كيف تضع الحدود لزميل ثرثار؟

5 دقائق
زميل ثرثار

ملخص: قد تعتقد أنك شخص معطاء أو صبور عندما تستمع إلى ثرثرة زميل عمل يتحدث دون توقف، لكن صبرك ذلك قد يجعل مشاعر الاستياء تتفاقم داخلك، وهو أمر يضر برفاهتك العاطفية وإنتاجيتك. وتقدم المؤلفة نصائح لوضع حدود مع الزميل الثرثار بطريقة دبلوماسية ومتعاطفة تتيح لك إنجاز أعمالك: 1) استبق رغبتهم في الحديث. 2) وجه الحديث لنهايته. 3) أتقن فن المقاطعة. 4) تحدث بلغة المتكلّم. 5) ضع وقتاً محدداً للحوار. 6) خصص يوماً للحديث عن الموضوع بكل تفاصيله.

وصلت شذى إلى جلسة التدريب التي عقدناها وهي تشعر بالإنهاك والاضطراب. وقالت وهي تستشيط غضباً وترفع يديها: "لا أستطيع تحمل ذلك الوضع بعد الآن". وأوضحت شذى أنها عقدت اجتماعاً مع نظيرها الثرثار في فريق علم البيانات. إذ على الرغم من أنها استمتعت بالعمل معه بشكل عام، شعرت بالإحباط لأن جلسات التخطيط التي كانا يعقدانها بانتظام تمتد إلى نحو 20 إلى 30 دقيقة إضافية بعد الوقت المحدد، وهو ما يتسبب في تأخرها عن مواعيدها الأخرى. كان زميل شذى يحب النميمة والثرثرة، ويُعيد الكلام نفسه حول تحليلاتهم المحوسبة دون أن يتيح للآخرين فرصة المشاركة في الحديث.

ومن المحتمل أننا تعرضنا للموقف نفسه في مرحلة ما من حياتنا المهنية؛ أي: عملنا مع الزميل الثرثار. قد يكون ذلك الشخص الذي يكتب لك على منصة التراسل في العمل طوال اليوم، أو ذاك الذي يجلس عند مكتبك دون سابق إنذار ليحدثك عن عطلة نهاية الأسبوع التي قضاها، أو ذاك الذي يتصل بك قائلاً إنه يرغب في الدردشة مدة 10 دقائق (الحديث الذي يتحول إلى ساعة).

وبصفتي مدربة شذى، بدا من الواضح لي أنها بحاجة إلى وضع حدود لنظيرها في إدارة علوم البيانات، لكن عندما طرحتُ عليها تلك الفكرة، شعرت بالقلق قائلة: "أعلم أنه يهدر وقتي، وهو أمر مزعج، لكنني لا أريد أن أكون وقحة أو فظة بقطع صلتي معه. لا يزال عليّ العمل معه، ولا يمكنني أن أجعله يكرهني". لم تفاجئني مقاومة شذى، كما أن ردّ فعلها شائع بين العديد من المهنيين والقادة الذين أدربهم. إذ على الرغم من أنهم ذوو إنجازات عالية وحساسون للغاية (وهم ما أطلق عليهم لقب المناضلين الحساسين)، تجدهم متفهمين تماماً للديناميات العاطفية ومتعاطفين مع احتياجات الآخرين. وعلى الرغم من أن تلك الصفات قد تجعل من المناضلين الحساسين قادة أقوياء، لديهم ميل أيضاً إلى إرضاء الناس وتجنب النزاع.

وإذا كنت تخشى أن وضع حدود مع الزميل الثرثار في حياتك سيجعله يشعر بالإساءة أو يضر علاقتك به، ففكر في الأثر الذي يخلفه صبرك عليه فيك. قد تعتقد أنك شخص معطاء أو صبور عندما تستمتع إلى أحاديثهم التي لا تنتهي، لكن صبرك ذلك قد يجعل مشاعر الاستياء تتفاقم داخلك، وهو ما يضر برفاهتك العاطفية وإنتاجيتك. وعلى الرغم من أن لجوء الأفراد إلى الثرثرة عائد إلى أسباب كثيرة (الأنا والقلق وعدم التنظيم، على سبيل المثال لا الحصر)، فمن مسؤوليتك تجاه نفسك وبقية فريقك أن تضع حدوداً بطريقة دبلوماسية ومتفهمة تتيح لك إنجاز عملك. وإليكم فيما يلي بعض الطرق للقيام بذلك:

استبق رغبتهم في الحديث

خصص لحظة لتفكر في زميل ثرثار الذين تعمل معهم على أساس منتظم. يتيح لك تحديد هؤلاء الأفراد مسبقاً توقع طبيعة التفاعلات معهم والاستعداد لها بشكل أفضل. اذكر حدودك في بداية اجتماعك أو محادثتك بوضوح، لا سيّما مقدار الوقت المتاح لك للحديث. قد تقول: "لدي 10 دقائق فقط للدردشة الآن"، أو "يجب أن أنهي الاجتماع عند تمام هذه الساعة". ولست مضطراً بالطبع إلى تقديم تفسير حول سبب رغبتك في إنهاء الحديث باكراً، فحاجتك إلى الحصول على راحة أو أخذ استراحة بسيطة أو إنجاز مهامك يعتبر مبرراً كافياً. ومن المهم أن تلتزم بحدودك، وتنهي الاجتماع في الوقت الذي حددته. لكن إن لم تلتزم بالوقت، فأنت بذلك توصل رسالة إلى الشخص الآخر مفادها أنه لا بأس في عدم احترام رغباتك أو أخذها على محمل الجد.

وجه الحديث لنهايته

لنفترض أنك أخبرت زميلك أن لديك اجتماعاً آخر عند تمام الساعة الحالية. أبلغه بعد أن تنقضي مدة 45 دقيقة من الاجتماع بقرب موعد انتهائه وابدأ تلخيص النقاط الرئيسية، كأن تقول: "لدي 15 دقيقة للدردشة فقط. دعنا خلال هذا الوقت المتبقي نناقش خطوات العمل التالية. النقاط الرئيسية التي استخلصتها من هذه المحادثة هي أنك ستتولى العمل على "إكس" في حين أنني سأتولى العمل على "واي". يمكنك أيضاً استخدام نهج التوجيه، كأن تطرح سؤالاً عليه مثل: "شارف وقت الاجتماع على الانتهاء، أخبرني بينما نختتم حديثنا: ما هي الأفكار التي نالت إعجابك من جلسة العصف الذهني اليوم؟".

أتقن فن المقاطعة

قد يكون التدخل صعباً، لكنه ليس مستحيلاً. ابدأ بأدب بعبارات مثل: "هل يمكنني مشاركة أفكاري حول هذا الموضوع؟" أو "اسمح لي بإضافة فكرة قبل أن نمضي قدماً..." يمكنك استخدام إيماءات اليد أيضاً، كرفع يدك أو سبابتك برفق. إذا كان اجتماعك افتراضياً، فاكتب في الدردشة أنك تود مشاركة رأيك حتى يمنحك قائد الاجتماع فرصة الحديث. ويمثّل إلغاء كتم الصوت إشارة أخرى إلى رغبتك في المشاركة. قد تمر أوقات يتعين عليك فيها التدخل بحزم، ويمكنك في تلك الحالة استخدام تقنية تأكيد الذات المعروفة باسم شريط التسجيل المعطل. وتنطوي تلك التقنية على ذكر عبارة واحدة بشكل متكرر وبنبرة واحدة. كأن تقول مثلاً اسم الشخص ("عمر، عمر، عمر، عذراً، لكن يجب أن أعود للعمل") أو تكرر عبارة ("يجب أن نتوقف عند هذا الحد. يجب أن نتوقف عند هذا الحد").

تحدّث بلغة المتكلّم

من المهم عند وضعك الحدود أن تستخدم لغة "أنا" للتعبير عن أفكارك ومشاعرك وأن تكون مسؤولاً عن أقوالك. وذلك يعني التحدث بلغة الشخص الأول (أنا) بدلاً من لغة الشخص المخاطب (أنت). قد يبدو ذلك في الممارسة العملية مثل:

  • أنا أعمل على مشروع اقترب موعده النهائي ولا يمكنني الدردشة الآن.
  • أحتاج إلى وقت للتركيز لأقدم أفضل ما لدي، وأشكرك على تفهم ذلك.
  • أشعر بالإرهاق في الوقت الحالي وليس لدي القدرة على المساهمة في هذه المحادثة بالطريقة التي أرغب فيها. هل يمكننا التواصل الأسبوع المقبل؟
  • أعلم في الماضي أنني تمكنت من تقديم الدعم حول تلك المشكلة، لكن لدي أولويات جديدة تتطلب كامل انتباهي.
  • يؤسفني قول ذلك، لكنني أبذل جهداً للتواصل بصدق وأشعر أن محادثاتنا غير متوازنة في الوقت الحالي. هل يمكننا مناقشة كيفية حل تلك المشكلة؟

ضع وقتاً محدداً للحوار

قد يطرح الزميل الثرثار في مكان عملك عليك الأسئلة أحياناً ويطلب المشورة والتوجيه. وإذا كانت تلك هي الحالة، فابتكر بعض الأساليب لتنظيم الطلبات التي تعترض طريقك حتى لا تتعرض للمقاطعة طوال الوقت. يفضّل العديد من عملائي تخصيص "ساعات عمل" أو أوقات زمنية مخصصة تتيح لأعضاء الفريق المشاركة في المناقشات المرتجلة واستكشاف الأخطاء وإصلاحها وغير ذلك. ويمكنك من خلال تلك الطريقة أن تقول لزميلك في المرة القادمة التي تجتمع فيها معه: "هذا موضوع رائع أحب الحديث عنه أكثر. ما رأيك في مناقشته خلال ساعات عملي في المكتب يوم الاثنين الساعة 3 مساءً. لقد خصصت هذا الوقت لمناقشة مثل تلك القضايا".

خصص يوماً للحديث عن الموضوع بكل تفاصيله

قد يتطلب حديث زميلك في النهاية إجراء محادثة متابعة أوسع. ويعد هذا أمراً بالغ الأهمية إذا كان للثرثرة تأثير سلبي كبير عليك أو على فريقك، أو كانت تسفر عن تأخرك في عملك، أو عن فقدان الإنتاجية، أو عن تجربة عملاء سيئة، على سبيل المثال. وإذا كانت تلك هي الحالة، فابدأ اغتنام الفرصة لإعادة تنظيم التوقعات حول علاقات عملك. راجع ساعات العمل ومدى إتاحتك، وكيفية تنظيم جداول أعمال الاجتماعات، والشروط التي يحتاج إليها كلاكما لتقديم أفضل أداء.

وعلى الرغم من أن وضع الحدود للآخرين، بمن فيهم الزميل الثرثار في العمل، هو أمر صعب، فقد يمثّل فرصة لتعزيز ثقتك بنفسك. لكن تذكر أنه في كل مرة تضع فيها حداً فأنت تثبت لنفسك أن رغباتك وتفضيلاتك وطاقتك مهمة ويجب عليك أن تقدر قيمتها بقدر ما تقدر قيمة أي شخص آخر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي