تخيّل هذا السيناريو. أنت مدير قسم في واحدة من أهم شركات "فورتشن 500"، وتمّ اختيارك لإدارة مبادرة مهمة جديدة. قررت اللجنة التنفيذية استهداف جنوب شرق آسيا كسوق جديدة للشركة، وقد وقع الاختيار عليك لتولي مهمة إعادة توجيه التركيز الاستراتيجي لقسمك لتحقيق هذا الهدف. وأنت تعلم أن هذا التغيير سيثير بعض التحفظات، خاصة وأنك ستضطر إلى إعادة توزيع أجزاء من القسم الذي تديره لدعم الخطة الاستراتيجية. سيتعين عليك أيضاً تسريح بعض موظفيك، وعليك تحديد هؤلاء الأشخاص واختيار وحدات يمكنها الاستغناء عن بعض كوادرها. على الرغم من أنك تدرك أن النقاش مع فريقك التنفيذي سوف يحتدم وأن قراراتك لن تتم الموافقة عليها من قبل الجميع، فإنك متحمس لدورك الجديد وتشعر أنك قادر على النجاح بالمهمة الموكلة إليك.
وبعدها تقرّر ترتيب اجتماع مع فريقك لتعلن لهم الخبر وتناقش معهم التفاصيل. لكن بمجرد بدء الاجتماع أدركت أن الأمر أصعب مما تصورت. حيث إن ردة فعل بعض الأشخاص قد أتت مخالفة لما توقعت. فقد كنت تعتقد أن بعض الموظفين سيدعمون رأيك دون تردد، ولكنهم لم يفعلوا. كما أنهم أثاروا أسئلة لم تكن تتوقع منهم طرحها، وليس لديك جواب جيد لها. بينما تلاحظ في الوقت ذاته أن بعض أعضاء الفريق صامتون تماماً، منشغلون بأجهزتهم الإلكترونية ويتبادلون نظرات سريعة فيما بينهم في أثناء عرضك للخطة. ينتهي الاجتماع وأنت تشعر بالتوتر والإحباط لأنك قد خسرت على ما يبدو دعم بعض أفراد الفريق حتى قبل الشروع بمبادرة التغيير الجديدة. فما الذي كان بإمكانك فعله لتتجنب كل هذا؟
كان بوسعك، أو بالأحرى، كان يجدر بك ترتيب مجموعة من "الاجتماعات التمهيدية" الاستراتيجية مع المعنيين قبل أن تدعو إلى الاجتماع الرئيسي. فالاجتماعات التمهيدية ضرورية لأي شخص يسعى إلى عقد اجتماع ناجح بخصوص قضية خلافية، وذلك لأنها توفر فرصة لجمع المعلومات وبناء التحالفات والثقة واللغة المشتركة مع المؤيدين والمعارضين على حد سواء. ستساعد هذه الاجتماعات أيضاً في اختبار مستوى التوتر وتهذيب آرائك ووجهات نظرك. وبهذه الطريقة، ستضمن أنه عند عقد الاجتماع الرئيسي، سيكون لديك مجموعة من المبررات المعقولة لوجهة نظرك.
فما هي أفضل الممارسات في استخدام الاجتماعات التمهيدية لتكون مستعداً جيداً للتعامل مع القضايا الحساسة في الاجتماعات الكبيرة على مستوى الشركة؟
تحدّث إلى الأشخاص المناسبين
قد لا يتسع وقتك غالباً لعقد اجتماعات تمهيدية مع كل من سيحضر الاجتماع الرئيسي، ولكن احرص على اللقاء مع أولئك الذين سيؤثر عليهم القرار بشكل مباشر بالإضافة إلى الموظفين الذين يتمتعون بتأثير واسع، حتى لو كان نطاق عملهم لا يتأثر بالضرورة بذلك القرار. وبصفتك صاحب الاجتماع، تحتاج إلى التشاور مع هذه الأطراف والتوصل إلى تفاهمات واضحة بخصوص القضية.
من المهم كذلك اللقاء مع الأشخاص الذين يختلفون معك في وجهات النظر حتى تتمكن من التعامل مع اعتراضاتهم، والأهم من ذلك هو تضمين وجهة نظرهم في أي مقترحات تطرحها. تحدثت ذات مرة مع مدير تنفيذي في شركة برمجيات وكان يشتكي من أن مطوري البرمجيات في الشركة التي عمل فيها سابقاً كانوا يعقدون اجتماعات تمهيدية ليفكروا بخطط واستراتيجيات جديدة دون إشراك موظفي المبيعات والتسويق، ثم تبين لهم لاحقاً أنهم قد طوروا شيئاً لن يحقق مبيعات كبيرة ولا يمكن تسويقه بنجاح.
استمع جيداً للآخرين
في أثناء الاجتماع التمهيدي، حاول تجنب التركيز كثيراً على إقناع الآخرين لدرجة لا تتمكن معها من سماع آرائهم. بدلاً من ذلك، حاول الاستماع إلى آرائهم وابذل قصارى جهدك لتفهم مصالحهم وتخوفاتهم، وأظهر لهم أنك تقدر مواقفهم وتتفهمها. وعندها سيكون هؤلاء الأشخاص أكثر ميلاً للاستماع إليك وتقبّل وجهة نظرك، لأنك أقمت لهم اعتباراً وعاملتهم باحترام في هذه المراحل المبدئية.
احرص على الانفتاح والصراحة، ولا تتجنب الحديث عن مسائل محتملة قد تثير اعتراضهم، بل عليك أن تكون واضحاً بطرح هذه القضايا وتتعرف إلى تخوفاتهم وتدعوهم إلى اقتراح أفكار ممكنة للتوصل إلى حل مشترك. يمكن أن تقول لهم مثلاً: "أعتقد أن هذا قد يشكل قلقاً أو إشكالاً لديكم، وأود أن أستمع إلى آرائكم وأفكاركم للتعامل مع هذه القضية".
ومن خلال إشراك هؤلاء الأطراف في النقاش من مرحلة مبكرة، ستتاح لك الفرصة لتقديم المسألة على أنها قضية مشتركة، يتعاون الجميع للتوصل إلى حل لها، وهذا يزيد من فرصك في عقد اجتماع رئيسي ناجع.
لا تهمل أهمية وضع القضايا في إطارها السليم
احرص على تقديم القضايا الشائكة بطريقة تجعل الطرف الآخر يتجاوب معها. إذا كنت تتحدث إلى شخص يخشى التغيير، فلا تحدثه عن مبادرتك الجديدة باعتبار أنها تغيير جذري ينطوي على مخاطر كبيرة، بل قدمها على أنها تدريجية وأنها أمر قد طلبته أو اعتمدته الإدارة العليا في الشركة. وحاول أن تبين لهم كيف يتوافق هذا التغيير مع قيم الشركة أو العلامة التجارية ومع ما تفعله الشركة بالفعل من عمليات. أما إذا كان الشخص يرحب بالمخاطر والمشاريع الجديدة فبيّن له كيف أن ما ترغب في القيام به سيكون خطوة جريئة على مستوى الشركة.
إن الاجتماعات التمهيدية تؤدي دوراً بالغ الأهمية في العملية السياسية لأي مؤسسة، فهي الطريقة الأمثل للتوصل إلى التسويات والحصول على الدعم بخصوص أي قضية جديدة. فاحرص قبل عقد اجتماع رئيسي يتناول قضايا شائكة أن تسبقه بعض الاجتماعات التمهيدية الضرورية.