كيف يمكن للرؤساء التنفيذيين إدارة وقتهم في مكان العمل الهجين؟

9 دقائق
إدارة الوقت في مكان العمل الهجين

ملخص: بعد 18 شهراً من قيادة المؤسسات عن بُعد، يجب أن يتعلم الرؤساء التنفيذيون الجمع بين أفضل أجزاء ما تعلموه عن القيادة الافتراضية والأجزاء الأكثر فعالية في الإدارة وجهاً لوجه. يقترح المؤلف، الذي يدرس الكيفية التي يقضي بها الرؤساء التنفيذيون وقتهم، أن يحدّ القادة من العواقب السلبية للاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو وأن يعيدوا النظر في الافتراضات المتعلقة بأسباب السفر وأن يحافظوا على الوقت المخصص للاختلاء بأنفسهم حتى أكثر مما كان عليه الحال قبل الجائحة. بالمجمل، يجب على الرؤساء التنفيذيين أن يتعلمو كيفية إدارة الوقت في مكان العمل الهجين أو بيئة العمل الجديدة.

الرؤساء التنفيذيون هم من بين ملايين المهنيين الذين شهدوا اضطرابات في إيقاعات عملهم التي كانت قائمة منذ أمد طويل خلال هذه الجائحة العالمية المستمرة. وخلال هذه الفترة، تعلم قادة الشركات استخدام أدوات تواصل جديدة والحد من السفر والقيادة عن بُعد.

والآن، بينما يتطلع الرؤساء التنفيذيون إلى إعادة فتح المكاتب، يتحدث بعضهم علناً بالفعل عن الكيفية التي يخططون بها للعمل في مرحلة ما بعد الجائحة. على سبيل المثال، يُعد جيمي دايمون من شركة "جيه بي مورغان تشيس" (JPMorgan Chase) الأكثر صراحة حول العودة إلى روتين العمل بدوام كامل من المكتب. وقال ديفيد كالهون من شركة "بوينغ" (Boeing) إنه سيكون أقل حرصاً على السفر لحضور اجتماعات داخلية مع الموظفين الآخرين في الشركة، وهو ما كان يفعله كثيراً قبل الجائحة.

يجب أن يحذر القادة من مثل هذه التصريحات القاطعة. وبدلاً منها ينبغي لهم التفكير في كيفية الجمع بذكاء بين أفضل أجزاء ما تعلموه في أثناء الجائحة وأفضل جوانب أسلوب الإدارة وجهاً لوجه الذي استخدموه قبل عام 2020، وإجراء تجارب حول ذلك. باختصار، ما يحتاجون إليه هو نهج جديد لإدارة الوقت؛ نهج مناسب لعالم العمل الهجين.

في عام 2018، كتبت أنا وزميلي مايكل بورتر مقالة في "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان "كيف يدير الرؤساء التنفيذيون وقتهم؟". وقد كانت مستندة إلى دراسة جارية، بدأت في عام 2006، وفيها طلبنا من الرؤساء التنفيذيين تسجيل مواعيدهم، دقيقة بدقيقة على مدار اليوم لمدة 3 أشهر.

وبناءً على البيانات التي جمعناها من 27 رئيساً تنفيذياً في ذلك الوقت، وجدنا أن الرئيس التنفيذي العادي يعمل لمدة 62.5 ساعة في الأسبوع، وينام لمدة 6.9 ساعات كل ليلة، ويمارس التمارين الرياضية لمدة 45 دقيقة يومياً، ويخصص 61% من وقته للاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه، ويقضي 3% فقط من وقته في التفاعل مع العملاء.

قدمنا أيضاً بعض التوصيات حول الكيفية التي يمكن بها للرؤساء التنفيذيين استغلال وقتهم بفعالية أكبر، بناء على محادثاتنا مع الرؤساء التنفيذيين بعد مشاركة بياناتهم. وكان من بين اقتراحاتنا أن يقضي الرؤساء التنفيذيون وقتاً أقل في إدارة الأعمال، وأن يخصصوا المزيد من الوقت للاختلاء بالنفس للتفكير، وأن يخصصوا مواعيد غير مجدولة سلفاً للتفاعلات العفوية، وأن يقللوا متوسط مدة الاجتماعات، وأن يقضوا المزيد من الوقت في عقد لقاءات فردية مع المدراء والعملاء ووقتاً أقل مع المستثمرين، وأن يقاوموا إغراء الاطلاع باستمرار على رسائل البريد الإلكتروني.

كانت تلك التوصيات منطقية في ذلك الوقت. ومع ذلك، بينما يفكر القادة في إعادة توجيه روتينهم ليناسب مكان العمل الهجين، اسمحوا لي أن أقدم بعض التوصيات الجديدة بناء على المحادثات الأخيرة مع الرؤساء التنفيذيين وعقود من التفكّر في هذا الدور.

عند التفكير في هذه المسائل، ضع في اعتبارك أن وظيفة الرئيس التنفيذي متعددة الجوانب وتتضمن وظائف لا حصر لها، ولا يتوفر لها وقت كافٍ على الإطلاق. وعلى الرغم من ضيق الوقت، لا ينبغي أن يكون لتحقيق الفاعلية الأولوية القصوى.

على سبيل المثال، تنطوي الازدواجية الأساسية في جميع أعمال القادة على إنجاز المهمات وبناء العلاقات. وهذا ينطبق خاصة على الرؤساء التنفيذيين الذين يعتمدون بشكل شبه كامل على الآخرين لإنجاز مهماتهم. لذلك يجب على الرؤساء التنفيذيين قضاء قدر كبير من وقتهم في بناء علاقات قائمة على الثقة وعالية الجودة. ففي عالم العمل الهجين، سيكون من الحكمة أن يتذكر الرؤساء التنفيذيون أنه على الرغم من قدرتهم على أداء المهمات عن بُعد بسهولة، فإن بناء العلاقات يتم على نحو أفضل عند وجود قدر من التفاعل وجهاً لوجه على الأقل.

لطالما اتبع الرؤساء التنفيذيون نمط العمل الهجين

أكد بعض الرؤساء التنفيذيين أهمية وجود الجميع في المكتب لمعظم الوقت، فلهذا مزايا تشمل تسهيل التعاون وتوفير المزيد من الفرص لتدريب الموظفين الشباب وتوجيههم. واقترح قادة آخرون، مثل تيم كوك من شركة "آبل"، أن يحضر الموظفون إلى المكتب في أيام معينة فقط من الأسبوع. لكن وجهة النظر القائلة بأنه ينبغي للموظفين قضاء معظم وقتهم في المكتب قد تغفل حقيقة أن الرؤساء التنفيذيين كانوا يقضون قدراً من وقتهم في العمل خارج المقر الرئيس بقدر ما يقضونه داخله.

في دراستنا التي أجريناها عام 2018، وجدنا أن الرئيس التنفيذي يقضي 47% فقط من ساعات العمل في المكتب الرئيسي، والبقية يقضيها في اجتماعات خارج موقع العمل أو رحلات العمل أو العمل عن بُعد. وعلى الرغم من أن الرؤساء التنفيذيين عقدوا 61% من اجتماعاتهم وجهاً لوجه، فقد كانوا يتواصلون إلكترونياً، أي عبر مؤتمرات الفيديو والبريد الإلكتروني والهاتف، لأكثر من ثلث الوقت.

في الأشهر الأخيرة، كنت أدعو إلى أن تبتكر الشركات نظاماً استراتيجياً هجيناً يراعي أولاً وعلى وجه التحديد كيفية إسهام كل موظف في استراتيجيتها ثم يحلل ما إذا كان العمل من المنزل أو من المكتب هو ما سيدعمها على نحو أفضل. (في رأيي، محاولة جلب كل موظف إلى المكتب للعمل وفق مواعيد موحدة هي فكرة سيئة). لذا، بينما يقود الرؤساء التنفيذيون مؤسساتهم فيما يتعلق بالتفكير في المقدار المناسب من الوقت للعمل من المكتب والعمل عن بُعد لكل فريق ووظيفته، يجدر التذكير بمقدار الوقت الذي كانوا يقضونه بعيداً عن المكتب.

في الوقت نفسه، ينبغي للرؤساء التنفيذيين إدراك أن الوقت الذي يقضونه في المكتب يحمل قيمة رمزية تتجاوز قيمته الوظيفية. فكما كتبنا في عام 2018: "الطريقة التي يمضي بها الرئيس التنفيذي وقته في الاجتماع وجهاً لوجه مع الموظفين هي إشارة على الأشياء المهمّة والأشخاص المهمّين بالنسبة إليه، والموظفون يراقبون هذا الأمر بعناية أكبر ممّا يدرك الرؤساء التنفيذيون". حتى في المؤسسات التي يختار فيها الكثير من الموظفين الاستمرار في العمل من المنزل لمعظم الوقت بعد جائحة "كوفيد"، من المحتمل أن يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى أن يكونوا في المكتب بقدر أكبر من زملائهم في المستويات الأخرى من المؤسسة.

الحد من العواقب السلبية للاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو

من حسن حظنا أن بنيتنا التحتية التكنولوجية قد تطورت بما يكفي لجعل مؤتمرات الفيديو في متناول الجميع قبل تفشي جائحة "كوفيد". (هل يمكنك أن تتخيل الملايين منا يحاولون العمل عن بُعد في عصر الطلب الهاتفي؟). نتيجة لذلك، تُعد الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو فعالة للغاية من نواحٍ عديدة؛ فأنا أشارك الآن بشكل روتيني في اجتماعات تُعقد عبر الفيديو مدتها 30 دقيقة كانت تستغرق عادة ساعة عند عقدها وجهاً لوجه. وفي الوقت نفسه، أصبحنا جميعاً على دراية بالجوانب السلبية العديدة للاعتماد المفرط على الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو، ومن بينها: الإصابة "بإجهاد الاجتماعات الافتراضية" وتلاشي الحدود بين العمل والحياة الشخصية مع إلغاء رحلات الذهاب يومياً إلى العمل التي كانت تُعد إشارة على انتهاء يوم العمل.

بالنسبة إلى الرؤساء التنفيذيين، يشكل الاعتماد المفرط على الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو 3 مخاطر فريدة من نوعها.

حضور الاجتماعات غير الضرورية

تُسهل الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو على الرؤساء التنفيذيين تسجيل دخولها أو "زيارتها"، مقارنة بالاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه. وعلى الرغم من أن حضور الرئيس التنفيذي المزيد من الاجتماعات قد يؤدي إلى رفع المعنويات أو إظهار الالتزام، فإنه قد يتحول إلى مشكلة بسرعة. يفوض الرؤساء التنفيذيون الناجحون الكثير من المهمات المتعلقة بإدارة عمليات تسيير الأعمال إلى نوابهم، وحتى قبل الجائحة لاحظنا أن عدداً كبيراً للغاية من الرؤساء التنفيذيين يقضون الكثير من الوقت في المراجعات التشغيلية. وقد يسهم الرؤساء التنفيذيون الذين يرون أن الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو فعالة في تفاقم هذه المشكلة من خلال ميلهم إلى حضور الكثير منها. ويمكن أن يستمر هذا السلوك (أو يزداد سوءاً) في بيئة العمل الهجين.

الإفراط في دعوة المرؤوسين إلى اجتماعات الفِرق

تسهل الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو أيضاً دعوة أشخاص إضافيين أو إضافتهم إلى الاجتماع. وعلى الرغم من أن دعوة المزيد من الأشخاص يبدو أكثر شمولاً، فإنه قد يكون تصرفاً خاطئاً أيضاً. فالمجموعات الأصغر تتيح للحضور المشاركة والتحدث بصراحة. لهذا السبب، في دراستنا التي أجريناها عام 2018، أمضى الرؤساء التنفيذيون 63% من وقت اجتماعاتهم مع مجموعات من 5 أشخاص أو أقل. فعندما تصبح الاجتماعات كبيرة للغاية، يظل الأشخاص صامتين ويقومون بمهمات أخرى في أثناء وقت الاجتماع. وبذلك يتأثر التفاعل سلباً.

الإفراط في الاعتماد على مكالمات الفيديو في الاجتماعات الفردية

في دراستنا التي أجريناها عام 2018، أمضى الرؤساء التنفيذيون 42% من وقت اجتماعاتهم في الاجتماعات الفردية، ومعظمها مع مرؤوسيهم المباشرين؛ أي موظفين يعرفونهم جيداً. من المتعارف عليه أن عقد اجتماعات عبر الفيديو مع أشخاص تعرفهم بالفعل أسهل من بدء علاقة أو مقابلة شخص جديد عبر الفيديو.

ولكن حتى إذا كان التواصل مع أحد المرؤوسين عبر الفيديو أمراً مريحاً، فمن الضروري إجراء هذه الاجتماعات وجهاً لوجه بشكل دوري. إذ تنطوي العلاقات عالية الجودة على المواءمة بين التوقعات المتبادلة (كل شخص يعرف ما يتوقعه من الآخر)، وزيادة التفاهم المتبادل (كل شخص يعرف نقاط القوة والضعف وأساليب القيادة لدى الآخر)، وتنمية الثقة المتبادلة (كل شخص يثق في دوافع الآخر ونواياه). يعتمد بناء العلاقات على الأخذ والعطاء والوجود المشترك، وهي أشياء تتيحها التفاعلات وجهاً لوجه بشكل أفضل من التفاعلات الإلكترونية.

إعادة النظر في الافتراضات المتعلقة بأسباب السفر

نظراً إلى تلقي المزيد من الأشخاص لقاحات كورونا وانخفاض المخاطر المتصورة حول السفر جواً، كان هناك نقاش واسع النطاق حول ما إذا كان الناس سيسارعون إلى السفر لحضور اجتماع عمل أو مؤتمر يتعلق بقطاع عملهم كما كان الحال قبل عام 2020. هذه المقالة التي نُشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" تلخص جيداً نتائج الاستطلاعات ووجهات النظر حول هذه المشكلة.

على الرغم من أنني أتفق مع هؤلاء الذين يتوقعون ألا تصل رحلات العمل مرة أخرى إلى ذروتها التي كانت عليها قبل جائحة "كوفيد -19"، فأنا قلق بشأن الرؤساء التنفيذيين الذين ينظرون إلى الاجتماعات الداخلية باعتبارها الرحلات التي يجب تجنبها. تُعد الاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه مفيدة عند بناء العلاقات بسبب الاحترام الذي يظهره القادة من خلال بذل قصارى جهدهم للذهاب إلى موقع الطرف الآخر. ولأسباب مماثلة، لطالما نصحنا الرؤساء التنفيذيين بزيارة المرؤوسين في مكاتبهم بدلاً من عقد كل اجتماع في مكتب الشخص الأعلى رتبة.

كان الخطأ الأكثر شيوعاً الذي لاحظنا أن الرؤساء التنفيذيين في دراستنا السابقة يقترفونه هو التقصير في استثمار الوقت الذي يقضونه مع عملائهم وجهاً لوجه؛ لذا، أخشى أن يخاطروا أيضاً بالتقصير في الاستثمار في التواصل وجهاً لوجه مع موظفيهم، وخاصة الفِرق التي تعمل بعيداً عن المقر الرئيس. وإذا فعلوا ذلك، فإنهم يخاطرون بالإفراط في التركيز على المهمات عند التعامل مع أشخاص داخل الشركة مع نسيان أن العلاقة مع موظفيهم لا تقل أهمية. لذا، أحث الرؤساء التنفيذيين على السفر دورياً للقاء الفِرق الداخلية أيضاً.

تتمثل إحدى الطرق للتخطيط لهذا الأمر في تحديد نسبة مئوية مستهدفة للاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو والاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه مع مختلف الفئات. على سبيل المثال، قد يهدف الرؤساء التنفيذيون الذين يرغبون في زيارة العملاء الدائمين إلى تحقيق مزيج يتكون من 80% للاجتماعات عبر الفيديو و20% للاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه. وعند التفاعل مع الموظفين الذين لا يلتقون بهم إلا نادراً، مثل هؤلاء الذين يعملون بعيداً عن المقر الرئيس، قد تكون نسبة 50% لكل نوع من نوعي الاجتماعات أكثر منطقية. وبعد 18 شهراً من الاجتماع عن طريق الفيديو بشكل أساسي، قد تهدف مجالس الإدارة أيضاً إلى تحقيق هذه النسبة نفسها. بغض النظر عن الأرقام، الفكرة هي اختيار هدف عن قصد وتقييم مدى نجاحه وتعديله وإعادة تقييمه إذا لزم الأمر.

الالتزام بتخصيص وقت للاختلاء بالنفس

حتى قبل الجائحة، كان معظم الرؤساء التنفيذيين يواجهون صعوبة في الحفاظ على الحدود بين وقت العمل والوقت الشخصي. على سبيل المثال، في دراستنا، عمل الرؤساء التنفيذيون في 79% من أيام عطلة نهاية الأسبوع (3.9 ساعة في اليوم، في المتوسط) وفي 70% من أيام الإجازات (2.4 ساعة في اليوم، في المتوسط). علاوة على ذلك، عادة ما تكون مواعيد الرؤساء التنفيذيين خلال ساعات العمل محجوزة بالكامل. ففي المتوسط، كان يتم تخصيص 75% من وقت القائد مقدماً، ما يترك وقتاً محدوداً للتفاعلات العفوية أو حتى للتفكير.

يجب أن تكون إعادة التنظيم بعد الجائحة فرصة للقادة لتخصيص المزيد من الوقت للتفكير والقراءة، ولكن هناك خطر يتمثل في أن يذهب الكثيرون إلى الاتجاه المعاكس. فالآن، بعد أن أصبح بإمكان الرؤساء التنفيذيين المشاركة في الاجتماعات التي تُعقد عبر الفيديو من المنزل، سيحتاجون إلى مزيد من الالتزام لتجنب القيام بذلك كثيراً، خاصة بالنسبة إلى هؤلاء الذين يديرون شركات عالمية الذين يتصورون أنه يمكنهم الانضمام إلى أي اجتماع خارجي في أي ساعة من النهار أو الليل.

وبالمثل، ستكون هناك وفورات فورية في تكاليف التنقل للرؤساء التنفيذيين الذين تختار شركاتهم الحد من الأيام التي يذهب فيها الموظفون إلى المكتب. (في دراستنا، قضى الرئيس التنفيذي العادي حوالي 7 ساعات أسبوعياً في التنقل). وبما أن هذا الوقت أصبح متاحاً، فقد يرحب القادة بعقد المزيد من الاجتماعات، ما يؤدي إلى إضاعته بسرعة. بدلاً من ذلك، ينبغي لهم التفكير في إعادة استثمار هذا الوقت لتوفير المزيد من الوقت للاختلاء بأنفسهم.

سيحتاج القادة أيضاً إلى مزيد من الالتزام فيما يتعلق بالطلبات الخارجية. نصحت مقالتنا الأصلية القادة بتجنب قضاء الكثير من الوقت في الأنشطة غير الأساسية مثل قيادة المجموعات المدنية أو الجمعيات في قطاع عملهم. (أظهر بحثنا أن هذا يمكن أن يؤدي إلى أزمة في إدارة الوقت). وتحول اجتماعات هذه المجموعات إلى اجتماعات تُعقد عبر الفيديو، قد يُضعف عزم بعض الرؤساء التنفيذيين على الحد من هذه الالتزامات؛ فرفض دعوة للتحدث في فعالية ما إذا كانت تتطلب السفر عبر البلاد أسهل من رفض دعوة تتطلب ظهوراً سريعاً في اجتماع عبر الفيديو. عندما تصبح الفعاليات التي تُعقد وجهاً لوجه هي القاعدة مرة أخرى، ينبغي أن يكون الرؤساء التنفيذيون أكثر قدرة على انتقاء أي من الدعوات يجب قبولها.

بعد أن يكمل الرؤساء التنفيذيون تسجيل مواعيدهم من أجل دراستنا، نقضي عادة بضع ساعات في استخلاص المعلومات منها. في هذا الاجتماع، الذي تحدث عنه توم جينتايل، الرئيس التنفيذي لشركة "سبيريت أيرو سيستمز" (Spirit Aerosystems) في مقالتنا التي نُشرت عام 2018، نظرنا في كيفية المقارنة بين خيارات الوقت لدى الرئيس التنفيذي والقائد العادي ثم حددنا طرقاً لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً فيما يتعلق بإدارة الوقت. وقد وجد كل قائد شارك في دراستنا أن عملية التفكير هذه كشفت له عن بعض الأمور؛ مثل الكشف عن النقاط المبهمة في استغلالهم للوقت وبعض الجوانب التي يرغبون في إجراء تغييرات فيها.

مع عودة الرؤساء التنفيذيين إلى مكان عمل هجين جديد مع انحسار الجائحة، ينبغي لهم تعلم إدارة الوقت في مكان العمل الهجين والتفكير في أفضل الطرق لدمج الإيقاعات والأدوات الجديدة التي تعلموها خلال الجائحة. ويجب أيضاً أن يَحذروا من إغراء العودة إلى عادات عملهم قبل الجائحة أو التعلق المفرط بالأشياء التي بدا أنها تعمل بشكل جيد في أثناء الجائحة ولكنها قد تكون غير فعالة على المدى الطويل. بقدر ما تحتاج المؤسسات إلى التفكير بطريقة استراتيجية في أنماط العمل الهجين التي تتبناها، يحتاج القادة إلى التفكير بطريقة استراتيجية أيضاً في كيفية استغلالهم لوقتهم في مكان العمل الجديد هذا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي