ملخص: قد تكون الاستقالة هي القرار السليم في بعض الأحيان. ولكن إذا كنت تحب وظيفتك بشكل عام وتشعر بالرضا عنها بالمجمل باستثناء مشكلة واحدة تنغص حياتك، فيجدر بك التحدث مع مديرك حول هذا الموضوع الذي يحرضك على الاستقالة من العمل قبل تقديم الاستقالة. تطرح كاتبة المقال عدداً من التوصيات حول كيفية التعامل مع المحادثات المرتبطة بأربع قضايا: 1) لوجستيات العمل. فحتى إذا أعلنت شركتك عن سياسة "عامة" جديدة تحكم الأسلوب الذي يجب اتباعه من قِبَل الموظفين لأداء العمل ومكان أدائه، فلا يجدر بك قبولها بالضرورة باعتبارها سياسة نهائية لا رجعة فيها. وإذا كانت المشكلة تدعوك لمغادرة الشركة، فيجب أن تسأل عما إذا كان من الممكن عمل بعض الاستثناءات. 2) مشاريعك وتطوير مهاراتك. تحدَّث عما تريد قبل أن تُقدّم استقالتك. هل هناك مهارات جديدة تريد اكتسابها؟ وهل هناك مشاريع تريد المشاركة فيها؟ 3) زملاؤك الذين تعمل معهم. إذا كنت تريد الاستقالة من عملك بسبب بعض أعضاء الفريق الذين يخلقون جوّاً مسمماً بالعداوات، فيجدر بك أن تسأل عما إذا كان من الممكن تكليفك بمشروع جديد أو الانضمام إلى فريق جديد داخل المؤسسة. 4) التعويض المادي. إذا كنت تشعر بأنك تتقاضى راتباً ضئيلاً أو أنك اكتسبت مهارات أو خبرات جديدة تزيد من أسهمك في الحصول على عمل براتب أعلى، أو إذا كان هناك هدف معين في حياتك تريد تحقيقه بصورة مُلحة (مثل كسب ما يكفي من المال لشراء منزل)، فقد تؤدي زيادة الراتب إلى تخليك عن فكرة ترك عملك. وكما هي الحال دائماً، من المهم أن تتأنى في عرض مطلبك وتقدّم حجة منطقية حول القيمة التي تضيفها إلى الشركة وأسباب استحقاق زيادة الراتب. وحينما تدير هذه المحادثات على نحو استراتيجي، فإنك بذلك تمنح نفسك أفضل فرصة ممكنة للاستفادة من وظيفتك الحالية وجعلها تعمل لصالحك، دون التعرض لضغوط ومتاعب الاضطرار إلى المغادرة إذا كنت لا تريد ذلك حقاً.
إذا كنت تفكر في الاستقالة من وظيفتك، فلست وحدك من ينوي ذلك. إذ تذكر الإحصاءات أن ما بين ربع إلى أكثر من نصف الموظفين يعتزمون البحث عن وظيفة جديدة بعد الجائحة. تعكس هذه الإحصاءات بحث المهنيين عن تحديات مهنية جديدة، وقد تراكمت رغبتهم هذه في الفترة الماضية بشكل غير عادي بسبب إحجام الموظفين عن ترك وظائفهم "الآمنة" في ظل حالة عدم اليقين التي اجتاحت العالم خلال العام الماضي. وفي المقابل، يسعى موظفون آخرون إلى تغيير وظائفهم لأسباب مختلفة، مثل المخاوف من سياسات الشركة في مرحلة ما بعد الجائحة أو التغييرات في ديناميات مكان العمل خلال العام الماضي الذي شهد تطبيق سياسة العمل عن بُعد (ومعاودة الانتقال إلى العمل في المكاتب أو نظام العمل الهجين).
إذا لم تكن متأكداً من أن ترك شركتك هو الخطوة الصحيحة، أو إذا كنت ستبقى بشرط معالجة بعض مخاوفك، فيجدر بك أن تتحدث مع مديرك قبل تقديم الاستقالة.
كيفية الاستعداد للاستقالة من العمل
تمثل العودة إلى المقرات المكتبية بعد الجائحة فترة حدية ستشهد مرونة في قواعد العمل وإعادة إرساء الإجراءات الروتينية. إلى جانب وعي الشركات الشديد بأن الكثير من الموظفين يتطلعون إلى فرص أخرى، إذا كانت لديك سمعة طيبة داخل مؤسستك، فقد يقوي هذا موقفك إلى حدٍّ كبير في التفاوض بشأن الترتيبات الأنسب لك ولظروفك. وإليك 4 أشياء يجب مناقشتها مع مديرك قبل أن تقرر المغادرة:
لوجستيات العمل
شهد العام الماضي، انخراط موظفي المعرفة في العمل عن بُعد، وهو ما لاقى إعجابهم بشكل عام. وقد كشفت إحدى الدراسات أن 87% من المهنيين الذين عملوا عن بُعد خلال الجائحة يرغبون في مواصلة العمل بهذه المنهجية يوماً واحداً على الأقل في الأسبوع، وإذا لم تسمح لهم شركاتهم بذلك، فإن 42% منهم على استعداد لترك وظائفهم. قد يتردد الكثير من الموظفين أيضاً في العودة إلى مواعيد السفر المكثفة التي كان يتم فرضها عليهم في بعض الأحيان قبل انتشار الجائحة (سارعت إحدى الزميلات اللاتي أعرفهن بتقديم استقالتها عندما أعلنت شركتها الاستشارية بعد عام من العمل عن بُعد عزمها إعادة موظفيها إلى العمل في المقرات المكتبية لمدة 3 إلى 5 أيام في الأسبوع).
لكن حتى إذا أعلنت شركتك عن سياسة "عامة" جديدة تحكم الأسلوب الذي يجب اتباعه من قِبَل الموظفين لأداء العمل ومكان أدائه، فلا يجدر بك قبولها بالضرورة باعتبارها سياسة نهائية لا رجعة فيها. وإذا كنت تخطط للمغادرة في حال بقيت المشكلة، فيجب أن تسأل عما إذا كان من الممكن عمل بعض الاستثناءات. قد تكون الإجابة بالنفي، ولكن إذا كنت تشغل منصباً مهماً (مندوب مبيعات يحقق إيرادات كبيرة)، أو كنت تعمل في مجال يعاني العجز (كأن تكون محلل بيانات، مثلاً)، أو قمت ببناء رأسمال سياسي بمعنى أنك كوّنت شعبية كبيرة داخل شركتك، فقد يقرر مدراؤك استيعاب خياراتك وبذل كل جهد ممكن للإبقاء عليك للاستفادة من جهودك.
مشاريعك وتطوير مهاراتك
يشرع الكثير من الأشخاص في البحث عن فرص جديدة لأنهم يشعرون أن عملهم بات روتينياً أو لأنهم يعانون الجمود. (قد تزداد حدة هذا الشعور بشدة عقب الجائحة لأننا افتقرنا لمدة عام كامل إلى فرص خوض تجارب جديدة ولم نكن نغادر منازلنا إلا قليلاً). ويحرص المدراء المتميزون على استشراف المستقبل بحثاً عن فرص جديدة لتطوير أداء موظفيهم، ويفكرون مسبقاً في كيفية مساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة. ولكن العام الماضي شهد تركيز المدراء بكل فئاتهم على كيفية إبقاء رؤوسهم فوق الماء خلال الظروف الصعبة، وربما أسهم هذا الوضع في تضاؤل قدرتهم على إبداء "رحابة الصدر" والتركيز على احتياجاتك. لذا من المهم أن تتحدث عما تريد قبل أن تُقدم استقالتك. ومن المؤكد أنه من السهل على القادة الذين يحاولون التكيف مع المشهد العام في حقبة ما بعد الجائحة أن يبقوك في الوظيفة نفسها تؤدي المهمات نفسها، وقد لا يتحمسون لأي تغييرات. لكن الاحتمال الأكبر أنهم سيقبلون بإجراء بعض التغييرات، بل إنهم سيحرصون بشدة على ألا تغادر الشركة مطلقاً، لذا إذا طلبت (على سبيل المثال) أن تمول الشركة مشاركتك في برنامج معين لتطوير أدائك التنفيذي، أو أن تسمح لك برئاسة مبادرة تحقق فرصة عمل جديدة، فقد يتجاوبون مع طلبك.
زملاؤك الذين تعمل معهم
يعتبر الاستياء من العلاقات الشخصية في العمل أحد أكثر الأسباب شيوعاً لاستقالة الموظفين من وظائفهم، سواء كانت أو لم تكن هناك جائحة. إذا كان هناك عضو في الفريق (أو مدير) ينغّص عليك حياتك، فقد يكون التواصل المحدود عبر شاشات الفيديو لمدة عام كامل نعمة لا تُقدَّر بثمن. وقد يبدو الوقت مناسباً للمغادرة في ظل العودة إلى العمل في المقرات المكتبية وزيادة احتمالية نشوب الصراعات من جديد. ولكن قبل أن تتخذ قراراً من جانب واحد بالاستقالة، ينبغي لك أن تسأل عما إذا كان من الممكن إعادة تكليفك بمشروع جديد أو الانضمام إلى فريق جديد (ربما كان بإمكانك اقتراح الانضمام إلى مشروع أو فريق معين، إذا رأيت حاجة أو فرصة سانحة). فوفقاً للصحفي براد ستون، فقد تبنت شركة "أمازون" سياسة السماح للموظفين، حتى الجدد منهم، بتغيير وظائفهم داخل الشركة في أي وقت، "حتى يتمكنوا دائماً من ترك المدراء السيئين". وقد تبدأ الشركات الأخرى في الشعور بالضغوط التنافسية التي تدفعها إلى تبني سياسات مماثلة.
التعويض المادي
التعويض المادي هو جزء من المشكلة والحل، لكنه لا يمكن أن يكون كل المشكلة أو كل الحل. فإذا كنت تعاني من مشكلة معينة تجعلك ترغب في ترك وظيفتك، مثل العمل مع زميل سيئ السلوك، فعليك معالجة هذه المشكلة مباشرة. فالزيادة في الراتب لا تهم كثيراً إذا كنت تكره عملك. (توصلت الدراسات إلى أن الكثيرين من المهنيين سيكونون مستعدين للتضحية بالدخل لصالح اكتساب مزيد من المرونة في مجالات أخرى، مثل العمل عن بُعد).
لكن التعويض المادي قد يكون هو المشكلة في بعض الأحيان. إذا كنت تشعر بأنك تتقاضى راتباً ضئيلاً أو أنك اكتسبت مهارات أو خبرات جديدة ترى أنها تخوّلك الحصول على عمل براتب أعلى، أو إذا كان هناك هدف معين في حياتك تريد تحقيقه بصورة مُلحة (مثل كسب ما يكفي من المال لشراء منزل)، فقد تؤدي زيادة الراتب إلى تخليك عن فكرة ترك عملك. وكما هي الحال دائماً، فمن المهم أن تتأنى في عرض مطلبك وتقدّم حجة منطقية حول القيمة التي تضيفها إلى الشركة وأسباب استحقاق زيادة الراتب.
ويُنصح بشكل عام بتجنب الإنذارات التي قد تبدو كأنها نوعٌ من التهديد أو الابتزاز. ولكن إذا كنت تخطط حقاً للمغادرة في حال بقيت المشكلة، فمن المفيد أن تكون شفافاً في حديثك مع صاحب العمل. يمكنك أن تقول، مثلاً: "أود البقاء مع الشركة، ولكني قررت أن هذا هو الوقت المناسب لشراء منزل، ولكي أستطيع تدبر المال اللازم، فإنني بحاجة إلى كسب مبلغ إضافي بقيمة كذا كل عام. لا أعرف ما إذا كان ذلك ممكناً هنا، لكنني على الأقل أردت دراسة الأمر معك وإبلاغك بخططي لأنني آمل حقاً أن نتمكن من التوصل إلى حلٍ مُرضٍ لجميع الأطراف".
قد تكون الاستقالة من الوظيفة هي القرار السليم في بعض الأحيان. ولكن إذا كنت تحب وظيفتك بشكل عام وتشعر بالرضا عن كافة مكوناتها باستثناء مشكلة واحدة تنغص حياتك، فيجدر بك مناقشة مديرك في هذا الموضوع قبل اتخاذ قرار نهائي بالاستقالة بسبب أهمية الاستعداد للاستقالة من العمل، فنحن نمر بمرحلة إعادة التنظيم في حقبة ما بعد الجائحة، وأصحاب العمل المتعطشون للاحتفاظ بالمواهب مستعدون بقوة لتقديم استثناءات والتعاون معك للتفكير على نحو خلاق في الخيارات المتاحة. وحينما تطرح هذه الأسئلة بشكل استراتيجي، فإنك بذلك تمنح نفسك أفضل فرصة ممكنة للاستفادة من وظيفتك الحالية وجعلها تعمل لصالحك، دون التعرض لضغوط ومتاعب الاضطرار إلى المغادرة إذا كنت لا تريد ذلك حقاً.