لم تعد بعض الأفكار المتفق عليها قديماً حول كيفية إجراء المقابلات الشخصية دقيقة. على سبيل المثال، لم يعد لسؤال المقابلة المفاجئ وجود بعد الآن بسبب قواعد أسئلة مقابلة العمل المثمرة. فبواسطة مواقع إلكترونية مثل "غلاس دور.كوم" (Glassdoor.com)، أصبح بإمكان المرشحين معرفة كل سؤال يمكن أن يواجهوه خلال مقابلة العمل والإجابات المتوقعة عليه مسبقاً. وباستخدام هذه المعلومات، يقوم المرشحون الآن وبصورة روتينية بالإعداد والتدريب على المقابلات وتسجيلها بالفيديو مراراً إلى حد لا يمكن معه تصديق أن ردودهم في المقابلة لم تكن حقيقية أو دقيقة، بل تكون ردودهم مدهشة ومثيرة للإعجاب عموماً.
لم تقتصر الأشياء التي أصبحت من الماضي في مقابلات التوظيف على الأسئلة المفاجئة فقط. فقد أثبتت الأبحاث التي أُجريت في شركات مثل "جوجل" أن للأسئلة الذهنية دوراً في قرارات التوظيف الخاطئة والمُكلفة، حيث تَبين أن الأسلوب المعتمد في المقابلات، والذي يتمثل بجعل المرشح يقابل أكثر من أربعة موظفين قائمين بالمقابلة، لا يرفع من سوية قرارات التوظيف الجديدة، وهذا ينطبق على العديد من الوظائف، حيث لا تنبئ بعض العوامل كالدرجات العلمية ونتائج الاختبارات والمدارس التي تخرج المرشح منها بنجاحه في تولي هذا المنصب.
نصائح حول أسئلة مقابلة العمل الناجحة
إذاً فقد حان الوقت لإعادة النظر في أسئلة المقابلة والتركيز على الأسئلة المتعلقة بالأداء، بحيث يصعب على المرشح الإعداد المسبق وتحضير الإجابات المستعارة لها.
تجنب الأسئلة التي يسهل التدريب عليها
فإذا كنت تعمل لدى إحدى الشركة الكبرى، ستجد أن معظم أسئلة المقابلة التي يستخدمها مدراء التوظيف في شركتك يتم نشرها علناً على موقع "غلاس دور"، مقترنة بالإجابات الموصى بها. لذا، ابدأ بصفحة نظيفة وسجل عليها أسئلة جديدة، واحرص على التخلص على أقل تقدير من تلك الأسئلة المبتذلة التي يسهل الإعداد لها مسبقاً والتي تقدم لك جدوى تنبؤيه منخفضة، مثل "ما هي نقاط القوة والضعف لديك؟" و"لماذا ترى نفسك أفضل المرشحين؟" و"ما هي مواصفات وظيفة أحلامك؟" و"أين تجد نفسك بعد خمس سنوات من الآن؟".
احترس من الأسئلة التاريخية
تلك الأسئلة التي تتطلب من المرشح أن يصف أداءه في الماضي، والمعروفة أيضاً باسم "أسئلة المقابلة السلوكية"، على سبيل المثال، "أخبرني كيف تعاملت مع الوضع عندما توليت القيادة في ..."، حيث تُعتبر هذه الأسئلة جدلية في هذا العالم المتسارع فسرعان ما تفقد الطرق المتبعة بالأمس صلتها بالواقع اليوم. فوفقاً للبحث الذي أجراه كل من الأستاذ فرانك شميدت والأستاذ جون هانتر، فإن نسبة نجاح هذه الأسئلة في التنبؤ بنجاح المرشح في الوظيفة لا يتجاوز نسبة 12% فقط، مقارنة بنتائج القرعة بواسطة العملة المعدنية. لماذا؟ لأن الطريقة الناجحة التي اتبعها المرشح منذ سنوات في شركة أخرى قد تُصنَف كإجابة خاطئة اليوم في هذه الشركة بثقافتها المتفردة. كما تتيح الأسئلة التاريخية الفرصة لمختلقي القصص بأن يصفوا وبحماس كيف شاركوا في حل مشكلة، بالرغم من أنهم في الحقيقة قد لعبوا دوراً بسيطاً فقط في حلها.
تقييم قدرة المرشحين على حل مشكلة
فإذا كنت ستعين طاهياً، ستطلب من المرشحين طهي إحدى الوجبات أولاً. إن اتباع أسلوب "المحتوى الوظيفي"، من خلال جعل المرشح يقوم ببعض الأعمال فعلياً، يعد أفضل طريقة لتمييز أفضل المرشحين عن المرشحين العاديين. ضع باعتبارك أن تتضمن أسئلتك النقاط التالية:
تحديد المشاكل المُتوقعة في الوظيفة. وذلك عبر طرح أسئلة مثل: "هل يمكنك إطلاعي على الخطوات العملية التي ستطبقها خلال الأسابيع الأولى من تولي منصبك الجديد لتحديد أهم المشاكل أو الفرص الحالية في مجال تخصصك؟".
هل يمكنك حل هذه المشكلة الراهنة؟ حيث تعد القدرة على حل المشاكل الراهنة العامل الأول للتنبؤ بأداء المرشح للوظيفة. قدم للمرشحين وصفاً لإحدى المشاكل الفعلية التي قد يواجهونها خلال يومهم الأول في منصبهم الجديد. ثم اطلب منهم أن يطلعوك على الخطوات العامة التي سيتخذونها لحل هذه المشكلة. وقبل إجراء المقابلة، قم بتنظيم قائمة بالخطوات الأساسية المطلوبة لحل المشكلة. ثم قم باستقطاع نقاط عن كل خطوة مهمة يتم إغفالها مثل جمع البيانات، والتشاور مع الفريق أو العميل، وتحديد معايير النجاح.
حدد المشاكل الكامنة في الإجراءات المُعتمدة في الشركة. وهنا أيضاً قدم للمرشحين وصفاً مكتوباً في صفحة واحدة لأحد الإجراءات المستخدمة في الشركة والمَشوبَة ببعض الخلل والمتعلقة بالوظيفة موضع المقابلة. واطلب من المرشحين فحص هذه العملية وتحديد أبرز ثلاثة محاور يتوقعون ارتفاع احتمالية حدوث مشاكل فعلية فيها. وقبل المقابلة، قم بتنظيم قائمة بنقاط الخلل والهفوات تلك.
عليك تقدير ما إذا كان المرشح يمتلك نظرة استشرافية للمستقبل
حيث يجب على الموظفين امتلاك القدرة على التكهن بالمستقبل في ظروف سريعة التطور. لذا فكّر بطرح الأسئلة التالية لتقييم قدرة المرشح على القيام بذلك:
قدم لمحة موجزة عن خطتك لهذه الوظيفة، حيث يعمل أفضل المرشحين على إعداد خطة قبل البدء بمشروع كبير أو بوظيفة جديدة. ثم اطلب منهم وباختصار تحديد عناصر خطة العمل هذه خلال 3 إلى 6 أشهر من الأشهر الأولى لاستلام الوظيفة. واطلب منهم تسليط الضوء على المكونات الأساسية لهذه الخطة، بما في ذلك الأهداف، ومن هم الذين سوف يرشحونهم لطلب المشورة (مع تسمية المناصب)، وما هي البيانات التي سيعملون على معاينتها، مع شرح كيفية التواصل مع فريق عملهم، والمقاييس الخاصة لتقييم نجاح خطتهم، وما إلى ذلك.
ما هي توقعاتك لمسار تطور هذه الوظيفة أو قطاع العمل ككل. من الأهمية بمكان أن نتوقع التحولات الكبرى. اطلب من المرشحين إعطاءك خمسة احتمالات على الأقل تُعبر عن توقعهم لمسار تطور وظائفهم خلال السنوات الثلاث القادمة نتيجة للتغيرات في بيئة العمل، حيث يجب أن يمتلك الموظفون الجدد القدرة على تصور التغييرات في قطاع العمل. لذلك عليك أن تطلب من المرشحين تصور من 3 إلى 5 اتجاهات رئيسة في قطاع العمل الذي تنتمي له الشركة، ثم عليهم توقّع السبل التي ستحتاجها الشركات الكبرى على مدى السنوات القليلة القادمة لتتمكن من تلبية احتياجات هذه الاتجاهات الطارئة.
حدد درجة قدرة المرشح على التعلم والتكيف والابتكار
إذا كانت الوظيفة التي تم التقدم لها تتطلب أي من هذه العوامل السابقة، فكر بطرح الأسئلة التالية في هذه المجالات:
التعلم: "حدد وبإيجاز الخطوات التي قد تتخذها في مجال التعلم المتواصل للمحافظة على مكانتك كاختصاصي في أحد المجالات التقنية المهمة".
المرونة: "حدد وبإيجاز الخطوات التي ستتخذها للتكيف عند وقوع تغيير كبير غير مُتوقع سواء كان في التكنولوجيا المستخدمة أو في توقعات العملاء".
الابتكار: "قدم لمحة عن الخطوات التي يمكن أن تتخذها لرفع سوية الابتكار بين أعضاء فريقك لتتمكنوا من الاستجابة إلى تزايد المنافسة أو لظهور تكنولوجيا جديدة".
تفادى الازدواجية
عند اختيار الأسئلة، تجنب طرح الأسئلة عن العوامل التي تم تناولها بالفعل في السيرة الذاتية أو عبر مكالمات الفرز الهاتفية، كمستوى التعليم والمسؤوليات الوظيفية.
تخصيص الوقت الكافي للترويج
يجب تخصيص الجزء الأكبر من وقت المقابلة لتقييم المرشح، ولكن يجب تخصيص بعض الوقت لإثارة حماس المرشحين والترويج للوظيفة وللعمل في الشركة. وهنا عليك أن تبادر بطرح السؤال التالي، "ما هي أهم العوامل التي ستستخدمها في تقييم عرض العمل؟" ثم تأكد من تقديم معلومات مقنعة تغطي كل "عوامل قبول الوظيفة".
إن إعداد المقابلات بنجاح تام أمر صعب ويتطلب إتقان قواعد أسئلة مقابلة العمل المثمرة. (فبعض الشركات، كشركة التجارة الإلكترونية "فليبكارت" (Flipkart) التي تتخذ من الهند مقراً لها، تُوظف المرشحين بنجاح ودون إجراء مقابلة واحدة). إلا أن البحوث قد أظهرت أن اختيار الأسئلة بدقة وتحديد الإجابات المقبولة مسبقاً يزيد من فرص نجاحك إلى حد كبير. إضافة إلى ذلك، فقد أظهرت البحوث أن معظم قرارات التوظيف يتم اتخاذها في غضون الـ 15 ثانية الأولى من المقابلة، لذا عليك وبذهن واع تجنب إصدار الأحكام حتى تُكمِل المقابلة بنسبة 50% على الأقل.
اقرأ أيضاً: كيفية كتابة السيرة الذاتية لطلب عمل