كيف تقود فريق المبيعات في فترات عدم وضوح الرؤية؟

5 دقائق
المبيعات في وقت الأزمات
shutterstock.com/Kenishirotie
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تزامنت أولى فترات عملي بصفتي نائباً لرئيس المبيعات مع بداية الركود الذي يشار إليه غالباً باسم “طفرة الويب” عام 2001، والذي تفاقم بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول. وعلى الرغم من تعافي الاقتصاد من الناحية التقنية في الربع الرابع من ذلك العام، استمرت معدلات البطالة في الارتفاع. وكانت شركة قابضة قد استحوذت مؤخراً على الشركة التي أعمل فيها مع توقعات عالية للنمو، ذاك النمو الذي بدا مستحيلاً آنذاك. كنت خائفاً، خائفاً من المستقبل، وخائفاً من الفشل، وخائفاً من فقدان وظيفتي، فكيف هو حال أهداف المبيعات في وقت الأزمات؟

لقد خلقت عدوى “كوفيد -19” اليوم أزمة اقتصادية أصابت العديد من المسؤولين التنفيذيين بمشاعر الخوف والرهبة التي انتابتني عام 2001. غالباً ما تُسفر العواطف الجياّشة عن اتخاذنا قرارات وممارسات سيئة عندما يتعلق الأمر بقيادة مؤسسة المبيعات. فالممارسات والقرارات التي نجحت في فترات النمو الاقتصادي قد لا تنجح في بيئة اقتصادية حافلة بالتحديات. ونظراً لتوقف ما يقرب من ربع إلى نصف الأفراد المتخصصين في المبيعات في الشركات الأميركية عن البيع خلال فترة الانكماش الاقتصادي، يمكن لعدد قليل من الشركات الاعتماد على خبرات فرق مبيعاتها لتجاوز الأزمة. فالأمر لا يتعلق ببيع مزيد من المنتجات، وإنما بممارسة الأعمال بطريقة مختلفة.

إدارة المبيعات في وقت الأزمات

لحسن الحظ، أُسّست الشركة التي عملت فيها على يد الخبير في فاعلية فرق المبيعات نيل راكهام الذي كان لا يزال يعمل ضمن الشركة آنذاك. شارك نيل معنا بعض المبادئ من بحث أجراه حول فترة الانكماش الاقتصادي في الثمانينيات من القرن العشرين ساعدت فريق الإدارة لدينا على القيادة بفاعلية خلال أزمة عام 2001. ودأبت منذ ذلك الحين على تطبيق هذه المبادئ مع عملائي بعد أن واجهوا تحدي قيادة النمو في ظروف صعبة:

قاوم الرغبة في زيادة مكالمات المبيعات

عادة ما ينطوي رد فعل القادة عند الخوف على زيادة نشاط حجم المبيعات، وذلك من منطلق أنه كلما زاد عدد المكالمات مع الزبائن ستزيد المبيعات. وقد تكون هذه الخطوة ناجعة عندما يكون لديك منتج غير مكلف ودورات مبيعات سريعة، لكن في حال كنت تقدّم عروضاً أكثر تعقيداً لمنتجات تقدّم حلولاً أو كنت تقدّم خدمات استشارية، فقد تسفر زيادة هذه المكالمات عن نتائج عكسية. عملتُ خلال فترة الركود التي حصلت عام 2008 مع شركة تورّد منتجات تكنولوجيا المعلومات وخدماتها، واتخذت تلك الشركة خطوات كثيرة لزيادة مكالمات المبيعات. وعلى الرغم من ازدياد عدد الطلبيات بأكثر من 11%، تراجع إجمالي إيراداتها بنسبة 6%. ونظراً لسعي البائعين وراء أي فرصة لإتمام الصفقات، انخفض متوسط عدد العملاء المحتملين وتراجع حجم الطلب.

اقرأ أيضاً: ماذا ينبغي أن تفعل فرق المبيعات استعداداً للركود القادم؟

لذلك، بدلاً من العمل على زيادة نشاط المبيعات، يجب عليك مراعاة تطوير استراتيجية جديدة وتطبيقها في مؤسسة المبيعات. تأكد أن فريق مبيعاتك يسعى وراء العميل المستهدف الأمثل من حيث المجال والميزانية وقيمة العروض والعوامل الأخرى التي تحدد هوية العميل الناجح بالنسبة للشركة. ووجّه كل ما تبذله من جهود إلى عدد محدود من الفرص الاستثنائية في مسار المبيعات، فمن غير المحتمل أن تحظى بعميل جيد في ظل احتمالات ضعيفة لكسبه، ومن غير المحتمل تحت وطأة الضغوط أن يتخلى المتخصصون في المبيعات عن أي فرصة تنطوي على قدر قليل من الاهتمام من قبل العملاء. وبدلاً من السعي وراء الأهداف سهلة المنال التي تنطوي على فرص ضئيلة النجاح، وجّه تركيز فريق مبيعاتك نحو انتقاء الفرص المؤهلة للنجاح والعمل على تحقيقها على نطاق يعكس حلولاً عالية القيمة. خلاصة القول، تجنّب زيادة عدد مكالمات المبيعات وركّز على الفرص التي تحقق لك النجاح فقط.

إلغاء متطلبات إعداد التقارير منخفضة القيمة

يتجلى الخوف أيضاً في الحاجة إلى إعداد تقارير إضافية تنطوي على متطلبات مبالغ فيها في بعض الأحيان. وعندما يطلب القادة الحصول على مزيد من المعلومات حول سير العمل باستمرار، يكون هدفهم الضمني هو محاولة السيطرة على موقف يتّسم بالغموض بشكل مخيف. وعادة ما تكون هذه السيطرة وهمية في مؤسسة المبيعات، وغالباً ما تفضي إلى نتائج عكسية. وغالباً ما يُسفر تطوير مجموعة جديدة من المقاييس لمراقبة سير العمل أو زيادة معدل إعداد التقارير لعملية التوقّع عن تأثير جانبي غير مقصود يتمثّل في توقف نشاط توليد الإيرادات، فعندما تزيد الشركات من الوقت الذي تكرّسه للتركيز على الأمور الداخلية، مثل جمع البيانات، ووضع مستويات متعددة من عمليات التدقيق والمراجعة، يقلّ مقدار الوقت والطاقة الذي تبذله الفرق في عمليات البيع وإدارة المبيعات بفاعلية. ويتحوّل التركيز من تحسين فاعلية المبيعات إلى التحقق من فاعلية المبيعات الذي قد ينطوي على قيمة منخفضة على صافي مبيعاتك.

اقرأ أيضاً: ما يحتاج قادة فريق المبيعات إلى إتقانه مع مرور الوقت

بدلاً من ذلك، حافظ على مجموعة قوية من المؤشرات الرئيسة التي توفر مقاييس تنبؤية للنجاح في كل مرحلة من مراحل عملية البيع. وقد تنطوي بعض المؤشرات الرئيسة على تأثير كبير، ومن الأمثلة على هذه المؤشرات تحديد الفرص الجديدة في كل مرحلة وبيان قيمتها وتحديد حجم الفرص التي تنجح في الانتقال من مرحلة إلى أخرى. كن صادقاً مع نفسك بشأن عدد تقارير التقدم التي تحتاج إليها، ولا تكن سبباً في فشل الشركة من خلال التحقق من سير العمل كل حين. خلال فترة عملي الأولى بصفتي نائباً لرئيس المبيعات، أصرّت الشركة الأم الجديدة على الحصول على تقارير مبيعات وفيرة. لقد حققنا نمواً كبيراً خلال تلك الفترة، لكن التقارير غير المنتجة حدّت من فاعليتنا، فقد كانت جهودنا منصبة على نقل الأرقام إلى جداول البيانات بدلاً من التركيز على جهود المبيعات التي كان من الممكن أن تزيد الأرباح.

ركز على المراحل الأولى لمسار العمل بدلاً من الهوس بإجراء مفاوضات حول المراحل الأخيرة

من الطبيعي أن يركّز القادة القلقون بشأن الإيرادات على المراحل الأخيرة من مسار العمل، أو ما تسميه العديد من الشركات الصغيرة مرحلة “تحصيل الإيرادات”. وقد يكون من المنطقي أن تبذل كل ما في وسعك لإثبات قيمة شركتك عندما يتمثّل هدفك الرئيس في البقاء. لسوء الحظ، قد يسفر التركيز على المراحل الأخيرة من دورة المبيعات التي تنطوي على اتخاذ قرارات مهمة عن تأثير مزدوج. أولاً، نادراً ما يكون للتركيز على المراحل الأخيرة تأثير كبير على صافي مبيعاتك، وذلك نظراً لأن قضايا المنجزات والشروط والتسعير قد جرى البت فيها بالفعل. قد تساعد بعض الاستثناءات على إتمام صفقة ما، لكن الوقت قد فات لإجراء تغييرات في القيمة الحقيقية. ولن يحصّل القادة إيرادات كبيرة عند قضائهم أوقاتاً كثيرة في التركيز على المراحل الأخيرة. علاوة على ذلك، عادة ما تتزايد ردود العملاء السلبية على الضغط الإضافي خلال الأوقات العصيبة.

وقد يُسفر التركيز قليل التبصر على إيرادات المراحل الأخيرة عن ضياع الفرص خلال المراحل الأولى من عملية البيع. في المقابل، قد يمنحك التركيز على المراحل الأولى فرصاً أكبر لتعزيز الأعمال التجارية وتقليل آثار الركود، فضلاً عن أنه يتيح لك تحديد الاحتياجات الإضافية وتوسيع نطاق الفرص. كما أن تطوير استيعاب مفاهيميّ للحلول التي تقدمها مع صنّاع القرار المناسبين قد يُسرّع دورة المبيعات. ويُعتبر التركيز على المراحل المبكرة الخطوة الأولى لعملية المبيعات التي تسمح لك بخلق قيمة وتميّزك في نهاية المطاف عن المنافسين، وهو ما قد يسهّل عليك إجراء المفاوضات عندما يحين وقت استكشاف الشروط أو المنجزات أو الرسوم المختلفة. لذلك، يجب على القادة التركيز على فرص المراحل الأولى التي تمكّنهم من إحداث فارق في كل شيء، بدءاً من استراتيجية كسب العملاء إلى تخصيص الموارد وعلاقات العملاء على المستوى التنفيذي.

من الطبيعي أن يشعر المسؤولون التنفيذيون بالقلق بشأن الإيرادات ونتائج صافي الدخل، خاصة خلال فترات الانكماش والأزمات، مثل الأزمة التي نشهدها جميعاً اليوم. وبدلاً من اتباع نهج قائم على الخوف، طبّق هذه المبادئ لإدارة مؤسسة المبيعات الخاصة بك بشكل فاعل خلال الأوقات العصيبة.

وبصفتي قائد شركة واجه فترات الركود التي حصلت عام 2001 وعام 2008، طبقتُ التقنيات الموضحة أعلاه لتحقيق نمو ثنائي الرقم، في حين تراجعت أرباح معظم المنافسين بشكل ملحوظ. وقد تساعد هذه المبادئ في إدارة المبيعات في وقت الأزمات، وبناء محرك مبيعات قوي لعملك التجاري من شأنه دعم شركتك حتى في أصعب الأوقات.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .