ما الذي يجب عليك فعله إذا اعتقدت أن تقييم أدائك خاطئ؟

4 دقائق
تقييم أداء خاطئ

ما زلت أذكر أول تقييم أداء خاطئ تم لي، على الرغم من أنه قد فات عليه 50 عاماً، وذلك عندما استدعاني راي مولير– أول مدير لي في شركة جنرال إلكتريك- إلى مكتبه وسلمني وثيقة تدعى “تقييم الأداء“. 

 قرأته. لقد كان مؤلماً.

كان هناك أربعة مستويات في نظام التقييم الخاص بشركة جنرال إلكتريك آنذاك، وقد قيمني المدير بوضعي في المستوى الثالث قبل الأخير في التقييم. لم يتردد راي في الإشارة إلى كل النقاط التي أخفقت من خلالها في تحقيق توقعاته الصعبة، وأنا خريج حديث ما زال يخضع لبرنامج التدريب الصناعي الخاص بشركة جنرال إلكتريك. انتهت المراجعة بقول راي أنه لو أعيدت الكرّة، فلن يوظف ديك غروت.

اقرأ أيضاً: كيف توجه ملاحظات تقييمية لأشخاص يبكون وينفعلون أو يجادلون؟

وبقدر ما كان تقويم راي لأدائي سلبياً، فقد كان بالتأكيد دقيقاً، إذ لم أقم بعملي كما يجب. لقد كنت ذاك الخريج الجديد الذي لم يحقق بعد الانتقال العاطفي من عالم الحياة الدراسية الغض إلى عالم العمل الجدي. لقد كان راي صريحاً، وكان ردي هو أنني سأطوّر نفسي فوراً وأبدأ بكسب لقمة العيش. 

ربما كنت سأتصرف بشكل مختلف لو شعرت أن المراجعة كانت غير دقيقة أو مجحفة، وكان التقويم ليصبح أكثر إيلاماً وإحباطاً لو كان خاطئاً. إذاً، كيف عليك أن تتصرف إن قدّم إليك المدير تقرير مراجعة حول أدائك وبدا أنه غير دقيق – أي أنه لا يأتي على ذكر إنجازاتك المهمة، أو أنه مختلف عن تقييمك الشخصي لكفاءة عملك؟

اقرأ أيضاً: ما الذي يسيء المدراء فهمه حول التقييم؟

ما هو تقييم الأداء؟ 

لنعترف أولاً أن تقويم الأداء ليس مستنداً يمكن اختباره أو إثباته أو التحقق منه، أو تحليله والتأكد منه عملياً. وهو ليس نهاية عملية تفاوض بين من يقوم بالتقييم ومن يجري عليه التقويم. تقييم الأداء هو سجل رسمي لرأي المشرف حول جودة عمل الموظف.

الكلمة الأساسية هنا هي رأي. وطالما أن هذا الرأي مبني على تقييم أمين من مديرك حول جودة العمل الذي قدمته دون أن يشوبه أي مشاعر بالتحيز أو الميل، فعندها يكون المدير قد قام بالمهمة المتوقعة منه وتم تسوية الأمر، أما لو اختلف المدير والموظف حول هذا الرأي، فالكفة الراجحة هنا لصالح المدير.

ينبع أحد المصادر الأساسية للخلاف بين المدراء والموظفين حول تقييم الأداء من القدرة البشرية اللامحدودة على خداع الذات، فكلنا نعتقد أننا أفضل مما نحن عليه فعلاً. أظهرت الأبحاث باستمرار أن الأفراد لا يتصرفون بالدقة عند تقييم جودة أدائهم، وكلما كان أداء الشخص أضعف، كان تقييمه الشخصي لنفسه أعلى، وأقل دقة. إذاً، فالخطوة الأولى هي قبول احتمال أن يكون المدير على حق (كما حصل معي قبل 50 عاماً)، وأن رأيه قد يكون دقيقاً فعلا أكثر من رأينا.

خياراتك: 

عند وضع ذلك بالاعتبار، وعندما تقرر فيما لو كنت ستتحدى التقييم المتدني لأدائك، فأنت أمام ثلاثة خيارات: 

  1. “قد يكون مديري على حق. أشعر بخيبة أمل، لكنني سأقبل بهذا وسأبذل ما في وسعي من تغييرات لازمة لأحصل على تقييم أعلى في العام القادم”.
  2. سحقاً! تابع بأقصى سرعة لتقول: هذا التقييم خاطئ، وأنا على استعداد لفعل أي شيء لتغييره”.
  3. “سأغادر هذا المكان”.

حدد خيارك بوضوح ثم قرر الفعل المناسب. وإليك سؤال إياك أن تطرحه: “ماذا علي أن أفعل لأستحق أن يوصف تقييمي في العام القادم أنه أداء يفوق التوقعات؟” لا يستطيع رئيسك أن يجيب عن هذا السؤال، فأنت تطلب منه أن يتنبأ بالمستقبل. بدلاً عن ذلك، إليك سؤال عليك أن تطرحه لاحقاً، ربما في دورة تدريبية أو خلال حوار غير رسمي، بعد أن تهدأ الأمور: “هل تَرى أي طريقة يمكنني من خلالها أن أقدم مساهمات قيمة للفريق؟”.

لكن ماذا لو كان تقييم المدير خاطئاً؟ 

إن أسهل المشاكل المتعلقة بتقويم الأداء والتي يمكن حلها هي تلك التي تنتج عن معلومات مغلوطة بنى المدير رأيه على أساسها. على سبيل المثال، قد يقول المدير: “أعطيتك الدرجة ثلاثة لأن نتيجتك الإجمالية لخدمة العملاء كانت 74” في حين أن نتيجتك الإجمالية الحقيقية كانت 98. تكون البيانات المغلوطة في هذه الحالة ذات أهمية كافية لتبرير تحديك للنتيجة النهائية التي حصلت عليها. 

اقرأ أيضاً: كيف يمكن إعطاء رأي تقييمي قاس يساعد في النمو المهني؟

إن تحدي تقييم الرئيس حتى في الحالة التي يظهر فيها جلياً خطأ في البيانات هو أمر حساس دوماً. انتبه. فليس من السهل أن تقول لرئيسك في العمل – مهما كانت كلماتك منمقة -” إنك على خطأ”. لا تغفل حقيقة أن رئيسك ربما يكون مساهماً إلى حد كبير في هذا التقويم الذي قررت أن تتحداه. بالنسبة لمعظم المدراء، كتابة تقييم الأداء يعتبر أمراً شاقاً ومضنياً على صعيد الوقت وكذلك العاطفة. ربما يتعين على رئيسك أن يشرح ويبرر التصنيف الذي أعطاك إياه ضمن جلسة تقييم مع مدراء آخرين، ويوضح لك أن قرار تغيير التقييم الخاص بك قد يجبرهم على إجراء تغييرات لتقييمات موظفين آخرين، وذلك إن كانت شركتك تتبع إرشادات صارمة في توزيع نقاط التقييم. ربما راجع رئيسك التقييم الخاص بك مقدماً مع رئيسه، وسيكون من غير الملائم أن يعود ليعترف أن تقييمه كان خاطئاً في المرة الأولى. تأكد أن الأمر يستحق.

أياً كان ما ستفعله، تريث ولا تقدم على فعله على الفور. قل شيئاً في نهاية الاجتماع مثل: “لقد فاجأني هذا التقييم حقاً. أرغب بالتفكير فيما قلت وكتبت، وربما أحتاج لإجراء حوار آخر قبل أن يصبح هذا التقويم رسمياً. هل لي أن أعود إليك في غضون يوم أو اثنين؟”، يتيح ذلك التصرف لمديرك أن يعرف أنك مهتم بدقة التقييم دون الاضطرار لمحاولة التوصل لحل فوري.   

ثم اترك الأمر قليلاً. تمعن في تقييم أدائك للعام المنصرم لتعرف إن كان تقييم رئيسك الآن متعمداً أو أنه على الأقل ليس خطأً لدرجة تستحق إحداث كل هذه الجلبة.

عندما تعود لرئيسك، قم بأمر واحد من اثنين. إما أن تقرّ بحقيقة أن الحصول على التقييم قد شكل لديك خبرة تعليمية غنية (أو كان بمثابة جرس التنبيه)، واطلب مساعدته لفهم السبل التي تمكنك من تقديم مساهمات قيمة خلال الاثني عشر شهراً القادمة. أو أخبر رئيسك أنك قد فكرت في التقويم بعناية وجدية، وتعتقد أن لديك المبررات الكافية لتعديل التقييم. قدم الأدلة والأمثلة التي تبرر موقفك، مع الأخذ في الحسبان أن نجاح ذلك – أي تغيير تقييمك – قد لا يتحقق، بغض النظر عن الدليل الذي قدمته، وهو ما حصل مع رئيس عمل أعرفه حيث كان تصرفه مع أحد مرؤوسيه الذين راجعوه بخصوص التقويم المتدني، فرد عليه قائلاً له: “الرسالة التي استلمتها مني هي تماماً ما أردت أن أبلغك به”.

بغض النظر عن النتائج، حافظ على مهنية الحوار، فمديرك ليس مسؤولاً عن المشاعر التي تختلجك، ولم يتعمد أن يخلق لديك رد الفعل الذي انتابك.

ملاحظة مهمة: تفترض كل هذه النصائح أن رئيسك شخص كفء ولا يتعمد الكذب أو التصرف بخبث. بالطبع، ليس هذا هو الحال دوماً. إن كان تقويم أدائك الضعيف ينجم عن أن رئيسك في العمل هو بالفعل شخص غير كفء ويغار من نجاحك، أو أنه غير أمين، فستحتاج أن تعيد حساباتك فيما يتعلق بخياراتك، ولكن لحسن الحظ أن تلك حالات نادرة.

يمكن تفهم حالة عدم سعادتك بالنتيجة أو حتى غضبك عندما لا تتفق مع ما جاء في أي تقييم أداء خاطئ، لكن التصرف بتأن أفضل من التسرع في اتخاذ أي فعل؛ كما أنه الخيار الذي سيتيح تقويماً أفضل لك في المستقبل.

اقرأ أيضاً: كيف يحصل القادة على الآراء التقييمية التي لا يرغب أحد في قولها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .