كيف تحصل على وظيفة في ظل الاعتماد على التصفية الآلية للسير الذاتية؟

15 دقيقة
عملية التوظيف
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/ أنسبلاش

تواجه سوق العمل الحالية تحديات كبيرة وشحّاً في الفرص، ولا تقتصر الأسباب على عمليات التسريح الأخيرة وتوقف عمليات التوظيف؛ إذ يؤدي كل من الذكاء الاصطناعي والأتمتة إلى إحداث تغيير جذري في عملية التوظيف على الأصعدة كافة، ولم يعد بإمكان الباحثين عن فرص عمل جديدة تجاهل أثر الذكاء الاصطناعي في استراتيجيات البحث عن وظيفة.

من المهم أن تفهم كيف تستفيد الشركات من الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف لتعزيز فرصتك في الحصول على وظيفتك التالية. فيما يلي 5 طرق للاستعداد لعملية التوظيف التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بدءاً من إعداد سيرتك الذاتية وصولاً إلى اجتياز مقابلات العمل بنجاح:

طلبات التوظيف والسير الذاتية والخطابات التعريفية

نظراً للمنافسة الشديدة في سوق العمل، لا يمتلك مسؤولو التوظيف الوقت الكافي لمراجعة طلبات التوظيف جميعها. لذلك، احرص على اتباع هذه النصائح لتعزيز فرص تميُّز سيرتك الذاتية عن غيرها.

غيّر طريقة عرض مهاراتك وتجربتك المهنية

عند كتابة سيرتك الذاتية، احرص على صياغة مهاراتك وخبراتك بطريقة مقنعة تُظهر لمسؤولي التوظيف ومدراء الموارد البشرية قدراتك الفريدة التي لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاتها أو استبدالها. ابدأ بتحديد نطاق عملك الحالي وتقييمه، وحدد المهام التي يمكن إنجازها قريباً باستخدام الذكاء الاصطناعي وأتمتتها أو حدد احتمالية الاستغناء عن وظيفتك بالكامل مع تقدم التكنولوجيا.

على سبيل المثال، أعلنت بعض البنوك الكبرى أنها تسعى إلى اعتماد الأتمتة لتحل محل الكثير من المهام التي يؤديها محللو الاستثمار المبتدئون. لذلك، قد يضطر محللو الاستثمار الحاليون للانتقال إلى أدوار جديدة داخل القطاع المالي من خلال تطوير مهارات يصعب على التكنولوجيا إتقانها لأنها تتطلب لمسة إنسانية، مثل بناء العلاقات وصناعة القرارات وتخصيص العمليات والخدمات بناءً على تفضيلات العملاء والقدرة على التأثير وتحقيق التوافق بين أصحاب المصلحة. سيساعدك تحديد مهاراتك التي لا يمكن أتمتتها على توضيح أهمية قدراتك في دعم التكنولوجيات الحديثة أو تعزيزها مع انتشارها في مجال عملك.

مع تقدم الذكاء الاصطناعي والأتمتة، قد تضطر إلى تعديل خبراتك ومهاراتك لتتوافق مع المجالات الناشئة. لتحديد الوظيفة والمجال الذي يثير اهتمامك ويناسبك، ابدأ بالتفكير في الأمور التي تحفّزك وتشعل حماسك في وظيفتك الحالية. على سبيل المثال، إن كنت تعمل محللاً للاستثمار، فربما تجد متعة في وتيرة العمل السريعة، أو في حل المشكلات المعقدة، أو في الأثر الذي تُحدثه القرارات المستندة إلى البيانات. يمكن أن تساعدك معرفة الجوانب التي تحفّزك على تحديد مسارات مهنية جديدة تتوافق مع اهتماماتك.

استكشف الفرص المتاحة في المجالات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مثل الأمن السيبراني أو أخلاقيات الذكاء الاصطناعي أو التدريب على استخدام الذكاء الاصطناعي، واستخدم موارد مثل دليل التوقعات المهنية (Occupational Outlook Handbook) الصادر عن مكتب إحصاءات العمل (Bureau of Labor Statistics) للبحث عن الوظائف المحتملة. وبمجرد العثور على الوظيفة المناسبة لك، يمكنك إنشاء صياغة مقنعة تسلط الضوء على مهاراتك التي يمكنك نقلها وتطبيقها والقيمة التي يمكنك إضافتها إلى هذا المجال الجديد.

افهم كيفية فحص السيرة الذاتية وفرزها بمساعدة الذكاء الاصطناعي

على الرغم من أنه ليس من المتوقع أن يحل الذكاء الاصطناعي محل مسؤولي التوظيف بالكامل، فإن مؤسسات عديدة تعتمد على أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتتبع مقدمي الطلبات وتقييم المرشحين المحتملين وفرزهم بحثاً عن المهارات المناسبة المطلوبة. تعمل أنظمة، مثل وورك داي (Workday) وأوراكل آتش سي إم (Oracle HCM) وغرين هاوس (Greenhouse) على تحديد المرشحين المؤهلين من داخل المؤسسة وخارجها ثم تقييمهم وترتيبهم وفقاً لمدى ملاءمتهم للوظيفة. لذلك، قد تشعر أحياناً وكأنك ترسل مئات السير الذاتية والخطابات التعريفية دون الحصول على أي رد.

مع اعتماد 83% من الشركات على الذكاء الاصطناعي لفحص السير الذاتية وفرزها، فإن عدم احتواء سيرتك الذاتية على معظم الكلمات المفتاحية الواردة في الوصف الوظيفي قد يؤدي إلى تجاهلها. على سبيل المثال، إذا كنت تتقدم لوظيفة في مجال العمليات التجارية ولم تذكر في سيرتك الذاتية أبرز الكفاءات الأساسية (أي الكلمات المفتاحية) لهذا النوع من الوظائف، مثل التخطيط الاستراتيجي والكفاءة التشغيلية وتحسين العمليات ومقاييس الأداء والتحسين المستمر والتحول الرقمي وإدارة التغيير، فقد يقرر برنامج الذكاء الاصطناعي أنك غير مؤهل للوظيفة، حتى إذا كنت تعلم أن مهاراتك تتناسب تماماً معها.

استخدم الذكاء الاصطناعي باعتدال وحذر

على الرغم من استخدام الشركات للذكاء الاصطناعي لفرز المرشحين، فإن ذلك لا يعني أن عليك الاعتماد عليه لصياغة سيرتك الذاتية والخطاب التعريفي بالكامل. فقد أصبحت الشركات أكثر خبرة ودراية بالمحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي، وهذا لن يكون في مصلحتك. في عام 2023، أشارت شركة غارتنر (Gartner) إلى أن 69% من مسؤولي الموارد البشرية الذين شاركوا في استطلاع للآراء استخدموا برامج تتبع مقدمي الطلبات لاكتشاف طلبات التوظيف أو السيَر الذاتية التي تحتوي على نصوص من إنشاء الذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، كشف نحو نصف المشاركين في الاستطلاع أنهم يعتمدون عملية تقييم منفصلة للسيَر الذاتية التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، وقد ذكر 8% منهم أنهم يقللون من أهمية هذه السير الذاتية والطلبات عند المفاضلة بين المرشحين. حتى إن شركة الذكاء الاصطناعي أنثروبيك (Anthropic) تطلب من المتقدمين للوظائف تأكيد أنهم لم يستخدموا الذكاء الاصطناعي في عملية تقديم طلبات التوظيف لأن ذلك يمنع الشركة من تقييم مهارات التواصل لديهم.

وعلى الرغم من أن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل جيميناي (Gemini) أو تشات جي بي تي (ChatGPT) أو كوبايلوت (Copilot) قد تكون مفيدة في صياغة نقاط موجزة ومحددة في سيرتك الذاتية، فإنها لا تعرف إنجازاتك وتجاربك الشخصية وقد تنشئ عبارات متشابهة لأي شخص يتقدم للوظيفة نفسها. لذلك، عليك أن تعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي فقط لتنسيق سيرتك الذاتية التي كتبتها مسبقاً وتعديلها لتتوافق مع الكلمات المفتاحية المناسبة لكل وظيفة. على سبيل المثال، يمكنك استخدام أمر نصي مثل: "قدّم لي الكلمات المفتاحية الممكنة للمهارات الفنية والشخصية المطلوبة في وظائف العمليات التجارية"، أو يمكنك إدخال الوصف الوظيفي وسيرتك الذاتية في برنامج الذكاء الاصطناعي وكتابة الأمر النصي الآتي: "ما هي الكلمات الرئيسية والمسؤوليات الواردة في الوصف الوظيفي التي لا تتضمنها سيرتي الذاتية"، ثم راجع الكلمات المفتاحية أو المسؤوليات المرتبطة بخبرتك واحرص على إضافتها بسلاسة في سيرتك الذاتية والخطاب التعريفي.

لا يقتصر الأمر على السيَر الذاتية فقط، فمن المهم أيضاً عدم استخدام الذكاء الاصطناعي بالكامل لإنشاء الخطابات التعريفية، لأن الخطابات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي تبدو غير حقيقية وتفتقر إلى الشغف والحماس، ويمكن أن تبدو عامة أو رسمية جداً أو مثالية أكثر من اللازم مقارنةً بأسلوب البشر في الكتابة والتعبير. على سبيل المثال، إذا طلبت من الذكاء الاصطناعي صياغة خطاب تعريفي لتقديم طلب للتوظيف في مجال العمليات التجارية، فمن المحتمل أن يحصل الجميع على النتيجة نفسها، ما قد يدفع الشركات إلى تجاهل طلبك دون أن تبذل جهداً للتأكد مما إذا كنت تتمتع بمهارات التواصل الكتابي الاستثنائية التي تدّعي امتلاكها في سيرتك الذاتية.

خلاصة القول: استخدم الذكاء الاصطناعي بوصفه أداة للمراجعة وتحسين الصياغة النهائية فقط، وليس لإنشاء المحتوى من الصفر. خذ الوقت الكافي لكتابة سيرتك الذاتية والخطاب التعريفي بنفسك، ثم استخدم الذكاء الاصطناعي لتحسينهما من حيث الوضوح والإيجاز والدقة.

مقابلات العمل

أصبح الذكاء الاصطناعي يحل محل التفاعل البشري في المراحل الأولى من عملية المقابلة، ما يفرض على الباحثين عن عمل الآن ترك انطباع جيد لدى الخوارزميات التي تدير هذه المرحلة بدلاً من إنشاء تواصل مباشر وعلاقة فورية مع مسؤولي التوظيف البشر.

استعد للمقابلات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي

يستخدم العديد من الشركات، مثل هايرفيو (HireVue) وفيدريكروتر (VidRecruiter) وكود سيغنال (CodeSignal) وبريزن (Brazen) تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لفرز المرشحين مسبقاً من خلال أسئلة مكتوبة ومصورة بالفيديو. تعمل هذه البرامج على تقييم الإجابات وتحليلها لتحديد أفضل المرشحين وعرضهم على مسؤولي التوظيف. ولكن مجرد تلقي طلب لإجراء مقابلة عبر الفيديو لا يعني بالضرورة أنك وصلت إلى مرحلة متقدمة من عملية التوظيف؛ فبعض الشركات ترسل هذه الأسئلة إلى كل من تقدم للوظيفة أو إلى مجموعة من الأشخاص الذين اختار الذكاء الاصطناعي سيَرهم الذاتية في المرحلة الأولية.

إذاً، كيف يمكنك اجتياز هذه المرحلة والوصول إلى مرحلة المقابلة الفعلية مع مسؤول التوظيف؟ عليك أن تتدرب على التحدث أمام شاشة لا تُظهر أي رد فعل أو أسئلة إضافية ولا تعطي أي مؤشر يوضح لك إذا كانت إجاباتك صحيحة أو مناسبة أو مقنعة.

تكون أسئلة الفرز التي ينشئها الذكاء الاصطناعي غالباً بسيطة وأساسية، لذلك، احرص على تحضير إجابات عن الأسئلة الأكثر شيوعاً مسبقاً. مثل:

  • ما هي الجوانب التي تميزك عن غيرك؟
  • هل يمكنك أن تحدّثنا قليلاً عن نفسك؟
  • لماذا تعتقد أنك الشخص المناسب لهذه الوظيفة؟
  • لماذا ترغب في العمل في هذه الشركة؟
  • كيف تتوافق مهاراتك مع متطلبات هذه الوظيفة؟
  • هل هناك أي معلومات إضافية ترغب في مشاركتها في هذه المقابلة؟

ثم تدرب على الرد على هذه الأسئلة، وسجل مقطع فيديو لنفسك. يمكن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل: إنترفيو بريب أيه آي (Interview Prep AI) وإنترفيو أيه آي (Interview AI) وهورو (Huru) وإنترفيو وورم أب (Interview Warmup) لتقديم الأسئلة الشائعة في المقابلات ثم تقييم إجاباتك للتأكد من شموليتها واستخدامك للكلمات المفتاحية المناسبة. يمكن أن توفر بعض الأدوات أيضاً ملاحظات حول لغة جسدك ونبرة صوتك في أثناء الإجابة. يمكن أن يساعدك هذا النوع من الملاحظات على الشعور بالثقة والارتياح والاستعداد للإجابة عن الأسئلة بالطريقة الصحيحة من حيث الحماس والحيوية ولغة الجسد المناسبة والمعلومات الدقيقة قبل إجراء أي مقابلات حقيقية مع البشر.

تذكّر أنه عند دعوتك لتسجيل إجاباتك في مقابلة فرز أولية، ستخصص لك شركات عديدة نحو 3 دقائق للإجابة عن كل سؤال. يوصي مسؤولو التوظيف، الذين تحدثت إليهم في أثناء عملية البحث التي أجريتها لإعداد كتابي الأخير، بعدم استخدام أكثر من دقيقتين للإجابة عن كل سؤال، لأنه من المتوقع منك، في مستويات الوظائف المختلفة جميعها، أن تعرف كيفية تقديم المعلومات في إجابات موجزة وواضحة باستخدام كلمات مفتاحية مناسبة تتوافق مع الأدوار والمسؤوليات الواردة في الوصف الوظيفي. لذلك، فإن الإسهاب في الحديث لن يؤدي إلى زيادة فرصك في اجتياز هذه المرحلة.

اسأل عن مدى تقدم الشركة في استخدام الذكاء الاصطناعي

بسبب التغيرات السريعة التي يشهدها مجال التكنولوجيا، يجب عليك أن تتساءل عمّا إذا كانت الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي، كما يجب عليك أن تستفسر عن كيفية استخدامه بمجرد أن تحصل على فرصة لإجراء مقابلة حقيقية مع أحد مسؤولي التوظيف. على سبيل المثال، يمكنك طرح الأسئلة الآتية: "كيف تعمل الشركة وهذه الوظيفة بالتحديد على تطوير العمل وتعزيز الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي والأتمتة؟" و"ما هي برامج صقل المهارات التي تقدمها الشركة لمن يمكن أن يخسروا وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي؟".

من خلال معرفة مدى التقدم الذي تحرزه المؤسسة في تطبيق الذكاء الاصطناعي، يمكنك الحصول على فكرة حول فرص نجاحك على المدى البعيد فيها؛ إذ تشير شركة ماكنزي آند كومباني (McKinsey & Company) إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى أتمتة نحو 70% من أنشطة الشركات بحلول عام 2030، كما يشير بنك غولدمان ساكس (Goldman Sachs) إلى احتمالية فقدان 300 مليون وظيفة. إذا اكتشفت أنك تتقدم لوظيفة في شركة بدأت بالفعل بتطبيق الذكاء الاصطناعي، فقد تشعر بطمأنينة أكبر بشأن استمرارية وظيفتك وعدم زوالها في غضون عام أو اثنين لأن الشركة تبحث بالفعل عن كفاءات جديدة تكمّل برامجها القائمة على الذكاء الاصطناعي وتدعمها. قد تعمل الشركات، التي لم تعتمد الذكاء الاصطناعي بعد، على توظيف أصحاب الكفاءات لمواصلة عملها، لكنها في الوقت نفسه تدرس تطبيق الذكاء الاصطناعي في عملياتها واستراتيجيتها، ما قد يعرّض وظيفتك للخطر في المستقبل.

يمكن أن تمنحك معرفة أثر الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف وفي حصولك على وظيفتك التالية ميزة تضمن لك تميّز طلبك عن غيره وزيادة فرص قبولك. ستتمكن خلال مقابلات العمل أيضاً من تقديم نفسك بوصفك موظفاً متمكناً ومؤهلاً، بالإضافة إلى إظهار حماسك واستعدادك لتطوير مهاراتك بما يتماشى مع تطور الذكاء الاصطناعي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي