ملخص: لم يعد نهج القيادة من القمة إلى القاعدة مجدياً في بناء ثقافة الشركة لعدة أسباب. ولعلّ أهمها هو أن جائحة "كوفيد-19" قد قلبت كيفية تفاعل القادة مع الموظفين وكيفية تواصل زملاء العمل مع بعضهم البعض رأساً على عقب. ويتمثّل السبب الآخر في نمو أهمية ثقافة الشركة بفضل الأزمات البارزة الأخيرة في الشركات الشهيرة. لكن يوجد بالفعل نهج جديد لتحقيق ثقافة الشركة المنشودة تتّبعه بعض المؤسسات، وهو نهج يتحمّل فيه كل فرد في المؤسسة المسؤولية. والأهم من ذلك، لا تمثّل عملية بناء الثقافة في هذا النموذج مفهوماً غامضاً يشترك فيها الجميع دون أن يكون أحد مسؤولاً عنه أو يتولى قيادته، بل يدمج النهج مختلف وجهات النظر، من الموظفين إلى الزبائن، ومن مدراء الإدارة الوسطى إلى الرئيس التنفيذي.
لنلقِ نظرة على النهج الذي اتُبع في تطوير الثقافة المؤسسية في الماضي: يكلّف الرئيس التنفيذي إدارة الموارد البشرية بإعداد ثقافة فاعلة للشركة. وبدورها، تصمّم إدارة الموارد البشرية حملة للترويج لرسالة الشركة والقيم الأساسية التي يضعها الرئيس التنفيذي والإدارة العليا. وتقدّم إدارة الموارد البشرية أيضاً بعض الامتيازات للموظفين، مثل تقديم الوجبات الخفيفة المجانية في غرف الاستراحة أو إقامة احتفالات بأعياد الميلاد كل شهر. قد تُجري الإدارة أيضاً استقصاءً سنوياً حول مدى اندماج الموظفين وترفع تقاريرها إلى الرئيس التنفيذي. وبعد إعداد قوائم مهام بناء الثقافة، ينتقل الرئيس التنفيذي وإدارة الموارد البشرية إلى أولويات أخرى.
لكن لم يعد ذلك النهج ناجحاً لعدة أسباب، ولعلّ أهمها هو أن جائحة "كوفيد-19" قد قلبت كيفية تفاعل القادة مع الموظفين وكيفية تواصل زملاء العمل مع بعضهم البعض رأساً على عقب. حيث كشفت الحاجة إلى التكيف السريع والحفاظ على المرونة في ظل الجائحة عن عدم فاعلية نهج القيادة من القمة إلى القاعدة. ويتمثّل السبب الآخر في نمو أهمية ثقافة الشركة، وذلك بفضل الأزمات الثقافية البارزة الأخيرة، كتلك التي حصلت في شركة "أوبر" و"ويلز فارغو"(Wells Fargo)، وزيادة المشكلات المرتبطة بقضايا التنوع والمساواة والاندماج، والمعركة المستمرة لكسب المواهب، وهو ما جعل الثقافة أولوية استراتيجية ذات تأثير مهم على صافي المبيعات؛ ولم يعد بناؤها مهمة يمكن تفويضها أو تقسيمها بعد الآن.
لكن يوجد بالفعل نهج جديد لبناء الثقافة تتّبعه بعض المؤسسات، وهو نهج يتحمّل فيه كل فرد في المؤسسة المسؤولية. والأهم من ذلك، لا تمثّل عملية بناء الثقافة في هذا النموذج مفهوماً غامضاً يشترك فيها الجميع دون أن يكون أحد مسؤولاً عنه أو يتولى قيادته، بل يتحمل الموظفون ومختلف الإدارات ضمن المؤسسة مسؤولية مشتركة لبناء تلك الثقافة من خلال أداء أدوار مختلفة تصب في عملية تطوير ثقافة الشركة واستدامتها.
وفي ذلك السياق، يمكن تعريف الثقافة على أنها الطرق التي يتصرف بها الموظفون في المؤسسة والسلوكيات والمعتقدات التي توجه تلك التصرفات (على سبيل المثال، "كيفية أداء مهام العمل")، بما في ذلك القواعد الرسمية المعلنة والطرق الضمنية التي يستخدمها الموظفون في العمل والتفاعل. ويوجد في الواقع فجوة في العديد من المؤسسات بين الثقافة القائمة والثقافة "المنشودة"، أي الثقافة اللازمة لدعم أهداف الشركة واستراتيجياتها وتطوير تلك الأهداف والاستراتيجيات. أما في نموذج بناء الثقافة الجديد، يكون كل فرد مسؤولاً عن تنمية الثقافة التي يرغب فيها.
يقوم هذا النهج على إسناد أدوار مختلفة ضمن عملية تحديد الثقافة وتطويرها؛ حيث توكل تلك الأدوار إلى الموظفين في المناصب الرسمية وجهات التأثير غير الرسمية بشكل يعكس أسلوب عمل المؤسسات هذه الأيام. كما أنه يحدد أوجه مساءلة واضحة عن النتائج. وعلى الرغم من أن التنفيذ الفعلي لهذا النهج قد يختلف بناءً على نوع المؤسسة وحجمها وعمرها وهيكلها، يكون التوزيع العام للمسؤولية كما يلي:
1- مجلس الإدارة : يتولى مجلس الإدارة توجيه عملية تحديد الثقافة المنشودة وتطويرها، وضمان تواؤم الثقافة مع أهداف الشركة وتلبيتها احتياجات جميع أصحاب المصلحة.
2- الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا : تنطوي مهمة الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا على تحديد الثقافة المنشودة وتنميتها من خلال إجراءات قيادية تشتمل على تحديد الأهداف النهائية والاستراتيجيات والنتائج الرئيسة التي تعطي الأولوية لعملية بناء الثقافة؛ إضافة إلى تصميم المؤسسة وعملياتها التشغيلية لدعم أهداف الشركة وقيمها الأساسية وتطويرها.
3- إدارة الموارد البشرية : تتمثّل مهمة إدارة الموارد البشرية في تصميم تجارب الموظفين التي تعكس الثقافة المنشودة وتعززها، وتنفيذ الاستراتيجيات والبرامج التي تمكّن أفراد المؤسسة من تلبية مسؤولياتهم الثقافية، مثل إعداد برامج تدريبية تنمّي قدرة القادة على بناء الثقافة وتعزز اندماج الموظفين؛ وتضطلع إدارة الموارد البشرية أيضاً بمهمة إعداد كتيبات إرشادية حول بناء الثقافة، واستحداث عمليات مثل إدارة الأداء، وتطوير أنظمة مثل أنظمة المكافآت وبرامج التقدير التي تنمّي الثقافة المنشودة.
4- إدارة الامتثال والمخاطر والأخلاق : تتولى مهمة تقديم مدخلات إلى الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا حول ماهية الثقافة المنشودة من منظور الأخلاق والمخاطر. وتضمن أن يكون تنفيذ الثقافة المنشودة في المؤسسة متوائماً مع استراتيجيات إدارة المخاطر في الشركة من خلال عدة أدوات، مثل أشجار صناعة القرارات الأخلاقية، والعمليات مثل برنامج الإبلاغ عن المخالفات، والأنظمة مثل أنظمة مراقبة الامتثال.
5- مدراء الإدارة الوسطى: يشارك مدراء الإدارة الوسطى تجارب الموظفين التي تعكس الثقافة المنشودة وتعززها، وينفذون استراتيجيات بناء الثقافة، ويعززون اندماج الموظفين مع الثقافة المنشودة، ويساعدون في تلبية مسؤوليات الموظفين في عملية بناء الثقافة.
6- الموظفون: تنطوي مهام الموظفين على تقديم مدخلات إلى الرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا بشأن ماهية الثقافة المنشودة وبرامج بناء الثقافة وأساليبها من خلال توفير رؤى ثاقبة حول كيفية تواؤم الثقافة المنشودة مع الثقافة الفعلية أو اختلافها عنها، وحول وجهات نظر الزبائن واحتياجات الموظفين وتوقعاتهم، إضافة إلى تقديم آرائهم حول جهود بناء الثقافة الحالية وعرض أفكار جديدة، ووضع قواعد وإجراءات روتينية تعكس الثقافة المنشودة وتضمن الالتزام بها وتطبيقها، ومواءمة سلوكياتهم ومواقفهم مع الثقافة المنشودة.
أدوار مجالس الإدارة ومدراء الإدارة الوسطى
سنلق نظرة في هذا التوزيع الجديد لمسؤوليات بناء الثقافة على فئتين قد لا تكونان مفهومتين تماماً، ألا وهما مجلس الإدارة ومدراء الإدارة الوسطى.
مجلس الإدارة
قد تكون الثقافة في الواقع أحد أهم أصول المؤسسة أو أحد عوامل الخطر الذي يحدق بها. وكما يقول أدريان مونتيغيو، رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة "أفيفا بي إل سي" (Aviva plc): "الثقافة هي الصمغ الذي يربط أركان المؤسسة معاً، وذلك لما لها من تأثير كبير على فاعلية الشركة وأخلاقياتها وحوكمتها. كيف يعقل ألا يكون لمجلس الإدارة وجهة نظر حول مدى تواؤم أهداف الشركة مع ثقافتها؟" ومع ذلك، وفقاً لمجلس التقارير المالية، غالباً ما تكون مشاركات مجالس الإدارة في عمليات بناء الثقافة محدودة.
علاوة على ذلك، انخفض متوسط مدة تولي الرئيس التنفيذي لوظيفته مقارنة بعضو مجلس الإدارة إلى حوالي 5 سنوات (مقابل أكثر من ضعف هذه المدة لأعضاء مجلس الإدارة)، وجاء ذلك بحسب مقال نُشر في مجلة هارفارد بزنس ريفيو وقاعدة بيانات "سي جي ليتيكس"(CGLytics). وبالتالي، تتمتع مجالس الإدارة بسلطة أكبر لمشاركة هدف الشركة وتقييم أداء المؤسسة في تطبيقها. وتفيد مجلة "الاستراتيجية+الأعمال" (strategy+business) بأنه من المتوقع أن يزداد فرض مجالس الإدارة قواعد تحمّل المسؤولية على قضايا جديدة، مثل الأهداف والمهام والقيم الأساسية.
لذلك، يجب أن تؤدي مجالس الإدارة دوراً أكثر فاعلية في عمليات بناء الثقافة. كما يجب أن توجه عملية تحديد الثقافة المنشودة وتطويرها، وأن تضمن تواؤمها مع أهداف العمل وتلبيتها احتياجات جميع أصحاب المصلحة. وتتولى مجالس الإدارة تلك المسؤولية من خلال:
- إضافة قضية الثقافة كبند دائم في جدول الأعمال في أثناء اجتماعات مجلس الإدارة.
- إجراء محادثات مستمرة مع الرئيس التنفيذي/المالك وقادة إدارة الموارد البشرية وإدارة الامتثال والمخاطر والأخلاق والتنوع والمساواة والاندماج بشأن أولويات الثقافة ونقاط القوة والفجوات والتحديات.
- تفويض عمليات التدقيق والتقييم الثقافي ومراجعة النتائج وتنفيذ الإجراءات المقررة.
- وضع قدرات القيادة الثقافية في الاعتبار عند إجراء عملية التخطيط لتعاقب الموظفين وتوظيف كبار المسؤولين.
- تدقيق البيانات العامة حول الثقافة المؤسسية واعتمادها.
كان لمجلس الإدارة في مؤسسة "ووتر إيد" (WaterAid) غير الربحية دور فاعل للغاية في ضمان توافق أداء المؤسسة مع قيمها، حيث اعتاد أعضاء مجلس الإدارة المشاركة في محادثات منتظمة حول السياق المتغير لعمل المؤسسة وأهميته في تحقيق رؤيتها واستراتيجيتها؛ وجرت تلك المحادثات عادة مع المسؤولين التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة والموظفين من خلال عقد ندوات حول قضايا معينة.
وتعرض لنا شركة "توك توك" (TalkTalk)، شركة الاتصالات البريطانية، مثالاً آخر حول كيفية قيام مجلس الإدارة بممارسة مسؤوليات بناء الثقافة. فبعد أن أسفرت أزمة انتهاك سرية البيانات عن تغيير ثقافي واسع النطاق في الشركة، بدأ أعضاء مجلس الإدارة يطرحون أسئلة حول المخاطر بشكل مختلف. وبدلاً من حصر تركيزهم على مسؤولياتهم الفنية والتساؤل عما إن كانت الشركة في مأمن من الأزمات، أقروا تنفيذ رقابة أوسع على ثقافة المؤسسة وعززوا من سلطتهم على عمليات إدارة المخاطر. وتمكن أعضاء مجلس الإدارة من خلال طرح أسئلة عن ماهية المخاطر التي يمكن تحمّلها والمخاطر التي يمكن التخفيف من وطأتها من إصدار أحكام أكثر استنارة حول مستوى المخاطر التي يمكن للشركة تحمّلها.
مدراء الإدارة الوسطى
يتمتع القادة في المستويات الإدارية الوسطى من التراتبية بتأثير كبير على تجارب الموظفين اليومية، مثل مدراء الأقسام ومدراء المتاجر وقادة البرامج، ويؤدون بذلك دوراً حاسماً في ثقافة الشركة. لكن نظراً لعدم امتلاك مدراء الإدارة الوسطى سلطة للتأثير على الثقافة في العديد من المؤسسات مقارنة بدرجة التأثير التي يتمتع بها قادة المستويات العليا، غالباً ما يجري تجاهل جهودهم في عملية بناء الثقافة.
يمكن لمدراء الإدارة الوسطى، بل يجب عليهم في الواقع، أداء دور حاسم في تنمية الثقافة المنشودة من خلال:
- ضمان أن تمثّل الأدوات والبيئة والجوانب غير الملموسة لأعمال الموظفين اليومية استراتيجية تجارب الموظفين في الشركة.
- تطبيق الأهداف النهائية والاستراتيجيات والنتائج الرئيسة لعملية بناء الثقافة على مستوى المؤسسة ضمن مجموعاتهم أو إداراتهم.
- تنفيذ برامج التوجيه والتدريب مع الموظفين لتعزيز اندماجهم مع الثقافة المنشودة.
- نمذجة الثقافة المنشودة ومشاركتها.
أدهشني التأثير المهم لمدراء الإدارة الوسطى على عملية بناء الثقافة في دراسة حالة عن منتِج نفط رئيس ضمن بحث نُشر في مجلة "العلوم التنظيمية" (Organization Science). فعلى الرغم من المقاومة التي شهدتها مبادرة تغيير الثقافة المؤسسية من قبل الموظفين الذين ترسخت في أذهانهم وعقولهم الثقافة والعمليات القديمة، تبنت إحدى وحدات التشغيل الثقافة الجديدة بنجاح بفضل فريق إدارتها الذكي، حيث أرسى مدراؤها أوجه المساءلة عن إجراءات معينة، وفرضوا عقوبات على سلوكيات أخرى، ووضعوا مقاييس جديدة لدعم الثقافة الجديدة وفرضوا تنفيذها. وتمكنوا بالفعل من الحصول على الدعم، على عكس كبار قادة المؤسسة، وذلك لأن أساليبهم في عملية بناء الثقافة كانت متناسبة مع مناصبهم كمدراء إدارة وسطى.
التوصل إلى النتائج من خلال المسؤولية المشتركة
تُسفر الثقافة الصحية والفاعلة والمتوائمة عن تحسين نتائج أداء الأعمال عبر تبني كل مجموعة أو إدارة مسؤولياتها المتعلقة بعملية بناء الثقافة. وذلك ما توصلت إليه مؤسسة "أولد ميوتشوال ويلث" (Old Mutual Wealth) في عام 2012. ففي إطار جهودها للتعافي من الأزمة المالية، قاد مجلس إدارة الشركة مهمة إعادة تحديد هدف الشركة وكلّف فريق الإدارة العليا بمتابعة المهمة.
ولتنمية ثقافة تتمحور حول الزبون، وضع المسؤولون التنفيذيون استراتيجية جديدة لتعزيز تجارب الزبائن، وخلقوا دوراً جديداً لمدير إدارة مجموعة الزبائن، وحددوا سلوكيات الزبائن على مستوى المؤسسة والتي جرى دمجها في مراجعات أداء الموظفين، وأنظمة تقييمات المدير، ومختلف استقصاءات الموظفين. كما طرحوا نموذج تشغيل جماعي جديد وجرى إنشاء نماذج حوكمة جديدة بهدف تفعيل قيم الثقافة الجديدة بشكل أكبر.
وأدت التغييرات الواسعة النطاق إلى ظهور ثقافة جديدة في جميع أنحاء المؤسسة يتحمل فيها الجميع مسؤولية قراراتهم، بدءاً من الرئيس التنفيذي الذي أوضح أنه لن يلقي اللوم على أحد عند سماعه أخباراً سيئة. وفي غضون 12 شهراً، جرى استبدال 90% من دفاتر التأمين في المملكة المتحدة وأوروبا بمنتجات جديدة تتوافق مع رؤية مجلس الإدارة، وارتفع سعر سهم شركة "أولد ميوتشوال" إلى أكثر من الضعف في 5 سنوات.
تبني التغييرات والمتطلبات الجديدة للثقافة
يتجلى التحول إلى نهج بناء ثقافة قائمة على المسؤولية المشتركةفي إجراء تغييرات في طبيعة الثقافة المؤسسية وتقييم أثرها على الشركة، بل يتطلب اتخاذ تلك الإجراءات بالفعل.
ويُظهر النهج الجديد أن الثقافة المؤسسية أصبحت أكثر من مجرد رمز خلقه القادة، بل أضحت تشتمل على مجموعة أدوات يمكن للجميع الاستفادة منها وإضافة مدخلات إليها. وكما لاحظ مؤلفو بحث جديد نُشر في "مجلة ستانفورد سوشال إنوفيشن" (Stanford Social Innovation Review): "تستمر الثقافة فقط عندما يتصرف الموظفون بطرق تدعم مبادئها وقواعدها". ونظراً لتفاعل الموظفين مع الثقافة بصفتها مورداً يمكنهم من خلاله صقل مهاراتهم وعاداتهم بدلاً من اعتبارها تفويضاً يقره مدراء الإدارة العليا، تصبح الثقافة "عملية مشتركة تتجسد من خلال الممارسة".
كما يجب أن تكون ثقافة الشركة قابلة للتكيّف، إذ يوجد العديد من العوامل الخارجية التي قد تمارس الضغط على أي شركة، بالإضافة إلى التغييرات الداخلية، مثل انتقالات القيادة وعمليات التوسع. ويجب تغيير الثقافة لمواكبة تلك التغييرات، لأن محاولة اتباع نوع معين من الثقافة على المدى الطويل هي محاولة فاشلة في أحسن الأحوال؛ أما في أسوأ الأحوال، ستعيق تلك الثقافة إجراءات المؤسسة التنافسية واستدامتها.
ويشير ذلك إلى شرط أساسي لنهج المسؤولية المشتركة في عملية بناء الثقافة، ألا وهو ضرورة مشاركة التغييرات في الثقافة وتدقيقها من قبل الجميع بشكل صريح. قد لا يوافق الجميع على التغييرات، لكن يجب عليهم فهمها والموافقة على دعمها.
باختصار، يتطلب تحقيق الثقافة المنشودة أن يمتلك كل فرد فهماً واضحاً ومتسقاً ومشتركاً حول طبيعة تلك الثقافة، وأن يعملوا على تنميتها في جهد متعمد ومنسق. وعلى الرغم من أن لكل شخص أو مجموعة دورها المحدد، يتحمّل الجميع مسؤولية تحقيق ثقافة الشركة المنشودة.
وبالتالي، لا تنطوي الوظيفة الجديدة للرئيس التنفيذي وفريق الإدارة العليا على مشاركة ثقافة الشركة من القمة إلى القاعدة، وإنما على تحديد أولوياتها وتخصيص الموارد لضمان التطبيق الأمثل لها.