ملخص: أظهرت البحوث أن أكثر من 50% من أبناء الجيل زد وجيل الألفية الأصغر سناً يعانون الاحتراق الوظيفي أكثر من زملائهم الأكبر سناً، وأن الموظفين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً هم الأكثر انفصالاً عن العمل، ويشعرون أنهم أقل ارتباطاً بزملائهم. إذاً، كيف يمكن للعاملين الشباب أن يستعيدوا الشعور بالتحكم في حياتهم المهنية وأن يظلوا مندمجين في العمل دون الإصابة بالاحتراق الوظيفي؟
- رتّب مهماتك حسب الأولوية. حدد المهمات الأهم لمؤسستك وأعطِها الأولوية. أوضِح الأهداف المهمة للفريق والشركة خلال اجتماعاتك مع مديرك، ثم اختر هدفاً فردياً يمكنك تحقيقه ببراعة. فالهدف هو فهم ما تستمتع به، وما تُبرع فيه، وأولويات الشركة.
- ابحث عن طرق ذكية لتلقّي الإشادة والتقدير. حتى لو كنت تعرف أهدافك وأولوياتك بوضوح، من السهل أن تشعر بالإحباط والانفصال عن العمل إذا لم يلاحظ أحد جهودك. اطلب من عميل إضافة مديرك إلى سلسلة رسائل بريد إلكتروني يثني فيها على عملك، واعرف إذا ما بإمكان مديرك دعمك أمام كبار القادة الآخرين، وأخيراً ابنِ ثقافة التقدير في مكان عملك.
- ابقَ على تواصل. تعمّد بناء علاقات مع أشخاص جدد في مؤسستك. حدد الزملاء الذين يمكنهم مساعدتك على التعلم والنمو، والذين يشاركونك قيمك أو اهتماماتك، والذين يلهمونك، أو ربما حتى الذين يمكنهم تعليمك أشياء جديدة لأنهم مختلفون عنك.
كشف استقصاء عالمي أجرته مؤسسة غالوب أن أكثر من 60% من الموظفين غير مندمجين في العمل، وأن مستويات التوتر لا تزال مرتفعة، إذ يشعر 44% من الموظفين بالإرهاق والتعب والاحتراق الوظيفي. بالنسبة للأجيال الجديدة، تبدو الأرقام أسوأ: أكثر من 50% من أبناء الجيل زد وجيل الألفية الأصغر سناً يعانون الاحتراق الوظيفي أكثر من أقرانهم الأكبر سناً، والعاملون الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً هم الأكثر انفصالاً عن العمل، ويشعرون أنهم أقل ارتباطاً بزملائهم.
في حين أن العوامل التي تؤدي إلى الشعور بالتوتر والانفصال عن العمل مختلفة، فإن العمل في ظل الركود الاقتصادي وعدم الاستقرار الجيوسياسي وتسريح العاملين على مستوى القطاع من المرجح أن يزيد مصادر قلق العاملين الشباب. إذا كنت من بين هؤلاء العاملين، فكيف تتعامل مع هذا الأمر؟ كيف تستعيد الشعور بالتحكم في حياتك المهنية وتظل مندمجاً في العمل دون الإصابة بالاحتراق الوظيفي؟
دربتُ عاملين شباب وكبار قادة على حد سواء. ومن خلال هذه التجارب، تعلمت أن الشعور بالتمكين في العمل يبدأ من خلال تحمّل مسؤولية رفاهك، بغض النظر عن المرحلة التي أنت فيها من حياتك المهنية. فيما يلي 3 استراتيجيات وجدت أنها يمكن أن تكون مفيدة بوجه خاص للأشخاص الذين في مستهل حياتهم المهنية.
1. رتّب مهماتك حسب الأولوية
قد تشعر في بداية حياتك المهنية أن كل مهمة تُكلَّف بها لا تقل أهمية عن المهمات الأخرى. لكن بذل جهد يفوق طاقتك في كل مهمة في قائمة مهماتك سيؤدي حتماً إلى إصابتك بالاحتراق الوظيفي. ثمة طريقة أفضل لتطوير أدائك: تحديد أكثر المهمات التي سيقدّرها مديرك ومؤسستك وإيلاء الأولوية لها.
إذا كنت تجتمع بصفة منتظمة مع مديرك، فاستخدم هذا الوقت لتوضيح الأهداف الأكثر أهمية لفريقك والمؤسسة ككل. ثم اسأله: كيف تسهم أهدافك بوصفك مساهماً فردياً في تحقيق أهداف الفريق والمؤسسة؟ هل يجب أن تركز على مهمات محددة أكثر من غيرها؟ هل يمكنك الإسهام بطرق جديدة تتوافق مع نقاط قوتك واهتماماتك؟ فالهدف هو فهم ما تستمتع به، وما تُبرع فيه، وأولويات الشركة.
بمجرد أن تفهم الجانب الذي تريد شركتك استثمار مواردها فيه، يمكنك التخطيط استراتيجياً لتقديم أكثر مما هو مطلوب أو متوقع في المهمات المرتبطة مباشرة بهذه الجوانب. من الجيد إبقاء مديرك على اطلاع لضمان ألا تذهب جهودك سدى. أوضِح في أثناء الاجتماعات الطريقة التي تخطط بها لإدارة عبء العمل الحالي، بما يشمل توضيح المهمات التي تعطي الأولوية لها ولماذا. يجب أن يكون هدفك هو إنجاز المشاريع والمهمات التي ستلفت الأنظار إليك ببراعة. وينطوي جزء من هذا على بناء قناة تواصل قوية مع مديرك.
يمكن أن تقول لمديرك: "استناداً إلى محادثتنا حول أهداف الشركة وأولوياتها الأكثر إلحاحاً، سأركز على [هذا المشروع] خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. فهل هذا مناسب من وجهة نظرك؟". إذا كان عليك إنجاز مهمات كثيرة وتسليمها في موعدها المحدد، فأوضِح ذلك. يمكن أن تضيف: "لتقديم النتائج التي تريدها في الوقت المحدد، قد أحتاج إلى تأجيل بعض المهمات الأصغر والأقل أهمية وإلحاحاً. فهل يمكنك مساعدتي في تحديد أفضل طريقة لفعل ذلك؟".
سيساعدك أخذ زمام المبادرة في هذه المحادثات مع مديرك على فهم الغاية من وراء عملك على نحو أفضل، ومعرفة أولوياتك بوضوح، وتجنب الإفراط في العمل على المهمات الأقل أهمية؛ فهذه جميعها من الطرق التي ستساعد في زيادة اندماجك في العمل وتقليل شعورك بالاحتراق الوظيفي مع إعدادك للنمو في دورك.
2. ابحث عن طرق ذكية لتلقي الإشادة والتقدير
حتى لو كنت تعرف أهدافك وأولوياتك بوضوح، من السهل أن تشعر بالإحباط والانفصال عن العمل إذا لم يلاحظ أحد جهودك. إذا كان هذا هو الحال معك، فهناك طرق سهلة لدعم نفسك على نحو استباقي. إليك بعض الاقتراحات:
إذا كنت تعمل في دور يتطلب التعامل مع العملاء مباشرة، فاحرص على أن يرى مديرك أي تعليقات إيجابية تتلقاها.
فما أسهل طريقة لفعل ذلك؟ عند تلقي الثناء من أي عميل، اسأله عما إذا كان على استعداد لإرساله لك كتابياً حتى تتمكن من مشاركته مع فريقك، ثم أرسِله لمديرك (أو اطلب من العميل إرسال نسخة له مباشرة). فهذا الطلب البسيط سيجعل عملك وتأثيره أكثر وضوحاً لأصحاب المصلحة في مؤسستك وسيكون دليلاً على كفاءتك.
إذا كان مديرك على عِلم بما تنجزه في عملك بالفعل، ولكن كبار القادة الآخرين ليسوا على اطلاع به، فاعرف إذا ما كان مديرك مستعداً لدعمك خلف الأبواب المغلقة.
بعد إنجاز مهمة أو مشروع بنجاح، خاصة المشاريع والمهمات التي يمتد تأثير على مستوى الشركة، اقترح أن يشارك مديرك الدروس المستفادة التي جمعتها أو أن يسمح لك بعرضها في اجتماع أكبر. يمكنك أن تقول: "نظراً إلى النجاح الذي حققه المشروع الأخير، كنت أتساءل عما إذا كان بإمكاننا مشاركة رؤانا مع الفريق العالمي. أعتقد أنها ستكون فرصة رائعة لتسليط الضوء على بعض الجوانب الجديدة التي نستكشفها. كما أن ذلك سيساعدنا على معرفة كيف يمكننا العمل مع الأقسام الأخرى لتحقيق أهدافنا".
أخيراً، لا تخشَ تولي الأمور بنفسك
ستكون دائماً أكبر داعم لنفسك، وليس هناك أي آثار سلبية لتسليط الضوء على إنجازاتك من وقت لآخر، ما دمت تفعل ذلك بطريقة مدروسة وبتواضع.
على سبيل المثال، إذا أنجزت مشروعاً صعباً بنجاح، فاذكر ذلك في اجتماع فريقك التالي. وإذا كتبت مقالاً حول موضوع جديد ومثير للاهتمام أو أسهمت في كتابته، فأرسله إلى مديرك أو زملائك في العمل. وتحدث بتواضع ووضوح. يمكنك أن تكتب: "مرحباً بالفريق، نشرت مؤخراً مقالاً حول [الموضوع]، وأعتقد أنه يحتوي على بعض الأفكار المفيدة، لذلك أشاركه هنا للمهتمين بهذا الموضوع منكم. تسعدني معرفة تعليقاتكم!".
يمكنك أيضاً البحث عن طرق لبناء مساحات تشجعك أنت وزملاءك على أن يحفز كل منكم الآخر. قد تكون في شكل قناة في تطبيق سلاك يعرب فيها أعضاء الفريق عن الشكر والثناء بعضهم لبعض. يمكنك أيضاً أن تطلب من مديرك تخصيص الدقائق القليلة الأولى من اجتماعات الفريق للإشادة بإنجازات الأعضاء. إذ ستشجع هذه الخطوات البسيطة على بناء ثقافة تقدير أعمال الجميع.
3. ابقَ على تواصل
عندما تكون على وشك الإصابة بالاحتراق الوظيفي، قد يبدو بناء العلاقات آخر شيء تريد فعله، ولكنه استراتيجية مفيدة لزيادة اندماجك في العمل على المدى الطويل. فكلما زاد ارتباطك بزملائك، وزادت علاقاتك الحقيقية، زادت احتمالية شعورك بالانتماء والغاية في العمل، ما يؤدي إلى تجربة أكثر إيجابية وجاذبية.
في حين أن بعض التواصل يحدث تلقائياً، تعمّد بناء علاقات مع أشخاص جدد في مؤسستك. حدد الزملاء الذين يمكنهم مساعدتك على التعلم والنمو، والذين يشاركونك قيمك أو اهتماماتك، والذين يلهمونك، أو ربما حتى الذين يمكنهم تعليمك أشياء جديدة لأنهم مختلفون عنك. قد يكون هؤلاء الزملاء هم: مديرك أو زملاؤك في الفريق أو في الأقسام الأخرى أو مدير مديرك أو حتى أحد كبار القادة الذين تحترمهم. تواصل معهم وابدأ بخطوات بسيطة؛ على سبيل المثال، اطلب أن تشرب فنجان قهوة معهم، واستغل هذا الوقت لفهم رحلاتهم المهنية وقيمهم وخلفياتهم وأهدافهم.
اعلم أن تعزيز العلاقات الإيجابية مع زملائك في العمل يبني الثقة والتعاون والاحترام بينكم. إضافة إلى أنه يحسّن رضا الموظفين واندماجهم في العمل بوجه عام. فمعرفة أن هناك آخرين يمكنك التواصل معهم يمكن أن تساعدك في التغلب على الشعور بالعزلة والتوتر.
قد يبدو الشعور بالإثارة والحماس تجاه العمل صعباً في بعض الأيام، ولكن بدلاً من الاستسلام للقلق من عالم العمل غير المستقر، استعد شعورك بالتحكم. خذ وقتك، ورتّب احتياجاتك بحسب الأولوية، وتعلَّم كيفية التعبير عنها بثقة ولباقة.