تقرير خاص

كيف يسهم تبادل الخبرات في تعزيز ثقافة التميز التشغيلي؟ مؤتمر أوبكس في السعودية نموذجاً

4 دقيقة
التميز التشغيلي

في ظل بيئة أعمال معقدة كالتي نعاصرها اليوم، يظهر التميز التشغيلي وسيلة فعّالة للمؤسسات لإنشاء خارطة طريق نحو التحسين المستمر في جميع جوانب الأعمال وداخل جميع العمليات التجارية. وعلى الرغم من ذلك، يمثل تحقيقه تحدياً كبيراً للعديد من المؤسسات على مختلف البلدان والصناعات، حتى الشركات المطلعة والمنظمة بشكل جيد.

استحدثت المملكة العربية السعودية مؤتمراً بغرض مشاركة قصص النجاح للمؤسسات السعودية التي خاضت تجارب ناجحة وملهمة في التميز التشغيلي في المملكة. فما هو التميز التشغيلي، وكيف ساعد مؤتمر التميز التشغيلي السعودي المؤسسات نحو أداء أفضل؟

ما هو التميز التشغيلي؟

التميز التشغيلي (Operational Excellence)  هو فلسفة هدفها تحقيق أفضل أداء للوصول إلى النجاح التجاري، بمعنى مواءمة الشركة مع الاستراتيجية الشاملة بتحقيق الأمثلية الديناميكية والمستمرة لجميع العمليات والأنظمة عبر التركيز على متطلبات العملاء، وتمكين الموظفين، والقضاء على أسباب الهدر. وقد أثبتت الأبحاث أن النجاح في تنفيذ مبادرات التميز التشغيلي يقود إلى نمو سنوي أسرع بنسبة 25%، وزيادة في الإنتاجية بنسبة 75%.

ما هو مؤتمر أوبكس وكيف ظهرت فكرته؟

تنظم المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة مؤتمر التميز التشغيلي المعروف باسم أوبكس، والذي اختتمت أمس النسخة الثانية منه، بهدف استكشاف الممارسات التشغيلية الرائدة في مختلف القطاعات الصناعية والخدماتية، عبر استعراض قصص نجاح سعودية في القطاعين العام والخاص في تجربة التميز التشغيلي.

ركّز المؤتمر، الذي نُظمت نسخته الثانية تحت شعار"نحو خلق قيمة لجميع أصحاب المصلحة على تسريع استراتيجيات التحول الرقمي، باعتباره أحد الركائز الأساسية لتحقيق رؤية المملكة 2030،  وتناول 10 محاور رئيسية بمشاركة أكثر من 120 متحدثاً محلياً ودولياً، وتقوم فكرته بشكل أساسي على تسهيل تبادل المعلومات والمعرفة والخبرات بما يمكّن من تحقيق آفاق واعدة وتحقيق أهداف وتطلعات القطاعين الخدمي والصناعي.

انطلقت فكرة مؤتمر التميز التشغيلي وتبلورت في العام 2019 خلال انعقاد إحدى الدورات المتخصصة في مناقشة تحقيق التميز التشغيلي داخل قطاعات المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، وفقاً لرئيس المؤسسة، المهندس عبد الله بن ابراهيم العبد الكريم، خلال  كلمته الترحيبية، مشيراً إلى أنها كانت عادة دأبت عليها هذه القطاعات منذ العام 1974م، كاشفاً أنها ظلت تعقد لقاءً دورياً يتم خلاله تبادل النقاشات حول فرص النمو وتعزيز ثقافة التميز التشغيلي، وتم التوافق خلال تلك الدورة على ضرورة الانفتاح على تجارب الآخرين وعدم الاكتفاء بالتغذية الذاتية، حتى تتحقق الفائدة القصوى ونكون ملهمين بما يكفي لخدمة هذا الوطن.

وتطورت فكرة المؤتمر من خلال القيام بزيارات مختلفة لعدد من الجهات العالمية، للوقوف على التجارب الراسخة التي أرست ثقافة متقدمة في هذا المجال، ومعرفة الفلسفة النهج اللذان يمثلان حقيقة خصائص التميز التشغيلي، وفقاً للمهندس عبدالله الذي استطرد أنهم لم يجدوا أفضل من المملكة العربية السعودية في مختلف قطاعاتها، للتعلم منها وجعلها مثالاً يحتذى، معتبراً أن مرحلة التحول أحدثت تغييراً عظيماً بهذه القطاعات، تم التعبير عنه بالتقدم المحرز وتحقيق الأرقام العالمية، التي نتجت عن ممارسات ناضجة وسلوكيات ومبادئ أساسية في التميز التشغيلي.

شاركت في النسخة الثانية من المؤتمر قطاعات سعودية فاعلة مثل قطاع الحج والعمرة، وقطاع النقل والخدمات اللوجستية، وقطاع الصناعة والتعدين، وقطاع الطاقة، والقطاع المالي، وقطاع البحث والتطوير والابتكار، والقطاع العقاري، وقطاع الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وقطاع الاتصالات، والتي امتلكت جميعها تجارب رائدة. فيقول المهندس عبد الله: "امتلكت هذه القطاعات تجارب رائدة يجدر بنا أن نتشاركها في منصة واحدة، لتعزيز التواصل الفعال وتمليك المعلومات للجميع، للإفادة منها في شحذ الهمم وتعزيز الإلهام، وترسيخ أهم مبادئ التميز التشغيلي، لتحقيق الأهداف والتطلعات وقياس الأهداف وتوثيق التجارب".

وتتجلى فائدة مهمة من المؤتمر وهي إتاحته الفرصة لاجتماع  نخبة من الخبراء المحليين والدوليين في مكان واحد ما يوفر فرصة لتبادل المعلومات والمعرفة والخبرات، والذي يقود بدوره إلى تحقيق الآفاق الواعدة وتحقيق الأهداف والتطلعات في القطاعين الخدمي والصناعي، وتسهيل تنمية الموارد والقدرات في هذه القطاعات.

15 قصة نجاح سعودية في تعزيز ثقافة التميز التشغيلي

استطاعت العديد من المؤسسات السعودية تعزيز ثقافة التميز التشغيلي، وقد عرض المؤتمر 15 قصة نجاح سعودية لمؤسسات نجحت في تعزيز ثقافة التميز التشغيلي وتبني مبادئه بما يتوافق مع أعلى المعايير العالمية، ومن ضمنها:

  • مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية: أظهرت إنجازاتها في تطوير القدرات التشغيلية وتنفيذ المشاريع التنموية، وعرضتها مديرة إدارة برامج التأهيل والإثراء في المدينة، السيدة نهى الحجي.
  • وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية: عرضت تفاصيل قصة التحول الرقمي في إدارة الأصول والمرافق، وكيف تقود التغيير وتعزز الابتكار وتحسين جودة الخدمات والمساهمة في تحقيق أهداف التميز التشغيلي، وعرضها الوكيل المساعد للشؤون الفنية بالوزارة، المهندس خالد العمار.
  • هيئة الاتصالات والفضاء والتكنولوجيا: استعرضت أخصائي أول تطوير عمليات الأعمال في الهيئة،  السيدة ملاك الماجد، رحلة التحول الرقمي للهيئة التي تميزت بفوزها بمستوى الريادة والتميز في النضج التنظيمي الرقمي بين دول مجموعة العشرين، مسلطة الضوء على دورها كمنظم رقمي في توفير أكثر من 200% من نطاقات تقنية الواي فاي في المملكة.
  • أرامكو: كشف مستشار التميز التشغيلي في أرامكو، المهندس بدر الحربي، عن رحلة الشركة التي توجت برفع معايير الأداء من خلال التحسين المستمر لأعمالها وأنظمتها وسياساتها، مما مكنها من تحقيق الريادة في مجال الطاقة والوصول إلى مستويات متميزة من الكفاءة والموثوقية والسلامة بأقل تكلفة اقتصادية.
  • الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير: عرض الرئيس التنفيذي للشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير، المهندس زياد الشيحة، قصة نجاح الشركة في إعادة تدوير 16 مليون طن خلال عام، مسجلاً بذلك قصة نجاح في الاستثمار والاقتصاد الدائري، من خلال اعتماد العمليات التشغيلية منهجيات وعمليات التميز في مجالات المشاريع العملاقة.
  • وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان: كشف المشرف العام على التطوير الفني والدراسات بهيئة المشاريع والصحة العامة بالوزارة، المهندس طالب القبلان، عن أثر تطبيق دليل إدارة المشاريع في القطاع البلدي على جودة المخرجات والكفاءة ونجاح رحلة التميز التشغيلي.
  • شركة كي بي إم جي ( KPMG): استعرض البروفيسور دانييل صالح أفضل الممارسات العالمية التي يتم تنفيذها كجزء من برنامج الشركة لتحقيق أهداف التميز التشغيلي، وروت الأستاذة آنا دياز قصة نجاح التخطيط الناجح النابع من الالتزام المستمر بالتميز والابتكار، في ضمان تحقيق التميز التشغيلي في الحلول الإدارية.
  • الشركة السعودية لشراكات المياه: استعرض نائب الرئيس لتخطيط الموارد وتحليل تجربة التميز التشغيلي، المهندس عامر الرجيبة، رحلة التميز التشغيلي للشركة ونجاحها في المشاركة مع القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع البنية التحتية المائية اتباعاً لاستراتيجياتها التي جمعت بين الابتكار التكنولوجي والاستدامة البيئية.

وعلى الرغم من أن تحقيق التميز التشغيلي ليس تحدياً سهلاً، غير أن مشاركة الخبرات والتجارب الناجحة تمكّن الكثير من المؤسسات من الاستفادة من الممارسات الناجحة لتحقيق أعلى مستوى من الفوائد وتسهيل نقل المعرفة من خلال اعتماد مبادئ التميز التشغيلي والمعايير المحدثة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي