، ودعم الأفكار الجيدة ومناقشة الأفكار غير القابلة للتطبيق. من خلال سؤال كل عضو في الفريق عن الأشياء التي يشعر أنه يمكن للشركة القيام بها بشكل أفضل، وعن الفرص المتاحة في السوق التي ربما تغفلها الشركة، وعن كيفية الاستفادة من موارد الشركة على نحو أكثر فعالية، فأنت بذلك تؤكد لهم أن أفكارهم مهمة.
يمكنك أيضاً أن تطرح أسئلة من قبيل: "هل أنت راضٍ عن سياسة العمل من المنزل أو العمل الهجين التي تطبقها الشركة في الوقت الحالي؟ وإذا لم تكن راضياً، فما الذي تعتقد أنه ينبغي تغييره؟ وما مدى رضاك عن الأدوات التي تستخدمها للتواصل مع زملائك عند العمل عن بُعد؟".
5. هل يُتاح لك القيام يومياً بما تجيده في عملك؟
كانت سارة تركز على تحليلات البيانات في قسم التسويق. وعلى الرغم من أنها تتقن تحليل بيانات الاستخدام، فإنها لم تنظر إلى ذلك مطلقاً على أنه من نقاط قوتها. سيتيح لها دورها الجديد التركيز على ترويج العلامات التجارية واكتساب الجمهور، وهي المجالات التي تستمتع بها وتبرع فيها. وقد فوتت شركتها السابقة مجدداً فرصة الاستفادة من أفضل مواهب سارة قبل أن ترحل بها سارة إلى مؤسسة جديدة.
لتحديد ما إذا كان موظفوك يركزون على نقاط قوتهم، يمكنك أيضاً أن تطرح هذه الأسئلة: "ما هو أفضل جزء في وظيفتك؟ وأي من مواهبك لا تستغلها في دورك الحالي؟ وأي جزء من وظيفتك سوف تستبعده إذا أُتيح لك ذلك؟".
إن إجراء المحادثات مع الموظفين وطرح المدراء هذه الأسئلة الخمسة بصورة منتظمة عند التفاعل مع موظفيهم سيساعد في جعل الموظفين يشعرون بالتقدير. وعندما يساعد المدراء أعضاء فِرقهم في الشعور على هذا النحو، فمن المرجح أن يكافئهم الموظفون بأن يصبحوا داعمين للقسم والمؤسسة، أياً كانت مدة بقائهم فيها.