في أكتوبر/تشرين الأول عام 2000، أعلن جاك ويلش عن الصفقة الأكبر في فترة ولايته التي امتدت 20 عاماً في منصبه كرئيس لشركة "جنرال إلكتريك": اندماج بقيمة 45 مليار دولار مع شركة "هانيويل" (Honeywell)". بعد ذلك بفترة قصيرة، أُجبر ويلش على التقاعد، على خلفية سياسة التقاعد الإلزامية لجنرال إلكتريك بالنسبة للرؤساء التنفيذيين الذين يبلغون 65 عاماً.
توجد سياسة تقاعد مماثلة لدى أكثر من ثلث شركات "ستاندرد آند بورز 500" (S&P 500) لرؤسائها التنفيذيين. إن هدفهم هو إبعاد الرؤساء التنفيذيين الذين تجاوزوا أوجهم. لكن هل هذه السياسات فكرة جيدة؟
نعم، لكن مع بعض التحفظات، وذلك وفقاً لورقة نشرتها "مجلة التمويل التجريبي" (Journal of Empirical Finance). وجد الباحثان براندون كلاين من ولاية ميسيسيبي وآدم يوري من جامعة ميسوري أن التقاعد الإلزامي ساعد الشركات على تجنب انخفاض الأداء المرتبط بالرؤساء التنفيذيين الأكبر سناً. لكنهما وجدا أيضاً دليلاً على أهمية الخبرة التنفيذية من أجل النجاح المالي لشركة ما.
الخلفية الأساسية هنا هي أن الشركات التي لديها رؤساء تنفيذيين أكبر سناً تميل إلى أداء أسوأ من تلك التي لديها رؤساء تنفيذيين أصغر سناً. (قاس الباحثون الأداء باستخدام مقياس "توبينز كيو" (Tobin’s Q) الذي يقارن تقييم سوق الشركة بقيمة أصولها). ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الرؤساء التنفيذيين الأصغر سناً ينجذبون إلى الشركات الأسرع نمواً. ولكن حتى بعد حساب ذلك، وعلى افتراض أن جميع العوامل الأخرى متساوية، وجد كلاين ويور أن كل سنة إضافية في عمر الرئيس التنفيذي ترتبط بانخفاض في قيمة الشركة للشركات العامة المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 1,500" (S&P 1,500) بقيمة 0,3% بين عامي 1993 و2005. وكان الرؤساء التنفيذيون الأكبر سناً أقل "نشاطاً" أيضاً، كما قيس بمجموعة معايير تشمل التوظيف، والفصل، والاندماج، والمشاريع المشتركة، وغيرها.
ليست ورقتهم البحثية هي الأولى التي توثق رابطاً بين سن الرئيس التنفيذي والأداء. لقد وجدت الأبحاث السابقة أن الرؤساء التنفيذيين الأكبر سناً يميلون إلى أن يكونوا أقل إبداعاً، ويعود السبب في ذلك بدرجة كبيرة إلى ميلهم إلى توظيف الكفاءات البحثية القديمة.
كما وجد كلاين ويور أن العلاقة الترابطية بين الأداء وعمر الرئيس التنفيذي كانت مدفوعة في الغالب من قبل الرؤساء التنفيذيين الأكبر سناً على الإطلاق في العينة، ممن تجاوزوا 68 عاماً. وتستهدف سياسات التقاعد الإلزامية عادةً الرؤساء التنفيذيين القريبين من هذا السن، لذلك فمن المعقول أن تساعد هذه السياسات في معالجة ضعف الأداء الواضح هنا. (على الرغم من أن التمييز على أساس السن أمر غير قانوني في الولايات المتحدة، فإن الاستثناء يسمح بالتقاعد غير الطوعي للمسؤولين التنفيذيين رفيعي المستوى.)
والمؤكد أن الباحثين وجدوا أن العلاقة الترابطية السلبية بين سن الرئيس التنفيذي وبين أداء الشركة قد اختفت عندما نظروا فقط إلى الشركات التي لديها سياسات تقاعد إلزامية للرئيس التنفيذي. لقد بدا أن التقاعد الإلزامي يساعد الشركات التي لديها رؤساء تنفيذيين أكبر سناً على تجنب فخ الأداء الضعيف.
لكن هناك خدعة.
لفك الارتباط بين سن الرئيس التنفيذي وأداء الشركة، تحكم الباحثون في عدد من العوامل، مثل الصناعة وحجم الشركة. وتحكموا أيضاً في عدد السنوات التي قضاها الرئيس التنفيذي في الشركة. لذلك عندما يقولون إن السن مرتبط سلباً بالأداء، فإن هذا يعني استمرار الرئيس التنفيذي في منصبه. بمعنى آخر، إذا كان لديك رئيسين تنفيذيين، كل منهما يعمل في شركته على مدار 10 سنوات، فإن البيانات تشير إلى أنه يجب عليك المراهنة على الشخص الأصغر سناً. لكن قضاء الرئيس التنفيذي فترة أطول في منصبه يرتبط إيجاباً بالأداء، إذا ما ثبتنا عنصر السن. لذلك إذا كنت تختار بين رئيسين تنفيذيين في نفس السن، فراهن على من قضى فترة أطول في الشركة.
يبدو هذا النوع من الاستراتيجية التجريبية الحذرة منطقياً من منظور البحث الأكاديمي، ولكن في الممارسة العملية، غالباً ما يسير السن والمنصب جنباً إلى جنب. وليس واضحاً من هذا البحث ما إذا كان يتعين عليك تفضيل رئيس تنفيذي أصغر سناً وصل مؤخراً إلى الشركة أو رئيس تنفيذي أكبر سناً عمل مع الشركة لمدة عقد أو أكثر.
وقال يوري: "تفسيرنا للبيانات هو أنه بينما قد يستفيد المساهمون من الرؤساء التنفيذيين الأكبر سناً والأكثر خبرة، إلا أن عديمي الخبرة [الأكبر سناً] لا يبدون وكأنهم يضيفون قيمة".
تفهم مجالس الإدارات هذه المقايضة. نظر الباحثون في أي من العوامل تنبأت بوجود سياسة تقاعد إلزامية قيد التطبيق لرئيس الشركة التنفيذي؛ فكلما كان الرئيس التنفيذي أكبر سناً، كان مرجحاً أن تكون هذه سياسة الشركة. ولكن عندما نظروا إلى المنصب، وجدوا العكس؛ فكلما طال أمد رئيس تنفيذي بالشركة، قل احتمال أن تكون لدى الشركة سياسة تقاعد إلزامية. لفترة الشباب مزاياها، لكن المدراء يعرفون أن الخبرة مهمة أيضاً.
اقرأ أيضاً: العمل بعد التقاعد