ملخص: عندما نجد فرصة عمل جديدة تتطلب مهارات جديدة، غالباً ما نشكك في كفاءتنا. فالانتقال من وظيفة إلى أخرى يتطلب أن نسلك مسارات لم نسلكها من قبل. وخوفنا من الفشل هو ما يجعلنا نتردد في اغتنام الفرصة.
هناك 4 عوائق تقف في طريق الناجحين مهنياً عند اتخاذ خطوتهم المهنية الكبيرة التالية، ويجب عليهم تخطيها للتخلص من عدم ثقتهم بأنفسهم ومن أجل التغلب على المخاوف أيضاً. أولاً، "يجب أن أُرضي الجميع". ابحث عن الخط الفاصل بين ما تريد القيام به وما يجب عليك القيام به، لتتحمل مسؤولية اختياراتك وقراراتك. ثانياً، "يجب أن تكون رؤيتي جاهزة ومثالية". تصوُّر القادة لرؤاهم يستغرق وقتاً، ويحتاج إلى طلب المساعدة ممن حولك. ثالثاً، "لا أشعر بالأمان". تخلص من الأفكار والافتراضات المسبقة، وجرّب أشياء جديدة لتنمو وتتطور. أخيراً، "سوف يُنظر إلي على أنني كسول وأناني وضعيف أمام رغباتي". لن تصبح قائمة المهمات خالية أبداً، ويجب أن تكون صريحاً بشأن حاجتك إلى الرعاية الذاتية.
هل سبق لك أن عملت بجد للحصول على ترقية ولكنك ترددت وأنت على مشارف الفوز بها؟
غالباً ما نشكك في كفاءتنا ونحن على أبواب القيام بانتقالات وظيفية كبيرة تتطلب اكتساب مهارات جديدة. تؤهلنا نجاحاتنا للوصول إلى هذه المناصب الجديدة، ولكن بعد أن نصبح على مشارف الحصول عليها، يبدأ الشك في التسلل إلى أنفسنا، ما يحد من حماسنا تجاه صقل مهارتنا ويقيد تطلعاتنا المهنية. وبينما نشكك في قدرتنا على تحمل المسؤولية، فإننا نجازف بالانسحاب من الدور الجديد قبل توليه.
بحلول الوقت الذي نصبح جاهزين فيه لتولي دور أكبر في العمل، نكون في قمة تألقنا في أدوارنا الحالية، وفي الغالب هذا هو أحد الشروط الأساسية لترشيحنا للاضطلاع بمسؤولية أكبر. ولكن نجاحاتنا تجعلنا نرغب في قبول التحديات التي نعرف كيفية التعامل معها فقط، فالانتقال من وظيفة إلى أخرى يتطلب أن نسلك مسارات لم نسلكها من قبل. وخوفنا من الفشل هو ما يجعلنا نتردد في اغتنام الفرصة.
على سبيل المثال، عندما كنت (إيفلين) أستاذة مشاركة ومديرة طبية بجامعة واشنطن و"مستشفى سياتل للأطفال" (Seattle Children’s Hospital)، كنت أحلم بتغيير العالم من خلال تغيير مفهوم النجاح في مجال الطب الأكاديمي، ما سيؤدي إلى تحسين حياة المرضى من خلال تحسين حياة مقدمي الرعاية الصحية. وكانت دعوتي إلى إجراء مقابلة لشغل منصب رئيس القسم بدوام كامل بمثابة البوابة إلى تحقيق أمنياتي. لكنني شعرت بالخوف من ألا أكون مستعدة، وأن أخيب آمال الآخرين، وأن أواجه انتقادات، وأن أرزح تحت وطأة توقعات الآخرين وأحكامهم.
أتيت إلى سابينا طلباً للمساعدة. ذكر آدم غرانت في كتابه "فكر مجدداً" (Think Again) أنه من المهم فصل حاضرنا عن ماضينا ورأينا عن هويتنا، عندما نحتاج إلى إعادة النظر في آرائنا الخاطئة. شجعتني سابينا على نبذ جميع شكوكي للتخلص من مشاعري السلبية وافتراضاتي الخاطئة. وقد ساعدني ذلك في التغلب على الإحباط المفاجئ الذي شعرت به، بدلاً من الحماس الذي توقعت كلتانا أن أشعر به.
على مدار جلسات التدريب الإرشادي العديدة التالية، اكتشفنا 4 عوائق، وجميعها منتشرة فيما بين الناجحين مهنياً الذين يواجهون خطوتهم المهنية الكبيرة التالية، والاستراتيجيات التي يمكننا استخدامها للتغلب عليها.
يجب أن أُرضي الجميع
كنت محبطة لأنني شعرت أن عبء المسؤوليات الجديدة سيكون مهلكاً؛ إذ إنني سأحتاج إلى التعامل مع ضغوط أكبر والوفاء بتوقعات الجميع في دوري الجديد. وبدأت التفكير بعقلية الضحية. اعتقدت أنني لن أكون قادرة على رفض أي مهمة يتوقع الآخرون أن أقوم بها أو التوقف عن العمل حتى إن لم تكن هناك سوى رسالة بريد إلكتروني واحدة تحتاج إلى ردي.
طلبت مني سابينا إعداد قائمة تضم ما أريد القيام به وما يجب عليّ القيام به. وقد ساعدتني هذه القائمة على تحديد مهماتي بدلاً من تحقيق أمنيات الآخرين أو القيام بما كان يجب عليهم فعله. من خلال القيام بذلك نسمح لأنفسنا بالانتقال من شخص تحت رحمة توقعات الآخرين (ضحية) إلى شخص مسؤول عن اختياراته (شخص متحكم في زمام الأمور). فقد ساعدتني قائمتي على تحديد طرق للنجاح وفقاً لشروطي.
يجب أن تكون رؤيتي جاهزة ومثالية
افترضت أن الرؤية التي اقترحتها لقسمي يجب أن تكون مثالية منذ البداية وموجزة ومترابطة وقابلة للتنفيذ وتحظى بإقبال كبير من جميع أصحاب المصلحة. لم أرغب في الكشف عن أي أوجه قصور أو اتهام الآخرين بتكرار العمليات عدة مرات. كان شغل منصب بدوام كامل أمراً جللاً بالنسبة إليّ، ولكن بالنسبة إلى مَن رشحوني، كان الوقت ضيقاً والتوقعات أعلى.
وضع الرؤية ليس مشروعاً يجب أن نعمل عليه بمفردنا ولا مشروعاً يسير العمل عليه في خط مستقيم أو ذا مسار واضح منذ البداية. يجعلنا الهوس بالكمال مقيدين بالمفاهيم المسبقة حول شكل العمل الجيد ويعوق تقدمنا. للتغلب على ذلك، كنت بحاجة إلى البدء بفكرة أو فكرتين والحصول على إسهامات الآخرين وتشكيل الرؤية وإجراء المزيد من المحادثات ثم إعادة تشكيل الرؤية والاستمرار في صياغتها من خلال تكرار العملية عدة مرات، وبالتالي استغرق وضع الرؤية ومراجعتها عاماً، بدلاً من الشعور أن عليّ مشاركتها على الفور. ثم أصبحت الرؤية بمثابة اختبار حقيقي يتم على أساسه اتخاذ القرارات الصعبة المتعلقة بكيفية التعامل مع أزمة عائلية لدى أحد أعضاء الفريق أو حل النزاعات بين أعضاء الفريق، على سبيل المثال. بغض النظر عن مستوى ذكائنا أو سرعة عملنا، فإننا عندما ندعو الآخرين إلى مشاركتنا الإبداع، سنخرج بأفكار أفضل لأننا حصلنا على إسهامات متنوعة، وبالتالي ستزداد احتمالية اعتماد هذه الأفكار.
لن أشعر بالأمان
كثيراً ما نشعر بالخوف عند بداية فرصة جديدة. فالقواعد والتوقعات الجديدة والمستقبل المجهول والأهداف الغامضة، جميعها تتعارض مع شعورنا بالأمان. وتطفو تحدياتنا السابقة على السطح مرة أخرى، ونربطها بتوقعات قاتمة حول المستقبل.
كنت طفلة لوالدين مهاجرين في بلدة صغيرة في ولاية ويسكونسن، وأعلم جيداً ماذا يعني أن توصف بأنك مختلف. كان علي أن أتعلم مهارات النجاة والحماية الذاتية "المدمرة للذات" مثل: تجنب المخاطرة، وعدم التميز أو لفت الأنظار، وتغيير وجهتي لإرضاء الآخرين. ينطوي تولي منصب رئيس القسم على اتخاذ قرارات صعبة قد تخيب آمال البعض على الأقل. وقد أثار هذا استجابة تلقائية، فكنت أقول لنفسي: "لن يحب الموظفون قراراتي، ولن يحبوني. وإذا كرهوني، فلن أشعر بالأمان".
كان هذا المثال مرتبطاً بنشأتي، إلا أن كلاً منا يحارب مخاوف تفوق ما يواجهنا في الواقع. تنبع مخاوفنا من احتياجات مختلفة مثل الرغبة في أن يحبنا الآخرون، أو ألا نخطئ أبداً، أو أن يُنظر إلينا على أننا أذكى شخص في الغرفة. ومن أجل التغلب على المخاوف نميل إلى الاختباء وتجنُّب المخاطرة.
قررت أن أجرب التغلب على المخاوف خارج نطاق العمل أولاً، في بيئة أكثر أماناً. على سبيل المثال، تعلمت التعبير عن رأيي بشكل أكبر. ومع تعزيز حضوري، زادت ثقتي بنفسي. وقد ساعدني ذلك على تحديد عناصر العمل ومهاراته التي أحتاج إلى مزيد من الوقت لتنميتها. فقد تعلمت أن "أخاطر" من خلال إجراء تجربة صغيرة في كل مرة.
بالإضافة إلى ذلك، على مدار عدة لقاءات مع سابينا، علمت أنني كنت أفسر نوايا الآخرين من منظور واحد، على الرغم من وجود تفسيرات أخرى ممكنة. يمكن بالتأكيد أن يقدم الزملاء في العمل آراءهم مباشرة، محاولين التلاعب بي لأفكر بنفس طريقتهم، أو قد يستثمرون بشكل كبير في نجاحي ثم يدركون أنني لا أمتلك جميع المعلومات أو أن نهجي جُرِّب سابقاً ولم ينجح. ومن خلال توسيع نطاق الأسباب المحتملة لسلوك شخص ما تجاهنا، فإننا نشجع أنفسنا على المخاطرة.
سوف يُنظر إليّ على أنني كسول وأناني وضعيف أمام رغباتي
مَن أنا لأقرأ كتاباً للترفيه عن نفسي في الوقت الذي يحتاج فيه المرضى إلى اهتمامي ورعايتي لهم ويحتاج الأقران إلى ردودي ويتلهف الأطباء إلى إرشاداتي؟
يتطلب التخلص من التوتر وإعادة شحن طاقتنا بسبب العمل في الوظائف المليئة بالضغوط وقتاً. إذ لن تصبح قائمة المهمات خالية أبداً. ولكن هذا لا يعني أنك بحاجة إلى قضاء اليوم بأكمله في إنجازها. لاحظت ساي ويكمان ذات مرة في المدونة الصوتية "نو إيجو" (No Ego) أنه لتجنب الاستقالة من وظائفنا نهائياً، سنحتاج إلى الاستقالة منها كل ليلة وفي كل عطلة نهاية أسبوع. قبل الانتهاء من العمل كل يوم، أدرِج مهمة واحدة يجب عليك إنجازها في اليوم التالي، ثم رتب بقية مهماتك حسب الأولوية. واجعل ذلك عادة تقوم بها في نهاية كل يوم عمل. أغلق جهاز الكمبيوتر واخرج من مكتبك في المساء، حتى لو كان ذلك يعني الخروج من الغرفة التي تعمل بها والدخول إلى غرفة المعيشة إذا كنت تعمل من المنزل. خصص وقتاً للعناية بذاتك قبلها بشهر أو شهرين، وأبلِغ فريقك بفترات الراحة القصيرة هذه. على سبيل المثال، يمكنك أن تأخذ يوم ميلادك إجازة وتخبر الآخرين بذلك. إذ إن توخي الشفافية مع زملائك يسمح لهم بالتغلب على مخاوفهم أيضاً.
لن نتمكن من تحقيق أحلامنا إذا كانت مخاوفنا وتوقعاتنا الخاطئة تقف عقبة أمام تقدمنا. لذا فإن تسليط الضوء على مخاوفنا وتسميتها يسمح لنا بوضع الشروط التي بموجبها نبذل قصارى جهدنا من أجل أنفسنا وفِرقنا ومؤسساتنا ومَن نخدمهم.