$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7060 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(5295)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(14) "44.220.182.198"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7070 (45) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(131) "/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%B9/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(14) "44.220.182.198"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86c0468569759c6a-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_REFERER"]=>
    string(151) "https://hbrarabic.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%B9"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(14) "44.220.182.198"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.5" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(13) "162.158.86.86" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "48180" ["REDIRECT_URL"]=> string(47) "/الاستفادة-من-علم-الإقناع/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711719665.580601) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711719665) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(16) "paid_subscribers" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7071 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7072 (2) { ["content_id"]=> int(5295) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

الاستفادة من علم الإقناع

18 دقيقة
علم الإقناع
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“إقناع الآخرين” ليست فقط مهمة صعبة، وإنما هي موهبة لا يمتلكها سوى قلة محظوظة، ممن هم على دراية بأساسيات علم الإقناع ويعرفون كيف يستحوذون على عقول جمهورهم، ويؤثرون على قرار المترددين منهم، بل ويغيرون مواقف المعارضين لهم.

وتُعد مشاهدة هؤلاء الموهوبين في الإقناع أثناء أدائهم لموهبتهم أمراً مثيراً للإعجاب ومحبطاً في آن واحد. الأمر المثير للإعجاب ليس هو فقط مجرد سلاستهم في استخدام الكاريزما والبلاغة لإقناع الآخرين بالقيام بما يطلبونه، بل هو أيضاً توْق هؤلاء الآخرين إلى القيام بالمطلوب منهم، كما لو أنّ الإقناع بحد ذاته كان معروفاً لا يطيقون الانتظار لرد جميله.

إلا أن الجانب المحبط من الأمر هو أنّ أصحاب تلك الموهبة، في كثير من الأحيان، يكونون غير قادرين على تفسير مهارتهم المميزة أو نقلها للآخرين. إذ إن ما يفعله هؤلاء البارعون مع غيرهم هو فن، والقاعدة تقول إن الفنانين بارعون في الأداء أكثر من براعتهم في تفسيره. وللأسف لا يستطيع معظمهم تقديم المساعدة لأولئك الذين لا يمتلكون أكثر من الحصيلة العادية من الكاريزما والبلاغة، بل والأسوأ أنه يتعيّن عليهم خوض تحدي القيادة الأساسي، وهو إنجاز الأمور من خلال الآخرين. ويعد هذا التحدي مألوفاً لدى المدراء التنفيذيين للشركات، والذي يعانون منه الأمرّين، إذ يتعيّن عليهم بشكل يومي معرفة كيفية تحفيز موظفين ذوي طابع فردي للغاية وتوجيههم. خاصة أن تحفيزهم للقيام بشيء من منطلق “أنا المدير” لم يعد مُجدياً. فناهيك عن أنه في بعض الأحيان يكون مهيناً وباعثاً لإحباط جميع المعنيين، فهو أيضاً أسلوب غير مناسب في عالم طَمستْ فيه الفِرق ذات التخصصات المختلفة والمشاريع المشتركة والشراكات بين الشركات، خطوط السلطة. لذلك تمتلك مهارات الإقناع، في مثل هذه البيئة، تأثيراً أكبر بكثير على سلوك الآخرين من هياكل السلطة الرسمية.

ويعيدنا ذلك إلى مرة حيث بدأنا. فإذا كانت مهارات الإقناع أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى، فكيف يمكن للمدراء التنفيذيين اكتسابها إذا كان الممارسون الموهوبون لا يستطيعون نقلها إلى الآخرين؟ الإجابة ببساطة: من خلال النظر إلى العلم. إذ إنه على مدار العقود الخمسة الماضية، أجرى علماء السلوك تجارب سلّطت ضوءاً كثيفاً على الطريقة التي قد تدفع الأشخاص إلى التنازل أو الامتثال أو التغيير. وتوضح هذه الأبحاث أنّ علم الإقناع يعمل عن طريق الاستعانة بمجموعة محدودة من الدوافع والاحتياجات البشرية ذات الجذور العميقة، وهو يفعل ذلك بطُرق يمكن التنبؤ بها. وبمعنى آخر، فإنّ هناك مبادئ أساسية تحكم عملية الإقناع، ويمكن تعليمها وتعلّمها وتطبيقها. ويستطيع المدراء التنفيذيون، من خلال إتقان علم الإقناع، أن يستخدموا الدقة العلمية في مجال الأعمال من أجل تحقيق التوافق، وإبرام الصفقات، والفوز ببعض التنازلات من الآخرين.

وسأوضح، في هذا المقال، ستة مبادئ أساسية للإقناع، كما وسأقترح بعض الطرق التي يمكن للمدراء التنفيذيين تطبيقها في مؤسساتهم الخاصة.

1- مبدأ إبداء الإعجاب

يُبدي الأشخاص إعجابهم بأولئك الذين يبادلونهم الإعجاب.

التطبيق

اكشِف عن أوجه تشابه حقيقية بينك والآخرين، وقدّم ثناءً صادقاً.

يُعد حدث بيع منتجات “Tupperware” بالتجزئة، والمعروف باسم حفلات تابروير (Tupperware party) مثالاً حياً لهذا المبدأ في التطبيق العملي. إذ تستضيف شخصية ما، حفل التجربة العملية لمنتجات تابروير، وغالباً ما تكون هذه الشخصية امرأة، حيث تدعو إلى منزلها مجموعة من الأصدقاء والجيران والأقارب. وتهيّئ مودة الضيوف تجاه مضيفتهم للشراء منها، وهو ما أكدته دراسة أجريت عام 1990 لقرارات الشراء المتخَذة في هذه الحفلات. إذ وجد الباحثان جوناثان فرينزن وهاري ديفيس، في مقال نُشر في مجلة “أبحاث المستهلكين”، أنّ تقدير وحب الضيوف لمضيفتهم أكثر تأثيراً في قراراتهم بالشراء بضعفين من تأثير تقديرهم للمنتجات التي اشتروها. لذلك عندما يشتري الضيوف في حفلة “تابروير” شيئاً، فإنهم لا يشترون فقط لإرضاء أنفسهم، بل يشترون لإرضاء مضيفتهم كذلك.

وما ينطبق على حفلات تابروير ينطبق على مجال الأعمال بشكل عام، فإنْ كنت تريد التأثير على الأشخاص، اكسبهم كأصدقاء. إذ حددت أبحاث مسيطَر عليها (Controlled research) العديد من العوامل التي تزيد من إبداء الإعجاب بشكل موثوق، ولكن هناك عاملين بارزين من بينهما بشكل خاص، هما التشابه والثناء. فأما عن التشابه، فهو يُقرّب الأشخاص إلى بعضهم البعض بشكل مؤكد. ففي إحدى التجارب، التي ذُكرت في مقال نُشر عام 1968 في مجلة “الشخصية” (The Journal of Personality)، وقف المشاركون بالقرب من بعضهم البعض، بعد أن علموا أنهم يتشاركون المعتقدات السياسية والقيم الاجتماعية ذاتها. وفي مقال آخر نُشر عام 1963 في مجلة “علماء السلوك الأميركيين” (American Behavioral Scientists)، استخدم الباحث، إيفانس، بيانات ديموغرافية من سجلات شركة التأمين، والتي أظهرت أن العملاء المحتملين كانوا أكثر استعداداً لشراء بوليصة تأمين من مندوب مبيعات كان يشبههم في العمر، أو الدين، أو المعتقدات السياسية، أو حتى في عادات تدخين السجائر.

ومن هذا المنطلق، يمكن للمدراء استخدام أوجه التشابه لخلق روابط مع موظف جديد، أو مع مدير إدارة أخرى، أو حتى مع مدير جديد. وسيتمكنون من القيام بذلك عن طريق المناقشات غير الرسمية خلال يوم العمل، والتي تُهيّئ فرصة مثالية لاكتشاف مجال واحد مشترك للممارسة على الأقل، سواء كان هواية أو فريق كرة سلة جامعي، أو مشاهدة إعادة مسلسل ساينفلد. إذ إن الأمر المهم هو إنشاء الرابط في وقت مبكر، لأنه يخلق افتراض حسن النوايا والمصداقية في كل لقاء لاحق. ومع وجود ذلك الرابط، سيكون الحصول على الدعم لمشروع جديد أسهل كثيراً عندما يكون الأشخاص الذين تحاول إقناعهم يميلون مسبقاً لصالحك.

أما العامل الآخر المحفز للمودة، هو الثناء، فله مفعول الجاذبية والإقناع. وليس من الضروري، في بعض الأحيان، أن يكون للثناء ما يبرره. حيث وجد الباحثون في “جامعة نورث كارولينا في شارلوت”، الذين يكتبون في مجلة “علم النفس الاجتماعي التجريبي”، أن الرجال شعروا بتقدير أكبر تجاه الفرد الذي يثني عليهم على نحو مستمر حتى لو كانت تعليقاته المتعلقة بالثناء غير حقيقية. وقدمت إيلين بيرشيد وإلين هاتفيلد والستر، في كتابهما “الانجذاب بين الأشخاص” – (Interpersonal Attraction)، بيانات من واقع التجربة، والتي توضح بدورها أن الملاحظات الإيجابية بشأن سمات شخص آخر أو سلوكه أو أدائه تولّد الإعجاب بالمقابل بشكل موثوق، فضلاً عن الامتثال عن طيب خاطر لرغبات الشخص الذي يقدم الثناء.

ويمكن للمدراء البارعين أيضاً، إلى جانب بناء علاقة مثمرة، استخدام الثناء لإصلاح العلاقات التي تضررت أو العلاقات غير المثمرة. تخيّل أنك مدير وحدة كبيرة الحجم داخل مؤسستك، وكثيراً ما يضطرك عملك إلى التواصل مع مدير آخر أنت لا تُكنّ له مشاعر إعجاب. ومهما تفعل من أجله، فبالنسبة له ليس كافياً. والأمر الأسوأ من ذلك أنه لا يعتقد أبداً أنك تفعل أفضل ما يمكنك من أجله. وبسبب استيائك من سلوكه، ومن افتقاره الواضح للثقة في قدراتك وحسن نواياك، فإنك لا تقضي وقتاً طويلاً معه كما ينبغي لك. ونتيجة لذلك، يتدهور أداء كل من وحدته ووحدتك.

وتشير الأبحاث بشأن الثناء، إلى استراتيجية إصلاح العلاقة. إذ بالتأكيد هناك شيء ما يتعلق بهذا المدير الآخر، يمكنك الإعجاب به بصدق، على الرغم من صعوبة العثور عليه، سواء كان اهتمامه بالأشخاص في إدارته، أو إخلاصه لعائلته، أو أخلاقيات العمل التي يتمتع بها. لذلك في مواجهتك المقبلة معه، قدّم تعليقاً ينطوي على التقدير حول هذه السمة التي عثرت عليها. وأوضِح أنك في هذه الحالة على الأقل، تقدّر ما يقدّره. وأتوقعُ أن ذلك من شأنه أن يدفعه إلى تقليل سلبيته المستمرة، ومنحك فرصة لإقناعه بكفاءتك وحُسن نواياك.

2- مبدأ المعاملة بالمثل

الأشخاص يردّون الدَّين بالمثل.

التطبيق

أعطِ ما تود الحصول عليه.

من المرجح أن يكون للثناء أثر ينطوي على تخفيف سلوك هذا المدير الآخر ناحيتك لأنه، بقدْر ما هو عنيد، لكنه لا يزال إنساناً وخاضعاً لميل جميع البشر إلى معاملة الأشخاص بالطريقة التي يعاملونهم بها. والآن إذا سبق لك أن ابتسمت لزميل في العمل لمجرد أنه ابتسم أولاً، فستعرف كيف يعمل هذا المبدأ.

وتعتمد المنظمات الخيرية على مبدأ المعاملة بالمثل لمساعدتها في جمع الأموال. على سبيل المثال، استمرت “منظمة المحاربين الأميركيين القدامى المعوّقين”، في الحصول على معدل استجابة لنداءاتها بالتبرع بلغ 18% لسنوات، اعتماداً على رسائل مُحكمة الصياغة، وهو معدل محترم للغاية. لكن عندما بدأت المنظمة بإرفاق هدية صغيرة في مظروف الرسالة، تضاعف معدل الاستجابة إلى 35% تقريباً. وكانت الهدية – وهي عبارة عن ملصقات عناوين مخصصة – متواضعة للغاية، ولكن لم يكن طبيعة ما حصل عليه المانحون المحتملون هو الذي صنع الفرق، بل كان حصولهم على أي شيء هو ما صنع الفرق.

وما يُجدي نفعاً في رسائل جمع التبرعات، ينجح في مجال الأعمال أيضاً. ونرى ذلك في اتجاه الموردين إلى إغداق الهدايا على إدارات المشتريات في أوقات الأعياد، فهو بطبيعة الحال، أكثر من مجرد فيض الروح الموسمية. وفي عام 1996، اعترف مدراء لقسم المشتريات، في مقابلة مع مجلة “إنك” (Inc)، بأنهم بعد قبولهم هدية من أحد الموردين، كانوا على استعداد لشراء المنتجات والخدمات التي كانوا سيرفضونها لولا تلك الهدية. كما تمتلك الهدايا تأثيراً مذهلاً على الاحتفاظ بالموظفين. إذ شجّعت ذات مرة قراء كتابي على إرسال أمثلة من مبادئ التأثير في العمل على حياتهم الخاصة. حيث أرسلت لي واحدة من القرّاء، وهي موظفة في ولاية أوريغون، رسالة أوضحت فيها هذه الأسباب لالتزامها تجاه مديرها، إذ تقول:

“يقدم مديري لي ولابني هدايا في مناسبة عيد الميلاد (الكريسماس)، كما يمنحني هدايا في عيد ميلادي. وحيث إنّ نوع الوظيفة التي أشغلها لا يوجد بها ترقيات، فقد كان خياري الوحيد هو الانتقال إلى إدارة أخرى. ولكن بيد أني أجد نفسي أقاوم محاولة الانتقال. وبما أن مديري سيبلغ سن التقاعد عما قريب، أعتقد أنني سأكون قادرة على ترك هذه الوظيفة بعد تقاعده… لكن في الوقت الحالي، أشعر أنني مُلزمة بالبقاء لأنه كان لطيفاً للغاية معي”.

وعلى رغم ذلك، بيد أن تقديم الهدايا، في نهاية المطاف، يعد أحد التطبيقات البدائية لقاعدة المعاملة بالمثل. ففي الاستخدامات الأكثر تطوراً، تمنح الهدايا أي مدير يحاول تعزيز المواقف الإيجابية والعلاقات الشخصية المثمرة في مكان العمل، الميزة الأصيلة لصاحب الخطوة الأولى، إذ يمكن للمدراء استقاء السلوك المطلوب من زملاء العمل والموظفين من خلال اتباعه أولاً. وسواء كان هذا السلوك شعوراً بالثقة، أو روح التعاون، أو سلوكاً لطيفاً، ينبغي للقادة أن يكونوا القدوة في السلوك الذي يريدون رؤيته لدى الآخرين.

وينطبق الأمر نفسه على المدراء الذين يواجهون مشكلات في تقديم المعلومات وتخصيص الموارد. فإنْ قمتَ بإعارة أحد موظفيك إلى زميل يعاني نقصاً في الموظفين واقتراب موعد نهائي للتسليم، ستزيد بشكل كبير من فرصك في الحصول على المساعدة عند الحاجة إليها. عندما يشكرك زميلك على المساعدة، ستتحسن فرصك أكثر في حال كان ردك شيئاً من قبيل: “على الرحب! أنا سعيد بالمساعدة. وأعرف مدى أهمية الاعتماد على مساعدتك عندما أحتاج إليها”.

3- مبدأ البرهان الاجتماعي

يقتدي الأشخاص بالآخرين الذي يشبهونهم.

التطبيق

استخدم قوة الأقران كلما توفرت.

يعتمد البشر، بصفتهم كائنات اجتماعية، على الأشخاص من حولهم للحصول على دلائل بشأن كيفية التفكير والشعور والتصرف. نحن نعرف هذا بشكل بديهي. وبيد أن التجارب أيضاً أكدت هذه الحدس، مثل التجربة المذكورة للمرة الأولى عام 1982 في مجلة “علم النفس التطبيقي”. إذ ذهب مجموعة من الباحثين إلى جميع المنازل في مدينة كولومبيا بولاية ساوث كارولينا، ملتمسين تبرعات لحملة خيرية، وكانوا يعرضون قائمة من سكان الحي الذين تبرعوا بالفعل لهذه القضية. ووجد الباحثون أنه كلما كانت قائمة المتبرعين طويلة، زاد احتمال تقديم الأشخاص الآخرين للتبرع كذلك.

وكانت أسماء الأصدقاء والجيران في القائمة شكلاً من أشكال البرهان الاجتماعي، بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، بشأن كيفية الاستجابة. وما كان هذا البرهان ليكون مقنعاً لهم بالدرجة نفسها لو كانت الأسماء في القائمة تخص أشخاصاً غرباء بشكل عشوائي. ففي تجربة أخرى من ستينيات القرن العشرين، نشرت في مجلة “الشخصية وعلم النفس الاجتماعي”، طُلِب من سكان مدينة نيويورك إعادة محفظة مفقودة إلى مالكها. وقد كان من المرجح للغاية أن يحاولوا إعادة المحفظة عندما علموا أن شخصاً آخر من سكان نيويورك حاول في السابق القيام بذلك. لكن معرفتهم أن أحد الأشخاص من بلد أجنبي حاول إعادة المحفظة لم تؤثر على قرارهم بطريقة أو بأخرى.

وتعطي هاتان التجربتان درساً مهماً للمدراء التنفيذيين، وهو أن الإقناع يمكن أن يكون فعالاً للغاية عندما يأتي من الأقران. ويدعم العلم ما يعرفه معظم المتخصصين في المبيعات بالفعل، وهو أنّ الشهادات من العملاء الراضيين تكون فعالة على أفضل وجه عندما يتشارك العميل الراضي والعميل المحتمل ظروفاً مماثلة. ويمكن أن يساعد هذا الدرس المدير الذي يواجه مهمة الترويج لمبادرة مؤسسية جديدة. تخيّل أنك تحاول تبسيط إجراءات العمل في إدارتك، ويقاوم مجموعة من الموظفين المخضرمين هذا الأمر. فبدلاً من محاولة إقناع الموظفين بمزايا هذه الخطوة بنفسك، اطلب من شخص قديم في العمل يدعم المبادرة أن يدافع عنها في اجتماع للفريق. إذ تحظى شهادة الزملاء بفرصة أفضل بكثير في إقناع المجموعة أكثر من خطاب المدير بشأن القضية ذاتها. وبكل بساطة، تكون الممارسة الأفضل للتأثير، في الغالب، على المستوى الأفقي وليس على المستوى الرأسي.

4- مبدأ الاتساق

يتوافق الأشخاص مع التزاماتهم الواضحة.

التطبيق

اجعل التزاماتهم فعالة وعلنية وطوعية.

يُعد إبداء الإعجاب قوة هائلة، لكن عمل الإقناع ينطوي على أكثر من مجرد جعل الأشخاص يشعرون بالمودة تجاهك، أو تجاه فكرتك، أو منتجك. إذ لا يحتاج الأشخاص إلى الإعجاب بك فحسب، بل إلى الشعور أيضاً بالالتزام بما تريد منهم القيام به. وهناك طريقتان فعالتان لجعل الأشخاص يشعرون بالالتزام حيالك، الأولى هي إسداء خدمات جليلة لهم فيشعرون بالالتزام ناحيتك، والثانية هي الحصول على التزام علني منهم.

وقد أظهر البحث الذي أجريتُه، أنّ معظم الأشخاص، بمجرد اتخاذهم موقفاً أو إفصاحهم بشكل علني عن تأييدهم لموقف، فإنهم يفضّلون الالتزام به. وتعزز دراسات أخرى هذه النتيجة، وتمضي في إظهار كيف يمكن حتى لالتزامات صغيرة تبدو قليلة الشأن أن يكون لها تأثير قوي على العمل في المستقبل. وفي عام 1983، سرد باحثون في مجلة “الشخصية وعلم النفس الاجتماعي” كيف طلبوا من نصف سكان مجمع سكني كبير توقيع عريضة تؤيد إنشاء مركز ترفيه للمعوّقين. وحيث إن القضية كانت نبيلة، وكان الطلب صغيراً، فقد وافق جميع من طُلِب منهم التوقيع. وبعد أسبوعين، في اليوم الوطني لجمع المعوقين، جرى الاتصال بجميع سكان المجمّع في منازلهم وطُلِب منهم التبرع لإنشاء مركز الترفيه للمعوّقين. ساهم أكثر من نصف الأشخاص الذين لم يُطلَب منهم التوقيع على العريضة. ولكن بيد أن نسبة هائلة بلغت 92% من أولئك الذين وقّعوا على العريضة تبرعوا بالمال. إذ شعر سكان المجمع السكني بأنهم ملزمون بالوفاء بالتزاماتهم، لأنّ تلك الالتزامات كانت فعالة وعلنية وطوعية. وتستحق هذه الميزات الثلاث الدراسة بشكل منفصل.

وتوجد أدلة قوية من واقع التجربة، تظهر أنّ الخيار الذي يُتخذ بشكل فعال، وهو خيار يُعلن بصوت عالٍ أو تجري كتابته أو غير ذلك من سبل التعبير عنه بوضوح، من المرجح بدرجة أكبر أن يوجّه سلوك الشخص في المستقبل، أكثر من بقاء الخيار نفسه غير معلن. ففي عام 1996، ذكر ديليا سيوفي وراندي غارنر، في مجلة “الشخصية وعلم النفس الاجتماعي”، تجربة طُلِب فيها من طلاب الجامعات في إحدى المجموعات ملء استمارة مطبوعة يوضحون فيها رغبتهم في التطوع لمشروع تعليمي عن الإيدز في المدارس الحكومية. وتطوع طلاب من مجموعة أخرى للمشروع نفسه من خلال ترك استمارة فارغة يوضحون فيها أنهم لا يرغبون في المشاركة. وبعد بضعة أيام، عندما تقدم المتطوعون للعمل، كان 74% من الذين حضروا هم من الطلاب الذين أبدوا التزامهم بالمشاركة عن طريق ملء الاستمارة.

هذه التجارب تخبر المدراء درساً واضحاً، فإذا أراد أحدهم إقناع أحد مرؤوسيه باتباع بعض الإجراءات المحددة، فليجعل هذا الإقناع مكتوباً. دعنا نفترض أنك تريد من الموظف لديك إرسال التقارير في الوقت المناسب. حالما تعتقد أنك قد حصلت على موافقته، اطلب منه تلخيص القرار في مذكرة وإرساله إليك. إذ إن هذا التصرف سيزيد بشكل كبير من فرص وفائه بالالتزام لأنه، كقاعدة عامة، يلتزم الأشخاص بما كتبوه.

وتشير الأبحاث حول الأبعاد الاجتماعية للالتزام، إلى أنّ البيانات المكتوبة تصبح أكثر قوة عندما يجري الإعلان عنها. ففي تجربة كلاسيكية، ذُكرت عام 1955 في مجلة “علم النفس المرضيّ والاجتماعي”، طُلِب من طلاب الجامعات تقدير طول الخطوط المتوقعة على الشاشة. وطُلِب من بعض الطلاب كتابة خياراتهم على قصاصة ورقية والتوقيع عليها وتسليمها إلى الممتحِن. بينما كتب آخرون خياراتهم على لوح قابل للمسح، ثم مسحوها على الفور. على أنه طُلِب منهم الاحتفاظ بخياراتهم لأنفسهم.

ثم عرض الممتحِنون المجموعات الثلاث مع أدلة على أن الخيارات الأولية التي قامت بها هذه المجموعات ربما كانت خاطئة. حيث إن أولئك الذين احتفظوا بخياراتهم لأنفسهم هم الأكثر عرضة لإعادة النظر في تقديراتهم الأولية. بينما كان الطلاب الذين كتبوا خياراتهم ومسحوها على الفور أكثر ولاءً لتخميناتهم الأولى. بيد أن أكثر الأشخاص تردداً في التحول عن خياراتهم الأولية، وبهامش كبير، كانوا هم أولئك الذين وقّعوا عليها وسلّموها إلى الباحث.

وتُبرز هذه التجربة مدى رغبة معظم الأشخاص في الظهور بما يتوافق مع الآخرين. ولننظر مجدداً في مسألة الموظف الذي يقدم التقارير بشكل متأخر. إذ ينبغي لك، إدراكاً لقوة هذه الرغبة، وبمجرد أن تنجح في إقناعه بالحاجة إلى أن يكون أكثر انضباطاً في الوقت، أن تعزز الالتزام من خلال التأكد من خروجه إلى العلن. وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك في إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى الموظف تقول فيها: “أعتقد أن خطتك هي ما نحتاج إليه. لقد عرضتها على فلان في قسم التصنيع وفلان في قسم الشحن، ويعتقد كلاهما أنها خطة دقيقة أيضاً”. وأياً تكن الطريقة التي يُضفَى بها الطابع الرسمي على هذه الالتزامات، ينبغي ألا تكون أبداً مثل قرارات بداية العام الجديد التي يتخذها الأشخاص بشكل شخصي، ثم يتخلون عنها دون أن يلاحظ أحد. إذ ينبغي أن تكون هذه الالتزامات علنية وتُنشر بشكل واضح.

وقد كتب صامويل بتلر، منذ أكثر من 300 عام، شعراً، يشرح ببراعة لماذا يتعيّن أن تكون الالتزامات طوعية لتكون دائمة وفعالة، إذ قال:

“إرغامُك شخصاً على فِعلِ ما تطلبُ

لا يعني أنه، في قرارة نفسه، يرغبُ”

فالتعهد الذي يتم بشكل قسري أو بالإكراه أو بفرضِه من الخارج، هو ليس التزاماً، بل إنه عبء غير مرغوب به. فكّر في رد فعلك إذا ضغط عليك مديرك للتبرع لحملة مرشح سياسي، هل سيجعلك ذلك أكثر استعداداً للتصويت لهذا المرشح داخل غرفة الاقتراع؟ الجواب أنه أمر مستبعد. وفي الواقع، يقدم شارون بريهم وجاك بريهم في كتابهما “الاستجابة النفسية” (Psychological Reactance)، بيانات تشير إلى أنك ستصوّت بطريقة معاكِسة فقط للتعبير عن سخطك من إرغام مديرك لك.

وهذا بالضبط ما يمكن أن يحدث في مكان العمل أيضاً. بالعودة مرة أخرى إلى ذلك الموظف الذي يقدم التقارير بشكل متأخر. ففي حال كنتَ ترغب في إحداث تغيير دائم في سلوكه، يجدر بك تجنّب استخدام التهديدات أو أساليب الضغط للحصول على التزامه. إذ من المرجح أن ينظر إلى أي تغيير في سلوكه بصفتهِ نتيجة للترهيب وليس التزاماً شخصياً بالتغيير. وثمة نهج أفضل يتمثل في تحديد شيء يقدّره الموظف بحق في مكان العمل – مثل إتقان العمل بجودة عالية أو روح الفريق – ومن ثم يتعيّن عليك توضيح مدى توافق تقديم التقارير في الوقت المناسب مع تلك القيم. إذ إنّ من شأن هذا أن يمنح الموظف دواعي التحسين التي يمكنه امتلاكها. ولأنه يمتلكها، فسيستمر في توجيه سلوكه حتى عندما لا تراقبه.

5- مبدأ السلطة

يلجأ الأشخاص إلى الخبراء.

التطبيق

اكشف عن خبراتك ولا تفترض أنها غنية عن البيان.

منذ ألفي عام، قدّم الشاعر الروماني فيرجيل هذه المشورة البسيطة لأولئك الذين يسعون للاختيار بشكل صحيح، حيث قال: “صدِّقوا خبيراً”. ويمكن أن تكون هذه النصيحة سديدة أو لا تكون كذلك، ولكن لا يمكن سوى التسليم باعتبارها وصفاً واقعياً لما يفعله الأشخاص فعلاً. على سبيل المثال، عندما تعرض وسائل الإعلام آراء خبير معروف بشأن أحد الموضوعات، يكون التأثير على الرأي العام هائلاً. حيث يرتبط الخبر المستند إلى رأي الخبراء في صحيفة “نيويورك تايمز” بحدوث تغيّر في الرأي العام مقداره 2% في جميع أنحاء البلاد، وفق دراسة أجريت عام 1993 ذٌكرت في مجلة “بابلك أوبنيان كوارترلي” (Public Opinion Quarterly). وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون الذين يكتبون في مجلة “العلوم السياسية الأميركية” في عام 1987، أنه عندما أذيع رأي شخص خبير على التلفزيون الوطني، تحوّل الرأي العام بنسبة 4%. ويمكن أن يقول شخص متهكم إن هذه النتائج والنسب توضح فقط خضوع الجمهور سهل الانقياد. ولكن بيد أن التفسير الأكثر إنصافاً هو أنه، في ظل التعقيد المتزايد للحياة المعاصرة، فإن الخبير المنتقى بعناية يوفر طريقاً مختصراً قيّماً وفعالاً صوب اتخاذ القرارات الصائبة. وفي الواقع، تتطلب بعض الأسئلة، سواء كانت قانونية أو مالية أو طبية أو تكنولوجية، الكثير من المعرفة المتخصصة للإجابة عنها، وهنا ليس لدينا خيار سوى الاعتماد على الخبراء.

إذاً هناك سبب وجيه للجوء إلى الخبراء، وهو ما يدفع المدراء التنفيذيين إلى ضرورة أن يبذلوا قصارى جهدهم لضمان اكتسابهم خبرات خاصة قبل محاولة القيام بالتأثير. والأمر الغريب أنّ الأشخاص يفترضون، في كثير من الأحيان، على نحو خاطئ، أن الآخرين يدركون ويقدّرون خبرتهم. وهذا ما حدث في أحد المستشفيات التي كنتُ أنا وبعض الزملاء نقدّم لها استشارات. إذ أصيب موظفو العلاج الطبيعي بالإحباط، لأن العديد من مرضى الجلطة الدماغية تخلوا عن ممارسة التمارين الرياضية فور مغادرتهم المستشفى. وبغضّ النظر عن عدد المرات التي شدد فيها الموظفون على أهمية التمرينات المنزلية المنتظمة – وهي تحظى في الواقع بأهمية حاسمة في عملية استعادة النشاط المستقل – فإنّ الرسالة لم تؤتِ ثمارها.

الأمر الغريب أنّ الأشخاص يفترضون، في كثير من الأحيان، على نحو خاطئ، أن الآخرين يدركون ويقدّرون خبرتهم.

وقد استطعنا تحديد المشكلة، من خلال إجراء مقابلات مع بعض المرضى، إذ كان هؤلاء المرضى على دراية بخلفية أطبائهم والتدريب الذي تلقّوه، لكنهم لم يعرفوا سوى القليل عن مؤهلات اختصاصيي العلاج الطبيعي الذين كانوا يحثّونهم على ممارسة الرياضة. وقد كان من السهل تدارك نقص المعلومات هذا، إذ طلبنا فقط من مديرة العلاج عرض جميع الجوائز والدبلومات والشهادات التي حصل عليها موظفوها على جدران غُرف العلاج. وكانت النتيجة مذهلة، حيث قفزت نسبة الالتزام بممارسة التمارين الرياضية إلى 34%، ولم تنخفض ​​منذ ذلك الحين.

ولم يكن القدْر الذي زدنا به الالتزام بممارسة التمارين فحسب هو ما يبعث على الارتياح بدرجة كبيرة، بل الكيفية التي فعلنا بها ذلك، كذلك. إذ إننا لم نخدع أي مريض من المرضى ولم نرهبهم. نحن حملناهم على الامتثال بطريقة بسيطة، وهي إطلاعهم. ولم نكن بحاجة إلى اختراع شيء، إذ لم يتعيّن علينا أن نستغرق وقتاً أو أن ننفق موارد في هذه العملية، حيث كانت الخبرة التي يتحلى بها الموظفون حقيقية، وكل ما كان علينا فعله هو جعلها أكثر وضوحاً للمرضى.

ربما يكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمدراء الذين يرغبون في إثبات استحقاقهم للخبرة. إذ لا يمكنهم ببساطة تثبيت شهاداتهم على الجدار وانتظار أن يلاحظها الجميع، فثمة حاجة هنا للقليل من البراعة. حيث من المعتاد، خارج الولايات المتحدة، أن يقضي الأشخاص وقتاً في التفاعل اجتماعياً قبل الدخول في صلب العمل للمرة الأولى. وكثيراً ما يجتمعون لتناول العشاء في الليلة التي تسبق الاجتماع الذي سيعقدونه أو التفاوض الذي سيُجرونه. ومن شأن هذه اللقاءات أن تجعل المناقشات أسهل وتساعد في الاختلافات الحادة – تذكّر النتائج المتعلقة بإبداء الإعجاب والتشابه – ويمكن أن توفر أيضاً فرصة لاكتساب الخبرة. إذ ربما يتعلق الأمر برواية قصة حول النجاح في حل مشكلة مماثلة لتلك الموجودة في جدول الأعمال لاجتماع اليوم المقبل. أو ربما يكون العشاء هو الوقت المناسب لوصف السنوات التي قضيتها في إتقان الانضباط المعقد، ليس على نحو متبجّح، ولكن كجزء من عملية الأخذ والعطاء العادية في المناقشات.

ومن المسلّم به أنه لا يوجد دائماً وقت لجلسات تمهيدية طويلة. ولكن حتى أثناء المناقشة الأولية التي تسبق معظم الاجتماعات، توجد دائماً فرصة للتطرّق قليلاً لخلفيتك وخبراتك ذات الصلة كجزء طبيعي من التبادل الاجتماعي. حيث يمنحك هذا الإفصاح الأوّلي عن المعلومات الشخصية فرصة لإرساء الخبرة منذ البداية، بحيث أنه عندما يتحول النقاش إلى العمل الذي أتيتم من أجله، فإن ما يجدر بك قوله سيُحظى بالاحترام الذي يستحقه.

اقرأ أيضاً: 5 تقنيات تُعلّمك فن الإقناع دون تلاعب.

6- مبدأ الندرة

يريد الأشخاص المزيد مما يمكنهم الحصول على قدْر قليل منه.

التطبيق

أبرِز المزايا الفريدة والمعلومات الحصرية.

تُظهر الدراسة تلو الأخرى أن العناصر والفرص تضحى أكثر قيمة عندما تكون أقل توفراً. وهذه معلومات مفيدة للغاية للمدراء. إذ يمكنهم الاستفادة من مبدأ الندرة من خلال المكافِئات المؤسسية للعروض، ذات الوقت المحدود، وذات الكمية المحدودة، والفريدة من نوعها. إذ إن إطلاع زميل في العمل بتضاؤل الوقت المتاح لاستغلال فرصة سانحة – وهو ما يُعد فرصة لتحظى بإصغاء المديرة قبل مغادرتها لقضاء عطلة طويلة – يمكن أن يحشد الجهود بشكل هائل.

ويمكن للمدراء أن يتعلموا من تجار التجزئة كيفية صياغة عروضهم، ليس من حيث ما سيحصل عليه الأشخاص، ولكن من حيث ما سيخسرونه إذا لم يتصرفوا بناءً على المعلومات. وهذه الدراسة توضح ما أقصده، إذ أوضحت دراسة، أجريت عام 1988 على أصحاب المنازل في كاليفورنيا ونُشرت في مجلة “علم النفس التطبيقي”، قوة “لغة الخسارة”. حيث قيل لنصف أصحاب المنازل أنهم إذا قاموا بعزل منازلهم بالكامل، فإنهم سيوفرون مبلغاً معيناً من المال كل يوم. بينما قيل للنصف الآخر منهم إنهم إذا فشلوا في عزل منازلهم، فسيخسرون هذا المبلغ كل يوم. وبالفعل قام عدد كبير من الأشخاص بعزل منازلهم عند تعرضهم للغة الخسارة. وتحدث هذه الظاهرة ذاتها في مجال الأعمال. فوفقاً لدراسة أجريت عام 1994 في مجلة “مجلة السلوك التنظيمي وعمليات القرار الإنساني”، فإنّ الخسائر المحتملة تكون أبرز بكثير عند اتخاذ المدراء لقرارات، مقارنة بالمكاسب المحتملة.

وينبغي أن يتذكر المدراء التنفيذيون أيضاً، عند صياغة عروضهم، أن المعلومات الحصرية أكثر إقناعاً من البيانات المتاحة على نطاق واسع. حيث كتب أحد طلاب الدكتوراه لديّ، وهو عمرام كنيشنسكي، أطروحته عام 1982 حول قرارات الشراء لمشتري لحوم البقر بالجملة. وأشار إلى أن طلباتهم زادت إلى أكثر من الضعف عندما قيل لهم إنه من المرجح أن تكون ثمة ندرة في لحوم البقر الأجنبية في المستقبل القريب، بسبب ظروف جوية معينة في الخارج. بيد أن طلباتهم زادت بنسبة 600% عندما علموا بعدم معرفة أي شخص آخر بهذه المعلومات بعد.

ويمكن الاستفادة من القدرة الإقناعية لحصرية المعلومات من قِبل أي مدير يمتلك معلومات غير متوفرة على نطاق واسع، ومن شأنها أن تدعم فكرة أو مبادرة يود من المؤسسة أن تتبناها. لذلك في المرة المقبلة التي يمر فيها هذا النوع من المعلومات على مكتبك، قم بتجميع الأطراف الرئيسة في مؤسستك. وقد تبدو المعلومات نفسها مملة، لكن حصريتها عليك سيعطيها بريقاً مميزاً. ضع التقرير على مكتبك وقل لهم: “لقد تلقيت هذا التقرير اليوم. ولن يتم توزيعه حتى الأسبوع المقبل، لكنني أريدكم أن تُلقوا نظرة مبكرة على فحواه”. وانتظر الاهتمام الذي سيُبديه الحاضرون بما تقول.

اسمحوا لي أن أشدد هنا على نقطة ينبغي أن تكون واضحة، وهي أنه ينبغي عدم تقديم أي معلومات حصرية، وعدم الحث على اتخاذ إجراء الآن أو فقدان هذه الفرصة إلى الأبد ما لم يكن الأمر حقيقياً. ليس فقط لأن خداع الزملاء لحملهم على الامتثال أمراً مرفوضاً من الناحية الأخلاقية، ولكن لأنه أمر طائش أيضاً. لأنه في حال كشف الخداع – وهو سيُكشف بالتأكيد – فسيكون من شأن ذلك إخماد أي حماس أشعله العرض في البداية. كما سيستدعي أيضاً التضليل تجاه الشخص المخادع، كما ذُكر سابقاً في قاعدة المعاملة بالمثل.

الجمع بين هذه المبادئ الستة

لا يوجد شيء غامض أو مبهَم بشأن هذه المبادئ الستة للإقناع. وفي الواقع، فإنها تقوم بإتقان بتدوين فهمنا البديهي للسبل التي يقيّم بها الأشخاص المعلومات، ويتخذون القرارات. ولذا، من السهل لمعظم الأشخاص فهمها، حتى لأولئك الذين لم يحظوا بدراسة متخصصة في علم النفس. ولكن خلال الندوات وورش العمل التي أعقدها، أدركت أن ثمة نقطتين يجدر التشديد عليهما مراراً.

أولاً، على الرغم من أنه يمكن مناقشة المبادئ الستة وتطبيقاتها بشكل منفصل توخياً للوضوح، إلا أنه ينبغي تطبيقها مجتمعة لمضاعفة تأثيرها. على سبيل المثال، عند مناقشة أهمية الخبرة، اقترحتُ أن يستخدم المدراء مناقشات اجتماعية غير رسمية لإرساء مصداقيتهم. بل إن هذه المناقشات تتيح فرصة للحصول على المعلومات وكذلك لنقلها. إذ بينما تُظهر لزميلك في وجبة العشاء أن لديك المهارات والخبرة المطلوبة للتعامل مع المشكلة التي تواجه الشركة، يمكنك أيضاً التعرف على خلفية زميلك وما يعجبه وما لا يعجبه، وهي المعلومات التي ستساعدك على تحديد أوجه التشابه الحقيقية بينكما، وتقديم مجاملات صادقة. فأنت تُضاعف قدرتك على الإقناع من خلال السماح لخبرتك بالظهور، وإقامة علاقات. وإذا نجحت في اجتذاب زميلك في وجبة العشاء، فقد تشجّع الآخرين على الانضمام أيضاً، بفضل قدرة البرهان الاجتماعي على الإقناع.

النقطة الأخرى التي أود التأكيد عليها هي أن قواعد الأخلاق تنطبق على علم التأثير الاجتماعي تماماً مثلما تنطبق على أي تكنولوجيا أخرى. إذ إنه ليس فقط من الخطأ أخلاقياً خداع الآخرين أو استدراجهم للموافقة، بل إنه أمر غير حكيم من الناحية العملية. حيث إن الأساليب المضللة أو ذات الضغط العالي لا تنجح إلا على المدى القصير، إنْ كُتب لها النجاح من الأساس. والآثار المترتبة على هذه الأساليب على المدى الطويل مؤذية، خاصة داخل مؤسسة لا يمكنها أن تعمل بشكل سليم دون مستوى أساسي من الثقة والتعاون.

وتتضح هذه النقطة بشكل جلِي في السرد التالي، والذي ذكرته مديرة إدارة بشركة كبيرة لصناعة النسيج في ورشة عمل تدريبية عقدتها. تحدثت المديرة عن نائب الرئيس في شركتها، الذي ينتزع التزامات علنية من مديري الإدارات على نحو مخادع للغاية. إذ إنه بدلاً من إعطاء مرؤوسيه الوقت الكافي للحديث أو التفكير بعناية خلال عروضه التي يقدمها، كان يفاتحهم في الأمر بشكل فردي في أكثر لحظات يوم عملهم ازدحاماً، ويصف فوائد خطته بتفاصيل مُجهدة ومطوّلة، ثم يتحرك لاقتناص الفرصة قائلاً: “من المهم للغاية بالنسبة إليّ أن أراك جزءاً من فريقي في هذا الأمر. هل يمكنني الاعتماد على دعمك؟” ليوافق مدراء الإدارات دائماً على طلبه، وهُم في حالة من الترهيب والإنهاك والرغبة في إخراج الرجل من مكاتبهم حتى يتمكنوا من العودة إلى العمل. ولكن نظراً لأن الالتزامات لم تكن أبداً طوعية، لم يستمر مدراء الإدارات في الالتزام بها قط، ونتيجة لذلك، كانت مبادرات نائب رئيس الشركة تتعثر أو تضمحل.

وقد كان لهذه القصة تأثير عميق على المشاركين الآخرين في ورشة العمل. إذ إنها تركت البعض في حالة صدمة بعد أن أدركوا السلوك المخادع الذي كانوا يمارسونه. لكن ما أوقف الجميع عن التحرك كان هو التعبير على وجه مديرة الإدارة وهي تروي الانهيار المدمر لعروض مديرها، فقد كانت تبتسم.

وفي نهاية الحديث عن علم الإقناع  لا شيء يمكن أن أقوله من شأنه أن يوضح بشكل أكثر فاعلية أنّ الاستخدام المضلل أو القسري لمبادئ التأثير الاجتماعي هو أمر خاطئ من الناحيتين الأخلاقية والعملية. ولكن هذه المبادئ نفسها، في حال تطبيقها بشكل مناسب، يمكنها توجيه القرارات بشكل صحيح. فكل من الخبرة الرسمية، والتعهدات الصادقة، وأوجه التشابه الصحيحة، والبرهان الاجتماعي الحقيقي، والأخبار الحصرية، والالتزامات بمحض الإرادة يمكن أن تُسفر عن خيارات من المرجح أن تعود بالنفع على كلا الطرفين. وأي نهج يحقق المنفعة للجميع هو صفقة مربحة، ألا تعتقد ذلك؟ بالطبع، لا أريد أن أضغط عليك لتطبيق هذه المبادئ، لكن في حال وافقتَ، فأنا أود إذا أمكنك فقط أن تكتب لي مذكرة بهذا المعنى.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!