ملخص: قد تبدو التحديات المهنية وكأنها عقبات كبيرة في وجه التطور المهني، مثل إعادة تنظيم المسار الوظيفي، والتعرّض للتسريح المؤقت من العمل، وغياب الإنجازات الشخصية، لكن الأجدى اعتبارها مكامن للفرص. في الواقع يُعد التطوير المهني الشخصي أمراً بالغ الأهمية للقدرة على التحمّل في مواجهة عدم اليقين والتغيير. وحددت المؤلفتان، اللتان تدربان أكثر من 100,000 شخص سنوياً على التطوير المهني، أربعة تحديات مشتركة تعترض طريق نمو الأفراد تتمثّل في الوقت والأشخاص والمهارات والمكان. وإليك كيفية التفكير واتخاذ إجراءات مبتكرة للتغلب على هذه التحديات ومواصلة الاستثمار في تطورك المهني.
يُعد التغيير وعدم اليقين من المسلَّمات في حياتنا المهنية اليوم، لدرجة أنهما دفعا الموظفين إلى إعادة تقييم أهدافهم في العمل، فاستبدل كثير منهم السلم الوظيفي التقليدي بمسارات مهنية "متعرجة"؛ أي تنقلات غير متسلسلة لا يقتصر معنى التقدم فيها على الحصول على ترقيات وتتيح لهم التطور في مجالات مختلفة. وأصبح التطوير المهني الشخصي في سياق هذا التغيير المستمر اليوم أمراً ضرورياً وليس خياراً.
لكن الحقيقة هي أن التطوير المهني نادراً ما يحظى بالأولوية، بل ما يحظى بها عادة هي الطلبات اليومية، ونادراً ما يكون الاستثمار في مستقبلنا أمراً ملحاً يتطلب استجابة فورية مماثلة لاستجاباتنا لرسائل البريد الإلكتروني الواردة، وهو ما يمثل خطراً طويل الأمد على ارتباطنا بالعمل واستمتاعنا فيه، لأن وضع أنفسنا في المرتبة الأخيرة يعني تعطّل مساراتنا المهنية وجمود مهاراتنا. أما على المدى القصير، فقد يؤدي الفشل في قضاء الوقت في تطوير الذات إلى تقويض قدرتنا على التحمل في مواجهة التأثيرات الخارجية على الوظائف، مثل تسريح العمال وإعادة التنظيم.
وندرّب في شركتنا، أميزينغ إف (Amazing If)، أكثر من 100,000 موظف سنوياً على التطوير المهني. ولاحظنا وجود أربعة تحديات مشتركة تعرقل نمو الموظفين تتمثّل في الوقت والأشخاص والمهارات والمكان. وإليك كيفية التفكير واتخاذ إجراءات مبتكرة للتغلب على هذه التحديات ومواصلة الاستثمار في تطورك المهني.
4 تحديات شائعة للتطوير المهني
حدد التحديات المألوفة بالنسبة لك. من الشائع مواجهة تحديين اثنين أو ثلاثة أو حتى كل تحدٍ من تلك التحديات في الوقت نفسه.
تحدي "الوقت"
على سبيل المثال: سأبدأ خطة تطويري المهني عندما يكون لدي وقت كافٍ.
المخاطر المهنية: الافتراض أن تطورك المهني يبدو منفصلاً عن وظيفتك اليومية.
تحدي "الأشخاص"
على سبيل المثال: لا يوجد من يساعدني في تطوير مهاراتي.
المخاطر المهنية: يصبح تقدمك معتمداً على أشخاص آخرين.
تحدي "المهارة"
على سبيل المثال: لست متأكداً من ماهية المهارة التي أريد تطويرها.
المخاطر المهنية: البحث عن إجابة "صحيحة" واحدة يثنيك عن البدء.
تحدي "المكان"
على سبيل المثال: لا توجد فرص للتطوير المهني في الشركة التي أعمل فيها.
المخاطر المهنية: الشعور بالإحباط وفقدان الدافع.
4 طرق إبداعية لبدء رحلة التطوير المهني
جربنا كلاً من الاستراتيجيات التالية واختبرناها مع متعلمينا، فقد صممناها لمساعدتهم على الاستجابة بشكل استباقي للمخاطر وإعادة التحكم في تطورهم المهني.
1. إذا كان التحدي الذي تواجهه مرتبطاً بالوقت، فحاول إعداد خريطة ذهنية لمدة خمس دقائق.
"سأقضي بعض الوقت في تطوير عملي عندما [أنتهي من العمل على هذا المشروع] أو [أتجاوز وقت الانشغال]". هل تبدو لك هذه الطريقة مألوفة؟
قد يساعدك تقليل الوقت المطلوب للتطوير وتنظيم تفكيرك في التغلب على هذه العقبة. استخدم أسئلة "درب نفسك" لتزيد وعيك الذاتي وتتخذ إجراءات جديدة:
- اضبط إشعاراً متكرراً لنفسك بعنوان "خريطة ذهنية لمدة 5 دقائق".
- اجلس في مكان لا توجد فيه مشتتات تكنولوجية.
10 أمثلة على أسئلة "درب نفسك"
يجب أن تكون أسئلة درّب نفسك مفتوحة، وليست أسئلة إجاباتها نعم أو لا؛ كما يجب أن تدرج فيها ضمير المتكلّم "أنا" بحيث تركز على أفعالك، وأن يتضمن كل سؤال فكرة واحدة فقط، لا مجموعة من الأفكار. وفيما يلي بعض الأسئلة التي يمكنك طرحها للبدء:
- ما الذي أسعى إلى تحقيقه خلال 12 شهراً؟
- ما الذي ساعدني في التغلب على العقبة الأخيرة التي واجهتني في وظيفتي؟
- ما السمعة التي أسعى إلى بنائها؟
- من هم الأشخاص الذين أتعلم منهم؟
- ما الذي يعزز طاقتي في العمل؟
- ما الذي كان مصدر فخري خلال الأشهر الستة الماضية، سواء في العمل أو في المنزل؟
- من يستفيد من العمل الذي أؤديه؟
- ما هي مواهبي القابلة للتحويل؟
- ما المجالات التي تثير فضولي وأرغب في تعلم المزيد عنها؟
- ممن أستقي الإلهام؟
- اقض خمس دقائق في إعداد خرائط ذهنية لأفكارك رداً على كل سؤال من أسئلة درّب نفسك. على سبيل المثال، إذا طرحت سؤال "ما السمعة التي أسعى إلى بنائها؟"، فقد تتضمن خريطتك الذهنية بناء العلاقات وتوليد الأفكار وإحداث تأثير إيجابي.
- لخّص أفكارك في نهاية الوقت من خلال كتابة عبارات "هل هذا كل ما في الأمر، وما الذي سيحدث الآن". قد تقول بالتعقيب على المثال السابق: سأقترح في محادثتي المهنية التالية مع مديري كيفية استخدام نقاط قوتي المتمثّلة في بناء العلاقات لتعزيز علاقاتنا بالإدارات الأخرى في الشركة.
2. إذا كان التحدي الذي يقف في وجه تطورك المهني يرتبط بالأشخاص، فاحرص على زيادة مصادر دعمك الجانبي.
عادة ما نفترض أن كبار الموظفين هم أهم مصدر للدعم ونستخف بأهمية التعلم من الأقران في المسارات المهنية التي يكون الترقي فيها وفق السلم الوظيفي. في الواقع، يُعد التواصل مع الأقران داخل المؤسسة وخارجها فرصة لمشاركة التحديات وتوليد أفكار جديدة والتعلم معاً.
قد تضم هذه المجموعات خمسة أشخاص أو 50 شخصاً؛ لكن المهم هو أن ينطوي هدف أفراد المجموعة المشترك على دعم بعضهم لبعض في التطوير المهني. وإليك كيفية البدء بذلك:
- ابدأ بإعداد مجموعة ترغب في أن تكون جزءاً منها باستخدام تطبيق مثل سلاك أو مايكروسوفت تيمز أو واتساب. على سبيل المثال، أنشأت إحدانا (سارة) مجموعة لمناصري المسارات المهنية المتعرجة.
- شارك الغرض من المجموعة مع خمسة أشخاص يشاركونك الاهتمام نفسه وادعهم للانضمام.
- واطلب من الجميع مشاركة فكرة قرؤوها أو شاهدوها أو استمعوا إليها ووجدوا أنها مفيدة في منصبهم الحالي.
- ثم طوّر مجموعتك من خلال منح الجميع خيار دعوة شخص واحد.
3. إذا كان تحدي التطوير المهني الذي تواجهه يتعلق بالمهارة، فابدأ إعداد مستكشف التعلم.
تفاوتت طرائق التعلم هذه الأيام لدرجة أن تحديد المهارات التي يجب تعلمها وكيفيه تعلمها أثنى العديد من الناس عن البدء.
ويساعدك استخدام مستكشف التعلم في ترتيب المهارات التي عليك تعلمها بحسب الأولوية بطريقة مفيدة وشخصية. ولتحصر تركيزك على مجال محدد، حدد المهارات التي عليك تعلمها والمهارات التي قد يعود تعلمها عليك بالنفع، كما عليك تحديد المهارات المفيدة لمنصبك الحالي والمهارات التي قد تفيد منصبك المستقبلي.
تساعدك نتيجة مستكشف التعلم على إعطاء الأولوية للمهارات التي تنتج عند تقاطع بُعدي "الحاضر" و"الضرورات" أعلى اليمين وعلى تحديد أهداف التعلم والمهارات الضرورية في منصبك اليوم و المهارات التي قد تفيد مسارك المهني في المستقبل. كما أنها تساعدك على اكتشاف المهارات المشتركة عبر الأرباع، وتحديد نقطة الانطلاق.
4. إذا كان تحدي التطوير المهني الذي تواجهه يرتبط بالمكان، فضع نموذجاً أولياً لمستوى تقدمك.
من السهل أن تشعر بالعجز بشأن تطورك عندما لا تكون الخيارات المتاحة لك في العمل واضحة دائماً. وكما كتبنا في مقال سابق، فإن الافتقار إلى الوعي بماهية المناصب الداخلية، ووجود كثير من العمليات لتحقيق التقدم، والدعم المحدود من أصحاب النفوذ قد يجعل الانسحاب أسهل من مواصلة التقدم. لكن بدلاً من أن تترك الظروف تحدد مسار تطورك المهني، ضع نموذجاً أولياً لتقدمك لتفتح المجال لإمكانيات جديدة. وإليك كيفية القيام بذلك.
- اكتب فرصة داخلية واحدة تحاول تحقيقها.
- وأجب عن هذه العبارة: هذه الفرصة مهمة لي لأن…
- حدد ثلاث طرق أخرى تتيح لك الوصول إلى هدفك في مؤسستك.
على سبيل المثال
- أودّ أن أقود فريقاً لأول مرة.
- هذه الفرصة مهمة لي لأنني أستمتع في دعم الآخرين في رحلات تطورهم المهني.
- وتوجد ثلاث طرائق تتيح لي الوصول إلى هذه النتيجة:
- التطوع لدعم الموظفين الجدد في مؤسستي
- العمل كموجّه للموظفين بداية مساراتهم المهنية
- الترشح لقيادة مشروع جديد
يمنعك هذا النهج من الاعتماد على حل واحد ويساعدك في العثور على فرص مختلفة للتطوير ضمن شركتك الحالية.
باختصار، قد تبدو التحديات المهنية وكأنها عقبات كبيرة في وجه التطور المهني، مثل إعادة تنظيم المسار الوظيفي، والتعرّض للتسريح المؤقت من العمل، وغياب الإنجازات الشخصية، لكن الأجدى اعتبارها مكامن للفرص. اتبع نهجاً إبداعياً يفتح لك آفاقاً وتوجهات مختلفة لدعم تطورك، فالاستثمار في تطورك المهني اليوم سيؤتي ثماره في اللحظات الصعبة.