أسئلة القراء: كيف أقنع رؤسائي بتقبل الأفكار الجديدة؟

4 دقائق
تقبل الرؤساء للأفكار الجديدة
shutterstock.com/A_stockphoto
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

سؤال من قارئ: أعمل في إحدى المؤسسات العامة، ودرجتي الوظيفية مساوية لمرتبة مدير من المستوى المتوسط، وأواجه مشكلة إقناع الرؤساء بتقبل الأفكار الجديدة. إذ أرغب بحق في بذل كل ما بإمكاني كي تصبح المؤسسة مكاناً أفضل. لكن للأسف، صلاحياتي محدودة بالتوجيه والتدريب فقط، وليس لي سلطة مباشرة أو رأي في عمليات التوظيف والإقالة وتحديد الأجور، وثمة قيود على ما يمكنني فعله. مثلاً، كان من الشائع استخدام الإجازات مدفوعة الراتب كحافز، لكن على الرغم من رغبتي الكبيرة بمنح الموظفين إجازات لمدد أطول، فأعباء العمل وأعداد الموظفين الحالية لا تتيح ذلك. والعقبة الأخرى التي يجب عليّ التعامل معها هي تمسك القادة الشديد بالأمور المعتادة وعدم تقبل أي جديد، وبالنسبة للموظفين مثلي، لا يطلب منا المشاركة بالأفكار مطلقاً، وإجراء أي تغيير طفيف على الوضع الراهن يتطلب جهداً هائلاً ويبوء بالفشل بسبب الافتقار إلى دعم الإدارة العليا. وهذا ما حدث مؤخراً عندما حاولت تشجيع فريقي لوضع أهداف بسيطة لقسمنا. ويبحث كثير من كبار القيادات في المؤسسة عن طرق للتميز من دون تغيير الوضع الراهن، لكن ذلك يؤدي إلى الفوضى وتحطم معنويات الأفراد في الدرجات الوظيفية الدنيا. وأنا شخصياً بدأت أعاني من الاحتراق الوظيفي، وأشعر باستياء وإحباط شديدين. تفصلني 6 أعوام فقط عن التقاعد والتأهل للحصول على الراتب التقاعدي، ولن أترك عملي قبل ذلك.

سؤالي هو:

ما الذي يمكنني فعله كي أتمكن من إقناع هؤلاء القادة بتبني أفكار جديدة؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغّين: مقدم برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج “ديير آتش بي آر” من هارفارد بزنس ريفيو.

بيرني بانكس (Bernie Banks): أستاذ في كلية كيلوغ للأعمال بـ”جامعة نورث ويسترن”.

بيرني بانكس: مرحباً بكم في الحياة المؤسسية. باختصار، لدينا عدة نقاط يمكننا مناقشتها بهذا الصدد. أولاً، توصلت الأبحاث إلى أننا نرى المقاومة على مستوى المجموعة الفردية والمستويات التنظيمية على حد سواء، لكن بغض النظر عن المستوى الذي نرى المقاومة فيه، فالسبب الأول لهذه المقاومة هو الخوف من الخسارة. وفي كثير من الأحيان، نسأل القائد: “لماذا لا تقبل الفكرة الجديدة وتستمر بمقاومتها؟” في حين يجب أن يكون السؤال: “ما الذي تخشى خسارته، ولماذا؟”

أليسون بيرد: أجريت مقابلة مؤخراً مع جونا بيرغر، وهو أستاذ مادة التسويق في “جامعة وارتون” وعمل على دراسة طرق تغيير آراء الآخرين. يقول إن عليك البدء بالأسئلة، لأنه ليس بإمكانك أن تأمر الآخرين بالقيام بالأمر المناسب، بل يجب عليك أن تساعدهم على التوصل إليه بأنفسهم ومعرفة أنه الأفضل لصالحهم، وهذا يبدأ بالحوار والاستشارات وبناء التحالفات، والسماح للآخرين برؤية النتيجة التي يودون الوصول إليها، لا التي تود أنت الوصول إليها، وفهم أنها تتوافق مع رؤيتك.

بيرني بانكس: بالتأكيد، فالإنسان يتحمس لطرق العمل التي تساعده على تحقيق فوائد أكثر. لذلك فهو يتمسك بما يملكه ويحققه إذا لم يتمكن من رؤية إمكانية تحقيق شيء أفضل. وتشير الأبحاث أيضاً إلى أنه عندما ينسحب الموظفون من المؤسسة، فمن النادر أن يكون السبب هو الرواتب أو الإجازات فقط، وإنما ينسحبون بسبب قادتهم. ولذلك تقع على عاتق القائد مسؤولية التفكير بطريقة لحثّ موظفيه على القيام بما يصب في مصلحتهم ومصلحة مؤسستهم على حدّ سواء.

بيرني بانكس: في كثير من الأحيان، عندما يطالب الموظفون قائدهم بفعل ما يريدونه، فهم يقومون بذلك من موقعهم كموظفين لا من موقع القائد. في بداية عملي، كنت أجد فائدة استثنائية في كتاب “القيادة باتجاه الأعلى” (Leading Up) الذي ألفه مايكل يوسيم من “كلية وارتون”، حيث قدم إطار عمل مؤلف من 5 خطوات للقيادة باتجاه الأعلى بكفاءة. تتمثل الخطوة الأولى في فهم وجهة نظر رئيسك، ما الذي يفكر فيه ويتسبب باتباعه سلوكاً معاكساً للسلوك الذي تريده؟ والخطوة الثانية هي بناء علاقة إيجابية مع من تود التأثير عليه؛ والخطوة الثالثة هي أن تكون قادراً على فهم الفائدة التي سيجنيها هذا الشخص مما تدعوه إليه؛ والخطوة الرابعة لا نفكر فيها كثيراً، وهي أن تكون بارعاً في عملك؛ والخطوة الخامسة والأخيرة هي أن توضح توقعاتك، وأن تحدد ما تريده من قائدك تماماً.

أليسون بيرد: هذا هو التأثير من دون سلطة رسمية. كيف يمكن لصاحب السؤال، وهو في مستوى الإدارة المتوسطة ولا يشعر بأنه يتمتع بسلطة تذكر، أن يساهم في التغيير؟ التأثير في الرئيس هي إحدى الطرق بالتأكيد، لكن قد تكون صعبة التنفيذ.

بيرني بانكس: أجل، لكن ما توصلت إليه هو أن المشكلة هي مشكلة تنظيمية. ثمة تسلسل قيادي، حيث يقدم صاحب السؤال مقترحه، ثم يخبره القائد بقراره، ويجب عليه تنفيذه طالما أنه لا ينتهك القواعد القانونية والأخلاقية وقواعد السلامة، وهذا جزء من واجبه الوظيفي. لكن كي يتمكن من التأثير في القيادة، يجب أن يفكر في طريقة للاستفادة من قواعد القوة الستة كجزء من عملية التأثير، وهي: المكافأة أي قدرة العطاء؛ وقدرة المنع أو الحرمان؛ والسلطة؛ والخبرة أي قوة المعرفة؛ والمرجعية أي قوة العلاقات والمعلومات. لنفترض أننا نتحدث فقط عن علاقة صاحب السؤال برئيسه المباشر، فثمة طرق تمكّنه من الاستفادة من قوة المعلومات والخبرة والمرجعية لتحقيق أثر كبير. هل يفهم وجهة نظر رئيسه؟ هل يفهم المهمة؟ هل يفهم النتائج التي يحاول رئيسه تحقيقها؟ وهل هو قادر على رسم صورة مقنعة عن طريقة تحقيق نتائج أفضل على نحو أسرع مع توليد ولاء أكبر فيما يدعو إليه مهما كان؟ إذا كان قادراً على ذلك فلن يكون لدى رئيسه أي سبب للرفض.

أليسون بيرد: هل تعتقد أن صاحب السؤال يرى الوضع بصورة صحيحة؟

بيرني بانكس: ثقافة المؤسسة العامة تثمن الاستقرار وتولي أهمية لاحترام التسلسل القيادي والعمليات والإجراءات، ولا أتوقع أن يكون ما يراه بعيداً عن هذه الأمور. لكن قوله إنه غير قادر على التأثير بالدرجة التي يرغب فيها يجعله غير قادر على إدراك قدرته على التأثير، وهي تتطلب إصراراً شديداً ودقة في طريقة العمل.

دان ماغّين: ما يمر به صاحب السؤال طبيعي جداً. ففي أي مكان، من الطبيعي أن يحاول المدير في المستوى المتوسط ممارسة نفوذ من دون امتلاك سلطة رسمية تدعمه. يقدم مايكل يوسيم في كتابه “القيادة باتجاه الأعلى” نصيحة رائعة حول السبب الذي يدفع رؤساء صاحب السؤال إلى عدم الموافقة على ما يقترحه بصورة فورية، وقد يستفيد كثيراً من الرجوع إلى هذا الكتاب. ثمة عوامل مهمة تشجع صاحب السؤال على محاولة تغيير المؤسسة، ومنها حوافز الترقية. وإذا استمر بالمحاولة وتمكن من الحصول على الترقية، فسيعود ذلك بالفائدة على عائلته ووضعه المالي وسيكون مفيداً له عاطفياً، إذ سيشعر بالرضا وبأنه حقق إنجازاً على عكس ما يشعر به حالياً. ينوه صاحب السؤال إلى أنه على بعد بضعة أعوام فقط من التقاعد، ونشجعه على مواجهة هذا التحدي والاستمرار في محاولة التغلب عليه، وعدم الاستسلام في سبيل إقناع الرؤساء بتقبل الأفكار الجديدة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .