قد يثير عدم حصولك على ترقية وُعدت بها العديد من المشاعر، بما فيها الإحباط والاستياء. تجيب كاتبة عمود النصائح في هارفارد بزنس ريفيو، إيمي غالو، عن سؤال من قارئ يواجه هذا الموقف، وتقدم نصائح ومصادر لمساعدته على تجاوز خيبة أمله مع الحفاظ على نموه المهني.
"التوافق" زاوية تقدم نصائح لمعالجة مشكلات الموظفين الصعبة والشائعة تكتبها الخبيرة في قضايا مكان العمل، إيمي غالو.
عزيزتي إيمي،
وعدني مديري السابق بترقية قبل عام، ولكني انتقلت إلى وظيفة أخرى في فرع آخر للشركة قبل أن أحصل عليها. بات لدي الآن مدير جديد، وقد قرر منح الترقية لموظف آخر. أحاول الآن تجاوز خيبة أملي، وأشعر بفراغ ولا أرى أي أفق للتقدم في مساري المهني داخل شركتي الحالية. أظهر مديري الجديد بعض التعاطف معي ووعدني بمساعدتي للحصول على ترقية، ولكني أشك في صدق نواياه وأعتقد أنها غالباً مجرد تكتيكات تعلمها في الدورات التدريبية المصممة لتعليم المدراء طرق استبقاء الموظفين. كما أنني لم ألاحظ أي جهد ملموس منه على الرغم من أنني شاركت في برنامج تطوير المواهب لعدة سنوات. ماذا أفعل؟
- شخص يشعر بخيبة الأمل والعجز
عزيزي الذي يعاني خيبة الأمل والعجز
أتفهم شعورك بالإحباط، فعدم حصولك على شيء كنت تتوقعه ووُعدت به هو خيبة أمل كبيرة في الواقع. أنت لست أول شخص يمر بهذا الموقف بالطبع، وبالتأكيد لن تكون الأخير. من الشائع أن تُغفل ترقية الموظف للأسف ودون أن يعرف السبب غالباً، مثلك تماماً. ربما يكون ذلك بسبب ضعف أدائه أو سياسات بيئة العمل أو تعديل استراتيجية الشركة، أو ربما طرأت تغييرات على المناخ الاقتصادي تدفع قادة المؤسسة إلى التردد في منح الترقيات و(أو) زيادة الرواتب.
في كثير من المؤسسات، لا تتسم عملية الترقية بالشفافية غالباً، ولا يدرك الموظفون في كثير من الأحيان معايير الترقية وتوقيتها وصاحب القرار النهائي فيها، لكن المدير الفعال يسعى إلى الحد من هذا الغموض من خلال التحلي بمزيد من الشفافية بشأن العملية ومتطلباتها، وهذا من شأنه أن يجعل العملية أكثر إنصافاً ويساعد على تحقيق المساواة من خلال الحد من التحيز الحتمي الذي يتسلل إلى عملية الترقية.
بالإضافة إلى الاعتراف بخيبة أملك، أحثّك على اعتبار هذا الموقف فرصة لاكتساب رؤى أعمق عن نفسك ودورك في الفريق وعلاقتك مع مديرك الجديد. لا شك في أن هذا الموقف يعد عثرة وقد يضر بتقديرك لنفسك، لكن يجب ألا يحبطك أو يدفعك لليأس تماماً.
دعنا إذاً نتحدث عما يمكنك فعله للتعامل مع الموقف الحالي على أمل أن تزيد فرصتك للترقية في المستقبل مع تحسين علاقتك مع مديرك الجديد.
1. تحدث إلى مديرك (مرة أخرى)
أعلم أنك تحدثت فعلاً إلى مديرك الجديد حول الموقف ولم تكن راضياً عن رده، ولكنني أشجعك على الاجتماع معه مرة أخرى لإجراء محادثة مباشرة وصريحة حول مستقبلك في الفريق. من المحتمل أن يتمسك بالموقف الرسمي للشركة ويستخدم الأساليب والاستراتيجيات التي تعلّمها في دورات استبقاء الموظفين، ولكن حتى لو كان الأمر كذلك، فعلى الأقل ستكون قد بذلت جهدك لمعالجة الموقف.
أنصحك بفعل عدة أشياء في تلك المحادثة.
أولاً؛ عبّر عن مشاعرك ومخاوفك. عبّر بوضوح عن خيبة أملك وحاول فهم أسباب عدم حصولك على الترقية. أقترح عليك أن تقول مثلاً: "أعلم أننا ناقشنا هذا الأمر من قبل، ولكني ما زلت أحاول أن أتعامل مع خيبة أملي، وسيكون من المفيد لي فهم عملية الترقية وكيفية اتخاذ القرار أكثر". انتبه جيداً إلى مستوى شفافية المدير وإذا ما كان سيقدم معايير واضحة لعملية الترقية. ستوفر المحادثة عادة بعض الرؤى حول وجهة نظر مديرك ونواياه، وستظهر رغبتك في علاقة عمل أكثر شفافية.
أعِد التركيز على هدفك. من المحتمل جداً أن يكون مديرك قد اتخذ قراره بشأن الترقية دون أن يكون لديه اطلاع على السياق بأكمله، فهو لا يزال ببساطة مديراً جديداً. ربما لا يعلم بالوعد الذي قطعه لك مديرك السابق ولا بسجل إنجازاتك في الشركة، ومن المحتمل أيضاً ألا يكون على دراية بطموحاتك المهنية.
اشرح لمديرك الجديد ما تريده بالضبط والسبب، والأفضل أن تهيئ الأدلة التي تدعم مطالبك، بما فيها أمثلة على أعمالك البارزة وعلى دورك في تحقيق الأهداف التنظيمية الأكبر، بالإضافة إلى أي ملاحظات إيجابية تلقيتها في مراجعات الأداء السابقة. احرص على توضيح سبب رغبتك في الترقية في المؤسسة. يرغب معظم الموظفين في التقدم في حياتهم المهنية بالتأكيد، ولكن إذا كان بمقدورك تحديد ما يحفزك للحصول على الترقية، فسيتفهمه وربما يقدّره على نحو أفضل.
التمس الملاحظات. يجب أن تطلب في محادثتك مع المدير ملاحظات محددة حول أدائك والمجالات التي يمكن أن تتحسن فيها، إذ يمكنك الاستفادة منها كي تضع خطة لصقل مهاراتك وإثبات قيمتك للمؤسسة.
من المهم ألا تكتفي بطلب ملاحظاته والاستماع إليها، بل يجب أن تتخذ إجراءات بناءً عليها. على سبيل المثال، إذا قال إنك لم تحصل على الترقية بسبب ضعف خبرتك الإدارية، فانظر إذا ما كان بمقدورك اتباع دورة تدريبية في الإدارة أو التطوع لإدارة متدرب أو مشروع لاكتساب المزيد من الخبرة. ضع في اعتبارك أن ملاحظاته تستند إلى تصوره عنك فحسب، ولا تعكس الواقع بالضرورة، لذلك فمهمتك هي تغيير نظرته إليك وإلى مهاراتك لتهيئ نفسك للترقية في المستقبل.
توصي مدربة القيادة إيمي برنارد-بان بأن تكون محدداً عند التماس الملاحظات وأن تطرح أسئلة على غرار ما يلي:
- ما الذي كان بمقدوري فعله على نحو أفضل الأسبوع الماضي في المشروع؟
- ما الخطوات التي يمكنني اتخاذها لأثبت إمكاناتي وأزيد ظهوري أمام كبار القادة برأيك؟
- كيف يمكنني تحسين مهارتي في مشاركة أفكاري مع بقية أعضاء الفريق؟
- ما برأيك مواطن قوتي التي يجب أن أستفيد منها على نحو أفضل؟
التمس النصح. نهج فعال آخر هو التماس النصح. أظهرت الأبحاث أن لالتماس النصح فوائد مثل زيادة الإعجاب بك وتشجيع أقرانك على فهم وجهة نظرك وتعزيز التزام من تطلب نصحه تجاهك. بعبارة أخرى، سوف تحصل على دعمه لك حين تطلب منه التوجيه فيما يمكنك فعله لنيل الترقية في المرة القادمة، يمكنك أن تقول: "ما الخطوة التالية التي كنت ستتخذها لو كنت مكاني"، أو "سأكون ممتناً لنصيحتك حول تحسين فرصتي للحصول على ترقية في المرة القادمة".
2. تواصل مع الآخرين
بالإضافة إلى هذه المحادثة مع مديرك الجديد، أقترح أيضاً أن تتواصل مع أشخاص آخرين في المؤسسة، بدءاً من مديرك السابق.
تحدَّث إلى مديرك السابق. بناءً على المعلومات التي قدمتها، يبدو أن مديرك السابق لا يزال يعمل في الشركة نفسها ولكن في قسم مختلف. هل يمكنك التواصل معه لشرح الموقف وطلب النصيحة؟ بغض النظر عن علمه بعدم حصولك على الترقية، فمن المحتمل أن يقدم لك رؤى قيّمة حول ما يجري. ربما يشعر بعدم الارتياح بشأن الوعد الذي قطعه لك ولم يفِ به، لذلك أوضح له أنك لست مستاءً منه، وأنك تسعى فقط إلى الحصول على معلومات تساعدك في توجيه خطواتك المهنية التالية.
عزّز شبكة موجهيك داخل المؤسسة. من غير المألوف أن يتخذ المدراء قرارات الترقية بمعزل عن المسؤولين الآخرين، فهم غالباً ينسقونها مع الموارد البشرية والمدراء ويأخذون ملاحظات النظراء بعين الاعتبار. إذا كان لديك أي موجهين حاليين أو مستشارين مؤتمنين أو حلفاء آخرين، فتواصل معهم، ولا تُضع هذه الفرصة للشكوى من عدم حصولك على ترقية، بل اشرح لهم رغبتك في ضمان أن يُنظر بترقيتك في المرة القادمة والتمس منهم التوجيه والمشورة. توضح الكاتبة والخبيرة في مكان العمل، شيرلي ديفيس، في مقالها "ماذا تفعل عندما يعوق مديرك نموك المهني؟" (What to Do When Your Boss Is Blocking Your Career Growth) أن بمقدور هؤلاء الأشخاص تقديم وجهة نظر موضوعية وخارجية وتقييم موقفك أو أدائك بصدق، ومساعدتك على تحديد أي حجج مضادة قد يتعين عليك معالجتها مع مديرك وتسليط الضوء على مجالات التطوير التي ربما غفلت عنها. وقد يكون البعض على استعداد لإجراء نقاش افتراضي معك يؤدون فيه دور المدير لمساعدتك على الاستعداد للمناقشات المستقبلية وتوضيح وجهة نظرك.
إذا لم يكن لديك مثل هؤلاء الأشخاص لتلجأ إليهم، فعليك البدء بتحديد بعض الحلفاء المحتملين، ويجب أن تبحث تحديداً عن أشخاص يتمتعون بنفوذ داخل شركتك. تقول المدربة في مجال القيادة كريستي هيدجز في مقالها "كيف تتقدم في حياتك المهنية دون مساعدة مديرك" (How to Advance in Your Career When Your Boss Won’t Help): "في كل مؤسسة أشخاص يتمتعون بنفوذ ليس بالضرورة أن يكون نابعاً من مناصبهم، مثل مستشارٍ استراتيجي استقال من الفريق التنفيذي أو مساعد الرئيس التنفيذي القديم. عندما تحدد أصحاب النفوذ في عملك، أظهر مدى فائدتك لهم، وفكر فيما يمكنك تقديمه لهم بدلاً من مجرد التفكير فيما يمكنك أن تكسبه منهم. ادعم جهودهم دون انتظار مقابل على المدى القصير، وثق بفائدة العلاقة معهم على المدى الطويل".
3. عزز علاقتك مع مديرك الجديد
يبدو أنك بدأت علاقتك بمديرك الجديد على نحو خاطئ ويمكنني أن أتفهم سبب عدم ثقتك به، ولكن إذا كنت ترغب في البقاء في هذه الشركة (المزيد عن هذا القرار أدناه) والحصول على ترقية، يجب أن تكون علاقتك به جيدة. من المرجح أن له دوراً أساسياً في ترقيتك وفي القرارات المهمة المتعلقة بالمشاريع التي ستُكلف بالإشراف عليها، بالإضافة إلى تقييم أدائك.
لذلك في حين يمكنك التعبير عن خيبة أملك بشأن الترقية التي لم تحصل عليها، لا تدع ذلك يعكر صفو علاقتك به؛ ابحث عن أرضية مشتركة: ما القواسم المشتركة بينكما؟ ما الجوانب التي يمكنكما التواصل بشأنها؟ تعاطف مع الضغوط التي قد يواجهها، وساعده على تحقيق بعض الإنجازات أولاً. أظهر له أنك تقف في صفه حتى لو لم يُظهر أنه في صفك بعد.
4. فكّر في الخيارات الأخرى
إذا لم يرضِك رد مديرك على طلبك لملاحظاته أو كنت تشعر بأنك لن تتمكن حقاً من التقدم في هذه المؤسسة يجب عليك التفكير في الخيارات الأخرى المتاحة، مثل العثور على وظيفة جديدة أو الانتقال إلى فريق أو قسم مختلف داخل مؤسستك؛ فكر في إمكانية أن تلحق بمديرك السابق الذي بدا داعماً لمسارك المهني في القسم الجديد؟
إذا قررت ترك وظيفتك الحالية، فضع في اعتبارك أن قرار الاستقالة ليس حلاً فورياً ويجب ألا تتخذه بتهور، امنح نفسك الوقت الكافي لتحسين سيرتك الذاتية وتوسيع شبكة علاقاتك والتحدث إلى من يستطيعون دعمك في هذه الخطوة.
إذا لم تكن سعيداً في وظيفتك الحالية ولكنك تشعر بأنك لا تستطيع المغادرة بعد، فضع جدولاً زمنياً لفترة بقائك، فوضع خطة مغادرة واضحة سيساعدك على تحمّل الوقت المتبقي لك في الوظيفة. ربما تخطط للصمود 4 أشهر أخرى، وإذا لم تتغير الجوانب التي حددتها في هذا الوقت يمكنك أن تبدأ حينها البحث عن وظيفة جديدة؛ الأهم هو تجنب الشعور بأنك عالق في وظيفة غير مُرضية، لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى تفاقم بؤسك.
وأخيراً، فكّر ملياً فيما إذا كانت الترقية ضرورية حقاً لكي تكون سعيداً في وظيفتك. لا شك في أن عدم الحصول على ترقية موعودة محبط، ويرغب الجميع في إحراز تقدم مهني ملموس، ومع ذلك من الممكن قبول الوضع الحالي والرضا به؛ فكّر في أكثر ما كنت ترغب فيه بالضبط من الترقية، سواء كان الاحترام أو المكاسب المالية أو فرصة اكتساب مهارات جديدة، واستكشف طرقاً أخرى للحصول على هذه المزايا. قد يكون من المفيد أيضاً أن تأخذ في اعتبارك أي تحديات أو سلبيات محتملة قد تترافق مع الترقية، وفكّر فيما نجوت منه بعدم حصولك عليها.
تذكّر أخيراً أن المسارات المهنية نادراً ما تكون خطيّة، وأن العثرات يمكن أن تكون فرصاً للنمو. أنا لا أحاول دفعك للنظر إلى خيبة الأمل على أنها أمر إيجابي، ولكن يمكنك الاستفادة منها لإعادة تقييم أهم اعتباراتك وتجديد التزامك بالسعي لتحقيقها.
إذا كان لديك سؤال تريدني أن أجيب عنه في كتاباتي القادمة، فيرجى التواصل معي عبر هذا الرابط.
مصادر أخرى: