6 مبادئ لتنمية التواضع عند القادة

4 دقائق
تنمية التواضع عند القادة
shutterstock.com/fizkes
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إليك هذا المقال الذي يتحدث عن تنمية التواضع عند القادة تحديداً. سواء تعلق الأمر بعالم الأعمال أو السياسة والرياضة أو الترفيه، فمن الواضح أننا نعيش في عصر الاحتفاء الذاتي. باتت الشهرة تعادل النجاح، وأصبح من المعتاد أن يكون المرء ذا مرجعية ذاتية. نتيجة لذلك، نُشجع على ضخ مقادير مرعبة من الثقة بالنفس في ذواتنا. يُجادل توماس تشامورو بريموزيتش، أستاذ علم نفس الأعمال، بأنه كثيراً ما يُخلط بين التبجّح وغريزة السيطرة من جهة والقدرة والفاعلية من جهة أخرى (لفترة وجيزة على الأقل). قد يكون ذلك هو السبب وراء تقدّم العديد من الرجال (غير الأكفاء) على النساء في المناصب القيادية كما يُجادل تشامورو بريموزيتش في مقالة حديثة على موقع “هارفارد بزنس ريفيو”.

وبالطبع ثمة العديد من الكتب والمقالات والدراسات التي تحذّر من مخاطر الغطرسة. يعود أصل الكلمة (Hubris) إلى اللغة اليونانية وهي تعني الكبرياء البالغ والعجرفة، وتشير غالباً إلى فقدان الصلة مع الواقع الذي يحدث عندما يبالغ أصحاب السلطة في تقدير قدراتهم. وبالطبع، شاهد الكثيرون منا أيضاً أدلة على أن نقيض الغطرسة أي التواضع يُلهم الولاء ويساعد في بناء فريق عمل متماسك ومنتج والحفاظ عليه، ويخفض معدل الدوران الوظيفي. يحفل كتاب جيمس كولينز الأكثر مبيعاً بعنوان “من جيد إلى عظيم” (From good to Great) بالكثير من الأمثلة حول الرؤساء التنفيذيين الذين رآهم يتواضعون ويقودون بصمت، لا من خلال الكاريزما وحدها.

على الرغم من ذلك، يبدو أن سمة التواضع لا تُولى اهتماماً في برامج تطوير القدرات القيادية، وغالباً ما يُساء فهمها من قبل المدراء الذين يرتقون في مناصبهم بقدر النظر فيها من قبلهم. فكيف يمكننا تغيير ذلك؟

أولاً، لنوضّح بعض النقاط. ليس التواضع بحسن الضيافة أو اللباقة أو السلوك اللطيف والودود، وليس له علاقة بالوداعة أو الضعف أو الحسم. وربما الأكثر إثارة للدهشة مما سبق هو أنه لا يستلزم تجنّب الضجة الإعلامية. وتحتاج المؤسسات إلى أشخاص يفهمون التسويق، بما في ذلك تسويق الذات، كي تنتعش وتزدهر.

في الوقت ذاته، ليس من المنصف إطلاق تسمية الغطرسة على أي شخص يفكّر بشكل مختلف ويتحلّى بالشجاعة الكافية لتأكيد قناعاته أو التصرف وفقاً لها. وعلى الرغم من ذلك، تُبيّن الدراسات أن المشاكل الجديّة تبدأ بالظهور عندما تمتزج الفردانيّة القوية مع النرجسية – وهو مصطلح آخر يمكننا شُكر اليونانيين عليه (إذ إن نصف الإله نرسيس وقع في حبّ انعكاس صورته على سطح المياه). تجمع النرجسية بين تقدير مبالغ به لقدرات الشخص الذاتية وإنجازاته والحاجة المستمرة للانتباه والتوكيد والمديح. وبينما يميل البعض لإسباغ هذه الصفة بشكل فضفاض على أي شخص مهووس بنفسه، يعرّف علماء النفس النرجسية على أنها اضطراب رسمي في الشخصية لبعض الأشخاص، وعائق حقيقي أمام تكوينهم لعلاقات صحيّة. يفتقر النرجسيّ إلى الوعي الذاتي والتعاطف وغالباً ما يكون شديد الحساسية تجاه الانتقاد أو ما يعتبره إهانة، وغالباً ما تقوم أو يقوم بتضخيم إسهاماته ويدّعي أنه “خبير” في أشياء مختلفة. إن كنت عضواً في مؤسسة لديها قائد يُبدي عدداً من هذه الخصائص، فأنت واقع في مشكلة. (فلتنتبه شركات البحث عن الرؤساء التنفيذيين ولجان التوظيف من ذلك).

مبادئ تنمية التواضع عند القادة

علاوة على رفض توظيف أو ترقية حالات متطرفة كهذه، هل ينبغي على المؤسسات أن تحاول تعزيز المزيد من التواضع في صفوفها القيادية وهل بوسعها القيام بذلك؟ كيف لمثل هذا الهدف أن يتجلّى في سياق برنامج رسمي لتطوير القدرات القيادية؟ يمكننا أن نقترح، كنقطة انطلاق، برنامجاً مصمماً حول ستة مبادئ أساسية. إن كنت قائداً في طور التطور، ينبغي أن تُعلّم ما يلي:

أن تتعلّم ما لا تعرفه

قاوم النزعات لتكون “سيد الكون”. إذ قد تكون متفوقاً في مجال ما، غير أنك كقائد يُطلب منك بالتعريف أن تكون ذا خبرة عامة. لذا اعتمِد على أولئك الذين يتمتعون بمؤهلات وخبرات ذات صلة. وإعرف متى يتوجب عليك أن تؤجّل وتفوّض.

مقاومة الانجذاب إلى إغراء الدعاية الذاتية

نقوم جميعاً بذلك: سواء كنا نكتب بياناً صحفياً أو تقييماً ذاتياً، غالباً ما نوظّف الأمور لصالح نجاحاتنا، وعندها ننسى بسهولة أن الواقع لم يكن بلا عيوب بالشكل الذي صوّرناه. يمكن لشرب نخب النصر أن يكون ذا تأثير منشّط. إلا أن الإفراط في الشراب يُفضي إلى الثمالة، إذ يشوّش الرؤيا ويُضعف الإدراك.

عدم الاستخفاف بالمنافسة أبداً

قد تكون ذكياً وطموحاً وجريئاً. غير أن العالم ممتلئ بخبراء آخرين مجتهدين وحادّي الذكاء ومبدعين. لا تخدع نفسك بأنهم لا يشكّلون وإبداعاتهم تهديداً حقيقياً.

اعتناق روح الخدمة وترويجها 

يكتشف الموظفون بسرعة القادة الذين يتفانون في مساعدتهم على النجاح، والقادة الذين يسعون جاهدين وراء نجاحاتهم الشخصية على حساب الموظفين. وحال الزبائن شبيه بحال الموظفين.

الإصغاء، أيضاً (لا بل خاصة) إلى الأفكار الغريبة

أنت لا تُصغي بالفعل إلى ما يقوله الآخر إلا عندما لا تكون مقتنعاً بأن فكرتك أفضل من فكرته أو بأنها ستكون أفضل. لكن ثمّة أدلة وافرة على أنه يجب عليك أن تفعل ذلك: إذ كثيراً ما تُطرح الأفكار الأكثر إبداعاً وأهمية من قبل الأشخاص المُهملين، ومن زميل يبدو بعيداً عن الخط العام والذي قد لا يشغل مكانة رفيعة في المؤسسة.

أن تكون فضولياً بشغف

رحّب بالمعرفة الجديدة باستمرار وإبحث عنها، وألحّ على أن يتحلّى الأشخاص المحيطون بك بالفضول. أظهرت الأبحاث روابط بين الفضول والعديد من الصفات القيادية الإيجابية (بما فيها الذكاء العاطفي والاجتماعي). خُذ العبرة من ألبرت أينشتاين عندما قال: “لا أتمتّع بموهبة مميزة. أنا مجرد شخص فضولي بشغف”.

لا يمكننا أن نتصوّر أن فرداً يتعرّف على المبادئ الستة أعلاه ويُشجّع على أخذها على محمل الجد يمكن ألا يصبح قائداً أفضل.

لكن في الوقت الراهن، لو افترضنا أن مؤسستك لا تساعد قادتها بالفعل على تطوير عادات ذهنية كهذه، دعنا نتركك مع اقتراحين متواضعين ويعلّمان التواضع. أولاً: أخضع نفسك إلى مراجعة شاملة. قد تشكّل التعليقات المجهولة من الأشخاص المحيطين بك مرآة لا ترغب في التحديق فيها، ولكن وكما كتبت آن لاندرز: “لا تأخذ إعجاب كلبك بك كدليل قاطع على روعتك”. إذ إن التقييم الشامل يجدي نفعاً من ناحيتين. فهو يُبيّن لك كيف يختلف إدراكك الذاتيّ عن انطباع الآخرين عن قيادتك، (وبالنسبة إلى القيادة، الانطباع هو الحقيقة). كما يمنحك تمريناً مهماً حول تلقّي التعليقات وتحويل النقد إلى خطّة تهدف إلى النمو والتطوير.

ثانياً: إبحث عن مدرّب. لدينا جميعاً نقاط عمياء، وتلقّي المساعدة بخصوصها ليس مُعيباً على الإطلاق. تُفيد تقارير مجلة “فاست كومباني” بأن 43% من الرؤساء التنفيذيين و71% من كبار الرؤساء التنفيذيين يقولون إنهم عملوا مع مدرّبين. ويقول 92% من القادة الذين عملوا مع مدرّبين إنهم يخططون لتوظيف المدرّبين مرة أخرى.

صمم على تنمية روح التواضع الخاصة بك، وستبدأ بتقدير قوتها وملاحظتها في كل ما يحيط بك. في اجتماع عقدناه مؤخراً في لوس أنجلوس، شارك الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة البارع لأحد استوديوهات هوليوود الرئيسية خلاصة خبرته مع 20 من الشباب المهنيين والطلاب. ما الذي شدّد عليه هذا القائد في لقائه مع المجموعة؟ لقد تحدّث عن إخفاقاته وأوجه ضعفه ونقاطه العمياء، وكيف حفّزت تعلّمه ونجاحه، وخلّف انطباعاً مبهراً لدى المجموعة لأنه تكلّم عن نفسه بهذه الطريقة. لقد أظهر ثقة بالنفس وأصالة وحكمة مُقنِعة.

لقد كان مثالاً حيّاً على نوع القادة الذين يتوجب على مؤسساتنا أن تسعى جاهدة إلى تطويرهم، أي النوع الذي يعرف أنه من الأفضل أن يهدف إلى تنمية التواضع عند القادة الآن عوضاً عن أن يضطر إلى الاعتذار عن أخطائه لاحقاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .