كيف تحافظ على اليقظة الذهنية عندما تعمل عن بعد؟

6 دقائق
الحفاظ على اليقظة الذهنية أثناء العمل عن بعد
فريق هارفارد بزنس ريفيو
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يعاني الموظفون من آثار العمل عن بعد المتمثلة في التوتر المزمن والاحتراق الوظيفي. وتنمية اليقظة الذهنية في البيئة الافتراضية التي نعمل ضمنها هي واحدة من الطرق التي تساعدنا على مقاومة استنفاد طاقتنا بهذا الشكل. تقترح المؤلفتان تطبيق مبادئ اليقظة الذهنية الثلاثة على عملك عن بعد كي تخفض مستوى التوتر وتجدد اتصالك بهدفك ولكي تتأكد من الحفاظ على اليقظة الذهنية أثناء العمل عن بعد. أولاً، أثبت حضورك مع فريقك عن طريق التخلص من كل ما يشتت انتباهك والتركيز على حضورك مع الموظفين الذين تتحدث إليهم. ثم عش اللحظة عن طريق التركيز على الحاضر بدلاً من المستقبل. وأخيراً، أتح التواصل والمشاركة الجماعية عن طريق التدرب على الاستماع العميق والانتباه الشديد للشمول الاجتماعي. ليس بالضرورة أن يكون العمل عن بعد عائقاً يحدّ من قدرتك على الحضور كقائد والتعاطف مع زملائك والتواصل معهم وبناء مجتمعات الموظفين القوية في مكان العمل.

 

ليس مستغرباً أن يستنفد العمل عبر الإنترنت طاقتنا وقدرتنا على التحمل. تبين الأدلة أن كثيراً منا يعملون لساعات طويلة ويعانون من التوتر المزمن والاحتراق الوظيفي بمستويات لم يشهدها العالم من قبل. وفي نفس الوقت، نتوق لروابطنا الاجتماعية التي تتضاءل أكثر فأكثر، ونشعر في بعض الأحيان بوحدة عميقة وحزن في عزلتنا. ومن أجل استعادة طاقتنا وتجديد شعورنا بالمتعة في عملنا والتواصل مع زملائنا وأصدقائنا بصدق، يجب علينا التوصل إلى طرق لحجب الضجيج في واقعنا الافتراضي.

وإحدى هذه الطرق هي تنمية اليقظة الذهنية في عالم الإنترنت.

اليقظة الذهنية هي الخيار الذي نتخذه كي نبقى حاضرين في المكان والزمان الحاليين، أي في هذه اللحظة وفي هذا الاجتماع مع هذا الشخص أو مجموعة الأشخاص. تبين الأبحاث أن معظم النشاطات التي نمارسها في حياة العمل، سواء تنفيذ مهمة مستقلة أو اجتماع مع الفريق أو الاجتماعات الفردية، تصبح أفضل إذا مارسناها ونحن في حالة من اليقظة الذهنية. فعن طريق أخذ استراحة قصيرة للاطمئنان على الآخرين أو بدء الاجتماع بلحظة تأمل أو تفكير، ستنخفض مستويات التوتر وسنشعر برابط أقوى بأهدافنا وبالأشخاص الحاضرين معنا في الغرفة، وسنتمكن من الاستماع إليهم على نحو أفضل، وسنشعر بسعادة أكبر.

لكن كيف يمكننا أن نمارس اليقظة الذهنية في عالم العمل الافتراضي؟ كيف يمكن أن نكون حاضرين مع الآخرين حقاً ونحن أبعد ما يكون عنهم جسدياً؟

تعلمنا من سنة 2020 أنه ليس بالضرورة أن يكون العمل عن بعد عبر الإنترنت عائقاً يحدّ من قدرتنا على الحضور كقادة والتعاطف مع زملائنا والتواصل معهم وبناء مجتمعات الموظفين القوية في مكان العمل. وعلى خلاف المفاهيم المغلوطة السائدة، ليس عليك عزل نفسك على قمة جبل أو الجلوس على وسادة التأمل كي تمارس اليقظة الذهنية. بل يمكنك ممارستها في أثناء العمل من المنزل عن طريق الخطوات التالية:

  • أخذ لحظة من الوقت لملاحظة ما تفكر فيه.
  • السعي لتوجيه وعيك إلى الأشخاص الحاضرين معك والسياق الذي تعمل ضمنه افتراضياً.
  • صرف تفكيرك عن روايتك الشخصية وأهدافك وأحكامك وغرورك كي تتمكن من الحضور بصورة كاملة عبر الإنترنت، والذي يثبته النظر إلى الآخرين مباشرة وتعابير وجهك الودودة وسريعة الاستجابة وتجنب الانشغال بعدة مهام في وقت واحد.

مبادئ الحفاظ على اليقظة الذهنية أثناء العمل عن بعد

يمكنك تطبيق مبادئ اليقظة الذهنية الثلاثة هذه كي تتمكن من الإدارة والقيادة عبر الإنترنت.

الانتقال من الفعل إلى الحضور: أثبت حضورك

العمل هو السمة المميزة للمدراء، وما يميزهم وما يقاس لتقييمهم هو العمل الفعلي والإنجاز والإنتاج والتنظيم والمراقبة. على الرغم من أن بيئات العمل الهجينة الجديدة والعمل عن بعد أقحمت المدراء في أنماط مبالغ فيها من “العمل الفعلي”، ففي بعض الأحيان يكون شخصك وطريقة حضورك أهم من أفعالك.

وكي تتمكن من تنمية ثقة الآخرين بك وتحفيزهم وإلهامهم، يجب أن تنتبه لحضورك معهم. هل أنت مستعجل أو انتباهك مشتت؟ هل تفكر في الاجتماع التالي أو في قائمة أعمالك؟ من أجل تعزيز جودة حضورك القيادي مع الآخرين، خذ لحظة للتفكير في حالتك الجسدية والعاطفية عندما تدخل إلى الاجتماع. ما هي الطاقة التي ستنقلها إلى مجموعة الموظفين أو العملاء الحاضرين في الاجتماع الافتراضي؟ هل ستسمح للمحادثة الصعبة التي خضتها للتو مع شخص آخر بالتأثير على محادثتك معهم؟ أم ستمنحهم شعوراً بالهدوء والطمأنينة؟

من السهل ملاحظة حضور الآخرين، أو عدمه. عندما يتحدث أحد ما في الاجتماع، هل تستغل الوقت لتفقد بريدك الإلكتروني أو إرسال رسالة نصية أو تحديد موعد اجتماع آخر على جدولك؟ قد تعتقد أن الآخرين لن يلاحظوا أياً من هذه الأعمال في بيئة العمل الافتراضية، لكن كما هو الحال في غرفة الاجتماعات على أرض الواقع، يمكن للحاضرين في الاجتماع الافتراضي معرفة ما إذا كنت حاضراً معهم بحق أم لا، فالعواطف والانتباه ينتشران ويمكن الشعور بهما، وهما معديان ينتقلان إلى الآخرين عبر الحدود الافتراضية. حتى في الاجتماع العام الذي يضم عدداً كبيراً من المشاركين، يمكن للجمهور أن يشعر بحضور المتحدث أو عدمه، ويمكن للمتحدث أن يميز متابعة الجمهور له من انصراف تركيزه عنه.

كن مثالاً يحتذى به في أثناء عملك عن بعد. حاول أن تشغل الكاميرا واطلب من الآخرين تشغيلها إذا أمكن. احرص على أن يشعر الآخرون بحضورك عن طريق النظر إليهم مباشرة واستخدام جسدك ووضعية جلوسك للتعبير عن اهتمامك وتعاطفك. إذا كنت تعرف أنك لا تستطيع مقاومة النظر إلى صندوق بريدك الإلكتروني الوارد، فعطل تنبيهات البريد الإلكتروني التي تجذب انتباهك.

لكن، لا يعني توجيه انتباهك إلى طريقة حضورك ألا تتمكن من إنجاز ما عليك، فانتقال وعيك وانتباهك لن يستغرق أكثر من بضع لحظات، لكنه سيؤثر عليك وعلى من يعملون معك.

الانتقال من المستقبل إلى الحاضر: كن حاضراً هنا وفي هذه اللحظة

تعلم المدراء أن يعملوا على التخطيط للمستقبل باستمرار. لكن انشغال تفكيرك الدائم بأهداف الشهر المقبل أو أرباح العام المقبل قد يؤدي إلى تفويت حياتك في اللحظة الراهنة. إذ إنك ستنصرف عن اغتنام فرص مهمة للتواصل مع الآخرين وتعزيزهم إذا كان ذهنك مشغولاً بالتخطيط للخطوة التالية أو القلق بشأن أمر قد لا يحدث.

خذ لحظة لتبتعد عن حالة الانشغال وانظر إلى مهماتك نظرة ثلاثية الأبعاد، وكأنك تنظر إليها من شرفة مرتفعة. حدد الأمر أو الشخص الأهم في هذه اللحظة، واسأل نفسك: هل أؤجل الحياة معتبراً أن الأمور الجيدة ستتحقق الشهر المقبل أو العام المقبل أو عندما ترفع إجراءات الإغلاق العام وتنتهي قيود الجائحة؟ يمكن أن يؤدي تأجيل الحياة إلى تفاقم الشعور بالتعاسة والتوتر. إذ تتمسك بالوقت الذي ستتحسن الأمور فيه من دون أن تتمكن من رؤية الأمور الصغيرة الجميلة المحيطة بك، كالوقت الممتع الذي تقضيه مع عائلتك في أثناء تناول وجبة العشاء، أو وقت ممارسة رياضة المشي أو الجري صباحاً، أو مشاركة اللحظات المميزة أو الاحتفال مع أحد الزملاء.

عندما تحضر اجتماعاً افتراضياً في المرة القادمة وتلاحظ أنك قد شردت بتفكيرك، استعد تركيزك، وأجبر عقلك على الحضور إلى المكان الذي يكون فيه جسدك بالفعل، إلى هذه اللحظة في المكان والزمان الحاليين. خذ بضع ثوان لتثبيت عقلك الواعي في الحاضر بالاعتماد على حواسك. انظر إلى الخارج إن أمكن، وميز ما تراه من السماء أو المساحات الخضراء، وأرح عضلات كتفيك وفكك، وتنفس. هذا التواصل السريع مع حواسك البدنية سيمكنك من زيادة حضورك. كما يمكنك لتوجيه بعض كلمات الامتنان للموظفين الذين يدخلون إلى الاجتماع ولما تملكه في اللحظة والمكان الحاليين مساعدة الآخرين على أخذ لحظة للتفكير والانتباه. وذلك قد يساعدهم على إدراك أنهم كانوا يجترون أفكارهم، فيقررون التركيز على اللحظة الراهنة وعدم الانشغال بالتفكير بأمور أخرى. أثبتت ممارسة تقنيات اليقظة الذهنية هذه قدرتها على تعزيز الرفاهة وتحسين المزاج والصحة النفسية ككل.

مني إليك: تمكين التواصل والمشاركة الجماعية

عندما يتحدث الآخرون، أين يكون تفكيرك؟ هل هو معهم؟ أم أنك تنتظر الفرصة لتدلي برأيك أو تتحدث عن تجربتك؟ هل يمكنك صرف تفكيرك عن احتياجات أهدافك الشخصية وغرورك كي تستمع إلى ما يحتاج إليه أفراد فريقك؟ حاول أن تستمع بإمعان أكثر. حاول أن تستمع من دون أن تشعر برغبة في “إصلاح” الآخرين أو الإصرار على أن يتجاوزوا بعض الأمور، ولو لم تعبر عن ذلك بصوت مسموع. الاستماع بإمعان هو أحد أشكال السخاء. لذا، شجع المتحدث على اكتشاف طريق للتقدم والتعبير عنه، فذلك سيجعله يشعر بالامتنان ويمنحه القوة للتوصل إلى طريق التقدم أو حل المشكلة.

من خلال عملنا في تطوير المسؤولين التنفيذيين، لاحظنا أن الاجتماعات الافتراضية تخفف العوائق التي تمنع البعض من التحدث وإيصال أصواتهم وإثبات حضورهم. مثلاً، توفر أدوات مثل ميزة مؤشر “رفع اليد” أو غرف المحادثة المزامنة للاجتماع طرقاً متنوعة للمشاركين لتقديم آرائهم وتسليط الضوء على مشاركاتهم. إلى جانب أنه في الاجتماع الافتراضي، يحتل الجميع مساحات متساوية من الشاشة تظهر وجوههم فقط، ما يحدّ من تأثير الصور النمطية والتسلسل الهرمي وتفاوت النفوذ نظراً لزوال كل ما يدل عليه أو على المكانة بصورة ملموسة. على اعتبارك قائداً تتمتع باليقظة الذهنية، كن واعياً للموظفين الحاضرين وانتبه بصورة خاصة إلى الشمول الاجتماعي. رحب بالموظفين واطلب آراءهم وملاحظاتهم، خصوصاً الذين لا يتحدثون كثيراً عادة.

ويمكن للحث على إبداء الصدق والضعف أن يساعد على تنمية ثقافة التقدير والأمان النفسي. وبوصفك قائداً، يمكنك إظهار ضعفك فيما يتعلق بوضعك الحالي، ما سيتيح المجال أمام الآخرين ليعبروا عن حالهم بصدق. فربما كنت تعمل على التوفيق بين وظيفتك واحتياجات طفلك المريض أو متطلبات رعاية والدك المسن. فرضت علينا ظروف العمل عبر الإنترنت أن نكون واقعيين أكثر في بعض الأحيان. فالموظف اليوم يدخل إلى العمل من غرفة معيشته أو غرفة نومه، ولديه عائلة وحيوان أليف وغير ذلك من الاحتياجات المتنافسة التي يجب عليه التوفيق بينها. لذا، اضطررنا إلى الاستغناء عن الأقنعة ومستحضرات التجميل التي اعتدنا على وضعها في مكان العمل، والتخلي عن هويات العمل التي عملنا على إنشائها، في سبيل السماح للآخرين برؤيتنا بوضوح. وهذا أمر جيد بما لا يدع مجالاً للشك لأنه أحد أساليب الحفاظ على اليقظة الذهنية أثناء العمل عن بعد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .