هل سمعت بالكلمة اليابانية "أوتاكو"؟ إنها تعني الشغف بشيء ما لدرجة الهوس، لقد دخلت هذه الكلمة في اللغة الإنجليزية وباتت تستخدم كمصطلح يعبر عن الشغف. بل إن خبراء التسويق باتوا يبحثون هذا "الأوتاكو" لدى المستهلكين والمنتجين لضمان عملية نجاح تسويق المنتجات. وبحسب خبير التسويق العالمي سيث غودن في كتابه "البقرة الأرجوانية" (Purple Cow)، فإن سبب نجاح شركة "ستاربكس" هو أن هوارد شولتز، رئيس الشركة، مهووس بالقهوة ولديه "تاكو" القهوة، وهذا ما جعلها ناجحة، ولو قارنت ما بين الشوكولاتة في مقاهي "ستاربكس" والقهوة، ستجد أن الشوكولاتة ليست بجودة القهوة، لماذا؟ ببساطة لأن شولتز رئيس الشركة ليس مهووساً بالشوكولاتة وليس خبيراً فيها كما يفهم كل أنواع القهوة ويتذوقها ويميز بين أنواعها وطريقة إعدادها بطريقة لا يمكن لكثير منا تصورها.
وبحسب الباحث غريغ ساتيل في مقاله "خبراء تسويق المحتوى بحاجة إلى التصرف كناشرين"، فإن أكبر أخطاء المسوقين هي أنهم قد يحاولون جذب الانتباه والترويج للمنتج دون فهم رسالته والهدف الذي يحاول الوصول إليه، والذي هو في النهاية عقلية الناشر لهذا المحتوى وشغفه وهوسه، بينما قد يتعامل مسوق المحتوى معه على أنه مجرد محتوى أو مجرد منتج لا يختلف عن غيره.
واليوم يدعو الخبراء والباحثون لتحويل كل موظفي الشركة إلى أصحاب "أوتاكو" للمنتج، وغرس هذا الشغف في أذهانهم جميعاً، وهذا ما تؤكده فيكتوريا غريدي، أستاذة السلوك التنظيمي في جامعة "جورج ميسون"، في مقال نشرته بعنوان "3 أدوات تساعد القادة على تثبيت فرقهم في أثناء عملية التحول"، ومن أبرز هذه الأدوات بناء الصلة بالهدف أو رسالة المنتج والشركة لدى جميع الموظفين، إذ تشير الأبحاث بحسب الكاتبة إلى أن الثقافات الغربية تركز غالباً على الشخصية الفردية أكثر من تركيزها على الشخصية الجماعية. وقد كان التغيير الهائل الذي نتج عن جائحة "كوفيد-19" بمثابة تذكير مفاجئ لهذه المجتمعات بالقوة الكبيرة التي يولدها العمل التعاوني بين الأفراد وبقائهم على اتصال مستمر. وتحديداً، فإن الصلة بشيء مشترك كالهدف أو الرسالة أو الدليل المرشد يتيح للأفراد التركيز على شيء أكبر من الألم الآني الذي يولده التغيير أو الغموض. ويمكن أن يتمتع هذا الأمر بقوة هائلة في مكان العمل. خذ، مثلاً، القصة التي رويت كثيراً عن الحاجب الذي يعمل في وكالة ناسا، حين سأله الرئيس جون كينيدي في زيارته للوكالة في عام 1961: "ماذا تفعل؟" فأجاب: "أنا أساعد في إيصال الإنسان إلى القمر". تستخدم هذه القصة في توضيح العمق الذي تصل إليه رسالة المؤسسة، ودور ذلك في مساعدة وكالة "ناسا" على النجاح في تحقيق أهدافها الطموحة.
يبدأ هذا الشغف عند مؤسس الشركة أو رئيسها وينتقل إلى كافة الفريق عبر خلق "أوتاكو" عند الجميع تجاه المنتج. وبالمناسبة تعني هذه الكلمة اليابانية "منزلك" أو "مكانك"، وهي الحالة التي تجعل كل موظفي الشركة يشعرون بأن عملهم يمثل منزلهم. ومن الأمثلة الناجحة عن هذه الحالة هي شغف المدير الذي أدى لنقلة نوعية في جودة المنتج وتسويقه، هو ما رواه سيث غودن في كتاب "البقرة الأرجوانية"، أن مدير متجر مثلجات "هاجن داز" بدأ فكرة عبّرت عن شغفه بجودة منتجه وأسهمت في انتشاره وثقة الناس به، هي أنه كان يضع بطاقات واضحة عند تأسيس الشركة ويعلقها في متاجر "هاجن داز" وقد كتب عليها: "إذا كان لديك أي تعليقات بشأن المتجر، يرجى الاتصال بي على المنزل. وقد وضع بالفعل رقم منزله على البطاقة. وهذا ربما هو أوضح مثال على تجسيد معنى "أوتاكو"، "منزلك".