أصحاب العمل بحاجة إلى أفكار جديدة للمساهمة في مدخرات التقاعد للموظفين

5 دقائق

ملخص: تُعد المساهمات التي يقدمها أصحاب العمل في مدخرات تقاعد الموظفين والتي تضاف إلى ما يساهم به الموظفون من رواتبهم في مدخراتهم للتقاعد، من الركائز الأساسية للنظام الأميركي لمدخرات التقاعد. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن "المجلس الأميركي للجهات الراعية لخطط التقاعد" (PSCA)، إذا ساهم العاملون في مدخراتهم التقاعدية، فإن ذلك يدفع 54% من أصحاب العمل إلى المساهمة أيضاً. إلا أن فترة الركود الحالية التي سببتها جائحة كورونا تهدد بتقليل مساهمات أصحاب العمل المعهودة. فوفقاً لدراسة استقصائية أجراها "المجلس الأميركي للجهات الراعية لخطط العمل بعد التقاعد"، يدرس ما يقرب من 20% من أصحاب العمل إيقاف مساهماتهم مؤقتاً أو تقليلها. وبالتالي قد تؤدي هذه الاستقطاعات إلى تقليل مدخرات التقاعد بشكل كبير، بالنظر إلى أن مساهمات أصحاب العمل الأكثر شيوعاً تتضمن مساهمة صاحب العمل بدولار مقابل كل دولارين يدخرهما الموظف. ففي ظل هذه الأوقات العصيبة، تمثل الأزمة الحالية فرصة لإعادة صياغة مساهمات أصحاب العمل وليس إيقافها أو تقليلها.

 

تعتبر المساهمات التي يقدمها أصحاب العمل في مدخرات تقاعد الموظف والتي تضاف إلى ما يساهم به الموظف من راتبه في مدخراته للتقاعد، من الركائز الأساسية للنظام الأميركي لمدخرات التقاعد. وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن "المجلس الأميركي للجهات الراعية لخطط التقاعد" (PSCA)، إذا ساهم العاملون في مدخراتهم التقاعدية، فإن ذلك يدفع 54% من أصحاب العمل إلى المساهمة أيضاً. ومن خلال مساعدة الموظفين على الاستعداد للتقاعد، فإن مساهمات أصحاب العمل ستعزز الأمن المالي للعاملين مع منح أصحاب العمل المزيد من المرونة في التعامل مع قوة العمل.

إلا أن فترة الركود تهدد بتقليل مساهمات أصحاب العمل المعهودة. فوفقاً لدراسة استقصائية أجراها "المجلس الأميركي للجهات الراعية لخطط التقاعد"، يدرس 25% من أصحاب العمل إيقاف مساهماتهم مؤقتاً أو تقليلها. وبالتالي قد تؤدي هذه الاستقطاعات إلى تقليل مدخرات التقاعد بشكل كبير، بالنظر إلى أن مساهمات أصحاب العمل الأكثر شيوعاً تتضمن مساهمة صاحب العمل بـ 50 سنتاً لكل دولار يدخره الموظف لما يصل إلى 6% من الراتب.

إلا أنه في ظل هذه الأوقات العصيبة، فإن الأزمة الحالية تمثل فرصة ليس للتخلي عن مساهمات أصحاب العمل ولكن لإعادة صياغتها.

بالنسبة إلى الشركات التي تكافح لدفع مساهماتها، هناك طرق لخفض التكاليف مع تحفيز العاملين على الادخار. وبالنسبة إلى الشركات التي لا تخطط لإيقاف المساهمات مؤقتاً أو الاستقطاع منها، هناك استراتيجيات يمكنها تحسين تأثير مساهمات أصحاب العمل على سلوك الادخار.

سنناقش في هذه المقالة حلين يمكنهما تحسين فاعلية مساهمات أصحاب العمل وكفاءة هذه المساهمات. يتمثل الحل الأول في المساهمة بمبلغ ثابت، كالمساهمة بـ 1,200 دولار لكل موظف. أما الحل الثاني فهو تمديد المساهمة. على سبيل المثال، بدلاً من المساهمة بـ 50 سنتاً للدولار لما يصل إلى 6% من الراتب، يمكن للشركات المساهمة بـ 30 سنتاً للدولار لما يصل إلى 10% من الراتب. لتقييم فاعلية النهجين، من المفيد فهم العلوم السلوكية التي يستند كل من هذين النهجين إليها، ومن هنا سنبدأ نقاشنا.

العلم الذي تستند إليه مساهمات أصحاب العمل

تشير الأدلة إلى أن مساهمات أصحاب العمل تزيد معدل التسجيل في خطط التقاعد من 3 إلى 10 نقاط مئوية. في إحدى الدراسات، قام جيمس تشوي الأستاذ في الماليات بجامعة "ييل" وزملاؤه بدراسة إحدى الشركات التي تقدم مساهمات. ووجدوا أن مساهمات أصحاب العمل أدت إلى زيادة في مشاركة الموظفين بنحو 5 نقاط مئوية. كما وجدت شركة "فويا فايننشال" (Voya Financial)، وهي شركة رائدة في تقديم خطط التقاعد (حيث يشغل تشارلي منصب الرئيس التنفيذي لاستحقاقات التقاعد والموظفين)، أن المشاركة كانت أعلى بـ 7 نقاط مئوية في الخطط التي توفر مساهمات من صاحب العمل.

هناك طريقة أخرى تشجع بها المساهمات على الادخار وتتضمن وضع حد أقصى للمساهمة، وهو ما يؤثر على العاملين لسببين على الأقل: السبب الأول هو أن العاملين يرغبون في الاستفادة من مساهمة صاحب العمل، والسبب الثاني هو أنهم قد يتعاملون مع الحد الأقصى للمساهمة على أنه توصية ضمنية بالمبلغ الذي ينبغي ادخاره. وفي دراسة أخرى، درس تشوي وزملاؤه إحدى الشركات التي تقدم مساهمة لما يصل إلى 4% من الراتب بحد أقصى. وفي غضون 6 أشهر، اختار ما يقرب من ثلث المشاركين الجدد الادخار بنسبة 4%، وهي زيادة بمقدار 6 أضعاف تقريباً. من بين خطط التقاعد التي تقدمها شركة "فويا"، هؤلاء الذين يقدمون مساهمة بحد أقصى 5% يبلغ متوسط معدل الادخار لديهم 6.9%، بينما يصل إلى 7.8% لدى هؤلاء الذين يقدمون مساهمة بحد أقصى 6%. وهو ما يعني أن رفع الحد الأقصى لمساهمات أصحاب العمل يؤدي بشكل عام إلى ارتفاع معدلات الادخار.

على الرغم من استجابة الموظفين لمساهمات أصحاب العمل والحد الأقصى لها، فإنهم عادة لا يكترثون بنسبة المساهمة التي تُقاس بعدد السنتات التي يساهم بها صاحب العمل لكل دولار ادخره الموظف. (إذا ساهمت شركة ما بـ 50 سنتاً لكل دولار يتم ادخاره، فإن نسبة المساهمة تساوي 50%). ولكن ما السبب؟ يرجع ذلك إلى عدم وجود أسس مرجعية لتوجيه قرارات الموظفين، كما أن الموظفين لا يعلمون ما يجب أن تكون عليه المساهمة النموذجية. وتشير البحوث إلى أنه في حالة عدم وجود أسس مرجعية يمكن تقييم الأرقام وفقاً لها، أو إذا كان تفسير الأرقام يتطلب بذل جهد، فإننا نميل إلى تجاهل الأمر.

مع وضع نتائج البحث هذه في الاعتبار، دعونا نقيّم تركيبة مساهمات أصحاب العمل الحالية. في الغالبية العظمى من الشركات، تُوضع المساهمة في شكل نسبة مئوية، والتركيبة الأكثر شيوعاً هي 50 سنتاً للدولار لما يصل إلى 6% من الراتب، كما ذكرنا. وهذه التركيبة ستشجع العاملين على ادخار 6%، وهي نسبة لا تكفي عادة لضمان تقاعد آمن.

نعتقد أيضاً أن النسبة المئوية لمساهمة أصحاب العمل لا تساعد في تحفيز بعض العاملين على المشاركة. إذ يجد العديد من الأشخاص صعوبة في التعامل مع الأرقام (والنسب المئوية تحديداً)، ما يجعل من الصعب عليهم فهم قيمة المساهمة بشكل كامل. ونتيجة لذلك، لا يستغل البعض مبلغ المساهمة الاستغلال الأمثل.

تقديم مساهمات أفضل

دعونا نلقي نظرة الآن على النهجين اللذين حددناهما لتحسين تركيبة المساهمات بالنسبة إلى أصحاب العمل والموظفين على حد سواء.

يهدف النهج الأول إلى حث مزيد من الموظفين على الادخار، وفي الوقت ذاته مساعدة الشركات المتعثرة على تقليل التكاليف. ويتطلب هذا النهج أن تساهم الشركات بمبلغ ثابت وليس بنسبة مئوية من الراتب. على سبيل المثال، يمكن للشركة أن تمنح جميع عامليها 1,200 دولار سنوياً إذا ما ادخروا بمستوى كافٍ. وهذا يعادل المساهمة بـ 50 سنتاً للدولار لما يصل إلى 6% من الراتب لشخص يجني 40 ألف دولار سنوياً، ما يُعد أقل من التكلفة المعتادة لمساهمات أصحاب العمل الحالية.

تتميز المساهمة بمبلغ ثابت بأنها واضحة ومحددة. إذ يشير بحث أجرته إيلين بيترز، الأستاذة بجامعة أوريغون (University of Oregon)، وزملاؤها إلى أن النسب المئوية غالباً ما يُنظر إليها على أنها مبهمة أو غير محددة، ما يجعل من السهل تجاهلها. وعلى النقيض من ذلك، يدفعنا المبلغ الثابت إلى التفكير فيما يمكننا أن نشتريه بهذه النقود الإضافية، وهي طريقة تفكير تجعل من الصعب علينا ألا نستغل هذه الأموال الاستغلال الأمثل. ومن الناحية النفسية، التخلي عن "مساهمة بنسبة 6%" أسهل من رفض "1,200 دولار". يمكن أن يكون نهج المساهمة بمبلغ ثابت مفيداً للعاملين ذوي الدخل المنخفض بوجه خاص، فبالنسبة إليهم يمثل هذا المبلغ الثابت حصة أكبر من الراتب.

النهج الثاني مناسب لأصحاب العمل الذين يرغبون في تقليل النفقات في الوقت الحالي مع تشجيع العاملين على الادخار للمستقبل. يُعرف هذا النوع باسم "المساهمة الممتدة أو الموسعة"، وفي حين أنها ليست فكرة جديدة إلا أنها يمكن أن تساعد الشركات على إرجاء بعض التكاليف في فترات الركود.

على سبيل المثال، بدلاً من تقديم 50 سنتاً للدولار لما يصل إلى 6% من الراتب، يمكن لأصحاب العمل تقديم 25 سنتاً لما يصل إلى 10% أو 15% من الراتب. وعلى المدى القصير يساعدهم ذلك على توفير أموالهم، ربما ما يصل إلى نصف تكاليف مساهماتهم. وإذا عدّل العاملون معدل ادخارهم ليتناسب مع الحد الأقصى لمساهمات أصحاب العمل، فإنهم بذلك سيدخرون المزيد للتقاعد. وهذا سيحدث بالتدريج، وبشكل مثالي مع تعافي الاقتصاد، الأمر الذي سيكون في صالح العاملين والشركات والمجتمع على المدى الطويل.

تتمثل إحدى المشكلات المحتملة لمساهمات أصحاب العمل الموسعة في أن رفع الحد الأقصى قد يثبط عزيمة العاملين الذين يعتبرون أن ادخار 10% أو 15% من راتبهم أمراً مستحيلاً، لاسيما في الوقت الحالي. لذلك ينبغي للشركات التشجيع على المشاركة في خطط الادخار للتقاعد من خلال استخدام "جدول ادخار متدرج" يزيد معدل الادخار تلقائياً بنسبة 1% أو 2% كل عام حتى يصل العاملون إلى مستوى موصى به. وقد ساعدت مثل هذه الجداول أكثر من 15 مليون أميركي على زيادة معدل ادخارهم بقدر كبير.

باعتماد أحد هذين النهجين، يمكن للشركات إبداء التزامها بالتقاعد الممول بما فيه الكفاية لعامليها مع إبقاء التكاليف تحت السيطرة. وبالطبع هذه ليست الاستراتيجيات الوحيدة التي يمكن أن تساعد العاملين وأصحاب العمل، كما أنها قد لا تكون مناسبة لجميع الشركات. ونحن نشجع أصحاب العمل الذين يفكرون في خفض قيمة مساهماتهم أو إلغائها في مدخرات التقاعد على التشاور مع المستشارين في مجال خطط التقاعد حول الطرق التي يمكنهم من خلالها الإبقاء على هذه المساهمات في شكل أكثر فاعلية.

اقرأ أيضاً: كيف تكون سريع في العمل؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي