لماذا عليك عدم استخدام الأرقام التقريبية في المفاوضات؟

3 دقائق
استخدام الأرقام التقريبية في المفاوضات

ما هي أفضل طريقة لبدء التفاوض حول المقابل المادي: هل من خلال عرض رقم تقريبي مثل 10 دولارات أميركية، أم من خلال عرض رقم أدق مثل 10.20 دولار أميركي؟ وكيف يمكننا استخدام الأرقام التقريبية في المفاوضات بشكل جيد؟

أيهما أفضل: استخدام الأرقام التقريبية أم التفصيلية؟

يفضل العديد من الأشخاص الخيار الأول. لكن هل حقاً هذه هي الطريقة الأكثر فاعلية للحصول على ما تريد؟ أجريت أنا وبتري هوكانين، مدير أحد المشروعات في بوسطن كونسلتينغ جروب (Boston Consulting Group) اختباراً حول هذا السؤال في بيئة تغص بالكثير من الأموال الاستثمارية وتضم عروضاً أولية للاستحواذ على غالبية أسهم الشركات الأميركية المتداولة في البورصة.

وعند تحليل عينة من نحو 2,000 عرض نقدي قدمها المشترون في الولايات المتحدة على مدار 3 عقود، وجدنا أن مقدمي العروض يميلون إلى تقديم عروض بأرقام تقريبية أكثر بكثير من الأسعار التي يجري بها تداول الأسهم في السوق. وقُدِّمَت نحو نصف العروض الأولية بزيادات تبدأ من دولار واحد، مثل 13 دولاراً أو 14 دولاراً للسهم الواحد، بينما قُدِّمَت 14% منها بزيادات من 5 دولارات، مثل 10 دولارات أو 15 دولاراً للسهم الواحد. في حين لم تُقدَّم فقط سدس العروض بزيادة ربع دولار.

تظهر نتائجنا أن هذا التقريب مهم للنتائج. ولكن كانت العروض الأولية التقريبية أقل احتمالية لحسم الصفقة من العروض المحددة. وعندما تنجح العروض الأولية في حسم الصفقة، فإنها تكلف مقدم العطاء أكثر في نهاية المطاف. إذ عند تساوي جميع العوامل الأخرى، كان سعر عملية الاستحواذ التي طُرِحَت باستخدام عرض مقرب إلى 5 دولارات أكبر في المتوسط بـ 18 مليون دولار مقارنة بعملية الاستحواذ التي طُرِحَت باستخدام عرض أدق. (بلغت قيمة الصفقات 986 مليون دولار في المتوسط، لذلك فإن الفارق سيكون نحو مليار دولار مقابل 982 مليون دولار). كان رد فعل سوق الأسهم أيضاً أقل بنسبة 2% (أي أن سعر سهم مقدم العطاء انخفض بنسبة 2% في المتوسط) بالنسبة لمقدمي العطاءات الذين يقدمون عروضاً تقريبية مقارنة بأولئك الذين يقدمون عروضاً محددة. لذلك يبدو أن إجماع السوق هو أن العطاءات التقريبية ليست فعالة لمقدم العطاء مثل العطاءات المحددة.

ونظراً لأن هناك فريقاً من المصرفيين الاستثماريين يقدمون المشورة لجميع مقدمي العطاءات، أجرينا أيضاً مقابلات شخصية مع 10 من المصرفيين السابقين وذوي الخبرة حول كيفية تحديدهم سعر العرض الأولي. ثم أعطينا لهم سيناريو افتراضياً لتقديم العطاءات يتضمن الاختيار بين سعر تقريبي (15 دولاراً للسهم) وسعر محدد (إما 14.80 أو 15.20 للسهم). وأوصى معظم المصرفيين باستخدام العروض ذات الأسعار التقريبية، وهو الأمر الذي تجري ممارسته في السوق. لم يكن هؤلاء المصرفيون على دراية بعيوب هذه الاستراتيجية، وقليل منهم من فكر في كيفية تأثيرها على نتيجة التفاوض.

لماذا تفشل العروض التقريبية في المفاوضات؟

بعد كل شيء، نحن نقرِّب إلى أكبر أو أصغر رقم باستمرار ("أنا متأخر 10 دقائق"، "أنت مدين لي بـ 20 دولاراً). في هذه الحالة، يبدو أن دقة العرض الأولي تشير إلى مدى ثقة مقدم العطاء بقيمة أسهم الشركة المستهدفة، لكن الشركة يمكنها أن تفسر العرض التقريبي على أنه إشارة إلى أن مقدم العطاء قد قدَّر قيمة الأسهم بشكل غير دقيق.

من المهم أن نفهم هذا، لأنه كما أظهرت الأبحاث سابقاً تُعد فرصة التحدث أولاً في المفاوضات ذات قيمة لأنها تقود المحادثة. قد يؤدي بدء المفاوضات بعرض تقريبي إلى فقدان هذه الميزة، لأنه قد يشير إلى عدم ثقتك بقضيتك. وهذا يمنح مقدمي العطاءات المستهدفين والمنافسين معلومات قيّمة، ما يؤدي إلى تحقيق نتائج أسوأ في المفاوضات. وقد يكون من الصعب أن تحسم الصفقة التي تريدها.

ومع ذلك، تشير تجارب المفاوضات مع طلاب ماجستير إدارة الأعمال وحتى مع المسؤولين التنفيذيين ذوي الخبرة إلى أن المفاوضين غالباً ما يتبعون إحساسهم ويقدمون عروضاً أولية تقريبية. وقد رأينا أن مقدمي العطاءات ومستشاريهم يرتكبون الخطأ نفسه أيضاً.

اقرأ أيضاً: خصائص المستمع الجيد

ومن المرجح أن تنطبق الفكرة نفسها على جانب البائع أيضاً. إذا وضعت سعراً تقريبياً لبيع منزلك، قد يعتقد المشترون أنك لا تعلم قيمة منزلك؛ ما قد يؤدي إلى تقديم عروض مضادة بقيمة أقل وبيع المنزل بسعر أقل في نهاية المطاف. وبالمثل، إذا طلبت ميزانية تقريبية لمشروع، فلا تتفاجأ إذا كان مديرك يعتقد أن هذه الميزانية بها الكثير من الإهمال. والأمر ذاته ينطبق على التفاوض بشأن الراتب.

الفكرة الرئيسية هي: لا تبدأ المفاوضات بعرض تقريبي. إذا لم تكن لديك أي معلومات دقيقة عن قيمة شركة أو منزل أو عن عملك مقارنة بمن تفاوضه، فليس هناك فائدة تُذكر في كشف نقص معلوماتك من خلال تقديم عرض تقريبي. وحتى إذا كنت تعتقد أن القيمة الصحيحة هي في الواقع رقم تقريبي (10 دولارات مثلاً)، فربما تستفيد أكثر من خلال تقديم سعر يبدو أكثر دقة قليلاً. هذا قد يجعل عرضك الأولي أكثر تكلفة، لكن هناك احتمالات بأن تسترد استثمارك بالإضافة إلى فائدة في النتيجة النهائية للمفاوضات.

ومع ذلك، من المهم أن تتذكر ألا تبالغ في دقة العرض. إذا قدمت عرضاً محدداً للغاية (على سبيل المثال، 100.03 دولار)، فقد يشك شريكك في التفاوض في أنك تحاول خداعه ويعتقد أن لديك معلومات لا تملكها في الواقع. وقد يستنتج أن عرضك تنقصه المعلومات، ويبدأ مساومة أقوى. والأسوأ من ذلك أنه قد يفسر مبالغتك في تحديد العرض كدليل على عدم المرونة، وقد ينسحب من طاولة المفاوضات بسبب عدم استخدام الأرقام التقريبية في المفاوضات.

اقرأ أيضاً: كيف تدير جلسة نقاش

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي