مصطلح "تأثير كبد الإوز المسمّن" مشتق من اسم طبق فرنسي شهي يتكون أساساً من كبد طائر الإوز أو البط، والذي يُسمّن بطرق غير طبيعية قد تجعل حجم كبده أكبر من الحجم الطبيعي بعشر مرات؛ لذلك فإن مُصطلح "تأثير كبد الإوز المسمّن" يُستخدم للشبه الموجود بين التسمين القسري للإوز والتمويل القسري للشركات الناشئة، إذ تعمد بعض المؤسسات المالية إلى تقديم تمويل مفرط لشركات ناشئة حديثاً من أجل تسريع نموها، ويكون ذلك جراء الضغط المُمارس من المستثمرين أصحاب رأس المال المخاطر الذين يؤمّنون هذا التمويل على أمل تحويلها لشركات ناشئة أحادية القرن. يؤدي التمويل المفرط في معظم الأحيان إلى نتائج عكسية، إذ إن الشركات الناشئة تكون غير جاهزة لنطاق التوسع الهائل، وتُصبح معتمدة كلياً على جولات التمويل في حل المشاكل التي تواجهها، بدلاً من التعلم من أخطائها وتحدي الأوضاع السائدة.
يوجد مصطلح آخر يعبّر عن النتائج العكسية للخطط الموضوعة، وهو تأثير الكوبرا (Cobra Effect)، غير أن النتائج المغايرة للمتوقع لا تنحصر على الجانب المالي للشركات، وإنما تمتد لمجموعة من المجالات المختلفة اخترنا لكم منها مايلي:
أولاً مجال طلب المشورة من الزملاء، حيث توصل مجموعة من الباحثين نشروا مقالاً بعنوان "النتائج العكسية لالتماس مشورة مجموعة من الأفراد" إلى نتيجة مفادها أنّ من يقدم المشورة قد يقيّم طالبها على أساس أنه أقل كفاءة منه، ما يؤدي إلى شعورهم بالبعد الاجتماعي في وقت لاحق، واهتمام أقل بتقديم المشورة لهم في المستقبل، ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أن أولئك الذين يلتمسون المشورة يريدون ببساطة جمع المعلومات وتوسيع مجموعة الخيارات التي ينظرون فيها، في حين ظن أولئك الذين يقدمون المشورة أن واجبهم ينطوي على تقديم التوجيه الذي من شأنه أن يعمل على التقليل من الخيارات.
المجال الثاني هو التفاوض، إذ أكدت دراسة بعنوان "لطفك في التفاوض قد يُفضي إلى نتائج عكسية"، قادتها فرانشيسكا جينو مع ثلاثة باحثين، أنّ الاعتقاد السائد بأنّ اللطف سيمكّن الأفراد من الفوز بصفقات أفضل هو اعتقاد خاطئ، ومن بين التجارب اللافتة التي أجراها هؤلاء الباحثون هي استخدام رسائل حازمة وأخرى "لطيفة" عند التفاوض حول شراء بعض المنتجات البسيطة، حيث توصلوا إلى أنّ التخفيض الذي قدّمه البائعون كان أكبر عندما كانت الرسالة حازمة وصارمة، وكان البائعون أكثر استعداداً لقبول عرض التخفيض بمقدار 80% عندما جاء الطلب من مشتر حازم (نحو 13%) مقارنة بمشتري ودود (أقل من 9%). ونظراً إلى أن متوسط سعر الهاتف في عينة التجربة كان 435 دولاراً، فإن هذه النتائج تعني أن الطلبات الحازمة والصارمة حققت وفورات أكبر بمقدار 35 دولاراً لكل هاتف مقارنة بالطلبات اللطيفة والودية.
المجال الثالث هو مراقبة سلوك الموظفين، حيث قادا فيه باحثان دراسة بعنوان "لماذا يمكن أن تؤدي مراقبة سلوك موظفيك إلى نتائج عكسية؟" حذروا فيها مما أسموه "دورة المراقبة القسرية"، أي زيادة في المراقبة الإدارية التي يمكن تفسيرها بواسطة الموظفين كجهود مراقبة قسرية؛ ما يعزز ممارسات الخفاء بين الموظفين التي تؤدي في ما بعد إلى انعدام ثقة المدراء في موظفيهم، وتدفع المدراء بالشعور أنهم محقون في طلب المزيد من أنظمة المراقبة.
آخر مجال هو موضح في المقال المعنون بـ "لماذا قد يأتي التماس التبرعات عند دفع ثمن المشتريات بنتائج عكسية؟"، حيث وجدت الأستاذة "أوبينغ" والمؤلفون المشاركون زملاؤها، عقب إجراء العديد من الدراسات التي شملت مئات المشاركين، أن الزبائن يعتبرون أن التماس التبرعات عند نقاط البيع انتهاكاً لعقدهم الاجتماعي مع متجر التجزئة، وهو عقد يقوم على مبدأ المعاملة بالمثل وبموجبه يساهم الطرفان بشكل متكافئ ويستفيدان من عملية التبادل؛ وعندما يُطلب من الزبائن التبرع، وهي معاملة ذات اتجاه واحد، يختل هذا التوازن.