نظراً لأن معظم الأشخاص سيشغلون العديد من الوظائف على امتداد حياتهم المهنية، فقد تسنح لك الفرصة للمشاركة في إحدى مقابلات أسباب ترك الموظفين للعمل في مرحلة معينة أو أكثر من مرحلة خلال حياتك المهنية. وفي حين أن مقابلات ترك العمل ليست عُرفاً تمارسه جميع المؤسسات، إلا أنه إذا سنحت لك الفرصة للمشاركة في إحداها، فهي فرصة لك لتقديم تعليقات مفيدة للمؤسسة بحيث يتسنى لها التعلم والتحسن باستمرار فيما يتعلق بموظفيها الحاليين والمستقبليين.
وسواء كنت تغادر المؤسسة بحثاً عن فرصة جديدة، أو هرباً من قائد سام أو بيئة طاردة، أو التماساً لتحقيق توازن أفضل بين الحياة المهنية والشخصية، أو لتغيير مسارك المهني، أو لجميع ما سبق، يجب ألا تجعل مقابلة ترك العمل جلسة للتنفيس العاطفي. ويجدر بك أن تتحلى بالهدوء والسلوك البنّاء والتشبث بالحقائق في الوقت الذي تبقى فيها منفتحاً ومباشراً على حد سواء في ردودك. ويُنصح بإدراج المعلومات التالية في ملاحظاتك وتعليقاتك التي تُبديها:
سبب مغادرتك
هذا أمر واضح إلى حد بعيد. إذ لعل أحد مدراء التوظيف تواصل معك، دون أن تلتمس ذلك، وعرض عليك وظيفة مهمة تمثل خطوة إلى الأمام في حياتك المهنية من حيث اللقب الوظيفي والراتب. أو ربما أنت بصدد الانتقال للسكن في مكان آخر لتكون قريباً من عائلتك أو لدعم زوجتك في وظيفتها الجديدة التي بدأت العمل فيها. أو لعلك تشعر بالاحتراق الوظيفي وتحتاج إلى راحة للتفكير ملياً في الأمور التي تريدها فعلاً في حياتك المهنية والشخصية. ومن المفيد للمؤسسة معرفة ذلك، ويمكن أن يتيح للشخص الذي يُجري مقابلة ترك العمل سبر أغوار الجوانب الأخرى في المقابلة.
مدى اتصاف وظيفتك بالتنظيم وما إذا كنت تتمتع بالأدوات الملائمة لتحقيق النجاح
إلى أي مدى كانت وظيفتك هادفة ومحفزة بما يتيح لك أداء العمل الذي تستمتع به بدرجة أكبر؟ هل يهيئ لك مديرك فرصاً لاستخدام نقاط القوة لديك؟ يجب عليك أيضاً إطلاع الأشخاص القائمين بالمقابلة على مدى شعورك بأن مديرك كان يدعمك ويساعدك في إزالة العقبات التي تعترض طريقك، وما إذا كنت تشعر بأنك تتمتع بالموارد المناسبة لأداء وظيفتك على أفضل وجه. وتشمل هذه الموارد الميزانية والموظفين والوسائل الأخرى مثل البرمجيات المناسبة لتسهيل عملك.
ما إذا كانت قد أتيحت لك فرص للتعلم والنمو
وفق الدراسة التي أجرتها مؤسسة "غالوب"، فإن 32% من الموظفين يستقيلون من وظائفهم بسبب انعدام فرص التطور أو الترقّي الوظيفي. يجب عليك إطلاع الأشخاص القائمين بالمقابلة على مدى شعورك بأنك تتمتع بمسار وظيفي واضح داخل المؤسسة، وما إذا كانت قد أتيحت لك الفرص لاكتساب مهارات وخبرات جديدة خلال فترة عملك، مثل المهام متوسعة المجال التي تتجاوز المهام الأساسية أو المشاريع ذات المخاطر العالية التي أتاحت لك التطور في وظيفتك. يجب عليك أيضاً إطلاع الأشخاص القائمين بالمقابلة بشأن ما إذا كان مديرك يقدم لك باستمرار ملاحظات ذات منحى عملي (ملاحظات إيجابية وأخرى متعلقة بالتحسين على حد سواء) أتاحت لك التعلم باستمرار والتحسن في وظيفتك.
ما شعورك حيال مديرك والقادة الآخرين
تمثل هذه الجزئية فرصة لإبداء العرفان للمدراء والقادة الأكفاء وإبراز العوامل التي صنعت كفاءتهم، فضلاً عن تحديد المدراء والقادة السامّين. إذا أفسح لك مديرك المجال لاتخاذ قرارات وأظهر ذكاء عاطفياً مميزاً في تعامله معك، فتلك تعد معلومات مفيدة للمؤسسة، تماماً مثلما هي مفيدة لمعرفة المدراء الذين قد ينتقصون من بيئة العمل الإيجابية أو حتى يكونون أحد العوامل التي أسهمت في قرارك بمغادرة المؤسسة. ويمكن أن يظهر ذلك في مدير يُبدي سلوكاً تنمّرياً أو يستخدم أسلوباً في الإدارة يقوم على بث الخوف. وعلى وجه الخصوص، عندما تُكرر العديد من مقابلات ترك الخدمة نفس الملاحظات السلبية، يصبح لدى المؤسسة دافع أكبر للتصرف بناء عليها. إذ ربما توفر التوجيه للقائد المعنِي للمساعدة في زيادة وعيه والحد من سلوكياته غير المجدية، أو المساعدة -في أشد الحالات تطرفاً- في إجراء تحقيق يمكن أن يقود إلى اتخاذ المزيد من التدابير. ويجدر بك ألا تنظر إلى هذا على أنه "وشاية" بأي أحد، بل بصفته تسليطاً للضوء على إحدى المشكلات التي يتعين حلها لتحسين الأمور لزملائك الذين ستغادرهم عما قريب وكذلك لموظفي المؤسسة في المستقبل.
أكثر ما أعجبك في وظيفتك وفي الشركة
حريّ بإجابتك أن تتضمن العوامل الإيجابية لتجربتك في المؤسسة، مثل أكثر ما كان ينال إعجابك وتقديرك حيال الوظيفة والفريق والمؤسسة. إذ إنه مثلما يجب أن يسمع الأشخاص الملاحظات الإيجابية من أجل معرفة ما ينبغي لهم الاستمرار في فعله، كذلك الحال بالنسبة للمؤسسات. وينبغي أن يتضمن ذلك المكاسب المحددة الممنوحة واستثمار المؤسسة في تعليمك وتطويرك، أو أي جانب من جوانب ثقافة الشركة يُعد أكثر ما تقدّره فيها.
أهم توصياتك للتحسين
يجدر بك تحديد أهم مجال أو مجالين من مجالات التحسين داخل المؤسسة. ويمكن أن تكون هذه المجالات هي العوامل التي ربما كان من شأنها الحيلولة دون مغادرتك الشركة (إذا كانت توجد مثل هذه المجالات حسب رأيك). ويمكن أن تشتمل هذه التوصيات على أشياء مثل خيارات أكثر مرونة في العمل، وأجور أكثر تنافسية (دائماً ما تكون البيانات مفيدة في هذه الحالة إذا كان بوسعك إطلاعهم عليها)، وثقافة أكثر ترحيباً بالآراء المخالفة، وآليات أفضل للتعليقات التصاعدية، وغير ذلك.
من شأن تخصيص الوقت لإطلاع لجنة المقابلة على المعلومات المذكورة أعلاه أن يساعد في تركيز جهود التحسين في المؤسسة، حيث يعمل القادة البارعون على تحسين الأمور للآخرين، وتعد مقابلة ترك العمل وسيلة مبسطة، لكنها مهمة، للمساهمة في تحقيق هذه الغاية.