هل تفقد السيطرة على أفكارك في أثناء العمل؟ إليك سبل احتوائها والتحكم بها

4 دقائق
التحكم في الأفكار في أثناء العمل واحتوائها
shutterstock.com/fizkes
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تتمثّل استجابتنا الغريزية للمشاعر العارمة والجياشة في قضاء اليوم بأكمله في تصفح الإنترنت أو إنهاك أنفسنا في العمل لتشتيت أفكارنا. إلا أنه يوجد بدائل بين هذين النقيضين تساعدنا في تحسين حالتنا العاطفية والتعافي بشكل أسرع واستعادة ثقتنا بأنفسنا للتعامل مع أي مواقف شخصية تعترض سبيلنا، والتحكم في الأفكار التي تشتت انتباهنا في أثناء العمل. على سبيل المثال، يمكنك التركيز على أداء نشاط مألوف أو تجربة نشاط غير مألوف منخفض المخاطر كنت تتجنبه في السابق. ويوجد استراتيجية أخرى تتمثل في تذوّق طعم الإنجاز من خلال أداء نصف عملك المعتاد. وقد يكون التواصل مع الآخرين مفيداً أيضاً. وأخيراً، تذكر أن بإمكانك تطويع مشاعرك السلبية لصالحك.

 

هل مرّ عليك يوم شعرت فيه وكأن الحياة تقف ضدك؟ قد تصلك فاتورة ما غير متوقعة بقيمة مئات الدولارات، أو تفقد تركيزك وتصطدم بسيارة متوقفة، أو تتشاجر مع شريك حياتك، أو تستلم ورقة استدعاء من الحضانة لأن طفلك يسيء التصرف، أو قد يواصل أحد أقاربك المحبين إمطارك بوابل من نظريات المؤامرة التي لم يعد بإمكانك تحمل السماع عنها أو قراءتها بعد اليوم.

مررنا جميعنا بأيام كتلك، وواصلنا مع ذلك إنجاز أعمالنا. وأورد فيما يلي بعض النصائح التي تمكّنك من تجاوز تلك المشاعر والمضي قدماً. فعندما تسيطر على أفكارك وتؤدي عملك على أكمل وجه، ستدرك مدى قوتك وقدرتك على تجاوز أي شيء ترميه الحياة أمامك.

ركز على تأدية نشاط مألوف

ابحث عن مهمة في قائمة مهامك تجعلك تشعر بالرضا، شرط أن تكون تلك المهمة مألوفة لديك ولا تسبب لك أي نوع من الإرهاق، مثل كتابة النشرة الإخبارية التي تنشرها كل شهر منذ سنوات، ثم أنجز تلك المهمة.

ما الفائدة من أداء تلك الخطوة؟ يُعتبر أداء مهام مألوفة للغاية أشبه بتهيئة عضلات الذاكرة في عقولنا. فقد مارست بالفعل جميع خطوات تلك المهمة لدرجة أصبح من السهل عليك استيعابها وتقبلها. وقد تشعر بالإنجاز عند شروعك في أداء ذلك النوع من المهام وإتمامها في جلسة واحدة.

حاول تأدية مهمة غير مألوفة كنت تتجنبها

قد تبدو هذه النصيحة متناقضة مع النصيحة السابقة، إلا أن آلية عملها مختلفة، واسمحوا لي أن أوضح ذلك.

تلقيت أمس بعض الأخبار السيئة، وشرعتُ في كتابة بعض المنشورات للمدونة وفقاً للنصيحة الأخيرة. وانتقلت بعد ذلك إلى أداء مهمة من مهام العمل المتنوعة التي كنت أؤجلها، إلا أنني لم أكن أعمل بالمعنى الحرفي للكلمة. ولأكون دقيقاً، كنت بحاجة إلى إعادة قراءة كتابي الأخير للتأكد من عدم وجود تكرار لأي نقاط أو أمثلة عن طريق الخطأ في كتابي القادم.

قد لا تمتلك أي مبرر يدفعك لأداء تلك المهام في يوم عملك المعتاد، وقد تكون تلك المهمة من بين المهام التي تجبر نفسك على أدائها في أيام العطلة، إلا أنها تُعتبر خياراً مثالياً للأنشطة التي يمكنك القيام بها في يوم تشعر فيه بالإحباط أو الكآبة. فالقيام بشيء كنت تتجنبه قد يساعدك في الشعور بأنك إنسان تتمتع بالكفاءة وقادر على توجيه حياته في المسار الصحيح.

يمكنك أيضاً تجربة مهام مضى على تفكيرك فيها وقت طويل، كالتواصل مع شخص ما ضمن مجال عملك تحب العمل معه لكن لا تربطك به علاقة شخصية، أو يمكنك تجربة أداء مهمة تتطلب بعض الطموح والإبداع. حاول إعداد خطاب أو كتابة مقالة تشرح فيها سبب فشل أسلوب العمل التقليدي في قطاعك؛ أو جرّب تطوير نموذج أولي تجريبي لمشروع الحيوانات الأليفة الذي تفكر فيه منذ زمن. يميل الأفراد عادة إلى الرجوع خطوة إلى الوراء عندما يشعرون بالضعف أو الخوف أو انعدام الثقة بالنفس. في المقابل، عندما تثق بأفكارك وقدراتك، ستمثّل تلك الثقة سداً منيعاً في وجه تلك المشاعر يكون قادراً على إيقاف دوامة المشاعر السلبية التي تنتابك.

قم بأداء نصف عملك المعتاد

قد تساعدك الإنتاجية في تحسين حالتك المزاجية والقدرة على التحمل عندما تشعر بالإحباط. والمهم أن تلاحظ أن الأطباء نادراً ما يوصون الأفراد المصابين بالاكتئاب بالحصول على إجازات طويلة بعيدة عن العمل. من جهة أخرى، قد تُسفر محاولة تحقيق أداء بمستوى عالٍ في ظل موجة الاكتئاب التي تعتريك عن استنزاف طاقتك لدرجة تفشل فيها في إيجاد حل لكل ما يسبب لك الإزعاج؛ لذلك، أنت بحاجة إلى التعافي لتسترد قوتك وطاقتك.

ويتمثّل الحل الأنسب في أداء نصف أو ثلثي عملك المعتاد، إذ يمكن لهدف متواضع كهذا أن يمنعك من الشعور بالإرهاق أو اللجوء إلى التسويف. وإذا كنت بحاجة إلى قضاء يوم تستجمع فيه قواك العقلية، فاطلب الحصول على ذلك اليوم ثم استأنف عملك بالاستفادة من النصائح الموضحة هنا.

تواصل مع الآخرين

يزيد الإحساس بالوحدة من التوتر ويقلل الإنتاجية. لذلك، لا تخف من إظهار ضعفك أمام زملائك في العمل؛ وأخبر زميلاً واحداً على الأقل بما تشعر به، فقد يساعدهم ذلك في فهم سبب عدم شعورك بالثقة أو بالحيوية كما كنت من قبل.

وكما كتبت سابقاً: لا تنطوي أفضل مصادر الدعم لدينا خلال الأوقات العصيبة على الأشخاص الأقرب إلينا، بل عادة ما تتوطد علاقاتنا غير الوثيقة مع بعض الأشخاص في ظل ظروف وفرص معينة. وقد تكون إيماءات الدعم الصغيرة من تلك الروابط الضعيفة مفيدة للغاية، إذ غالباً ما تكون تلك الإيماءات غير متوقعة.

وتنطوي تلك الخطوة أيضاً على ضرورة تجنب الإفراط في مشاركة مشاعرك وأحاسيسك مع عائلتك وأصدقائك المقربين، لاسيما إذا كان هؤلاء الأشخاص يعانون من ضغوط أنفسهم. وهو ما يقود بطبيعة الحال إلى توطيد الروابط مع الأشخاص الذين تربطك بهم علاقة ضعيفة.

ملاحظة: احرص على مشاركة مشاعرك مع الأشخاص الذين تثق بهم والذين لن يفترضوا أنك شخص عديم الفائدة في العمل لمجرد أنك تعاني من بعض الضغوط الشخصية.

تخلص من خوفك من المشاعر السلبية

لا داعي أن تفترض أن مشاعرك المضطربة ستقوض إنتاجيتك. في الواقع، قد يمثّل العمل ملاذاً آمناً لك عندما تكون في حالة اضطراب. وقد وجدت أن المشاعر الحزينة تعزز من روحي الإبداعية وإنتاجيتي. في المقابل، يزيد الغضب من عزمي وتصميمي، لاسيما عندما لا أولي مشاعر الغضب تلك أي أهمية؛ كما أن للقلق تأثيراً مختلطاً أكثر خطورة من مشاعر الغضب.

لذلك، على الرغم من ضرورة أن تتجنب أن تبدو كروبوت قادر على مواجهة أي موقف، لا يجب أن تفترض أن المشاعر المضطربة ستؤثر سلباً على عملك. وينطوي الحل الأمثل للاستفادة من تلك المشاعر على جعلها واضحة للعيان بدلاً من كبحها.

وفي نهاية الحديث عن طرق علاج ضغوط العمل، تتمثّل استجابتنا الغريزية للمشاعر العارمة والجياشة في قضاء اليوم بأكمله في تصفح الإنترنت أو إنهاك أنفسنا في العمل لتشتيت أفكارنا. إلا أنه يوجد بدائل بين هذين النقيضين تساعدنا في تحسين حالتنا العاطفية والتعافي بشكل أسرع واستعادة ثقتنا بأنفسنا للتعامل مع أي مواقف شخصية تعترض سبيلنا، والتحكم في الأفكار التي تشتت انتباهنا في أثناء العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .