ملخص: العمل فيما بين وحدات العمل المنفصلة محفوف بالتحديات، لاسيما في سياق الاجتماعات. إذ إن المنافسات والسياسات الداخلية وغياب التركيز تؤثر جميعها على إمكانية إجراء محادثات مثمرة، ما يؤدي إلى ضياع الوقت والشعور بالإحباط. ولحسن الحظ، يمكن حل المشكلات بشكل أسرع والحد من تكرار ما يحدث في كل اجتماع وجعل الاجتماعات أكثر جدوى من خلال أسلوب تطلق عليه المؤلفة "امتلاك زمام الأمور". وهذا الأسلوب سيتيح لك السيطرة على الاجتماعات التي تعقد بين الفرق وتحقيق النتائج المنشودة من البداية باتباع هذه الخطوات الخمسة: أولاً، أوضِح سياق الاجتماع من خلال افتتاحه بعبارات موجزة ومحددة. ثانياً، أعلن عن المشكلة أو الفرصة المطروحة لإعادة توجيه انتباه أعضاء الفِرق إلى المهمة الحالية. ثالثاً، حدد ما ترغب في إنجازه خلال الوقت المحدد للاجتماع. رابعاً، تحكّم في انتباه الحضور من خلال توجيه تعليمات حول الكيفية التي ينبغي بها المشاركة في الاجتماع. وأخيراً، شجّع أعضاء الفِرق على طرح شواغلهم من خلال إفساح المجال أمام أفكارهم قبل الانخراط في النقاش.
من المعتاد، والمثير للإحباط أيضاً، أن تفضي الاجتماعات مع الأقسام الأخرى إلى نتيجة يمكنك توقعها حتى قبل بدء المحاثات، وهي: الإيماء بالرأس والتفوه بعبارات غامضة والمطالبة بمزيد من البيانات، ثم إعادة المحادثة نفسها في المرة القادمة. وعلى الرغم من علامات الانزعاج على الوجوه والتقدم المتعرقل، لا أحد يرى أن هذه الاجتماعات مضيعة للوقت.
من خلال عملي مع الفِرق التنفيذية، اكتشفت أن أحد أكبر التحديات التي يواجهها عملائي يتمثل في صعوبة العمل فيما بين وحدات العمل المنفصلة، وهذا لعدة أسباب. أولاً، هناك ميل إلى الالتفاف بشكل سريع حول جدول الأعمال المألوف بالنسبة إلى بعض الفِرق دون أخذ أهداف الفِرق الأخرى في الاعتبار. كما أن العديد من الفِرق تعمل وفق افتراضات مضللة حول لعبة لا غالب فيها ولا مغلوب، ما يجعل الزملاء في بعض الفِرق يشعرون أن عليهم النزاع مع زملائهم في الفروع الأخرى من السلّم الوظيفي من أجل أشياء مثل الفوز بعدد أكبر من الموظفين أو اعتماد مشروع ما أو جذب الانتباه.
يتجلى هذا الشعور بالنقص في الاجتماعات. فمن ناحية، لا يود المشاركون في الاجتماع أن يتم اتهامهم بأنهم لا يتصرفون وفقاً لقيم الشركة التي تنادي بالتعاون ورحابة الصدر. ومن ناحية أخرى، لا يريدون التزحزح عن منطقة نفوذهم. ولذلك فإنهم ينخرطون في احتكاكات خفية متنكرة في شكل محاولات للإصلاح والتوفيق بين الأطراف، مع استخدام عبارات من قبيل "دعونا نجتمع معاً ونراجع ذلك بالاستعانة بمزيد من البيانات" أو "شكراً على ملاحظاتكم، سننظر في الأمر". ونظراً إلى أن المؤسسات تركز على السياسات الداخلية، فإنها يمكن أن تتجاهل احتياجات العملاء وتتنازل عن ميزة سوقية لمنافسيها.
لحسن الحظ، هناك طريقة سريعة وبسيطة للاستفادة بشكل أكبر من كل اجتماع، ما يؤدي إلى حل المشكلات بشكل أسرع والحد من تكرار ما يحدث في كل اجتماع وجعل الاجتماعات أكثر جدوى. وهو أسلوب أسميه "امتلاك زمام الأمور".
عندما غيرت مجال عملي من الهندسة إلى الموارد البشرية في شركة "مايكروسوفت"، تطلبت وظيفتي أن أقدم عروضاً تقديمية بشكل متكرر أمام الرئيس التنفيذي وأصحاب المناصب التنفيذية العليا. ولأنني غيرت مجال عملي، فقد كان هناك الكثير لأتعلمه في أثناء العمل، بما في ذلك كيفية تجنُّب الاجتماعات التي تُعقد مع مسؤولين تنفيذيين يمثلون أقساماً مختلفة ويَنتُج عنها اتفاقات عالقة. ومن خلال المحاولة والخطأ، توصلت إلى عملية من 5 خطوات لامتلاك زمام الأمور في الاجتماعات وتحقيق النتائج المنشودة بطريقة فعالة. وعلى مدار الـ 15 عاماً الماضية، جعل العديد من عملائي هذا الأسلوب من المعالم العادية لجميع اجتماعاتهم. وقد ساعدهم ذلك على تبسيط المحادثات والتفكير بطريقة استراتيجية في نتائج الاجتماعات والحد من حالات سوء الفهم والخلافات الناتجة عن الانقسامات السابقة.
فيما يلي 5 عناصر لامتلاك زمام الأمور بشكل رائع:
أوضِح السياق
لتجنُّب الحيد عن الموضوعات أو الخطط المتعارضة التي نوقشت سابقاً، افتتح اجتماعك بعبارات موجزة ومحددة. على سبيل المثال، "ناقشنا في اجتماعنا الأخير المشكلات المتعلقة بإطلاق المنتج 'س'. وقد كان يفتقر إلى التسلسل المنطقي والتخطيط الكافي. ولم يتمكن فريق الاختبار من التخطيط لدورة التحقق، وبدأ المطورون في العمل على ميزة أخرى بدلاً من إصلاح الثغرات والأعطال الموجودة. ونتيجة لذلك، تغيبنا عن نافذة البيع الرئيسية لمدة شهر. وقد اتفقنا على الاجتماع مجدداً بعد أن أتيحت الفرصة لكل فريق للتفكير في العملية ومعايير بدء المهام وإنهائها في كل مرحلة". بتلخيص الموضوع الرئيسي للمحادثة السابقة وذكر التوافق في الآراء الذي تم الوصول إليه في النهاية، فأنت بذلك تجعل الجميع على وفاق منذ البداية.
أعلن عن المشكلة أو الفرصة
على الرغم من أن المشاركين يحضرون الاجتماع بموافقتهم وإرادتهم، فإنهم قد يحتاجون إلى مَن يذكّرهم بتحديد الأولويات المتعلقة بالموضوعات والمشاريع في خضم المهام الأخرى التي تشغل بالهم وجداول مواعيدهم. يمكنك أن تحظى بانتباه الحضور من خلال توضيح المشكلة التي ستنجم إذا لم يُناقَش هذا الموضوع في الوقت الحالي. على سبيل المثال، "كل عملية من عمليات إطلاق المنتجات مرتبطة ببنود أخرى ضمن الجداول الزمنية، وتأخير الإطلاق يؤدي إلى الشعور بخيبة الأمل وانتقاد الفِرق لبعضها. ولكن من خلال جمع الأشخاص من كل فريق معاً، سنتمكن من معالجة هذه المشكلة وإرضاء العملاء وتحدي المنافسين. ونحتاج إلى البدء في ذلك الآن نظراً إلى ما ورد في أحدث بيان صحفي للمنافس الذي يعني أننا سنتمكن من دخول السوق بشكل أسرع إذا أطلقنا المنتج 'ص'". عندما تُظهر هذه الخطوة من عملية "امتلاك زمام الأمور" مدى الأهمية والحاجة الملحة، مع بيان الفوائد التي ستعود على الجميع، سينتبه الحاضرون على الفور.
ابدأ الاجتماع بتوضيح معايير إنهاء المهام
عندما يتعلق الأمر بتبرير الاستثمار، عادة ما تصبح المشكلة صعبة ولن يتم حلها في مناقشة واحدة. ابدأ بوضع معايير لإنهاء المهام لكي يكون الاجتماع الحالي ناجحاً، ما يعني تحديد شكل النجاح وما ترغب في إنجازه خلال وقت الاجتماع. على سبيل المثال، "الهدف اليوم هو مراجعة خريطة الطريق الجماعية معاً وتحديد ما هو مفقود أو غير دقيق". إذ إن تحديد النتائج المنشودة من الاجتماع يحافظ على تركيز الجميع ويتيح لك تسجيل حالات عدم الالتزام بالمعايير في قائمة للنظر فيها مستقبلاً.
تحكّم في انتباه الحضور
اشرح للمشاركين الطريقة التي ينبغي لهم بها المساهمة في تحقيق الأهداف المحددة في الخطوة السابقة، سواء كان ذلك يعني التفكير في الموارد أو النقاش حولها أو اتخاذ قرارات بشأنها أو تحديدها أو الإعلان عنها أو توفيرها. ففي حالة عدم وجود اتجاه محدد للاجتماع، قد يبدأ الأشخاص في توليد الأفكار والاختلاف في الآراء في الوقت الذي تهدف فيه إلى الالتفاف حول قرار ما، وأيضاً قد يتوهون في تفاصيل فكرة ما عندما ترغب في أن يكونوا في كامل تركيزهم على أمور أخرى، أو قد يحدث ما هو أسوأ من ذلك؛ إذ يمكن أن ينصرف تركيزهم عن الاجتماع ويتجه نحو البريد الإلكتروني لأنهم لم تتم دعوتهم بوجه خاص للمساهمة في الاجتماع. على سبيل المثال، "ننتظر منكم توليد أفكار واقتراح خيارات خارج نطاق أقسامكم". وأيضاً كن واضحاً بشأن ما لا يجب التطرق إليه في الاجتماع، مثل "على سبيل التذكرة، لسنا مجتمعين اليوم لاتخاذ أي قرارات، بل للخروج بأكبر عدد ممكن من الأفكار والحصول على أكبر قدر من المعلومات غير المتوفرة. وسنناقش في اجتماعنا القادم القرارات الرئيسية لوضع اللمسات الأخيرة على خريطة الطريق". فعندما يعرف الحاضرون ما ينبغي لهم فعله بالتحديد، سيحققون المزيد من النتائج وستقل احتمالية انشغالهم بمهام أخرى في وقت الاجتماع.
شجعهم على طرح شواغلهم
حتى بعد الخطوات الأربعة الأولى من عملية "امتلاك زمام الأمور"، قد تكون هناك عناصر في قائمة المشاركين يرغبون في مناقشتها أو تُشتت انتباههم. لذا، أفسح المجال لأفكارهم قبل الانخراط في الموضوع قيد النقاش. على سبيل المثال، "هل هناك أي شيء آخر نحتاج إلى تناوله في هذا الاجتماع أو تدوينه في لوحة الملاحظات للنقاش حوله في وقت لاحق؟". فهذا يُطمئن الجميع بأنه سيتم تناول شواغلهم إما في هذه المحادثة أو في محادثة أخرى في المستقبل، ما سيوجه تركيزهم صوب البنود التي لها الأولوية القصوى في جدول الأعمال.
قد تنوي أن تكون بداية اجتماعك موفقة، إلا أنه قد ينحرف عن الاتجاه المحدد له في بعض الأحيان. لذا، قرب نهاية الاجتماع تذكّر أن تستعيد التحكم فيه. قارن النقاش الجاري بما أوضحته في بداية الاجتماع لمعرفة ما تم تحقيقه وما لم يتم تحقيقه. فبالإضافة إلى تحديد المسؤولين عن تنفيذ بنود العمل والجداول الزمنية، هل هناك أي نقاشات إضافية حول العناصر المدرجة في قائمة معايير إنهاء المهام؟ وكيف ستنتقل العملية من مرحلة توليد الأفكار إلى مرحلة اتخاذ القرار؟ وكيف ستبقي الحاضرين منتبهين؟ بامتلاك زمام الأمور في الاجتماع، ستضمن مواصلة العمل على تحقيق الأهداف التي حرصت على توضيحها في البداية.
وقبل أن تدعو أشخاصاً من مجموعات مختلفة للاجتماع معاً، تأكد أنك تمتلك زمام جميع الأمور المتعلقة بالاجتماع. واستعد مسبقاً لعقد اجتماعات تفضي إلى حل المشكلات وزيادة الكفاءة وليس إضاعة الوقت وتثبيط المعنويات.
اقرأ أيضاً: طرق لحل الخلافات