كيف تنسج شبكة علاقات تنفعك في عملك وحياتك؟

4 دقيقة
رأسمالك الاجتماعي
shutterstock.com/Andrii Yalanskyi
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل فكرت يوماً في النظر إلى قائمة أصدقائك ومعارفك كما تنظر إلى رصيدك البنكي أو أسهُمك في الشركة؟ هل فكرت في الاستثمار في هذه القائمة وتحصيل عائدات منها؟ وهل تعرف كيف تميّز بين علاقاتك مثلما تميز الاستثمارات النافعة من الضارة؟ في هذا المقال خلاصات قيّمة لتحصيل "أرباح" من رأسمالك الاجتماعي.

ترى المتخصصة في أبحاث الرأسمال الاجتماعي، الأستاذة هيذر ماكغريغور أنه لا مفر للإنسان من بناء شبكة علاقات مؤثرة لأن "الحياة غير عادلة بطبيعتها والعالم ليس مثالياً والموهبة والمؤهلات الجامعية أحياناً لا تكفي".

وتقول عميدة جامعة هيريوت وات بدبي ونائبة رئيسها، الأستاذة هيذر ماكغريغور، في جلسة حوارية نظمتها هارفارد بزنس ريفيو عربية حول "دور الرأسمال الاجتماعي في التطور المهني ونمو الأعمال": "إن الكفاءة والموهبة والاستحقاق ودماثة الخلق شروط ضرورية لازدهار الفرد في كل من مسيرته العلمية والمهنية لكنها غير كافية بمفردها، وقد لا تؤتي ثمارها في غياب شبكة علاقات متينة".

لكن من أين يبدأ الشخص في نسج مثل تلك الشبكة من العلاقات المؤثرة؟ البداية بالنظر إلى الصلات الاجتماعية على أنها ثروة وتوقّع عائدات منها.

استثمار بعائدات

تميز ماكغريغور بين 3 أنواع من الرأسمال هي الرأسمال الشخصي الذي يرتبط بالخصال والمهارات والتعليم والخبرة المهنية، والرأسمال الاقتصادي الذي يتصل بحظ المرء من المال والثروة، ثم الرأسمال الاجتماعي ويتمثل في قيمة العلاقات الاجتماعية للفرد وعائداته منها.

وتتمثل هذه العائدات المتوقعة في الحصول على فرصة عمل أو توصية أو رسالة تزكية أو استشارة أو توجيهات مفيدة وحاسمة لمشروع استثماري أو قرار يرتبط بالمسار المهني أو العلمي.

ونظراً لتوقع "عائدات" من هذه العلاقات الاجتماعية، ترى الخبيرة في الرأسمال الاجتماعي أن "هناك حاجة إذاً 'لادخار' هذه العلاقات والاستثمار فيها، مثلما تتم تنمية الرأسمال الاقتصادي بالادخار والاستثمار".

وتقول الأستاذة: "إن الأنواع الثلاثة للرأسمال تسند بعضها بعضاً، و كما أن الرأسمال الشخصي والرأسمال الاقتصادي لا يعتبران كافيين في حد ذاتهما، على الرغم من أنهما ضروريان لنجاح الفرد، فإن توافر رأسمال اجتماعي في غياب الخبرة والمهارة أو المال لا يكفي أيضاً.

وتشير أبحاث إلى تعدد مزايا تطوير شبكة علاقات متينة والتفاعل معها من قبيل الحصول على رواتب أعلى والرضا الوظيفي والقابلية الأكبر للترقيات.

رسم الخرائط

تدعو الخبيرة في بناء الشبكات المهنية كل فرد يطمح إلى بناء أجندة قوية من المعارف المفيدة إلى "التحرك استباقياً" ورسم خريطة دقيقة جداً لأصحاب المصلحة والفاعلين المؤثرين في القطاع الذي يعمل فيه وتحضير سيناريوهات لكيفية لقائهم.

ويمكن إعداد خريطة مماثلة عبر تتبع مستجدات هذا المجال أو غيره من خلال ما ينشر بالمجلات الموجهة للمهنيين أو من خلال حضور المؤتمرات والأحداث واللقاءات ومختلف الفعاليات المنظّمة في المجال.

تأتي بعد ذلك مسألة اللقاء بهؤلاء الفاعلين وهو أمر، وفقاً لماكغريغور: "قد لا يتطلب أحياناً أكثر من رسالة عبر موقع لينكد إن، في حين قد يحتاج في مرات أخرى إلى مقاربات مختلفة مثل حضور المؤتمرات والأحداث والندوات مباشرة".

وتضيف: "إذا حضرت حدثاً معيناً، فعليك أن تبادر بالحديث إلى الناس، وتطرح أسئلة كثيرة، يحب الناس التحدث عن أنفسهم وإنجازاتهم. قدّم نفسك وحاول البحث عن قواسم مشتركة مع الموجودين في قاعة الندوة أو المؤتمر وتحدث إلى عدة أشخاص، لا تقف عند أول شخص أبداً".

حلقات الوصل

تشير ماكريجور في هذا الصدد إلى أهمية الاستثمار في "العلاقات الضعيفة" (Weak Ties)، وهي تلك العلاقات الاجتماعية الهامشية أو العابرة أو التي تقع بمحض الصدفة.

ويعد عالم الاجتماع الأميركي مارك غرانوفيتر من أوائل من تحدثوا عن أهمية هذا النوع من العلاقات في مقالة بعنوان "قوة العلاقات الضعيفة".

بحسب مارك فإن دائرة الأشخاص الذين تجمعك بهم صلات قوية تبقى محدودة الأثر في فتح مسارك على فرص وآفاق جديدة، بما أنها تتقاسم معك الأفكار والمعلومات والوقائع نفسها.

بالمقابل، فإن العلاقات التي تنسجها خارج هذه الدائرة، على هامش ندوة أو مؤتمر أو في لقاء عابر، في الغالب ما تكون أعظم أثراً.

يقول مارك: "حين ينتقل فرد مثلاً من وظيفة إلى أخرى لا يغير فقط شبكة علاقات بأخرى، ولكنه يصير هو نفسه حلقة وصل بين الشبكتين؛ أي أنه يصير حلقة وصل شبيهة بتلك التي يسّرت انتقاله للوظيفة الجديدة".

ومن جانبها، تحدّد ماكغريغور "العلاقات الضعيفة بالعلاقات الاجتماعية التي تنسجها مع أشخاص لا تعرفهم حق المعرفة في مجالك، لكنك تتوقع على الأقل أن يردوا على اتصال منك أو رسالة إيميل".

وتضيف: "هذه العلاقات مهمة جداً وفي الغالب أهم من علاقاتك القوية (الأقرباء والأصدقاء) لأن لديها معلومات خارج دائرة معلوماتك".

العطاء يكسب الثقة

"تخفّض الثقة تكلفة المعاملات" مع الآخرين كما تقول ماكغريغور، وهي بذلك تتفق مع رائدة الأعمال بورتر غايل التي تؤكد بدورها أن "شبكة علاقاتك هي صافي ثروتك".

وتدافع هيذر عن قيمة العطاء للفوز بثقة الناس، وتقول: "أكثر ما يعينك على كسب ثقة الآخرين هو مساعدتهم دون انتظار مقابل. ساعد الجميع، ليس بالضرورة من تحتاج إليهم، كن خدوما".

في الوقت نفسه، تنبه الخبيرة في الرأسمال الاجتماعي على أن "خسارة ثقة الناس أسهل من كسبها"، مشدّدة على أهمية الالتزام بالوعود التي يقدمها المرء للآخرين مثل تقديم استشارة أو ورشة أو تنظيم لقاء عمل أو غير ذلك لتجنب خسارة الثقة.

بذل الوقت والمال

"كلنا نملك 168 ساعة في الأسبوع، كم ساعة منها تخصصها للاستثمار في علاقاتك؟ ما مقدار الوقت الذي تخصصه لنسج علاقات جديدة أو الحفاظ على أخرى؟"، تتساءل ماكغريغور، مع الأخذ في الاعتبار أن أحد أوجه الاختلاف في العقليات بين الموظفين وروّاد الأعمال، على سبيل المثال، هو هذا الوقت تحديداً.

وتضيف: " يحتاج رائد الأعمال إلى الدخول باستمرار في علاقات اجتماعية لتوسيع آفاقه، وهي مسألة قد لا تكون جزءاً من أولويات الموظف، على الرغم من أنها في الحقيقة يجب أن تكون جزءاً من أولويات الجميع".

وبحسب ماكغريغور، قد تحتاج في بعض الأحيان إلى إنفاق المال أيضاً، وليس فقط الوقت. "على سبيل المثال، أشارك كل عام في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في مدينة دافوس بسويسرا لنسج علاقات جديدة والاستثمار في رأسمالي الاجتماعي، ولأجل ذلك أشتري تذكرة طائرة، ثم تذكرة قطار إلى دافوس، وأدفع ثمن إقامتي خلال أيام المنتدى".

وعموماً، يتطلب الحفاظ على علاقات اجتماعية موصولة "التواصل الدائم مع الآخرين وضمان بقائهم على اطلاع بجديدك، وهو ما يمكنك القيام به من خلال نشر مقالات في لينكد إن مثلاً أو تنظيم أحداث ودعوتهم إليها أو إرسال بطاقات معايدة وهدايا حتى".

وتضيف: "من المهم أن يشعر الناس بأنهم حاضرون في بالك"، مسجلة اختلافها مع الأنثروبولوجي البريطاني روبين دونبار الذي حدّد عدد الأشخاص الذين يمكن للمرء الحفاظ على علاقات اجتماعية مستقرة معهم بين 120 و230 شخصاً.

بالنسبة لعميدة جامعة هيريوت وات بدبي يمكن للمرء بقليل من التنظيم والتخطيط الحفاظ على علاقات اجتماعية مستقرة مع ألف شخص.

فرز العلاقات

في فصل مخصص للرأسمال الاجتماعي في كتابها "نصائح مهنية للنساء الطموحات" (Careers Advice For Ambitious Women)، تقول ماكغريغور إنها تسأل نفسها 3 أسئلة قبل أن تقرّر إن كان شخص معين سيدخل أجندة أرقامها أو لا:

  1. هل أستلطفك؟
  2. هل يمكن أن أتحمّلك مدة طويلة؟ لنقل في رحلة طويلة عبر القطار؟ هل سأشعر معك بالملل؟
  3. هل تمدني بطاقة إيجابية؟ هل حضورك إيجابي في حياتي؟

إذا كان الجواب بالإيجاب عن الأسئلة الثلاثة، "يمكنني أن أسجل معلومات الاتصال الخاصة بك في أجندتي".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .