أسئلة القراء: ماذا أفعل إذا طُرِدت من عملي فجأة؟

7 دقائق
ماذا أفعل بعد طردي من العمل
shutterstock.com/Twinsterphoto

ماذا أفعل بعد طردي من العمل

سؤال من قارئ: ماذا أفعل بعد طردي من العمل ؟ التحقتُ مؤخراً بالعمل في إحدى المؤسسات على خط خدمات جديد. وكانت الآراء التقويمية المتعلقة بعملي ممتازة. فقد كنت أقدم لمديري أفكاراً كل أسبوع، وأبادر بتنفيذها. وكنت أُشرك أصحاب المصلحة الضروريين جميعاً. كنت أمد يد العون في بناء شركتنا. وبدا أن كل شيء يسير على ما يُرام إلى أن استقال مديري. ولم أعرف أنه سيستقيل حتى آخر يوم له في الشركة، لكني أحسست أن ثمة خطب ما. لقد كانت هناك سيناريوهات تتعلق بالعمل من المنزل أفضت إلى هذه النتيجة، وكلما سألت المديرين الآخرين أو قسم الموارد البشرية عما يحدث وراء الكواليس، كانوا يراوغون ويتملصون. تابعت عملي المعتاد، واضطلعت بمهامي، ونقلت تطورات الأحداث عبر الهاتف والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني لمدير آخر، وجُبت المكتب بحثاً عن فرص للتعامل مع مشروعات جديدة. ولم تكن الاستجابة لجهودي عظيمة. ولكن، باعتباري الشخص الوحيد الذي يعمل على الخط الجديد بلا مدير، شعرت بأنني بذلت أفضل ما لدي. وفجأة، استلمت رسالة بالبريد الإلكتروني من قسم الموارد البشرية يطالبونني فيها بالرحيل عن الشركة في غضون عشرة أيام. ونما إلى علمي، من طرف ثالث خارجي، أن استراتيجية القسم الذي أنتمي إليه تغيرت، ولم يعد الخط الجديد الذي أعكف عليه يتمتع بالزخم الكافي الذي يبرر بقاء منصبي. بدا الأمر وكأنني أتلقى أخبار أمي عن طريق شخص غريب. بعيداً عن مشاعر الصدمة والذهول وغيرها من المشاعر التي تموج بي، ولهذا فسؤالي هو:

ماذا أفعل بعد طردي من العمل ؟ هل من شيء كان يمكن أن أفعله؟ وهل كانت هناك مؤشرات تحذيرية غابت عني؟ ولو كان مديري يقضي مهلة إشعاره في الشركة بالفعل، فلماذا وظفوني أصلاً؟ هل كنت ضمن الخسائر العارضة لا أكثر ولا أقل؟ أم أنني لم أبذل جهوداً كافية وفشلت في إدارة علاقات شاملة ومتكاملة؟ ألم تكن القيمة التي أضفتها للشركة واضحة؟ أم أنني لم أرُق لهم وحسب؟ أنا مذهولة صدقاً. وكيف أتأكد من أن هذه التجربة لن تترك على مشواري المهني وصمة تؤثر على فرصتي التالية؟ 

اقرأ أيضاً: إسكات النقد الذاتي عقب التسريح من العمل.

يجيب عن هذه الأسئلة:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

ديفيد ديستينو: أستاذ علم النفس في جامعة "نورث وسترن". 

ديفيد ديستينو: هذا السؤال يذكرني بواحدة من دراساتي البحثية المفضلة جداً. فقد شكلوا فريقاً من الموظفين في مستويات مختلفة من السلطة أو المكانة، أخبروهم أنهم يريدون منهم إجراء مقابلة عمل لمرشح لوظيفة جديدة. وكان العمل سيستمر لستة أشهر فقط في واقع الأمر، غير أن المتقدم إلى العمل الذي نحن بصدد مناقشته كان يبحث عن منصب يستمر فيه لعامين كاملين. هذا لمعلوماتك فقط. وبعدها، سمحوا للفريق بالذهاب لمقابلة ذاك الشخص. واكتشفوا أن الذين يتقلدون مناصب ولديهم سلطات أعلى، لا يتحرون الصدق في أغلب المقابلات الشخصية، فلا يقولون صراحة إن المنصب متاح لستة أشهر فقط، بل ومن الأرجح حتى أن يكذبوا إذا سألهم المرشح للوظيفة، هذا لأنهم يشعرون أن هدفهم هو تعيين شخص ما ليشغل المنصب لا أكثر. وأعتقد أن ما تشهدونه هو أنه كلما زادت سلطات الأشخاص وارتقوا في المناصب، يصبحون أقل تعاطفاً وأكثر تساهلاً من الناحية الأخلاقية. وأعتقد أنكِ كنت نوعاً ما، ولسوء الحظ، في المكان والزمان غير المناسبيْن.

أليسون بيرد: تعتقد إذاً أنها تعرضت للخديعة. ولكن، أكانت هناك طريقة من الممكن أن تكتشف بها تلك الخديعة قبل فوات الأوان؟

ديفيد ديستينو: من معطيات هذا الموقف، من الصعب أن تكتشف الخديعة لأنه من الواضح أن الناس كانوا يتملصون من الحقيقة. هل من وسيلة للكشف عن الحقيقة؟ إن المخ بارع جداً في منحك شعوراً باطنياً كلما كانت هناك أحداث مريبة تدور من حولك. وهذا لا يعني أنه على صواب دائماً وأبداً، لكن لدينا أبحاث أجريناها في مختبرنا أثبتنا فيها أن البشر يمكنهم رصد الكذب والمغالطات بمستوى أفضل من الصدفة العارضة. وهو ليس بالمستوى المثالي. وعليه، إذا أشار إليك حدسك بوجود أمر غريب، فربما تحتاج شيئاً من التقصي. لكنني ما كنت لأتعامل مع الحدس على أنه كتاب مقدس.

اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: هل أعود إلى العمل الذي استبعدت عنه مؤقتاً، أم أبحث عن عمل جديد؟.

دان ماغين: أظن اللوم لا يقع عليها في هذا السيناريو بأسره. ولا أرى أي طريقة كان من الممكن أن تتنبأ بها بما كان يُحاك لها خفية أثناء خضوعها للمقابلة الشخصية، تمهيداً لتقلدها هذا المنصب. وفور أن انضمت إلى الشركة، حتى لو أدركت أن الأمور مريبة، وأن رئيسها يعمل من المنزل طوال الوقت، وإذا به يستقيل على حين غرة، فما الذي ستفعله في تلك المرحلة؟ لكن الدرس المستفاد من هذه القصة، تمهيداً لمنصبها التالي، هو أنها قبلت بمنصب مرهون بتدشين منتج جديد وينطوي على خطورة. لقد تعلمت بعض الأمور الجديدة. وهي ليست بالأمور المتعلقة بالأداء. ومن المفترض أن تكون قادرة على المضي قدماً وضميرها مرتاح بعيداً عن الألم النفسي الذي تلحقه بنفسها.

ديفيد ديستينو: إن كيفية صياغتها لأحداث هذه القصة مسألة غاية في الأهمية. وأياً مَن كان سيُجري مقابلة شخصية لها المرة المقبلة، من المهم أن تضع تلك القصة في إطار المغامرة الخطرة. عليها أن تقول إنها لم تُكلل بالنجاح. لكنها كانت مُمتنة للفرصة التي لاحت لها، وإنها تسعى إلى الالتزام تجاه شيء جديد.

دان ماغين: أتساءل عما إذا كان من الممكن أيضاً أن تُفكر في التجربة من الناحية التحليلية، وكأنها دراسة حالة مثلاً، فربما تستطيع في مقابلتها الشخصية التالية أن تُفصح بشكل تحليلي عن الأخطاء الثلاث التي ربما اقترفتها. اثنان منها اقترفتهما قبل أن تلتحق بتلك الشركة، والثالث بعد أن التحقت بها.

أليسون بيرد: أعتقد أننا تعجلنا جداً في استنتاج ما تستطيع أو لا تستطيع أن تتعلمه من تلك التجربة. لأنني أعتقد حقاً أن هناك على الأرجح أشياء كان يمكن أن تفعلها في المقابلة الشخصية لاستنباط ما إذا كان هذا المنصب سيناسبها أم لا. أكانت تعلم أن المنصب ينطوي على خطورة بقدر ما تبين لها لاحقاً؟ وظني أيضاً أنه كان بإمكانها المبادرة بإقامة علاقات أكثر نوعاً ما إذ خالجها حدس بأن ثمة خطب ما، لأنه ربما كان هناك منصب آخر مناسب لها، وكان حري بها أن تكون أكثر استباقاً ومبادرة، وأكثر صراحةً حيال حقيقة أنها استوعبت الموقف نوعاً ما، وأرادت أن تنجز عملاً آخر لهذه المؤسسة كي لا تخسر وظيفتها بسرعة. فكيف لها أن تتعلم إذاً دون أن تُطيل التفكير في الجانب السلبي، ثم تنتقل بسرعة إلى ذاك المزاج الإيجابي؟

ديفيد ديستينو: أتفق معكِ تماماً في ما تفضلتِ به كله، فيما عدا أمراً واحداً. وهو أن هناك معلومة غائبة عني، ألا وهي في أي مستوى من الهرمية كانت هذه المعرفة العامة؟ أليس كذلك؟ إذا لم يكن زملاؤها على دراية، ولا يوجد سبب يدعوني إلى الظن بأنهم على دراية فعلاً، أو أنهم ربما كانوا يعلمون، فإنني لست متأكداً من أن ذلك سيكون مُجدياً.

أليسون بيرد: تعتقد إذاً أنه من الأفضل لها أن تقول: إنني لا أُلام على ما حدث قط. وسأمضي قدماً إلى وظيفتي التالية؟

ديفيد ديستينو: أعتقد أنه بقدر ما تحتفظ بعلاقات طيبة مع الآخرين في الشركة فإنه من المُجدي أن تحاول استشراف إمكانات خيارات أو مناصب أخرى، تستطيع الانتقال إليها. لكنني لست متأكداً من أنه كان بوسعها أن تفعل شيئاً. أعتقد أنني أتفق أكثر مع دان بشأن هذه النقطة.

دان ماغين: من بين السيناريوهات الواردة في هذا السؤال، حقيقة أنه بمجرد قرار الشركة التخلص منها، تتحول القضية إلى مسألة تتعلق بقسم الموارد البشرية. ليست هناك أي شفافية. لقد بلغ بهم الأمر حتى أن استقدموا طرفاً ثالثاً للقيام بجزء من هذه المهمة. أعتقد أنه لو كان باستطاعتها الاجتماع بمديرها الراحل عن الشركة والتحاور معه بمنتهى الصراحة، لكان من الممكن أن يشرح الموقف بشيء من الصدق، داعماً شرحه ببعض الحقائق. كان من الممكن أن تصل إلى مستوى أفضل من الفهم والاستيعاب. ويبدو أن الشركة أرادت إقحام قسم الموارد البشرية لتقليص مسؤوليتها حول احتمالية مقاضاة الشركة. وغالباً ما ينتهي الحال بهذا التصرف إلى حرمان الموظف المطرود من النهاية المُقنِعَة. وأرى أن هذا الموقف محبط.

اقرأ أيضاً: إياك والشعور بالعجز عند تسريحك من العمل.

أليسون بيرد: ثمة نتيجة أعتقد أن كاتبة السؤال التي بين أيدينا تستطيع أن تستخلصها من هذا الموقف، ألا وهي أن بوسعها أن تُحْسِن التصرف عندما تخضع لمقابلة عمل فيما يتعلق بفهم طبيعة الشركة والدور الذي سيناسبها فيها، واستنباط ما إذا كانت المؤسسة صالحة للعمل فيها، وما إذا كانت تثق برئيسها أم لا. لذا، أعتقد أنها وهي تخضع لمقابلات عمل وتتسلح بهذا المنظور الأكثر إيجابية للأمور، فإنني أريدها أن تطرح أسئلة أفضل من سؤال ماذا أفعل بعد طردي من العمل .

ديفيد ديستينو: أود أن أقول إن ما نحيط به علماً، عبر النظر في خيارات الناس بمرور الوقت، هو أن الرغبة في الوثوق بالآخرين والرغبة في افتراض الأفضل فيهم على المدى البعيد تؤتيان ثمارهما في المُجمل. ما لم يكن هناك سبب وجيه يدعونا إلى عدم الوثوق بالآخرين، من الأفضل أن نفترض أحسن النوايا فيهم؛ فأنت بهذا تدلل على جدارتك بالثقة لأن نواياك الشخصية مخلصة، وتُفلح هذه الاستراتيجية بشكل عام.

أليسون بيرد: لكنّ هذا لا يعني أنه ليس بوسعك طرح أسئلة وجيهة.

ديفيد ديستينو: يمكنك طرح أسئلة وجيهة. لكنني أعتقد أن الأمر كله يرتهن بأنه فور دخولك ذاك المكان، فإن المشاعر التي تخالجك تشوه منظورك للأمور. أليس كذلك؟ أعني أن العواطف تمهد الطريق لتوقعاتنا حيال الأحداث التي من الأرجح أن تقع تالياً. وعليه، إذا شعرت بالخوف، وسمعت صريراً، فمن الأرجح أن أفترض أن ثمة خطر يلوح في الأفق، وأن أحدهم يحاول اقتحام بيتي، لا أن الصوت ناجم عن ضوضاء عادية في المنزل. وبالتالي، إذا خضعتِ لمقابلة عمل بحثاً عن وظيفتك التالية دون أن تتخلصي من مشاعر السلبية التي لازمتك من منصبك السابق، فستشوه منظورك للأمور، وستؤثر سلباً على نظرة الآخر لك. وعليه، أنصح بطرح أسئلة وجيهة. ولا أنصح بالثقة في الآخرين دون سبب وجيه. ثقوا بالآخرين بحكمة. وبالتالي، إذا أملى عليكِ حدسك أن ثمة خطب ما، فأنصتي إليه. لكني أؤكد أن عليكِ خوض تلك التجربة أو ذاك الموقف بتفاؤل يوحي بإخلاصك ورغبتك في التعاون.

دان ماغين: نعتقد أن كاتبة السؤال لا تلام على ما حدث في هذا الموقف. فقد انضمت إلى نشاط تجاري جديد داخل إحدى الشركات. ولم يُكلل ذاك النشاط بالنجاح. وجاري حالياً إيقافه. وهذا حدث شائع. فلا ينبغي عليها أن تتعامل مع الموقف باعتباره وصمة عار في مسيرتها المهنية. لقد كانت هذه مشكلة تتعلق بنشاط تجاري أكبر نوعاً ما. ومفتاح النجاح بالنسبة لها يكمن في كيفية تعاملها مع مشاعرها المرتبطة بهذا الحدث. إذا خرجت من هذه التجربة التي تموج بمشاعر المرارة أو الغضب أو الاستياء، وعبَّرَت عن تلك المشاعر أثناء بحثها عن وظيفة وأثناء مقابلات عملها، فسيكون ذلك عاملاً سلبياً. إنها تحتاج الوصول إلى طريقة تعيد بها صياغة ما حدث لها، وأن تكون أكثر تعاطفاً أو حتى إيجابية بشأن تلك التجربة لأنها، كما تعرفين، استفادت شيئاً منها. لقد أقدمت على مخاطرة. وهي بحاجة إلى التفكير في سبل للحيلولة دون حدوث ذلك مجدداً، سواء بطرح أسئلة أفضل في مقابلة العمل، أو بالانتباه بقدر أكبر لحواسها إذا بدا شيء ما غريباً أو مثيراً للشك والريبة. وأخيراً، في نهاية الحديث عن السؤال الذي يراود الجميع : ماذا أفعل بعد طردي من العمل ؟ نعتقد أن هذا الموقف كان بالإمكان أن يصبح أفضل بكثير لو أتيح له قدر قليل من الشفافية، ولو استطاعت إجراء حوار صريح مع مديرها الراحل الذي كان يمكن أن يُصرح لها بالمشكلة القائمة. يرجع جزء من السبب وراء إحساسها بتلك المشاعر السلبية لأن الموضوع برمته أُحيل إلى قسم الموارد البشرية، الذي لم يتعامل معها بصدق وصراحة. ونعتقد أنها تستحق إسدال الستار على مسيرتها في تلك الشركة، ولكان من الأفضل بكثير للجميع لو منحتها الشركة خاتمة منطقية.

اقرأ أيضاً: كيف تعيد التوازن إلى حياتك المهنية بعد تسريحك من العمل؟.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي