كيف تتعامل مع الانفعالات السلبية بطريقة تفيد فريقك؟

4 دقائق
كيفية التعامل مع الشخصية الانفعالية

من الطبيعي أن تخالجنا مختلف أنواع الانفعالات أثناء العمل، من إحباط وغضب وخوف وإثارة. ولكن قد تؤدي طريقة تعامل القادة مع هذه الانفعالات إما إلى بناء بيئة عمل قوية أو تدميرها، ومن ثم تحفيز الموظفين أو تثبيطهم. لذلك من المهم أن يحرص القادة على تنمية القدرة على تنظيم مشاعرهم، ولكن ربما ليس على النحو الذي تعتقده، ولهذا إليكم كيفية التعامل مع الشخصية الانفعالية.

اقرأ أيضاً: كيف السبيل للعمل مع شخص لا يتمتع بروح الفريق؟

تأمّل هذا السيناريو: يلعب فريق لكرة القدم مباراة حاسمة وقد تلقى مرماه هدفاً. قبل صافرة انتهاء الشوط الأول حصل أحد اللاعبين على ضربة جزاء وأُتيحت الفرصة أمام الفريق لمعادلة النتيجة. تقدم أحد اللاعبين الأساسيين في الفريق لتسديد الكرة. في البداية بدا التسديد مثالياً والكرة في اتجاه الزاوية العلوية للشبكة ولكنها اصطدمت بالعارضة وارتدت أمام عيني اللاعب الذي أصابه الذهول. خرج اللاعب من الملعب مطأطئ الرأس لمقابلة فريقه في الفاصل بين الشوطين.

ينتاب الفريق شعور بالاستياء والانزعاج. وكان المدرب يشعر بهذا أيضاً. كان هدف المدرب هو دفع اللاعبين إلى تجاوز هذه الأزمة والاستعداد للعودة إلى الملعب شاعرين بالنشاط والحماس. هل يجب على المدرب قمع شعوره بالإحباط ورسم ابتسامة مزيفة على وجهه وعدم مناقشة ما حدث؟ أم يجب عليه أن يكون صادقاً مع نفسه ويعبّر عن مشاعره بكل صراحة؟ أي الطريقتين ستساعده في تحقيق هدفه؟.

لا هذه ولا تلك وفقاً لما أثبتته البحوث.

القادة الذين يجيدون التحكم في مشاعرهم يحسنون صنعاً

تشير البحوث التي أُجريت حول الانضباط الانفعالي، إلى أن قدرة المدرب على إدارة انفعالاته تشكل عاملاً مهماً في رفع الروح المعنوية للفريق وتحفيزه. من بين جميع أوجه الذكاء العاطفي قد يكون الانضباط الانفعالي "المهارة الأساسية" كما يقول مارك براكيت، مدير مركز ييل للذكاء العاطفي (Yale Center for Emotional Intelligence) ومؤلف كتاب "البوح بالمشاعر" (Permission to Feel).

ولكن أسلوب إدارة المدرب لانفعالاته يؤدي دوراً كبيراً في تحديد ما إذا كانت النتيجة ستكون إيجابية أم سلبية بالنسبة إلى الفريق. وتوصلت البحوث إلى أن الأفراد يميلون إلى ضبط انفعالاتهم بإحدى طريقتين: الكبت أو إعادة التقييم.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الشخص المتشائم في فريقك؟

ويلجأ معظم الأفراد إلى الكبت: إخفاء المشاعر والتظاهر بعدم الشعور بالانزعاج. وعلى الرغم من شيوع هذه الاستراتيجية فإنها تؤدي في الواقع إلى مجموعة من النتائج السلبية مع مستخدمها: انخفاض العلاقات الحميمة، وازدياد المشاعر السلبية، وضعف الدعم الاجتماعي، وانخفاض مستوى الرضا عن الحياة، وضعف الذاكرة، وارتفاع ضغط الدم. علاوة على ذلك، فقد أثبتت البحوث أن كبت المشاعر يتسبب في زيادة شعور الآخرين بالتوتر. فإذا أخفى المدرب مشاعر الغضب لديه مثلاً، فمن الأرجح أن ضغط الدم سيرتفع لدى لاعبي فريقه. ربما لا يدركون جيداً أن مدربهم يشعر بالغضب لأنه لم يظهره، ولكنهم أظهروا شعوراً زائفاً من الناحية الجسدية، ما تسبب في إطلاق إنذار الخطر بداخلهم.

نظراً إلى الآثار السلبية للكبت ربما تعتقد أن التعبير عن انفعالاتنا قد يكون استراتيجية أكثر فاعلية. ورغم ذلك فقد يؤدي فعل هذا إلى عواقب مدمرة. فإذا عبَّر المدرب عن الإحباط الذي يشعر به في تلك اللحظة فربما يدمر ثقة لاعبيه في أنفسهم. وبدلاً من بث الحماس في قلوب اللاعبين وتأكيد عمق تلاحمهم معاً قد يغرس فيهم الشعور بالخوف والحزن.

قد تكون إعادة التقييم أو إعادة تقدير الموقف الانفعالي استراتيجية أكثر فاعلية في هذا الموقف. على سبيل المثال، يستطيع المدرب تذكير نفسه بأن "المباراة لم تنتهِ بعد" وأنها مجرد مباراة واحدة في الموسم. وأن هناك فرصاً أخرى يستطيع الفريق أن يتألق فيها. تساعد إعادة التقييم المدرب في تهدئة مشاعره. نتيجة لذلك، ربما يدرك المدرب أن اللاعبين يشعرون بالإحباط وأنهم يحتاجون إلى التشجيع بدلاً من التثبيط. ربما يبدأ الاجتماع بالإقرار بالخيبة التي يشعر بها الجميع، مع التأكيد على أن نتيجة هذا التراجع تعتمد على عزم اللاعبين على التغلب على هذا التحدي وتغيير نتيجة المباراة خلال الدقائق الـ 45 التالية.

ستحقق هذه الطريقة نتائج أفضل مع المدرب وأفراد الفريق جميعاً.

أجرينا مؤخراً دراسة مع 15 من مدربي المنتخبات ولاعبيهم. وتوصلنا إلى أن المدربين الذين يفضلون إعادة التقييم في أغلب الأوقات يشهدون انفعالات سلبية أقل من المدربين الذين يحبذون كبت انفعالاتهم. علاوة على ذلك، فقد وجدنا أن المدربين الذين يفضلون إعادة تقييم انفعالاتهم يتمتعون بأجواء جماعية أكثر إيجابية، تتسم بالثقة والتواصل والتحفيز.

اقرأ أيضاً: فريقك ليس قادراً على قراءة أفكارك

تدعم البحوث التي أُجريت حول القيادة هذه النتائج، وتثبت أن التنظيم الانفعالي من الكفاءات الأساسية التي يظهرها القادة الناجحون وليس مدربي فرق الألعاب الرياضية فحسب. وهو ما يرتبط بحقيقة أن أحد معايير أداء القائد المميَّز يتمثل في قدرته على إدارة الحالات الانفعالية للموظفين الذين يعملون معه والتأثير فيها. يجب أن يكون القادة قادرين على تحفيز مرؤوسيهم وبث الثقة فيهم لمساعدتهم في الحفاظ على حماسهم وقدرتهم على مواجهة الصعاب. ومن أجل تحقيق الفاعلية في هذه المهمة المعقدة، يجب أن يكونوا قادرين على ضبط مشاعرهم بطريقة فاعلة.

وقد أكّدت البحوث التي أجريت حول التفاعلات بين القادة والمرؤوسين، الفوائد المحتملة لعملية إعادة التقييم. إذ كشفت إحدى الدراسات أن القادة الذين يستخدمون إعادة التقييم وليس الكبت عند تقديم الأخبار السيئة، أكثر قدرة على مساعدة مرؤوسيهم في إدارة استجاباتهم الغاضبة. وأظهر مرؤوسو القادة الذين استخدموا الكبت في هذا المثال قدراً أكبر من مشاعر الغضب، وأفادوا بشعورهم بتوجهات سلبية تجاه قادتهم.

تدريب عضلات إعادة التقييم

ربما تبدو عملية إعادة التقييم أمراً صعباً خلال أوقات الأزمات. إليك أسلوباً سريعاً تدعمه البحوث يمكنه مساعدتك في القيام بذلك: فكِّر في المشكلة كتحدٍّ وليست تهديداً. هناك كثير من الأدلة التي تشير إلى أن تقييم المشكلات على أنها تحدٍّ وليست تهديداً يساعد الناس في التركيز على المهمة المطروحة والتفكير في الخطوات التي يجب عليهم اتخاذها من أجل النجاح. يساعد إطار التحدي في خلق المرونة في مواجهة التوتر.

على الجانب الآخر، ارتبط النظر إلى المشكلة باعتبارها تهديداً بتدني مستوى الأداء والحافز بالإضافة إلى ارتفاع مستويات التوتر.

عندما يرتفع مستوى التوتر لديك، يمكنك "التنفس بعمق حتى تتمكن من إعادة تقييم الموقف، وهو ما يعتبر إحدى الطرق السريعة لاستعادة الهدوء" كما ذكر يوهان برلين، الرئيس التنفيذي لـ"معهد تلكس" (TLEX Institute)، "عن طريق تعليم المسؤولين التنفيذيين طرق إدارة أنفسهم من خلال شيء سهل كالتنفس، سيكون بمقدورهم تحقيق تأثير هائل في فرقهم". أثبتت البحوث أنك تستطيع تهدئة مشاعرك بسرعة عن طريق التنفس فحسب. حيث يزيد الشهيق معدل ضربات القلب ويرفع ضغط الدم، في حين يقلل الزفير ضربات القلب ويخفض الضغط. تدريب سهل يمكنك تنفيذه حتى في منتصف أي اجتماع: أطلِق زفيراً ضعف مدة الشهيق. وإذا كان لديك بعض الوقت الإضافي، جرِّب هذا التدريب الذي يكون لك مُعيناً خلال ممارسة التنفس بشكل منضبط ويستطيع تهدئتك بسرعة.

إذاً، كيف تستعد على نحو مثالي للمواقف المحفوفة بالمخاطر التي تحتاج فيها إلى أقصى درجات ضبط النفس؟ مارِس هذا التدريب في المواقف قليلة المخاطر. مارسه بشكل يومي. ستصبح أكثر تمكناً ومهارة عندما تصبح الأمور مثيرة للتوتر، وستعلم عندها كيفية التعامل مع الشخصية الانفعالية.

اقرأ أيضاً: كي تزيد فعالية الفريق، اعثر على القواسم المشتركة بين أعضائه

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي