تقرير خاص

تجربة منصة سهيل: رقمنة البيانات تغير شكل سوق العقارات السعودية

5 دقائق
منصة سهيل
shutterstock.com/faithie

إذا فكرت قبل عقدين في شراء أملاك عقارية أو بيعها أو إيجارها، كنت ستجد أمامك خيارين، الأول هو تصفح إعلانات الصحف المقتضبة ومن ثم معاينة العقار بنفسك لمعرفة موقعه وطبيعته، والخيار الثاني هو اللجوء إلى أحد وكلاء العقارات الذي يغطي بطبيعة الحال حياً واحداً فقط، وفي الحالتين، ثمة الكثير من المعلومات المجهولة عن تاريخ العقار ووضعيته التي لن تحصل عليها إلا بزيارة لإحدى الهيئات الحكومية، والكثير من الوقت والجهد المبذول. أما الآن، فمع ثورة البيانات والرقمنة، يمكنك البحث عن العقار ومعرفة موقعه وكافة البيانات عنه وحتى إتمام الصفقة عن طريق إحدى المنصات العقارية الرقمية عبر هاتفك المحمول، إذ إن 97% من مشتري المنازل في 2020 وجدوها عبر الإنترنت، وفقاً لبحث أجرته الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين (National Association of Realtors).

في المملكة العربية السعودية، شهد القطاع العقاري تحولاً ملحوظاً، خاصة وأن المملكة قد اتخذت خطوات لتبنّي تكنولوجيات الثورة الرقمية، حتى قبل جائحة كوفيد-19، بفضل رؤية 2030 التي تضع "برنامج الإسكان" ضمن أولوياتها. إذ تظهر الأبحاث أن صناعة البناء والتشييد قادرة على تطوير 7 مجالات بنسبة 50% إلى 60% من خلال تبني أفضل الممارسات والابتكارات، وهي التشريعات المنظمة، والعلاقات التعاقدية، وعمليات التصميم والهندسة، وإدارة المشتريات وسلسلة التوريد، والتنفيذ في الموقع، والتكنولوجيا الرقمية والمواد الجديدة والأتمتة، وتنمية القوى العاملة، وذلك كما جاء في مقال منشور في هارفارد بزنس ريفيو.

من المتوقع أن تسجل سوق العقارات السعودية معدل نمو سنوي مركب يزيد على 9.74% خلال الفترة من 2022 إلى 2027. وقد جاء هذا النمو الذي شهده القطاع سواء من ناحية أنشطة البناء والتشييد التي سجلت زيادة سنوية قدرها نسبة 14%، أو من حيث زيادة الطلب على الخدمات العقارية مسجلة قيمة 20.5 مليار دولار أميركي، مصحوباً بارتفاع عدد المنصات العقارية الرقمية المرخصة من هيئة العقار، لتسهّل التعاملات في القطاع بفضل اعتمادها على التكنولوجيات الحديثة، التي أضفت مزيداً من الدقة والمصداقية إلى القطاع. ولنأخذ مثالاً على منصة سهيل التي تسعى لتطويع ابتكارات الثورة الرقمية لتسهيل تجربة أكثر من 130,000 مستخدم نشط للمنصة.

منصة سهيل: تسخير قوة البيانات الرقمية لخدمة العملاء في قطاع العقارات

أطلقت شركة كوانت (Quant)، وهي شركة سعودية متخصصة في تحليل البيانات وتقديم الخدمات الاستشارية والمنتجات المعرفية القائمة على البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، منصة سهيل لتقديم الخدمات العقارية بطريقة تفاعلية تعتمد على البيانات والخرائط الرقمية، عبر توظيف الذكاء الاصطناعي والأدوات المبتكرة.

منصة سهيل هي منصة رقمية عقارية تخدم كافة المهتمين بالقطاع العقاري، سواء كانوا وسطاء عقاريين، أو مقيّمين عقاريين، أو شركات التمويل والتطوير العقاري، أو بنوك الاستثمار العقاري، أو حتى ملاّك العقارات والباحثين عن سكن، إذ تمكنهم من تتبع مؤشرات الأسعار العقارية والمعلومات العمرانية، وتسهل الوصول إلى البيانات والفرص العقارية، والإحصائيات الدقيقة.

المنصات الرقمية العقارية مثل سهيل، والابتكارات التي تعتمد عليها في تقديم خدماتها قادرة على تغيير شكل القطاع العقاري بالكامل، وتحسين تجربة العملاء لتصبح أكثر دقة وسرعة وسهولة، وتسهيل عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية. إذ أشاد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي، عبد الله بن عامر السواحة، بتجربة سهيل خلال كلمته في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، موضحاً أن المنصة جمعت بين خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي لتمكين أصحاب المصلحة من اتخاذ قرارتهم الاستثمارية العقارية على أساس مدروس ومدعم بالإحصائيات الدقيقة. فكيف تغيّر سهيل سوق العقارات اعتماداً على ثروة البيانات وتبنّي أحدث تكنولوجيا الثورة الرقمية؟

1. الاعتماد على البيانات يقود إلى تقييمات أكثر دقة

قبل دخول قطاع العقارات عصر البيانات الرقمية، كانت بعض القرارات التي تتعلق بالبيع والشراء تعتمد على التقديرات إلى حد كبير، ما يترك مجالاً لعدم الدقة. ولكن البيانات الضخمة التي نعاصرها الآن، والتي من المتوقع أن يصل حجم إنشائها يومياً إلى 463 إكسابايت (الإكسا هي مليار المليار) من البيانات على مستوى العالم بحلول عام 2025، تمنح القطاع فرصة لتغيير نموذج الأعمال بالكامل ليصبح مبنياً على قرارات أكثر دقة.

تتيح منصة سهيل بيانات رقمية تمكّن المشترين والبائعين من إصدار تقييمات أكثر دقة للممتلكات بناءً على رؤى إضافية دقيقة. إذ تعتمد سهيل على مصادر متعددة في جمع بياناتها، منها المصادر الرسمية التي تتيحها وزارتا العدل والإسكان، وأمانة الرياض، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة الملكية لمدينة الرياض، وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، والعنوان الوطني، والمصادر الخاصة مثل شركات التسويق العقاري المختلفة، وكذلك بيانات المواقع الجغرافية التابعة لوكالة ناسا الأميركية، ما يتيح للمستخدمين سهولة الوصول إلى البيانات والفرص العقارية والإحصائيات التفصيلية الدقيقة، ومشاركتها مع أصحاب المصلحة العقاريين.

توفير هذه البيانات الموثوقة في منصة واحدة يقلل بشكل كبير من حالة عدم اليقين التي تحيط بالممتلكات، وبالتالي تخفيف المخاطر بشكل كبير سواء للمشترين أو المستثمرين. ويمكن أن يمنح التحليل المعتمد على البيانات نظرة عميقة لأصحاب العقارات حول كيفية استخدام الأرض في الماضي، ومطالبات التأمين التي تم تقديمها، والتصاريح المتعلقة بقضايا الملكية، وغيرها.

في هذا الصدد، أطلقت المنصة أيضاً خدمة مسبار سهيل، التي توفر لوحة بيانات تفاعلية تسهم في معرفة اتجاهات السوق وإتاحة معلومات عن الصفقات العقارية منذ عام 2010 ومراقبة المتغيرات والمستجدات في أنظمة البناء واستخدام الأراضي والاطلاع على المشاريع العقارية ونقاط الاهتمام في محيط كل عقار وتحديثها بشكل دوري ومتوسط الدخل للسكان في كل حي، ما سيمكن أصحاب العقارات من تحديد قيمة عقار معين بدقة أكبر والتنبؤ بمسارها على مدار فترة معينة.

2. استخدام تكنولوجيا المواقع الجغرافية

أبرز مزايا المنصات الرقمية العقارية هي إمكانية الوصول إلى العقار المناسب بناءً على طبيعته أو موقعه أو قيمته بضغطة زر، إذ تربط صور الأقمار الاصطناعية مع مواقع الأراضي العقارية المأخوذة من مصادر موثوقة كأمانة الرياض ووزارة الشؤون البلدية والقروية، مع توظيف تكنولوجيا التعلم العميق، لترتفع دقة الصور الملتقطة بنسبة 91%.

يتمكن مستخدم المنصة من استعراض الأراضي كصورة جوية، بناءً على تصنيفها إذا كانت سكنية أو تجارية، وكذلك بناءً على قيمتها وسعر المتر المربع بها حسب بيانات الصفقات العقارية المأخوذة من وزارة العدل. كما توفر الخريطة التفاعلية لسهيل إمكانية عرض أسعار الصفقات العقارية على الخريطة على مستوى كل مدينة أو حي، ما يتيح شفافية عالية في معرفة أسعار التعاملات وموقع قطعة الارض وأبعادها والشوارع على الخريطة.

ويبدو أن هذه الخدمات تلقى رواجاً وطلباً واسعاً، إذ تتوسع المنصة في حي تلو الآخر، فبعد الرياض، أدرجت "سهيل" خرائط كل من المدينة المنورة والدمام والخبر في المنصة لتمكين المستخدمين من تصفحها والاطلاع على البيانات العقارية فيها لتتبع الصفقات العقارية وتحليل بياناتها.

3. خوارزميات الذكاء الاصطناعي

تزوّد خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي المتخصصين في العقارات بالرؤى اللازمة لاتخاذ قرارات أسرع وأكثر استنارة. وتستعين سهيل بخوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم خرائط البلدية وأمانة الرياض وصور الأقمار الاصطناعية لتحديد نوعية العقار ومعالجة طبيعة المنطقة العقارية. كما ستسهل على الوسطاء العقاريين توقع الأصول المستقبلية، وقيم الإيجار من خلال جمع السجلات العامة وتحليلها، إضافةً إلى توليد تحليل القيمة لكل عقار معين.

تقدم سهيل أيضاً خدمة مستشار عقارات آلي، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتسهيل تقديم القروض العقارية، إذ تسهم في التحقق من أهلية استحقاق المستفيدين من قروض الرهن العقاري، كما تتمكن من التنبؤ بمدى احتمالية حصول المستفيدين على عقود مدعومة.

4. سهولة التجربة

كل هذه الابتكارات العقارية توفر تجربة محسّنة بشكل كبير للعميل، إذ تساعد الرؤى المستمدة من البيانات الضخمة التي تعتمد عليها سهيل وكلاء العقارات على فهم احتياجات عملائهم بشكل أفضل، إلى جانب تمكينهم من تقديم توصيات أكثر تخصيصاً بناءً على تفضيلات المشتري، كما أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي سبق الإشارة إليها تضيف لتجربة العميل مزيداً من السهولة والسرعة من خلال تضييق نتائج البحث إلى العقار الأكثر ملاءمة بناءً على المعلومات المقدمة.

كما تتيح سهيل للوكيل العقاري مشاركة المعلومات التفصيلية الخاصة بقطع الأراضي مع العملاء، من خلال إنشاء صفحة خاصة للعرض في المنصة، ومشاركتها عبر كافة تطبيقات التواصل الاجتماعي في ثوانٍ معدودة. كما تمتلك المنصة خدمة حديثة تدعى "وحدات" تسمح للمطورين العقاريين بإدارة عمليات الحجوزات والمبيعات لوحدات الأراضي على خريطة سهيل التفاعلية بكل يسر وسهولة، عبر تتبع المبيعات منعاً للحجز المضاعف على نفس الوحدة العقارية في وقت واحد، وكذلك إمكانية إتمام عملية الدفع الإلكتروني عبر المنصة.

وتستخدم سهيل البيانات التي تحصل عليها من المصادر الرسمية السابقة الذكر والمستجدات في القطاع العقاري لإصدار تقارير إحصائية عقارية تفيد العملاء مثل تقارير عن الصفقات العقارية، وتحليلات لتأثير القرارات التنظيمية على السوق العقاري.

تستطيع المنصات العقارية الرقمية مثل منصة سهيل تغيير شكل القطاع بالكامل، وطبيعة التعامل داخله، أسوة بالتغيير الذي لحق بقطاعات مثل الإعلام والصناعة والبنوك، خاصة مع الاستعداد الهائل والمرونة الشديدة اللذين أبداها العالم إزاء التحول في أثناء جائحة كوفيد-19.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي