كيف تهيئ نفسك للرد عند التعرض لموقف محرج في العمل؟

6 دقائق
المواقف الصعبة
آدم بيرن/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: العمل مليء بالأوقات و”المواقف الصعبة” التي يفاجئك فيها الأشخاص على حين غرة ويجعلونك تشعر أن عليك اتخاذ موقف دفاعي. من الصعب التنبؤ بموعد حدوثها وكيفية سير الأمر وقتها، ولكن يمكنك الاستعداد لها. يقدم المؤلف إطاراً من 4 خطوات تمنحك فرصة للرد بثقة وبطريقة مدروسة في هذه المواقف عالية المخاطر. أولاً، توقف لحظة لتركيز أفكارك بعد الصدمة الأولى. ثانياً، اختبر افتراضاتك. ثالثاً، لا تأخذ الأمور على محمل شخصي وركز على ما يقف عائقاً في الطريق. أخيراً، احرص على إنهاء النقاش بثقة.

 

“الهجوم أفضل وسيلة للدفاع” هو قول مأثور يُستخدم في لعبة الشطرنج والألعاب الرياضية والمواجهات العسكرية، وهو ينطبق أيضاً في مجال الأعمال التجارية. فهناك الكثير من اللحظات “عالية المخاطر” التي يفاجئك فيها الناس على حين غرة ويجعلونك تشعر أن عليك اتخاذ موقف دفاعي، سواء بسبب كلماتهم أو تصرفاتهم. على سبيل المثال، يمكن أن يقاطع عميل صعب المراس عرضك الترويجي بوابل من الأسئلة غير العقلانية أو يمكن أن يستفسر أحد أعضاء مجلس الإدارة عن وضعك الاستثماري بشكل مبالغ فيه أو قد يسارع مديرك إلى رفض ما قمت به من عمل على إحدى المهمات المهمة دون نقاش.

وأنت تعلم بالتأكيد أنه ينبغي لك الرد بهدوء وعقلانية. إذ نادراً ما تساعد الانفعالات القوية على مواجهة هذا التحدي، كما أن ذلك يترك انطباعاً سيئاً عنك.

ومع ذلك، يبدأ الشعور بما يُعرف بـ “متلازمة المحتال” في الظهور، ما يجعلك هشاً وحساساً ويقلل ثقتك بقدراتك. ويتعاظم هذا الشعور إذا كنت تشعر بالفعل أنك على حافة الانهيار بسبب الإرهاق والقلق والتوتر. إذ يشعر الكثيرون منا بتلك المشاعر سواء بسبب صدمة الجائحة أو انعدام الأمن الوظيفي أو الأحداث التي وقعت مؤخراً.

إذاً، ما الذي يتطلبه الحفاظ على رباطة جأشك حتى تتمكن من التفكير بوضوح والتعبير عن نفسك بقناعة والخروج من الموقف قوياً؟ بمعنى آخر، كيف يبدو “الهجوم”؟ ستساعدك الاستراتيجيات الأربع التالية على أن تكون استباقياً ومقنعاً في أحلك اللحظات.

ركز أفكارك بعد الصدمة الأولى

يمكن أن تؤدي عبارة قوية أو مفاجئة قالها عميل أو زميل إلى اندفاع هرموني التوتر، الأدرينالين والكورتيزول، حيث تُنشِّط اللوزة الدماغية استجابة الكر والفر. وقد رأيت أشخاصاً تحمّر وجوههم وتبدو عليهم علامات الذهول وتدمع أعينهم.

في حين أنه من الصعب إيقاف هذه الاستجابة البيولوجية الفورية، فإنه يمكنك اكتشافها وأخذ الوقت لتهدئة أعصابك بدلاً من الاستسلام للانفعالات.

وجِّه فضولك صوب ما يفكرون فيه، مع التركيز على جوهر نقاطهم. إذ يمكن أن يساعدك هذا على تحويل تركيزك ليصبح منصبّاً عليهم وليس على نفسك. حاول أن تقول: “أشكرك على مشاركة وجهة نظرك، إنها مختلفة عن طريقة تفكيري في الموضوع. هل يمكنك أن تخبرني المزيد عما تفكر فيه؟”.

تبدأ رباب*، إحدى عميلاتي، جلساتها مع اللجنة التنفيذية بمقولة بسيطة: “ما أقترحه سيكون أفضل بمجرد أن أدمج معه رؤية زملائي وخبراتهم وأفكارهم”. وقد أدى ذلك إلى تحويل تركيزها من رد فعلها الأولي إلى محاولة معرفة ما يفكرون فيه. كما أنها لم تعظّم قيمة اقتراحاتها، ما ساعدها على إدارة انفعالاتها.

حضِّر للقاء مسبقاً من خلال التفكير في الأسئلة والموضوعات والتحديات التي من المحتمل أن يعرضها الحضور، وحدد أيضاً الموضوعات والأفراد الذين لا تشعر بالراحة تجاههم. ثم استكشف كيف يمكنك التعامل معهم مسبقاً (على سبيل المثال، من خلال استثمار المزيد من الوقت في تحضير الإجابات أو تقديم معلومات للأشخاص الذين حددتهم) وكيف يمكنك الرد عليهم بأفضل طريقة وقتها. أعرف بعض المسؤولين التنفيذيين الذين يتدربون على سيناريوهات مختلفة في أذهانهم أو بصوت عالٍ مع زميل موثوق.

وبعد ذلك استخدم الأساليب التالية للسيطرة على مشاعرك وتكوين منظور في لحظتها:

  • تنفس بعمق، دون أن تجعل ذلك واضحاً للغاية للشخص أو الأشخاص الآخرين.
  • اضبط وضعية جسمك بحيث تكون جالساً بظهر مستقيم مع وضع قدميك على الأرض. فهذا سيساعدك على التفكير بصورة أوضح.
  • حدد اسماً لرد الفعل في ذهنك: “أشعر بـ [الانزعاج/القلق/الغضب]”؛ ما يساعد على خلق مسافة بينك وبين رد الفعل.
  • تذكر الأوقات التي تمكنت فيها من التعامل مع مواقف صعبة أخرى، وأيضاً فكر في وسيلة لبناء قدرتك على التحمل وتعزيز ثقتك بنفسك (قل لنفسك: “سأتمكن من التعامل مع هذا الموقف”). يساعد الاحتفاظ بدفتر يوميات يحمل اسم “الأوقات التي تعاملت فيها على أفضل وجه مع مواقف عالية المخاطر” على جعل هذه الذكريات حاضرة في ذهنك.
  • أطلق العنان “للمدافع الحكيم”؛ وهو صوتك أو صوت شخص تثق به وتحترمه ويذكّرك بأهمية الحفاظ على هدوئك. يمكن أن تقول لنفسك: “أنا مهتم للغاية بهذا الموضوع. لذا، من المهم أن أجد حلاً، فأنا لن أترك مشاعري تسيطر عليّ”.

لا تضع افتراضات

عندما تشعر أنك تتعرض “لهجوم” من شخص ما، غالباً ما تفترض أنه يشكك في سلطتك أو يقوض دورك أو يريد إحراجك أمام الآخرين، ما يجعلك تفرط في التعميم وتضخم الأمر وتجعله شخصياً وتحوله إلى شيء أكبر مما هو عليه في الواقع. وبالتالي سرعان ما تشعر بالارتباك. على سبيل المثال، قد تقول لنفسك: “هذا الأمر لا يسير على ما يرام، وبالتالي ليس من المرجح أن أحصل على الزيادة في الراتب/الترقية التي كنت أسعى إلى الحصول عليها”.

إيناس، واحدة من كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة تكنولوجيا عالمية وقد عملت معها، من الأشخاص الذين يفكرون بسرعة. عندما تحداها شخص ما، دخل دماغها في حالة نشاط شديد، حيث وضعت مجموعة كبيرة من الافتراضات حول ما يعتقده هذا الشخص عنها. وقد قلل ذلك من قدرتها على الإجابة عن الأسئلة بشكل جيد لأنها شعرت بالارتباك والإحباط. عندما فكرنا في هذه المواقف، طلبت منها النظر في أساس كل افتراض وضعته. وسرعان ما أدركت أنها كانت متأثرة بمتلازمة المحتال، ما منعها من التركيز على أي شيء يحاول الشخص الآخر قوله أو الإعراب عنه.

يمكن أن يكون هناك العديد من الأسباب التي تجعل الشخص مجادلاً أو انتقادياً أو غير صبور. فربما يمر بيوم عصيب أو قد يكون هذا هو أسلوبه، أو يريد اختبار جودة تفكيرك وحججك وأدلتك لأنه يرى أن الموضوع ذو أهمية.

ابذل قصارى جهدك لمقاومة وضع افتراضات. هناك متسع من الوقت بعد الاجتماع للتفكير فيما دفعهم إلى التدخل بهذه الطريقة والحكم على ما إذا كان الأمر شخصياً. ركز انتباهك في هذه اللحظة على الاستماع إلى وجهة نظرهم. اطرح أسئلة ذكية وشجعهم على تقديم اقتراحات بنّاءة: “ما هي التغييرات التي يمكننا إدخالها لتبديد شواغلك؟” أو “من أين تريد البدء؟”.

ركز على الموضوع المطروح بدلاً من الانهماك في تحليل لغة جسدهم أو كلماتهم. واتبع نهجاً منظماً لفهم نقاط القوة في وجهة نظرهم:

  • ما الذي يحاولون إخباري به عن الموضوع أو وجهة نظرهم؟ ما الذي يقولونه فعلياً؟
  • ما هو الأساس الذي يستند إليه موقفهم؟ ما هو التوازن الصحيح بين الحقائق ونسختهم من الحقائق أو الافتراضات أو المعتقدات؟
  • إلى أي مدى تبدو وجهة نظرهم مقنعة؟ وإلى أي مدى تشكك في اقتراحي؟

ابدأ حواراً

قد تميل أيضاً إلى تبرير وجهة نظرك والدفاع عن موقفك، لكن هذا يقلل من مكانتك. فأنت بذلك تسلّم بأن حجتك خاسرة، وتقلل فرصك في الحديث. وقد رأيت أشخاصاً يبدون أقصر فعلياً لأنهم يحنون أكتافهم ويخفضون رؤوسهم.

أو قد تصبح عدوانياً وتشن هجوماً على الشخص الآخر، وأنت بذلك تشكك في منطقه أو مصداقيته أو شخصيته. وقد حولت الأمر إلى مسألة شخصية بينما تقول لنفسك: “كيف يجرؤ على التشكيك في خبرتي أمام زملائي؟”.

انظر إلى هذا الموقف الصعب على أنه اختبار ينبغي لك من خلاله إظهار قدرتك على الرد والتفاعل بثقة كأنك تخوض مفاوضات. وهذا يشمل على وجه التحديد:

  • تحديد الجوانب التي تتفق فيها مع الشخص الآخر: “هل سأكون محقاً إذا قلت إننا نتفق على [كذا]؟”.
  • تحديد نقاط الاختلاف حتى تتمكن من تركيز انتباهك على ما يقف عائقاً: “من خلال مناقشتنا أعتقد أن آراءنا مختلفة حول [كذا]”.
  • استكشاف الخيارات أو السيناريوهات، من خلال إعادة صياغة المشكلة من زوايا مختلفة: “تخيل لو جربنا كذا” أو “كيف سينظر العميل أو المستثمر إلى المشكلة نفسها؟”.

استعدَّ منير، وهو مسؤول تنفيذي مخضرم عملت معه، بعناية لهذه المواقف العالية المخاطر. فقد قدَّم عرضه بطريقة مقنعة وثقة ولسان طلق، وكان على وشك أن يصبح أقرب إلى العرض المسرحي. المشكلة هي أنه عندما تحداه أحد الحضور، شعر بالانزعاج والحزن كما لو أن شخصاً سلب منه حماسه فجأة، وبدا محبطاً. لذا، تضمن عملنا معه مساعدته على إدراك أن نهاية عرضه ليست نهاية إسهاماته؛ بل بداية حوار قد يؤدي إلى نتيجة أفضل من جميع النواحي.

من المهم نبذ أي فكرة لن تصمد أمام التدقيق. تجنب أن تكون حساساً تجاه عملك السابق؛ فهذا بمثابة تكلفة غارقة. بدلاً من ذلك، انظر إلى النقاش على أنه فرصة لتطوير نفسك (والمسألة المطروحة) من خلال استخدام عقلية النمو، على الرغم من أن ذلك قد يشعرك بعدم الارتياح.

احرص على إنهاء النقاش بثقة

قد تميل إلى الاعتذار إذا اعترض جمهورك على عملك، حتى إن اعتقدوا أن المناقشة كانت مثمرة. قد تقول: “عملت بجد لتقديم هذا الاقتراح، ويؤسفني أنه لم ينل إعجابك” أو “آسف لأنني لم أستطع الرد بشكل وافٍ، فأنا لم أتوقع أن تثير هذه النقاط” (وهي ليست طريقة رائعة للإقرار بمرونتك).

وهذا سيجعل زميلك أو عميلك ينتزع السيطرة على النقاش منك، وسينهون الاجتماع من خلال تلخيص ما سمعوه والتوصية بسبيل للمضي قدماً.

ذكِّر الحضور بما نوقش في الاجتماع، سواء فيما يتعلق بأسلوب النقاش أو جوهر النقاط: “أرى أنكم متحمسون حيال هذا الأمر” أو “أرى أن لديكم وجهة نظر مختلفة”. أقِر بجوهر النقاط التي أُثيرت: “الأسئلة والنقاط التي أشرتم إليها عززت جودة اقتراحنا وبيّنت أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين علينا القيام به”.

إذا شعرت أنك فعلت كل ما في استطاعتك في هذه المناقشة، فاختمها. أكِّد لهم أنك ستعمل على النقاط التي عرضوها وستتابع معهم. اشكرهم على المناقشة واتركها بثقة، وسواء كانت وجهاً لوجه أو عن بُعد ابتسم وارفع رأسك واشكرهم.

ربما كانت المناقشة صعبة، لكنك لا تزال مسيطراً على أفكارك ومشاعرك. عزز قدرتك على التحمل بإخبار نفسك أنك ستتعلم من التجربة وستصبح أفضل حالاً. عندما تعمل على شيء معقد ومهم، غالباً ما يستغرق إيجاد حل يحظى بدعم زملائك وأصحاب المصلحة وقتاً. فالحياة المهنية “كالمباراة الطويلة“. لذا، ركز على إيجاد الفرصة التالية لدفع المناقشة إلى الأمام.

العمل مليء بالأوقات و”المواقف الصبعة” التي يَصعُب التنبؤ بموعد حدوثها وكيفية سير الأمر وقتها، ولكن يمكنك الاستعداد لها. يمنحك هذا الإطار المكون من 4 خطوات فرصة للرد بثقة وبطريقة مدروسة في مثل هذه المواقف.

*تم تغيير الأسماء للحفاظ على السرية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .