يميل عقلي إلى القلق من العمل. فعندما تُعرض عليّ فكرة جديدة، يكون أول ما يتبادر إلى ذهني عادةً هو التفكير في المشكلات التي قد تحدث، بل أسوأ ما يمكن أن يحدث. وعندما يكون التواصل غامضاً، فإنّ أول استنتاج أتوصل إليه يكون سلبياً.
إذا كان لديك مثل هذه الميول، فلن تكون بالضرورة قادراً على تغييرها، ولا يتعين عليك فعل ذلك، فقد تكون أشياء راسخة فيك، وقد تأتي بنتائج إيجابية، مثل الاجتهاد والإحساس بالآخرين ومراعاتهم.. ولكن، يمكنك- مع ذلك- أن تتعلم كيفية التعرف على الحالة التي تكون فيها أسيراً لرؤية مظلمة يغشيها شعور القلق في العمل، وأن تقوم بتعديل طريقة تفكيرك كي لا تقيدك وتحدّ من قدراتك.
إليك بعض الطرق الشائعة التي قد يتسبب فيها القلق بمشكلات في العمل، إضافة إلى طرق مقترحة لتقليل أثرها إلى أدنى حدّ ممكن، ولتستطيع ضبط شعور القلق من العمل.
أنت تسيء تقدير نظرة الآخرين إليك
يميل الأشخاص القلقون إلى الخوف من فكرة عدم حب الآخرين لهم، أو عدم النظر إليهم على أنهم أشخاص موهوبون. لنقل- مثلاً- إنّ أحد الزملاء في العمل لا يقوم بإلقاء التحية عليك بنفس درجة المودة التي يبديها لك الآخرون، ويبدو دائماً سريعاً في تعامله معك. وأنت تظن أنّ هذا الشخص لا يحبك. ولكن في الواقع، ثمة احتمالات أخرى، فربما كان أقرب إلى الأشخاص الذين يعرفهم بشكل أفضل، أو أنّ طريقته الوحيدة للاندماج في مجتمعه هي الضحك والمزاح، وأنت تبدي طابعاً جدّياً. تقوم بتجنب ذلك الزميل لأنك تشعر بأنه لا يحبك، ولكن قد يشعر هذا الزميل بعد ذلك بالإهمال من قبلك ويخلص إلى أنك لا تحبه!.
اقرأ أيضاً: كيف تتوقف عن القلق بشأن آراء الآخرين عنك؟
ومن المهم، بدلاً من ذلك، أن تعترف بأنك تقوم بتفسير موقف معين حدث بينك وبين زميلك دون دليل قوي يدعم فكرتك. ومن المهم بالدرجة نفسها، أو أكثر، أن تدرك أنه حتى إذا لم يكن زميلك معجباً بك، ولا يندفع نحوك بحديث احترافي يراعي مشاعرك كما تحبّ، فإنّه ما يزال بإمكانك أن تبني معه علاقة جيدة ومثمرة.
أنت دفاعي فيما يتعلق بالآراء التقويمية
وغالباً ما يكون الأشخاص القلقون مدفوعين برغبة شديدة لتحقيق النجاح، ولذلك فإنهم يطلبون آراء وملاحظات تقويمية تساعدهم على التحسن، ولكنهم يميلون إلى رؤية تلك الملاحظات على أنها آراء سيئة للغاية ومدمرة لهم، ويعتبرونها مؤشراً على أنّ جهودهم محكوم عليها بالفشل. إذا كانت هذه الحالة مشابهة لما لديك، فحاول أن تدرك ما يسهّل عليك الانفتاح لتقبّل النقد. يتضمن ذلك بالنسبة لي، تلقي النقد من شخص أثق في نصيحته، ويؤمن بكفاءتي وموهبتي بشكل عام، ويصوغ نقده في شكل تعليقات إيجابية، وأتلقى نقده عبر البريد الإلكتروني (كي أتمكن من استيعاب كلماته بهدوء وتمعن) وعندما أطلب هذا النقد أو أتوقعه (لأشعر بمزيد من السيطرة والتّحكم).
أمّا الوجه الآخر لمعرفة الطريقة التي تودّ من خلالها الحصول على الآراء التقويمية فيتمثل في إدراكك بأنك لا تحصل عليها، واكتشافك طريقة للشعور بمزيد من الارتياح في هذه الحالات. فمن أمثلة ذلك أنني أجد صعوبة في تقبل الانتقادات من أشخاص جدد، ولكنني، في الوقت نفسه، أعتبر وجهات النظر الجديدة قيِّمة للغاية، ولذلك فإنني مستعدة للتغاضي وتحمل القلق الناجم عنها. كما أنّ من المفيد امتلاك بعض الردود الجاهزة للحالات التي تسبب لك الآراء التقويمية فيها شعوراً بالقلق، وتحتاج معها إلى الوقت لتعديل ردة فعلك. ومثال ذلك: "هذه نقاط جيدة. دعني أذهب وأفكر فيها جيداً وأتوصل إلى خطة عمل لتطبيق اقتراحاتك".
أنت تتجنب مواقف معينة ثم يُنظر إليك على أنك شخص صعب
نميل إلى تجنب الأشياء التي نقلق منها، ثم نشعر بالخجل إزاء هذا التجنب، وهو ما يجعلنا غير واضحين في تواصلنا. ويمكن أن تتجلى هذه المشكلة بطرق كبيرة وصغيرة. ربما تشعر بالإرباك بخصوص الرد على رسالة في البريد الإلكتروني، لذلك تقوم بتأجيل ذلك الردّ، وهو ما يخلق إحساساً بأنك شخص غير موثوق أو غير منظّم أو مرتبك ومشوّش. أو ربما يدفعك خوفك المرضي من الطيران إلى رفض رحلات العمل.
من الأفضل لك في معظم الحالات أن تكون صادقاً إزاء ما يسبب لك التردد. فلن تلقى دائماً التفهم الذي تتمناه، ولكنّ الشفافية تخفف من التوتر لدى الجميع، وتعزز الثقة، ويُنظر إليها- غالباً- على أنها شُجاعة وأصيلة.
أنت ترد على نحو سلبي عندما تُعرض عليك أفكار غير متوقعة
إذا كان أول ما يخطر ببالك عندما تُعرض عليك أفكار جديدة هو دراسة المخاطر والجوانب السلبية وأسباب الفشل، فمن المحتمل أن يتبعك أشخاص آخرون، والأسوأ من ذلك أنه قد ينظر إلى ذلك على أنه سلبية غير مرحب بها. وحتى إذا كان ذلك يمثل ردة فعلك المبدئية، فإنه قد يكون مثيراً للإحباط ومزعجاً للآخرين الذين يرون طريقة للمضي قدماً في تلك الأفكار.
إذا كنت أحد هؤلاء المتشائمين، فأنصحك بتدريب نفسك على تقديم آراء تقويمية متدرجة. تأكد من أن يكون ردك الأول على فكرة جديدة هو ملاحظة الجانب الجيد منها. وسترى أنّ القيام بذلك سيساعد عقلك على تحسين التفكير المتوازن، ويعود عليك بفائدة عامة. ثم يمكنك الحديث عن مخاوفك، ولكن يحسن أن تنهي حديثك بملاحظة إيجابية. وتكمن الاستراتيجية الأخرى في تأجيل ردة الفعل، حتى ولو لساعات قليلة، حتى تعطي رداً مدروساً عند إجابتك.
اقرأ أيضاً: كيف تتوقف عن القلق من فقدان أهميتك في عملك؟
يمكن للقلق في العمل أن يلهم الأشخاص بطرق إيجابية للغاية، فقد يدفعك خوفك من الرفض -مثلاً- إلى أن تعمل بجد وتولي تقديراً أكبر للعلاقات، ومن شأن كونك حسّاساً وحذراً وحريصاً أن يعزز أداءك في المهمات الصعبة. وكلما تفهمت طبيعة قلقك على نحو أفضل، أمكنك زيادة هذه الجوانب الإيجابية وتقليل السلبيات، فتكون أكثر تقبّلاً لنفسك وأقدر على التعامل مع التحديات التي تنجم عن القلق في العمل.
اقرأ أيضاً: