كيف تحمي نفسك من ضغوط العودة إلى المكتب؟

5 دقائق
العودة إلى المكتب

ملخص: تعتبر حماية الموظفين من التعرض للضغوط إبان العودة إلى المكتب مهمة يجب على جميع المدراء مراعاتها، ذلك لأن السماح للمرؤوسين المباشرين بالتعبير عن مشاعرهم سيؤدي إلى زيادة القلق وإدامة حلقة الخوف المفرغة. يعرض المؤلف عدة استراتيجيات تجنّبك أن تصبح إسفنجة عاطفية عند إبدائك التعاطف مع احتياجات فريقك ومخاوفه: 1) قيّم مشاعرك العاطفية. 2) ضع بعض الحدود. 3) تعاطف، لكن لا تدع مشاعر الآخرين تسيطر عليك. 4) مارس التنظيم المشترك. 5) عزز قدرة الآخرين على التحمل. 6) ابتكر طريقة ما لتصفية ذهنك.

 

"لا أفهم كيف سأعاود العمل في المكتب، لقد تجاوزت للتو مرحلة التكيف مع العمل من المنزل"، كان ذلك ما قالته موكلتي لمى، نائبة رئيس التسويق، والقلق بادٍ على وجهها. ثم تنهدت بعمق وتابعت: "وأكثر ما يقلقني هو كيفية التعامل مع مشاعر فريقي؛ فالجميع قلقون ومتوترون للغاية، وقد بدأ ذلك الأمر يلقي بظلاله على معنوياتهم ومعنوياتي أيضاً".

وتساور المخاوف ذاتها العديد من القادة الذين أدربهم؛ إذ بينما تكشف الشركات اليوم عن خططها للعودة إلى المكاتب، تصل مخاوف الموظفين إلى ذروتها. ومعروفة هي بالطبع الأسباب التي تؤجج مخاوف الصحة والسلامة تلك (هل يرتدي الجميع الكمامات؟ كيف يمكن الحد من انتشار الجراثيم في الأماكن المشتركة؟). وتوجد أيضاً ضغوط إعادة التأقلم مع الديناميكيات الشخصية (قال لي أحد العملاء: "نسيت كيفية بدء حديث جانبي"، وقال آخر: "لا أعتقد أن لدي سروالاً يناسبني هذه الأيام").

لا يؤثر قلق العودة إلى المكتب على الموظف الذي يشعر به فقط، بل إن مشاعر القلق والتوتر تلك معدية، وهو تأثير نفسي يُدعى بالعدوى العاطفية. إذ أظهرت البحوث أنه من الممكن "التأثر" بمشاعر الآخرين بالفعل. بعبارة أخرى، يحاكي البشر بفطرتهم (ودون وعي) سلوكات ومواقف وتعبيرات وجوه الأشخاص الذين يقضون كثيراً من الوقت معهم. وينطبق ذلك خاصة على الفرق في مكان العمل أيضاً. ومن المحتمل أنك تعرّضت لعدوى عاطفية من قبل، كأن يؤدي المزاج السلبي لشخص ما إلى خفض طاقة الاجتماع، أو عندما حفّزت سلوكيات شراء المواد لدى صديقك بدافع الهلع في ذروة الجائحة فورة التسوق لديك.

وتعتبر حماية الموظفين من التعرض للعدوى العاطفية إبان العودة إلى المكتب مهمة يجب على جميع المدراء مراعاتها، ذلك لأن السماح للمرؤوسين المباشرين بالتعبير عن مشاعرهم سيؤدي إلى زيادة القلق وإدامة حلقة الخوف المفرغة. وليس ذلك فحسب، وإنما قد تضر العدوى العاطفية رفاهتك كقائد؛ أي قد تؤثر الحالة المزاجية لمن هم حولك على حالتك المزاجية. وينطبق ذلك بشكل خاص على مجموعة معينة أدعوها المناضلين الحساسين. يمثل هؤلاء القادة حوالي 20% من العدد، إذ لديهم دارات أكثر نشاطاً في الخلايا المتعلقة بالتعاطف في الدماغ (تدعى عصبونات التعاطف)، وهو ما يجعلهم أكثر تأثراً وتفاعلاً مع مشاعر الآخرين وسلوكياتهم.

كيف تحمي نفسك إذاً من "التقاط" عدوى التوتر عند عودتك للعمل من المكتب؟ إليك استراتيجيات تجنبك أن تصبح إسفنجة عاطفية عند إبدائك التعاطف مع احتياجات فريقك ومخاوفه:

1) قيّم مشاعرك العاطفية

قد تكون أنت المصدر الأساسي للعدوى العاطفية بصفتك قائداً. اعتبر نفسك الشخص المحرّض للمزاج، إذ من الطبيعي أن يولي الآخرون اهتماماً بسلوكك بالدرجة الأولى نظراً لقوتك وسلطتك. فإذا كانت محادثاتك مشبعة بالهموم والمخاوف، فسيلتقط فريقك تلك المشاعر، وسيصبح المزاج السيئ سريع "التأثير" و"الانتشار" بين الآخرين. ولهذا السبب، من المهم أن تتحقق من مشاعرك بشكل دوري على مدار اليوم لتكون على وعي بالمشاعر التي "تنقلها" في تفاعلاتك. وينطبق ذلك على كل من التفاعلات وجهاً لوجه والتفاعلات الافتراضية، إذ يجب عليك أن تكون واعياً بأسلوب كلامك والمشاعر التي تنقلها. وأوصي عملائي دائماً باستخدام متتبع بسيط للحالة المزاجية لمراقبة مشاعرهم. يمكنك أيضاً اتباع طرق إبداعية، كأن تضبط خلفية هاتفك لتعرض لك سؤالاً بسيطاً تتحقق فيه من حالتك النفسية، مثل: "كيف أشعر الآن؟" أو أن تضبط إشعاراً ضمن جدول مواعيدك يذكّرك بتقييم حالتك العاطفية بوعي.

2) ضع بعض الحدود

عندما يعبر مرؤوس مباشر عن مخاوفه بشأن العودة إلى المكتب، قد تأخذ تلك المخاوف على محمل شخصي وتشكك في قدرتك وكفاءتك كمدير، إذ قد يؤدي توتره إلى إثارة مشاعر القلق لديك، وقد تقول في قرارة نفسك: "هل يجب أن أكون أكثر قلقاً؟ ماذا لو اعتقدوا أنني فشلت في مساندتهم وحمايتهم؟". إذا كنت من المناضلين الحساسين، فقد تتأثر بتلك التفاعلات لدرجة أن يدوم التأثير الذي تحدثه فيك لساعات أو أيام. ويُعد التخيل طريقة مفيدة لخلق الانفصال وحماية نفسك من مشاعر الآخرين. تخيل أن هناك لوحاً زجاجياً بينك وبين الشخص الآخر يحجب ردود فعله وأثرها عليك. ويتمثّل التصور الرائع الآخر في أن "تغلق سحاباً يحجبك عن الآخرين". ضع يدك أسفل بطنك، ثم ارسم خطاً وهمياً يمتد من جسمك إلى أعلى رأسك، كما لو كنت تغلق سحاب معطفك.

3) تعاطف، لكن لا تدع مشاعر الآخرين تسيطر عليك

لا تنخرط في التفكير المستند إلى الخوف مع فريقك. يمكنك أن تعبّر عن مخاوفك بشكل مباشر لكن تجنب إبداء الشكوى أو نشر مشاعر القلق بين الآخرين. وحاول الاستفادة من التعاطف في تلك الحالة؛ أي اعتبر تلك اللحظات فرصة لإبداء التراحم والتحقق من مشاعر الشخص الآخر. وشجع على حل المشكلات التي ترتكز على الحلول من خلال استخدام الأسئلة. وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

  • من المنطقي أن تشعر بالقلق إزاء العودة إلى المكتب، لنفكر بطرق تجعل عملية الانتقال سلسة بالنسبة لك.
  • سمعت أنك قلق بشأن جدول عملنا الهجين الجديد، ما هي الحلول التي توصلت إليها فيما يتعلق بترتيب أولويات عبء عملك؟
  • أتفهم تماماً أن الوضع الحالي وحالة القلق السائدة تُرهق الأعصاب، كيف يمكنني دعمك خلال هذا الوقت بصفتي مديرك؟

4) مارس التنظيم المشترك

إن العدوى العاطفية ليست سيئة تماماً، والحقيقة هي أن المشاعر الإيجابية قد تنتشر أيضاً. لذلك، استغل حقيقة أن جهازك العصبي يعمل لصالحك باستخدام تقنية تُدعى التنظيم المشترك. يحدث التنظيم المشترك عندما تهدئ أو تريح نفسك عن قصد، وهو ما يحفز الأشخاص الموجودين معك ويحثّهم على فعل الشيء نفسه. فإذا كنت تتعامل مع مرؤوس مباشر يشعر بالتوتر، فأبطئ إيقاع تنفسك بوعي وخذ أنفاساً عميقة من بطنك، ثم تحدث بهدوء وبطء (وهو ما أدعوه بـ "صوت المعالج"). يمكنك أيضاً استخدام لغة جسد مريحة، كأن تخفض مستوى كتفيك وتريح جسدك في مقعدك، وستلاحظ حينها تغيرات في مزاجك، وستدرك أن ذعر زميلك يتضاءل أيضاً.

5) عزز قدرة الآخرين على التحمل

وجدت بحوث علم النفس أنك بحاجة إلى 5 تفاعلات إيجابية لتتغلب على تفاعل سلبي واحد. وذلك يعني أنه يمكنك قلب تأثير العدوى العاطفية من خلال تقديم الثناء والتقدير والإطراء لفريقك. على سبيل المثال، حاول بدء الاجتماعات بأن تطلب من كل شخص مشاركة إنجازاته التي حققها الأسبوع الماضي. أو خصص بعضاً من الوقت في اجتماعاتك وجهاً لوجه مع الموظفين تتحدث فيها عن المجالات التي يحققون فيها النمو وتساعدهم على تحسين أدائهم. يمكنك أيضاً إطلاق قناة "التألق" على منصة التراسل في شركتك يقر فيها أعضاء الفريق بمساهمات بعضهم البعض ويحتفلون بنجاح مشاريعهم، إذ تخلق تلك الجهود ثقافة عاطفية أكثر إيجابية توازن آثار العدوى.

6) ابتكر طريقة ما لتصفية ذهنك

يُعد الانفصال الذهني بعد العمل أمراً بالغ الأهمية لتتأكد أنك لا تحمل المزاج السيئ معك لساعات. وأوصي بممارسة طقوس انتقالية ترمز إلى الانتقال من وضع العمل إلى الوقت الشخصي. على سبيل المثال، يمكنك إنهاء اليوم بالتفكير في أهم إنجازاتك أو الخبرات التي اكتسبتها. وإذا واصلت تنقلاتك من المكتب وإليه، فيمكنك الاستماع إلى مدونة صوتية (بودكاست) أو كتاب صوتي غير متعلق بالعمل في الطريق لتتخلص من الضغوط. وغالباً ما يرغب زبائني الذين لا يزالون يعملون من المنزل في تغيير ملابسهم للإشارة إلى نهاية يوم العمل. والأهم من ذلك، تذكر أن أفضل القادة وأكثرهم قدرة على التحمل عاطفياً هم الذين يجعلون الرعاية الذاتية أمراً غير قابل للتفاوض، فهم لا يعتبرون التوقف عن العمل "كسلاً"، بل استثمار أساسي في أدائهم في أماكن عملهم.

لا بد أن القلق من العودة إلى المكتب سيؤثر علينا جميعاً في الأشهر المقبلة، وقد يؤدي استخدام هذه الاستراتيجيات إلى منع العدوى العاطفية من إحباطك وإحباط فريقك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي