عندما تبحث عن مدير لأحد الأقسام في مؤسستك، هل تبحث عادة عن الخبير أم الإداري لترقيته إلى هذا المنصب؟
ما من شك بالطبع أنك إن وجدت من يتحلى بالمواصفتين معاً، فهي فرصة عظيمة، لكن جميعنا يعلم أن هذا الأمر قد لا يتوفر في كثير من الحالات، لذا فأنت بحاجة إلى الاختيار بين خبير في تخصصه لكنه بحاجة إلى تعلم الإدارة، أو شخص جيد في الإدارة لكنه بحاجة إلى تعلم الخبرة الفنية والتخصصية في هذا الموضوع.
بذلك تضمن صلاحية أطول للمدير الذي أنت في صدد تعيينه.
تعتمد شركة "آبل" منهجاً طبقه ستيف جوبز واسمه "خبراء يديرون خبراء"، وقد صرح جوبز بقناعته أن أفضل المدراء هم الخبراء الذين لا يرغبون بالإدارة، فقد قال: "أفضل المدراء، هم أفضل العناصر في مجالاتهم، الذين لم تحدثهم أنفسهم بالتقدم إلى أي منصب" (المزيد عن طريقة ستيف جوبز و"آبل" في هذا الفيديو).
وتقدم شركة "آبل" أدلة واقعية على أن اعتماد ثقافة القادة الخبراء وعلى رأسهم جوبز نفسه، هي التي تخلق مناخاً إبداعياً في المؤسسات.
وبالانتقال من "آبل" إلى "مايكروسوفت" للإجابة عن هذا السؤال، فقد ورد جواب الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" ساتيا ناديلا بأنه "على القادة الانتقال من عقلية معرفة كل شيء إلى عقلية تعلم كل شيء"، وهو بهذا التصريح يوضح أن مواصفات القادة الناجحين تقوم على التعلم المستمر، وليس الادعاء بمعرفة كل شيء، وقد وردت عبارة ناديلا ضمن مقال يوحي فعلاً بأهم مواصفات القادة وهو "6 استراتيجيات للقادة في فترات الغموض".
يأتي تعلم الإدارة لمن يمتلكون الخبرة كمرحلة مهمة لنقل خبرتهم إلى التنفيذ ونقل مؤسساتهم إلى مستويات عالية من المنافسة، لكن عليهم في البداية إما أن يكونوا خبراء تقنيين كما تقترح بعض التجارب مثل "آبل" و"مايكروسوفت" أو أن ينخرط القادة في تطوير أنفسهم ليفهموا أعمال أقسامهم ومؤسساتهم وكأنهم خبراء.
ففي مقال نشره ثلاثة من الخبراء في شركة الاستشارات العالمية "بي دبليو سي"، يقول الخبراء المدراء: "ربما كان بإمكان القادة في الماضي تفويض رئيس قسم تكنولوجيا المعلومات أو الرئيس التنفيذي للتحول الرقمي بالتعامل مع التحديات التكنولوجية للشركة، ولكن هذا النهج لم يعد يصلح الآن. إذ يجب أن يفهم كل قائد أثر التكنولوجيا على الشركة وكيفية تحقق هذا الأثر لأن التكنولوجيا باتت تشكل عنصراً أساسياً في كل ما تفعله الشركة تقريباً، كالابتكار أو إدارة المنتجات أو العمليات أو المبيعات أو خدمة العملاء أو الماليات أو غيرها من المجالات".
ستلاحظون اعتباراً من هذا العام الذي تلا التحول الرقمي الكبير في عام "كوفيد-19"، أن القائد أو المدير الذي يشرف ويوجه، ويعطي تعليمات دون أن ينخرط ويفهم العمل بتفاصيله وجوهره سيكون مديراً منتهي الصلاحية عما قريب.
وبحسب الاقتصادي الأميركي غاري هامل، فإن الشركات التي تريد أن تحقق الفعالية العالية، يجب عليها أن تحول موظفيها إلى خبراء وأن تحولهم إلى مدراء لأنفسهم، بل قال حرفياً: "لنبدأ بطرد جميع المدراء" بهدف تحقيق الفعالية في المؤسسات معتبراً أن دورهم شكلي. بينما يختلف معه ديمو ديموف، أستاذ ريادة الأعمال والابتكار في جامعة "باث" في المملكة المتحدة، وجوزيف بيستروي، أستاذ إدارة مشاريع ريادة الأعمال في كلية "آي إي لإدارة الأعمال"، ويعتقدان في مقال نشراه في "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان "خمس طرق أساسية لتغيير دور المدير"، أن دور المدير ليس بحاجة إلى الإلغاء بل إلى التطوير. وفي الوقت الذي يتوقف فيه المدير عن التعلم المستمر وتطوير نفسه، فإن صلاحيته تكون قد انتهت.